نسخة الموبایل
www.valiasr-aj .com
مقبرة اميرالمؤمنین علیه السلام عبر التاريخ
رقم المطلب: 1650 تاریخ النشر: 18 رمضان 1443 - 10:56 عدد المشاهدة: 3565
المقالات » عام
مقبرة اميرالمؤمنین علیه السلام عبر التاريخ

مقدمة

الفصل الاول: تبیین المعنی

الفصل الثانی: دراسة آراء الشيعة و السنة فی مدفن امير المؤمنین(ع)

الفصل الثالث: زمان وضوح مضجعه المطهر

الفصل الرابع: بناء العمارة، القبة و الضريح

النتیجة

**************

 مقدمة:

کیفیة وضوح مقبرة اميرالمؤمنین عليه السلام من جملة المواضیع المکثفة التأريخية و الروائية التی اثباتها یحتاج الی دراسة التأريخ، مرور الروايات و دراسة آراء الکبار من الفريقين. قبل الورود فی هذا الموضوع، لابد من دراسة کم کلمة مرتبطة به فی ضمن الفصل الأول :

 الفصل الاول: تبیین المعنی

المرقد الملكوتي و المنوّر لأول ائمة الشيعة، اميرالمؤمنین عليه السلام واقع فی«النجف الاشرف».

ذکر هذا المكان فی التأريخ و الروايات،ب أسام مختلفة. حسب ان هنا استعملنا هذه الروایات من اللازم ان ندرس اسامي هذه البقعة الشريفة علی سبیل الإختصار .

1. النجف:

حسب قول اهل اللغة، «النجف» و «النجفه» بتحریك «جيم» بمعني المكان المدور و الارض العالیة والنجف اسم عربي فصيح وهو "مكان لا يعلوه الماء مستطيل منقاد"، كما في صحاح الجوهري.

کل من اهل اللغة درس هذه اللغة ؛ لکن عبارة شاملة من الزبيدي فی تاج العروس انه قال:

النجف، محركة، والنجفة، بهاء: مكان لا يعلوه الماء، مستطيل منقاد كما في الصحاح، وقال الليث: النجف يكون في بطن الوادي شبيه بنجاف الغبيط، وهو جدار ليس بحد، عريض له طول منقاد من بين معوج ومستقيم، لا يعلوه الماء وقد يكون ببطن من الأرض، ج: نجاف بالكسر. أو هي أي: النجاف: أرض مستديرة مشرفة علي ما حولها الواحدة نجفة، وقال ابن الأعرابي: النجف محركة: التل وقال غيره: شبه التل وقال الأزهري: النجفة: مسناة بظاهر الكوفة تمنع ماء السيل أن يعلو مقابرها ومنازلها. وقال أبو العلاء الفرضي: النجف: قرية علي باب الكوفة.

 الحسيني الزبيدي الحنفي، محب الدين أبو فيض السيد محمد مرتضي (المتوفي1205هـ)، تاج العروس من جواهر القاموس، ج12، ص491، تحقيق: مجموعة من المحققين، ناشر: دار الهداية

النجف الیوم، هي نجف الكوفة تمييزا لها عن نجف الحيرة .

وجه تسمیة النجف ب النجف، فی هذه الرواية :

حَدَّثَنَا عَلِيُّ- بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ عَنْ مُوسَي بْنِ عِمْرَانَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَمِّهِ الْحَسَنِ بْنِ يَالنَّوْفَلِيِّ عَنْ عَلِيِّ- بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: إِنَّ النَّجَفَ كَانَ جَبَلًا وَهُوَ الَّذِي قَالَ ابْنُ نُوحٍ سَآوِي إِلي جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَي وَجْهِ الْأَرْضِ جَبَلٌ أَعْظَمَ مِنْهُ فَأَوْحَي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ يَا جَبَلُ أَ يَعْتَصِمُ بِكَ مِنِّي فَتَقَطَّعَ قِطَعاً قِطَعاً إِلَي بِلَادِ الشَّامِ وَصَارَ رَمْلًا دَقِيقاً وَصَارَ بَعْدَ ذَلِكَ بَحْراً عَظِيماً وَكَانَ يُسَمَّي ذَلِكَ الْبَحْرُ بَحْرَ نَيْ ثُمَّ جَفَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَقِيلَ نَيْ جَفَّ فَسُمِّيَ بِنَجَفَ ثُمَّ صَارَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ يُسَمُّونَهُ نَجَفَ لِأَنَّهُ كَانَ أَخَفَّ عَلَي أَلْسِنَتِهِم.

 الصدوق، ابوجعفر محمد بن علي بن الحسين (المتوفي381هـ)، علل الشرائع، ج 1، ص31، ناشر: داوري، قم، الطبعة الاولی.

2. الغریّ

من الأسماء المستعملة ل النجف لغة «الغري». هذه اللغة من مادة «غرو» و فی المعني الحَسَنُ من الرجالِ وغيرهمْ.

«الغري»، اسم موضع في الكوفة الذی وقع فیها القبر المطهر لأمیرالمؤمنین علي عليه السلام.

البكري الاندلسي یقول :

الغري موضع بالكوفة ويقال إن قبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالغري هذا.

 البكري الأندلسي، ابوعبيد عبد الله بن عبد العزيز (المتوفی487هـ)، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، ج3، ص996، تحقيق: مصطفي السقا، ناشر: عالم الكتب - بيروت، الطبعة: الثالثة، 1403هـ

ابن منظور یقول :

والغَرَي: مقصورٌ: الحسن. والغَرِيُّ: الحَسَنُ من الرجالِ وغيرهمْ، وفي التهذيب: الحَسن الوَجْه؛... وكلُّ بناءٍ حَسَنٍ غَرِيُّ، والغَرِيَّانِ المَشْهورانِ بالكوفة منه؛ قال: وهما بناءَان طويلان، يقال هُما قَبْرُ مالكٍ وعَقِيلٍ نَديمَي جَذيمَةَ الأَبْرش، والغَرْوُ والغَرِيُّ والغُرَيُّموضعٌ.

الأفريقي المصري، جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور (المتوفی711هـ)، لسان العرب، ج 15، ص122، ناشر: دار صادر ـ بيروت، الطبعة الأولي.

الزبيدي فی تاج العروس یقول :

(و) الغَرِيُّ: (البِناءُ الجَيِّدُ) الحَسَنُ. (ومنه الغَرِيَّانِ): وهُما (بِناءان مَشْهورانِ بالكوفةِ) عنْدَ الثَّوِيَّة حيثُ قَبْر أَمِيرِ المُؤْمِنِين عليّ، رضِيَ اللّهُ عنه، زَعَمُوا أنَّهما بَناهُما بعضُ مُلوكِ الحِيرَةِ

الحسيني الزبيدي الحنفي، محب الدين أبو فيض السيد محمد مرتضي الحسيني الواسطي (المتوفی1205هـ)، تاج العروس من جواهر القاموس، ج39، ص155، تحقيق: مجموعة من المحققين، ناشر: دار الهداية

فخر الدين الطريحي یقول :

والغرا كالعصا لغة. والغري كغني: البناء الجيد، ومنه الغريان بناءان مشهوران بالكوفة قاله في القاموس وهو الآن مدفن علي(ع).

الطريحي، فخر الدين ( المتوفی1085)، مجمع البحرين، ج 1، ص315، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، ناشر: مكتب النشر الثقافة الإسلاميه، طبع الثانية: 1408 - 1367 ش

ياقوت الحموي یقول :

الغري: الحسن من كل شئ، يقال: رجل غري الوجه: إذا كان حسنا مليحا،

الحموي، ابوعبد الله ياقوت بن عبد الله (المتوفی 626هـ)، معجم البلدان، ج4، ص196، ناشر: دار الفكر ـ بيروت

تبين الي هنا ان كلمة «الغري» اسم موضع الذی دفن فیه امير المؤمنین عليه السلام. فی ضمن عبارات اهل اللغة، کلمة «الغريان» ایضا ذكرت و هذه الکلمة تربط ببحثنا لهذا لا تبین ما معنی کلمة «الغريان»؟

البغدادي یقول فی هذه الکلمة:

والغريان: موضع بالكوفة نحو فرسخين عنها وهو مثني الغري بفتح الغين المعجمة وكسر الراء المهملة وتشديد الياء. ويقال: الغريان. ويقال أن النعمان بناهما علي قبري عمرو بن مسعود. وخالد بن نضلة لما قتلهما.

وزعم الجوهري وتبعه جماعة منهم ابن نباتة في شرح رسالة ابن زيدون أنهما قبرا مالك وعقيل: نديمي جذيمة الأبرش وسميا غريين لأن النعمان كان يغريهما بدم من يقتله في يوم بؤسه. وهذا غلط واشتباه.

 البغدادي، عبد القادر بن عمر (المتوفی 1093هـ)،خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، ج11، ص289، تحقيق: محمد نبيل طريفي/ اميل بديع اليعقوب، دار النشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، الطبعة الأولي، 1998م.

الحموي ایضا یقول :

والغريان: طربالان، وهما بناءان كالصومعتين بظاهر الكوفة، قرب قبر علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).

الحموي، ابوعبد الله ياقوت بن عبد الله (المتوفی626هـ)، معجم البلدان، ج4، ص196، ناشر: دار الفكر ـ بيروت

3. المشهد:

کلمة «المشهد» اخذت من « شهد» فی اللغة بمعني مكان اجتماع الناس، و جمعها « مشاهد».

ابن منظور یقول :

والمَشْهَدُ: المَجْمَعُ من الناس. والمَشْهَد: مَحْضَرُ الناس. و مَشاهِدُ مكة: المَواطِنُ التي يجتمعون بها.

الأفريقي المصري، جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور (المتوفی711هـ)، لسان العرب، ج 3، ص241، ناشر: دار صادر - بيروت، الطبعة الأولي

لکن هذه الکلمة فی هذا الزمان تطلق فقط علی العتبات العاليات و القبور المطهرة لائمة المعصومين عليهم السلام حسب ان عشاق اهل البيت یجیئون لزیارة الائمة من اطراف البلاد الإسلامیة. من جملتها فی بلدة العراق لحرم امير المؤمنين عليه السلام یستعملون کلمة «المشهد»؛ کما ان فی بلدة ايران اطلاق هذه الکلمة ، یکون فی حرم مطهر علي بن موسي الرضا عليه السلام.

مکانة «الغري» حسب الروايات:

حسب الروايات، مكان مضجع الشريف لأميرالمؤمنین عليه السلام له مکانة خاصة ؛ لأنه حسب الروايات غير انه دفن الجسد المطهر للإمام هناک جسد بعض الانبياء الله الکبار؛ مثل نبی آدم و نوح ایضا مدفونون هناک. علاوة علی ذلک ، الغري قطعة من الجبل الذی تکلم موسي عليه السّلام مع الله هناک و تقدس عيسي هناک و نصب ابراهيم هناک لمنصب الخليلية و دعی رسول الله صلّي اللَّه عليه و آله و سلّم هناک بحبيب الله و هذا الجبل الذی جعله الله تعالي مسكن الانبياء.

هذه الفضائل نقلت فی رواية بطريقین عن الامام الصادق عليه السلام التی فی طریق منها طريق كامل الزيارات و طريق الشيخ الطوسي فی التهذيب فحسب السند صحيحة:

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فَقُلْتُ إِنِّي أَشْتَاقُ إِلَي الْغَرِيِّ قَالَ فَمَا شَوْقُكَ إِلَيْهِ قُلْتُ لَهُ إِنِّي أُحِبُّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام وَأُحِبُّ أَنْ أَزُورَهُ قَالَ فَهَلْ تَعْرِفُ فَضْلَ زِيَارَتِهِ قُلْتُ لَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ- فَعَرِّفْنِي ذَلِكَ قَالَ إِذَا أَرَدْتَ زِيَارَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَاعْلَمْ أَنَّكَ زَائِرٌ عِظَامَ آدَمَ وَبَدَنَ نُوحٍ وَجِسْمَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام قُلْتُ إِنَّ آدَمَ هَبَطَ بِسَرَنْدِيبَ فِي مَطْلَعِ الشَّمْسِ وَزَعَمُوا أَنَّ عِظَامَهُ فِي بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَكَيْفَ صَارَتْ عِظَامُهُ بِالْكُوفَةِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي أَوْحَي إِلَي نُوحٍ عليه السلام وَهُوَ فِي السَّفِينَةِ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعاً فَطَافَ كَمَا أَوْحَي اللَّهُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَزَلَ فِي الْمَاءِ إِلَي رُكْبَتَيْهِ فَاسْتَخْرَجَ تَابُوتاً فِيهِ عِظَامُ آدَمَ فَحَمَلَ التَّابُوتَ فِي جَوْفِ السَّفِينَةِ حَتَّي طَافَ بِالْبَيْتِ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَي أَنْ يَطُوفَ- ثُمَّ وَرَدَ إِلَي بَابِ الْكُوفَةِ فِي وَسَطِ مَسْجِدِهَا فَفِيهَا قَالَ اللَّهُ لِلْأَرْضِ ابْلَعِي ماءَكِ فَبَلَعَتْ مَاءَهَا مِنْ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ كَمَا بَدَأَ الْمَاءُ مِنْ مَسْجِدِهَا وَتَفَرَّقَ الْجَمْعُ الَّذِي كَانَ مَعَ نُوحٍ فِي السَّفِينَةِ- فَأَخَذَ نُوحٌ التَّابُوتَ فَدَفَنَهُ بِالْغَرِيِّ وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسي تَكْلِيماً وَقَدَّسَ عَلَيْهِ عِيسَي تَقْدِيساً وَاتَّخَذَ عَلَيْهِ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا وَاتَّخَذَ عَلَيْهِ مُحَمَّداً حَبِيباً وَجَعَلَهُ لِلنَّبِيِّينَ مَسْكَناً وَاللَّهِ مَا سَكَنَ فِيهِ أَحَدٌ بَعْدَ آبَائِهِ الطَّاهِرِينَ- آدَمَ وَنُوحٍ أَكْرَمُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَإِذَا أَرَدْتَ جَانِبَ النَّجَفِ فَزُرْ عِظَامَ آدَمَ وَبَدَنَ نُوحٍ وَجِسْمَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام فَإِنَّكَ زَائِرٌ الْآبَاءَ الْأَوَّلِينَ وَمُحَمَّداً صلي الله عليه وآله خَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَعَلِيّاً سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ فَإِنَّ زَائِرَهُ تُفْتَحُ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ عِنْدَ دَعْوَتِهِ فَلَا تَكُنْ عَنِ الْخَيْرِ نَوَّاماً.

القمي، أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (المتوفي 368 ه ق) كامل الزيارات، ص89، التحقيق: الشيخ جواد القيومي، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة، المطبعة مؤسسة النشر الاسلامي، الطبعة: الأولي1417

الطوسي، الشيخ ابوجعفر، محمد بن الحسن بن علي بن الحسن (المتوفی460هـ)، تهذيب الأحكام، ج6، ص23، تحقيق: السيد حسن الموسوي الخرسان، ناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران، الطبعة الرابعة، 1365 ش.

الثقفي الكوفي، ابي إسحاق إبراهيم محمد (المتوفی283)، الغارات، ج2، ص853، تحقيق: السيد جلال الدين المحدث.

النتيجة من الفصل الأول:

الموضع التی دفن فیه الجسد المطهر لامیرالمؤمنین عليه السلام ؛ یسمی النجف، الغري و المشهد و فی تعبير الروايات، کلمة «الغري» تطلق اکثر علی هذا المكان المقدس و هذا المكان له قداسة و له حرمة خاصة.

 الفصل الثانی: دراسة آراء الشيعة و السنة فی مدفن امير المؤمنین(ع)

استشهد الإمام علي فی اربعین سنة بعد الهجرة، الإمام الحسن و الإمام الحسين عليهما السلام دفنوه مع ثلة من اصحابه الخاص لیلا،الذی غیر تلک الثلة و اولاده لا یعلم احد مکان قبره الی زوال حكومة الأمويین و ظهور العباسيین فی ساحة السياسية لعالم الإسلام.

فی مدفن الجسد المطهر للإمام و انه دفن فی أین یوجد اختلاف عند اهل السنة ؛ لکن عند الشیعة لم یوجد أی اختلاف. فی صدد اثبات کلا الآراء ،نذکر رأی ثلة من کبار الفريقين.

رأی الشيعة:

الشيعة متفقة علی هذا الرأی ان المرقد المطهر لأميرالمؤمنین علي بن ابي طالب عليه السلام فی النجف الاشرف؛ نفس المکان الذی الیوم تذهب الشيعة فی العالم الاسلامي لزيارة مرقده الشريف و مختلف عشاقه. فی هذا المورد نشیر بصراحة الی كلام بعض الکبار:

1. الشيخ المفيد:

الشيخ المفيد فی الإرشاد یقول:

وتولي غسله وتكفينه ابناه الحسن والحسين عليهما السلام بأمره، وحملاه إلي الغري من نجف الكوفة، فدفناه هناك وعفيا موضع قبره، بوصية كانت منه إليهما في ذلك، لما كان يعلمه عليه السلام من دولة بني أمية من بعده، واعتقادهم في عداوته، وما ينتهون إليه بسوء النيات فيه من قبيح الفعال والمقال بما تمكنوا من ذلك.

 الشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان ابن المعلم أبي عبد الله العكبري البغدادي (المتوفي413 هـ)، الإرشاد في معرفة حجج الله علي العباد، ج1، ص10، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لتحقيق التراث، ناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ - 1993 م.

2. علي بن عيسي الإربلي

هو یقول فی كشف الغمة هکذا:

كل الشيعة متفقون علي أنه دفن بالغري حيث هو معروف الآن يزار بأخبار يروونها عن السلف وفيهم الإمام المعصوم.

 الإربلي، أبي الحسن علي بن عيسي بن أبي الفتح (المتوفی693هـ)، كشف الغمة في معرفة الأئمة، ج2، ص66، ناشر: دار الأضواء ـ بيروت، الطبعة الثانية، 1405هـ ـ 1985م

3. الحسن الديلمي

الديلمي من علماء القرن الثامن،یذکر ثلاثة دلائل لإثبات هذا المطلب:

وأمّا الدليل الواضح والبرهان اللاّئح علي انّ قبره الشريف عليه السلام بالغري فمن وجوه: الأوّل: تواتر الامامية الاثنا عشريةيروونه خلفاً عن سلف، الثاني: اجماع الشيعة والاجماع حجة، و [الثالث] ما حصل عنده من الأسرار والآيات وظهور المعجزات.

الدّيلمي، الحسن بن أبي الحسن محمد،( من أعلام القرن الثّامن)، إرشاد القلوب المنجي من عمل به من أليم العقاب، ج51، ص13، تحقيق: السّيّد هاشم الميلاني، إعداد: مركز الأبحاث العقائدية.

4. العلامة المجلسي

العلامة المجلسي فی البدایة یشیر الی اختلاف اقوال المخالفین فی مدفن الإمام و فی رأی الشيعة فی هذه المسألة یقول:

وقد أجمعت الشيعة علي أنه عليه السلام مدفون بالغري في الموضع المعروف عند الخاص والعام وهو عندهم من المتواترت رووه خلفا عن سلف إلي أئمة الدين (صلوات الله عليهم أجمعين)

 المجلسي، محمد باقر (المتوفی 1111هـ)، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار،ج 42، ص338، تحقيق: محمد الباقر البهبودي، ناشر: مؤسسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية المصححة، 1403هـ - 1983م

5. السيد محسن الأمين

صاحب اعيان الشيعة، بعد ما ینقل رأی الشيخ المفيد انه قال: «والأصح أن قبره هو الموضع الذي يتبرك به ويزار»؛ یقول :

أقول: وهذا مما لا شبهة فيه ولا ريب لأن أولاده وذريته وشيعتهم كانوا يزورونه في هذا الموضع وأعرف الناس بقبر الميت أهله وأتباعه وعليه جميع الشيعة وأئمة أهل البيت وجميع المسلمين إلا من شذ.

الأمين، السيد محسن، (المتوفی 1371)، اعيان الشيعة، ج1، ص535، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، ناشر: دار التعارف للمطبوعات، بيروت ـ لبنان

دليل روائي فی اثبات رأی الشيعة

رأی الشيعة فی القبر المطهر لأمير المؤمنین، یمکن اثباته من خلال الروايات و اقوال الکبار من اهل السنة .

الف) روايات قبل استشهاد الإمام علي(ع)

1. أخبر رسول الله عن مدفن علي(ع)

المرحوم السيد ابن طاووس یقول هکذا :

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله قَالَ لِعَلِيٍّ عليه السلام يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَرَضَ مَوَدَّتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ عَلَي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَأَوَّلُ مَنْ أَجَابَ مِنْهَا السَّمَاءُ السَّابِعَةُ فَزَيَّنَهَا بِالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ ثُمَّ السَّمَاءُ الرَّابِعَةُ فَزَيَّنَهَا بِالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ثُمَّ السَّمَاءُ الدُّنْيَا فَزَيَّنَهَا بِالنُّجُومِ ثُمَّ أَرْضُ الْحِجَازِ فَشَرَّفَهَا بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ ثُمَّ أَرْضُ الشَّامِ فَزَيَّنَهَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ أَرْضُ طَيْبَةَ فَشَرَّفَهَا بِقَبْرِي ثُمَّ أَرْضُ كُوفَانَفَشَرَّفَهَا بِقَبْرِكَ يَا عَلِيُّ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ قَبْرِي بِكُوفَانِ الْعِرَاقِ فَقَالَ نَعَمْ يَا عَلِيُّ تُقْبَرُ بِظَاهِرِهَا قَتْلًا بَيْنَ الْغَرِيَّيْنِ وَالذَّكَوَاتِ الْبِيضِ يَقْتُلُكَ شَقِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَوَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً مَا عَاقِرُ نَاقَةِ صَالِحٍ عِنْدَ اللَّهِ بِأَعْظَمَ عِقَاباً مِنْهُ يَا عَلِيُّ يَنْصُرُكَ مِنَ الْعِرَاقِ مِائَةُ أَلْفِ سَيْف.

السيد ابن طاووس فی الختام یقول :

و هذا خبر حسن كاف في هذا الموضع ناطق بالحجة و البرهان.

 الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص56، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998م

المجلسي، محمد باقر (المتوفی 1111هـ)، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، ج27، ص281، تحقيق: محمد الباقر البهبودي، ناشر: مؤسسة الوفاء، بيروت- لبنان، الطبعة الثانية المصححة، 1403هـ - 1983م.

2. أخبر علي (ع) عن مدفنه

حَدَّثَنَا سَلَامَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُؤَدِّبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَي عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَبَّابٍ قَالَ نَظَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَي ظَهْرِ الْكُوفَةِ فَقَالَ مَا أَحْسَنَ ظَهْرَكِ وَ أَطْيَبَ قَعْرَكِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ قَبْرِي بِهَا.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص61، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998م

ب) روايات بعد استشهاد الإمام علي(ع)

وردت روایات عدیدة عن الائمة المعصومين عليهم السلام التی نذکر بعضها:

1. رواية الإمام الحسن و الإمام الحسين (عليهما السلام)

ابن قولويه و الشيخ المفيد نقلا عن الإمام الحسين عليه السلام روایة هکذا:

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ الْخَلَّالِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قُلْتُ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليهما السلام: أَيْنَ دَفَنْتُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام؟ قَالَ: خَرَجْنَا بِهِ لَيْلًا حَتَّي مَرَرْنَا عَلَي مَسْجِدِ الْأَشْعَثِ حَتَّي خَرَجْنَا إِلَي ظَهْرِ نَاحِيَةِ الْغَرِي .

القمي، أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (المتوفي368 هـ) كامل الزيارات، ص82، التحقيق: الشيخ جواد القيومي، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة، المطبعة مؤسسة النشر الاسلامي، الطبعة الأولي1417

الشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان ابن المعلم أبي عبد الله العكبري البغدادي (المتوفی413 هـ)، الإرشاد في معرفة حجج الله علي العباد، ج1، ص25، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لتحقيق التراث، ناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ - 1993 م

 

ابو الفرج الإصفهاني من علماء اهل السنة، یذکر الروایة بسند آخر عن الامام الحسن عليه السلام هکذا:

حدثني أحمد بن سعيد، قال حدثنا يحيي بن الحسن العلوي، قال: حدثنا يعقوب بن زيد، قال: حدثني ابن أبي عمير، عن الحسن بن علي الخلال، عن جده، قال: قلت للحسن بن علي: أين دفنتم أمير المؤمنين؟ قال: خرجنا به ليلاً من منزله حتي مررنا به علي مسجد الأشعث،حتي خرجنا به إلي الظهر بجنب الغري.

 أبو الفرج الاصفهاني، علي بن الحسين (المتوفي 356هـ) مقاتل الطالبيين، ج1، ص11، حسب برنامج الجامع الكبير.

ابن ابي الحديد، نقلا عن ابی الفرج بدل اسم الامام الحسن، یذکر اسم الامام الحسين عليهما السلام لکن السند و متن الرواية واحد. ثم یقول :

قلت: وهذه الرواية هي الحق وعليها العمل؛ وقد قلنا فيما تقدم أن أبناء الناس أعرف بقبور آبائهم من غيرهم من الأجانب، وهذا القبر الذي بالغري، هو الذي كان بنو علي يزورونه قديماً وحديثاً؛ ويقولون: هذا قبر أبينا، لا يشك أحد في ذلك من الشيعة، ولا من غيرهم؛ أعني بني علي من ظهر الحسن والحسين وغيرهما من سلالته، المتقدمين منهم والمتأخرين، ما زاروا ولا وقفوا إلا علي هذا القبر بعينه.

إبن أبي الحديد المدائني المعتزلي، ابوحامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد (المتوفی655 هـ)، شرح نهج البلاغة، ج6، ص76، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، ناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولي، 1418هـ - 1998م.

2. رواية ابنة امير المؤمنین

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَاشِمِيُّ بِالْكُوفَةِ قَالَ حَدَّثَنَا فُرَاتُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فُرَاتٍ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَامِدٍ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو السَّرِيِّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ قُدَامَةَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَاصِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَرْمَنِيُّ عَنْ مُوسَي بْنِ سِنَانٍ الْجُرْجَانِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِي عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَتْ آخِرُ عَهْدِ أَبِي إِلَي أَخَوَيَّ عليه السلام أَنْ قَالَ يَا بَنِيَّ إِنْ أَنَا مِتُّ فَغَسِّلَانِي ثُمَّ نَشِّفَانِي بِالْبُرْدَةِ الَّتِي نَشَّفْتُمْ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَفَاطِمَةَ عليه السلام ثُمَّ حَنِّطَانِي وَسَجِّيَانِي عَلَي سَرِيرِي ثُمَّ انْتَظِرَا حَتَّي إِذَا ارْتَفَعَ لَكُمَا مُقَدَّمُ السَّرِيرِ فَاحْمِلَا مُؤَخَّرَهُ قَالَتْ فَخَرَجْتُ أُشَيِّعُ جِنَازَةَ أَبِي حَتَّي إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْغَرِيِّ رَكَزَ الْمُقَدَّمُ فَوَضَعنا الْمُؤَخَّرَ- ثُمَّ بَرَزَ الْحَسَنُ بِالْبُرْدَةِ الَّتِي نُشِّفَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ وَفَاطِمَةُ فَنَشَّفَ بِهَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ثُمَّ أَخَذَ الْمِعْوَلَ فَضَرَبَ ضَرْبَةً- فَانْشَقَّ الْقَبْرُ عَنْ ضَرِيحٍ فَإِذَا هُوَ بِسَاجَةٍ مَكْتُوبٍ عَلَيْهَا- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا قَبْرٌ ادَّخَرَهُ نُوحٌ النَّبِيُّ لِعَلِيٍّ وَصِيِّ مُحَمَّدٍ قَبْلَ الطُّوفَانِ بِسَبْعِمِائَةِ عَامٍ قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ فَانْشَقَّ الْقَبْرُ فَلَا أَدْرِي أَ غَارَ سَيِّدِي فِي الْأَرْضِ أَمْ أُسْرِيَ بِهِ إِلَي السَّمَاءِ إِذْ سَمِعْتُ نَاطِقاً لَنَا بِالتَّعْزِيَةِ أَحْسَنَ اللَّهُ لَكُمُ الْعَزَاءَ فِي سَيِّدِكُمْ وَحُجَّةِ اللَّهِ عَلَي خَلْقِهِ.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی: 693 ق )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص63، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية، الطبعة الأولي1419 ه - 1998 م

3. أخبر الامام السجاد اباحمزة الثمالي عن موضع قبر علي(ع)

ابو حمزة الثمالي یقول : عند ما یجئ الامام السجاد الی الكوفة یسأل منه:

يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا أَقْدَمَكَ إِلَيْنَا؟ قَالَ: مَا رَأَيْتَ وَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ لَأَتَوْهُ وَلَوْ حَبْواً هَلْ لَكَ أَنْ تَزُورَ مَعِي قَبْرَ جَدِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام قُلْتُ أَجَلْ فَسِرْتُ فِي ظِلِّ نَاقَتِهِ يُحَدِّثُنِي حَتَّي أَتَيْنَا الْغَرِيَّيْنِ وَهِيَ بُقْعَةٌ بَيْضَاءُ تَلْمَعُ نُوراً فَنَزَلَ عَنْ نَاقَتِهِ وَمَرَّغَ خَدَّيْهِ عَلَيْهَا وَقَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ هَذَا قَبْرُ جَدِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام ثُمَّ زَارَهُ بِزِيَارَةٍ أَوَّلُهَا- السَّلَامُ عَلَي اسْمِ اللَّهِ الرَّضِيِّ وَنُورِ وَجْهِهِ الْمُضِي ءِ ثُمَّ وَدَّعَهُ وَمَضَي إِلَي الْمَدِينَةِ وَرَجَعْتُ أَنَا إِلَي الْكُوفَة.

 الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی: 693 ق )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص47، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية، الطبعة الأولي 1419 ه - 1998 م

4. أخبر الإمام الباقر (ع) الی جابر بن يزيد

الشيخ المفيد و السيد ابن طاووس نقلا هکذا :

وَرَوَي مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَابِرِ بْنِ يزيَد قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ عليه السلام أَيْنَ دُفِنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: دُفِنَ بِنَاحِيَةِ الْغَرِيَّيْنِ وَدُفِنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَدَخَلَ قَبْرَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَمُحَمَّدٌ بَنُو عَلِيٍّ عليه السلام وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَر.

 الشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان ابن المعلم أبي عبد الله العكبري البغدادي (المتوفی413 هـ)، الإرشاد في معرفة حجج الله علي العباد، ج1، ص25، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لتحقيق التراث، ناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ - 1993 م.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی: 693 ق )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص80، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية، الطبعة الأولي 1419 ه - 1998 م

5. أخبر الإمام الصادق(ع) الی صفوان الجمال

الكليني بسند صحيح ینقل هکذا :

عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُزَاعَةَ الْأَزْدِيُّ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَامِرٌ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام دُفِنَ بِالرَّحْبَةِ قَالَ: لَا. قَالَ: فَأَيْنَ دُفِنَ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَمَّا مَاتَ احْتَمَلَهُ الْحَسَنُ فَأَتَي بِهِ ظَهْرَ الْكُوفَةِ قَرِيباً مِنَ النَّجَفِ يَسْرَةً عَنِ الْغَرِيِّ يَمْنَةً عَنِ الْحِيرَةِ فَدَفَنَهُ بَيْنَ ذَكَوَاتٍ بِيضٍ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامِ ذَهَبْتُ إِلَي الْمَوْضِعِ فَتَوَهَّمْتُ مَوْضِعاً مِنْهُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لِي أَصَبْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ ثَلَاثَ مَرَّات.

 الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق (المتوفی328 هـ)، الأصول من الكافي،ج 1، ص456، ناشر: اسلاميه ، تهران ، الطبعة الثانية،1362 هـ

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، (المتوفی: 693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص92، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية الطبعة الأولي1419 ه - 1998 م

6. أخبر الإمام موسي بن جعفر(ع) الی ايوب بن نوح

السيد بن الطاووس یقول :

قَرَأْتُ بِخَطِّ السَّيِّدِ الشَّرِيفِ أَبِي يَعْلَي الْجَعْفَرِيِّ صِهْرِ الشَّيْخِ الْمُفِيدِ فِي كِتَابِهِ مَاصُورَتُهُ وَرَوَي أَصْحَابُنَا عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَي أَبِي الْحَسَنِ مُوسَي بْنِ جَعْفَرٍ عليه السلام أَنَّ أَصْحَابَنَا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالرَّحَبَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالرَّيِّ فَكَتَبَ زُرْهُ بِالْغَرِي.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی: 693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص129، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية، الطبعة الأولي 1419 ه - 1998 م

7. أخبر الإمام الرضا (ع) الی احمد بن محمد بن ابي نصر

ابن قولويه بسند صحيح ینقل رواية هکذا :

حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ سَأَلْتُ الرِّضَا عليه السلام فَقُلْتُ أَيْنَ مَوْضِعُ قَبْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَقَالَ الْغَرِيُّ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُونَ دُفِنَ فِي الرَّحْبَةِ قَالَ لَا وَ لَكِنْ بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ دُفِنَ بِالْمَسْجِد.

 القمي، أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (المتوفي 368 هـ) كامل الزيارات، ص88، التحقيق: الشيخ جواد القيومي، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة، المطبعة مؤسسة النشر الاسلامي، الطبعة الأولي1417هـ

النتيجة:

حسب هذه الروايات یتبین ان المضجع الشريف لأميرالمؤمنین علي بن ابي طالب عليه السلام فی النجف الأشرف الذی فی تعبير الروايات، اطلق کلمة «الغري» علی هذا المكان المقدس و هذا المكان نفس المکان الذی فعلاً یقع قبر الإمام هناک و رأی الشيعة مأخوذ من الروايات الصحيحة.

رأی اهل السنة: اختلاف الأقوال فی مدفن الإمام

عند اهل السنة فی مدفن الإمام اقوال کثیرة مختلفة فی کتبهم:

1. زاوية مسجد الكوفة؛

2. رحبة الكوفة؛

3. قصر الامارة فی الكوفة؛

4. مقبرة بقيع؛

5. بعض نسب الی اهل العراق ان الإمام ذهب الی السماء فوق القیم ؛

6. جمع من قبيلة طي، وجدوا تابوت الإمام و دفنوه و لم یعین موضعه. حسب قول ابن ابي الحديد هذا اعتقاد بني امية و اتباعهم ؛

7. النجف، الذی هو المرقد الملكوتي للإمام و حالیا محل زيارة العشاق.

العاصمي المكي الشافعي، یذکر کثیرا من الاقوال و فی الختام یصرح بأن أصح الأقوال هو ان الإمام مدفون فی قصر الإمارة فی الكوفة :

وقد اختلف في قبره فقيل في زاوية الجامع بالكوفة وقيل بالرحبة من الكوفة وقيل بقصر الإمارة منها وقيل بنجف الحيرة في المشهد الذي يزار به اليوم وأصح ما قيل إنه مدفون بقصر الإمارة بالكوفة.

العاصمي المكي، عبد الملك بن حسين بن عبد الملك الشافعي، (المتوفی1111هـ)،سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، ج3، ص75، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجودـ علي محمد معوض، دار النشر: دار الكتب العلمية، بيروت- 1419هـ- 1998م

ابن سمعون البغدادي، بعد نقل بعض الاقوال، یقول:

وقيل بالبقيع وهو بعيد.

البغدادي، ابن سمعون، أبو الحسن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن عنبس (المتوفي 387هـ) أمالي ابن سمعون، ج1، ص43، دار النشر:

ابن ابي الحديد یذکر القول السادس هکذا:

واختلفت الأراجيف في صبيحة ذلك اليوم اختلافاً شديداً، وافترقت الأقوال في موضع قبره الشريف وتشعبت، وادعي قوم أن جماعة من طيئ وقعوا علي جملٍ في تلك الليلة، وقد أضله أصحابهم ببلادهم، وعليه صندوق، فظنوا فيه مالاً، فلما رأوا ما فيه خافوا أن يطلبوا به، فدفنوا الصندوق بما فيه، ونحروا البعير وأكلوه، وشاع ذلك في بني أمية وشيعتهم، واعتقدوه حقاً.

 أبو حامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد بن أبي الحديد المدائني المتوفی: 655 هـ، شرح نهج البلاغة،ج 4 ص49، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان - 1418هـ - 1998م، الطبعة: الأولي، تحقيق: محمد عبد الكريم النمري

ابن حجر و السيوطي یقولا فی القول الخامس هکذا :

وأخرج ابن عساكر أنه لما قتل حملوه ليدفنوه مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فبينما هم في مسيرهم ليلا إذ ند الجمل الذي عليه فلم يدر أين ذهب ولم يقدر عليه فلذلك يقول أهل العراق هو في السحاب.

السيوطي، جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر (المتوفی911هـ)، تاريخ الخلفاء، ج1، ص176، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، ناشر: مطبعة السعادة- مصر، الطبعة الأولي، 1371هـ - 1952م.

الهيثمي، ابوالعباس أحمد بن محمد بن علي ابن حجر (المتوفی973هـ)، الصواعق المحرقة علي أهل الرفض والضلال والزندقة، ج2، ص391، تحقيق عبد الرحمن بن عبد الله التركي - كامل محمد الخراط، ناشر: مؤسسة الرسالة- لبنان، الطبعة الأولي، 1417هـ - 1997م؛

لکن اکثرهم یقولون : القول الصحيح ان الإمام مدفون فی قصر الامارة فی الكوفة:

وأصح ما قيل إنه مدفون بقصر الإمارة بالكوفة.

المصادر الذيل ایضا صححوا هذا القول.

ابن سمعون البغدادي، أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل بن عنبس (المتوفی387هـ)، أمالي ابن سمعون، ج2، ص85، طبق برنامه الجامع الكبير؛

اليافعي، ابومحمد عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان (المتوفی768هـ)، مرآة الجنان وعبرة اليقظان، ج2، ص398، ناشر: دار الكتاب الإسلامي، القاهرة - 1413هـ - 1993م؛

الدميري المصري الشافعي، كمال الدين محمد بن موسي بن عيسي (المتوفی808 هـ)، حياة الحيوان الكبري، ج2، ص308، تحقيق: أحمد حسن بسج، ناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1424 هـ - 2003م؛

السيوطي، جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر (المتوفی911هـ)، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، ج2، ص85، تحقيق: محمد ابوالفضل إبراهيم، ناشر: المكتبة العصرية، لبنان ـ صيدا؛

العاصمي المكي، عبد الملك بن حسين بن عبد الملك الشافعي (المتوفی1111هـ)، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، ج3، ص18، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود- علي محمد معوض، ناشر: دار الكتب العلمية؛

ابن خلكان ایضا یصحح هذا القول لکن مرة اخری بذکر جملة «والله اعلم» یفهم انه لم یتیقن :

وأصح ما قيل فيه إنه مدفون بقصر الإمارة بالكوفة والله أعلم.

إبن خلكان، ابوالعباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر (المتوفی681هـ)، وفيات الأعيان و انباء أبناء الزمان، ج4، ص55، تحقيق احسان عباس، ناشر: دار الثقافة ـ لبنان.

الرأی الموافق من کبار اهل السنة مع الشيعة

بین الکبار من اهل السنة توجد عدة التی رأیهم یوافق رأی الشیعة ب النسبة لمدفن الإمام :

1. اليعقوبي مؤلف التاريخ

اليعقوبي من مؤرخی اهل السنة یقول فی مدفن الإمام هکذا :

وغسله الحسن ابنه بيده وصلي عليه وكبر عليه سبعا وقال أما إنه لا يكبر علي أحد بعده ودفن بالكوفة في موضع يقال له الغري وكانت خلافته أربع سنين وعشرة أشهر.

اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح (المتوفی292هـ)، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص213، ناشر: دار صادر - بيروت

2. ابن حزم الأندلسي

ابن حزم الأندلسي یقول:

وقتل، رضي الله عنه، غيلة وهو داخل المسجد لصلاة الصبح، ضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي- من الخوارج- ضربة مات منها بعد ثلاثة أيام. وقبره بالغري عند الكوفة.

الأندلسي، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، (المتوفی 456 هـ)، أسماء الخلفاء والولاة وذكر مددهم، ج2، ص162، تحقيق: د. إحسان عباس، دار النشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1987م

3. ابوالغنائم النرسي:

ابو الفرج فی كتاب المنتظم فی شرح حال محمد بن علي بن ميمون بن محمد، أبو الغنائم النرسي یقول:

أنبأنا شيخنا أبو بكر بن عبد الباقي، قال: سمعت أبا الغنائم ابن النرسي يقول: ما بالكوفة أحد من أهل السنة والحديث إلا أنا، وكان يقول: توفي بالكوفة ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً من الصحابة لا يتبين قبرأحد منهم إلأَ قبر علي عليه السلام، وقال: جاء جعفر بن محمد، ومحمد بن علي بن الحسين فزارا الموضع من قبر أمير المؤمنين علي ولم يكن إذ ذاك القبر، وما كان إلأَ الأرض حتي جاء محمد بن الداعي وأظهر القبر.

ثم ابن الجوزي یمدح ابا الغنائم هکذا :

وقال شيخنا ابن ناصر: ما رأيت مثل أبي الغنائم في ثقته وحفظه، وكان يعرف حديثه بحيث لا يمكن أحداً أن يدخل في حديثه ما ليس منه، وكان من قوام الليل.

الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج (المتوفی: 597) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ج17، ص151، دار النشر: دار صادر- بيروت -الطبعة الأولي، 1358

ابن اثير الجزري:

ابن اثير یقول هکذا:

والأصح أن قبره هو الموضع الذي يزار ويتبرك به.

ابن أثير الجزري، عز الدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد (المتوفی630هـ) الكامل في التاريخ، ج3، ص396، تحقيق عبد الله القاضي، ناشر: دار الكتب العلمية- بيروت، الطبعة الثانية، 1415هـ.

4. ابن ابي الحديد المدائني:

ابن ابي الحديد المعتزلي من شارحی نهج البلاغة للإمام علي عليه السلام یقول :

وقبره بالغري وما يدعيه أصحاب الحديث من الاختلاف في قبره، وأنه حمل إلي المدينة، أو أنه دفن في رحبة الجامع، أو عند باب قصر الإمارة، أو ند البعير الذي حمل عليه فأخذته الأعراب، باطل كله، لا حقيقة له، وأولاده أعرف بقبره وأولاد كل الناس أعرف بقبور آبائهم من الأجانب، وهذا القبر الذي زاره بنوه لما قدموا العراق، منهم جعفر بن محمد عليه وغيره من أكابرهم وأعيانهم.

إبن أبي الحديد المدائني المعتزلي، ابوحامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد (المتوفی655 هـ)، شرح نهج البلاغة، ج1، ص17، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، ناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولي، 1418هـ - 1998م.

5. ابن الطقطقي

محمد بن علي المعروف ب ابن الطقطقي من علماء اهل السنة یقول :

وأما مدفن أمير المؤمنين، عليه السلام، فإنه دفن ليلاً بالغري. ثم عفي قبره إلي أن ظهر حيث مشهده الآن، صلوات الله عليه وسلامه.

ابن الطقطقي، محمد بن علي بن طباطبا المعروف بابن الطقطقي (المتوفی 709هـ)، الفخري في الآداب السلطانية، ج1، ص36، حسب برنامج الجامع الكبير.

6. ابن صباغ المالكي:

ابن صباغ من کبار مذهب المالكي ایضا یعتبر مدفن الإمام «الغري» :

ودفن في جوف الليل بالغري موضع معروف [ يزار ] إلي الآن.

 المالكي المكي، علي بن محمد بن أحمد،ابن الصباغ، (المتوفی 855)، الفصول المهمة في معرفة الأئمة ج1، ص624، التحقيق: سامي الغريري، الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر- قم، الطبعة الأولي، 1422

7. شهاب الدين الخفاجي

و الغَرِيّ موضع بالكوفة، دفن فيه عليّ كرم الله وجهَه.

 الخفاجي، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر (المتوفی 1069هـ)، ريحانة الألبا و زهرة الحياة الدنيا، ج1، ص20، طبق برنامج الجامع الكبير.

النتيجة:

حسب رأی ثلة من کبار اهل السنة الذی ذکرنا بعض تصریحاتهم هنا ؛ قبر اميرالمؤمنین عليه السلام فی النجف الاشرف الذی اسمه «الغري» و رأیهم یوافق رأی الشيعة.

دراسة وهم اهل السنة، علی دفن مغيرة فی النجف

بعض من علماء اهل السنة زعموا انهم بإلقاء شائعة یستطیعون ان ینقصوا من عظمة و قداسة المرقد الملكوتي ل الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام فقالوا : القبر الذي تزوره الشيعة الآن فی النجف؛هو قبر مغيرة بن شعبة و لیس قبر علي بن ابيطالب. الخطيب البغدادي و بعض آخرون نقلوا هذا المطلب هکذا:

حكي لنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال سمعت أبا بكر الطلحي يذكر أن أبا جعفر الحضرمي- مطينا - كان ينكر أن يكون القبر المزور بظاهر الكوفة قبر علي ابن أبي طالب عليه السلام. وكان يقول: لو علمت الرافضة قبر من هذا لرجمته بالحجارة، هذا قبر المغيرة بن شعبة. وقال مطين: لو كان هذا قبر علي بن أبي طالب، لجعلت منزلي ومقيلي عنده أبداً.

البغدادي، ابوبكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب،( المتوفی 463،) تاريخ بغداد، ج1، ص148، تحقيق: دراسة وتحقيق: مصطفي عبد القادر عطا، ناشر: دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، الطبع الأولي 1417 - 1997 م

ابن عساكر الدمشقي الشافعي، أبي القاسم علي بن الحسن إبن هبة الله بن عبد الله،(المتوفی571هـ)، تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل، ج42، ص567، تحقيق: علي شيري، ناشر: دار الفكر- بيروت، الطبعة الأولي 1417 ه / 1996 م

ابن الجوزي بعد نقل هذه الحكاية یقول:

والله أعلم أي الأقوال أصح.

الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج المتوفی: 597، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ج5، ص178، دار النشر: دار صادر- بيروت- الطبعة: الأولي 1358

الذهبي الشافعي، شمس الدين ابوعبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (المتوفی 748 هـ)، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ج3، ص651، تحقيق د. عمر عبد السلام تدمري، ناشر: دار الكتاب العربي- لبنان/ بيروت، الطبعة الأولي، 1407هـ - 1987م.

جواب التوهم

هذا التوهم باطل و لا اساس له من جهات:

الجواب الأول؛ عدید من اهل السنة قالوا: «الغري» موضع قبر امير المؤمنین؛

عدید من کبار علماء اهل السنة صرّحوا ان قبر امير المؤمنین عليه السلام فی نفس هذا المكان.ذکرنا لا اقل من ثمانیة آراء من کبار العلماء فی البحث السابق «الآراء الموافقة من کبار اهل السنة مع الشيعة».

الجواب الثانی؛ عدید من اهل السنة صرحوا بأن قبر مغيرة فی «الثويه»:

فی سبیل نفي هذا التوهم المذکور ، عدید من کبارهم صرحوا ان قبر مغيرة فی «الثوية» (موضع فی الكوفة):

1. ابن عساكر الدمشقي:

ابن عساكر الشافعي من کبار علمائهم یقول:

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد نا وأبو منصور محمد بن عبد الملك أنا أبو بكر الخطيب أخبرني الحسن بن أبي بكر قال ذكر لي أحمد بن إبراهيم الجوزي أن أحمد ابن حمدان بن الخضر أخبرهم نا أحمد بن يونس الضبي حدثني أبو حسان الزيادي قال سنة خمسين فيها مات المغيرة بن شعبة في شعبان ودفن بالكوفة بموضع يقال له الثوية.

ابن عساكر الدمشقي الشافعي، أبي القاسم علي بن الحسن إبن هبة الله بن عبد الله،(المتوفی571هـ)، تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل، ج60، ص62، تحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري، ناشر: دار الفكر، بيروت - 1995

2. الحازمي الهمداني:

وقال أَبُو حسان: دُفن المُغيرة بن شعبة بالكُوْفَة بمَوْضِعٌ يُقَالُ له الثوية، وهُناك دُفن أَبُو موسي الأشعري في سنة خمسين.

الحازمي الهمداني، أبو بكر محمد بن موسي بن عثمان (المتوفی584هـ) الأماكن، ما اتفق لفظه وافترق مسماه، ج1، ص22، دار النشر:

3. ياقوت الحموي فی معجم البلدان:

الحموي فی البدایة یعین هذا المكان (الثوية) و بعدین یتذکر محل دفن المغيرة :

الثوية بالفتح ثم الكسر وياء مشددة ويقال الثوية بلفظ التصغير موضع قريب من الكوفة وقيل بالكوفة وقيل خريبة إلي جانب الحيرة علي ساعة منها ذكر العلماء أنها كانت سجنا للنعمان بن المنذر كان يحبس بها من أراد قتله فكان يقال لمن حبس بها ثوي أي أقام فسميت الثوية بذلك وقال ابن حبان دفن المغيرة بن شعبة بالكوفة بموضع يقال له الثوية وهناك دفن أبو موسي الأشعري في سنة خمسين.

 الحموي، ابوعبد الله ياقوت بن عبد الله (المتوفی 626هـ)، معجم البلدان، ج2، ص87، ناشر: دار الفكر- بيروت.

4. ابن النجار البغدادي:

أخبرني الحسن بن أبي بكر قال كتب إلي محمد بن إبراهيم الجوزي ان أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قال نبأنا أحمد بن يونس الضبي حدثني أبو حسان الزيادي قال: سنة خمسين فيها مات المغيرة بن شعبة في شعبان ودفن بالكوفة بموضع يقال له الثوية.

ابن النجار البغدادي، محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود بن الحسن (المتوفی 643هـ)، تاريخ بغداد، ج1، ص193، ناشر:دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت

5. ابن ابي الحديد:

ابن ابي الحديد یقول :

وسألت بعض من أثق به من عقلاء شيوخ أهل الكوفة عما ذكره الخطيب أبو بكر في تاريخه، أن قوماً يقولون: إن هذا القبر تزوره الشيعة إلي جانب الغري هو قبر المغيرة بن شعبة، فقال: غلطوا في ذلك، قبر المغيرة وقبر زياد بالثوية من أرض الكوفة، ونحن نعرفهما وننقل ذلك عن آبائنا وأجدادنا...

وسألت قطب الدين نقيب الطالبيين أبا عبد الله الحسين بن الأقساسي رحمه الله تعالي عن ذلك، فقال: صدق من أخبرك؛ نحن وأهلها كافة نعرف مقابر ثقيف إلي الثوية، وهي إلي اليوم معروفة، وقبر المغيرة فيها، إلا أنها لا تعرف، وقد ابتلعها السبخ وزبد الأرض وفورانها، فطمست واختلط بعضها ببعض. ثم قال: إن شئت أن تتحقق أن قبر المغيرة في مقابر ثقيف فانظر إلي كتاب الأغاني لأبي الفرج علي بن الحسين، والمح ما قاله في ترجمة المغيرة، وأنه مدفون في مقابر ثقيف، ويكفيك قول أبي الفرج، فإنه الناقد البصير، والطبيب الخبير؛ فتصفحت ترجمة المغيرة في الكتاب المذكور، فوجدت الأمر كما قاله النقيب.

إبن أبي الحديد المدائني المعتزلي، ابوحامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد (المتوفي655 هـ)، شرح نهج البلاغة، ج6، ص77، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، ناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولي، 1418هـ - 1998م.

الجواب الثالث ؛ تردد الناقلون، فی صحة هذا القول

من جملة الذین نقلوا هذا القول،هو ابن الجوزي. هو بعد نقل هذه الحكاية یقول :

والله أعلم أي الأقوال أصح.

الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج (المتوفی597هـ)، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ج5، ص178، دار النشر: دار صادر، بيروت - الطبعة الأولي 1358

یتبین ان الناقلین لهذا القول ایضا لم یؤمنوا و لم یعتمدوا علیه و یتبین من خلال هذه العبارة انه لا اساس له.

لهذه الجهة ان ابن الجوزي، ینقل عن شخص بإسم ابا الغنائم انه قال:

 توفي بالكوفة ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً من الصحابة ليس قبر أحد منهم بمعروف إلا قبر أمير المؤمنين عليه السلام وهو هذا الذي تزوره الناس الآن. جاء الصادق والباقر فزاراه وقد كان أرضا حتي جاء محمد بن الداعي صاحب الديلم.

یقول نقلا عن استاذه ب النسبة ل ابی الغنائم:

وقال شيخنا ابن ناصر: ما رأيت مثل أبيِ الغنائم في ثقته وحفظه، وكان يعرف حديثه بحيث لا يمكن أحداً أن يدخل في حديثه ما ليس منه، وكان من قوام الليل.

الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج (المتوفی597 هـ) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ج17 ص151، دار النشر: دار صادر- بيروت -الطبعة الأولي، 1358

النتيجة:

توهم ان المقبرة الفعلية ل امير المؤمنین، هی قبر مغيرة بن شعبة و لیس قبر الإمام؛ باطل و لا اساس له. و مع الالتفات الی تصريح کبار اهل السنة، قبر مغيرة، فی «الثوية» (موضع آخر فی الكوفة).

 الفصل الثالث: زمان وضوح مضجعه المطهر

قبل ان ندخل فی صلب الموضوع انه متی زمن وضوح القبر الشريف للإمام ، من اللازم ان نبحث عن علة إخفاء هذا المضجع الشريف.

علل إخفاء القبر المطهر ل امير المؤمنین (ع)

کما تبین من خلال المطالب السابقة ، بعد ما دفنوا الجسد المطهر لاميرالمؤمنین عليه السلام ؛ اخفوا قبره الشريف عن رؤیة الناس و لا یعلم به الا اولاده و اصحابه الخاص.

السؤال هنا هو : حسب ان الإمام برأی الشيعة، خليفة رسول الله صلي الله عليه وآله، اول الائمة و القائد و حسب رأی اهل السنة الخليفة الرابع ل الأمة الاسلامية ؛ لماذا اخفوا  مضجعه الشريف ؟

اذا تفحص فی كلمات المؤرخین و علماء الفريقين تحصل علی ثلاثة علل مهمة فی اخفاء قبر الإمام علیه السلام:

العلة الأولی؛ الخوف من نبش القبر، بید بني امية

فی ايام خلافة امير المؤمنین عليه السلام وقعت وقائع مهمة من جملتها حرب الجمل، الصفين و النهروان.کل من عمال هذه المعارک،کان لهم عداوة خاصة مع امير المؤمنین.

أعدا عدو الإمام هو معاوية الذی شنّ معرکة الصفين و نازع الإمام فی امر الخلافة. امير المؤمنین یعرف شخصیته بأحسن وجه ، و ایضا نیته و مقصوده و نسبه و یعرف انه لو انهم یصلون الی جسده الشریف بعد استشهاده لن یترددوا عن فعل شئ من الاهانات.

بناء علی رأی عدید من العلماء، وصّی الإمام ان یخفوا قبره و بناء علی رأی عدید ، ذهب اولاده الی هذا العمل حتی لا تصل ایدی بني امية الی جسد ابیهم المطهر.

الشيخ المفيد:

الشيخ المفيد فی الإرشاد یقول:

وعفيا موضع قبره، بوصية كانت منه إليهما في ذلك، لما كان يعلمه عليه السلام من دولة بني أمية من بعده، واعتقادهم في عداوته، وما ينتهون إليه بسوء النيات فيه من قبيح الفعال والمقال بما تمكنوا من ذلك.

 الشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان ابن المعلم أبي عبد الله العكبري البغدادي (المتوفی413 هـ)، الإرشاد في معرفة حجج الله علي العباد، ج1، ص10، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لتحقيق التراث، ناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ - 1993 م.

السيد ابن طاووس

السيد ابن طاووس فی المقدمة الثانیة من كتاب «فرحة الغري» بعد ذكر موارد التي قامت بني امية من اجل محو آثار اهل البيت عليهم السلام ؛ یقول : علة اخفاء قبر الإمام من رؤیة الناس ، وصيته الشریفة:

فاقتضي ذالك أن أوصي بدفنه عليه السلام سرا خوفا من بني أمية وأعوانهم والخوارج وأمثالهم فربما لو نبشوه مع علمهم بمكانهحمل ذلك بني هاشم علي المحاربة والمشاققة- التي أغضي عنها عليه السلام في حال حياته فكيف لا يرضي بترك ما فيه مادة النزاع بعد.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص54، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998م

ابن سمعون البغدادي

ابن سمعون و الدميري الشافعي، یعرفا علة خفاء قبر الإمام وصيته و یقولا :

وعلي رضي الله تعالي عنه، أول إمام خفي قبره. قيل: إن عليا رضي الله عنه أوصي أن يخفي قبره لعمله أن الأمر يصيرإلي بني أمية فلم يأمن أن يمثلوا بقبره.

 البغدادي، ابن سمعون، أبو الحسن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن عنبس (المتوفی 387هـ) أمالي ابن سمعون، ج1، ص43، دار النشر:

الدميري المصري الشافعي، كمال الدين محمد بن موسي بن عيسي (المتوفی808 هـ)، حياة الحيوان الكبري، ج1، ص75، تحقيق: أحمد حسن بسج، ناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1424 هـ - 2003م

ابن ابي الحديد

هو یقول:

أن علياً عليه السلام لما قتل قصد بنوه أن يخفوا قبره خوفاً من بني أمية أن يحدثوا في قبره حدثاً....

 إبن أبي الحديد المدائني المعتزلي، ابوحامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد (المتوفی655 هـ)، شرح نهج البلاغة، ج4، ص49، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، ناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة: الأولي، 1418هـ - 1998م

علی أی حال هذا العمل کان بأمر من الإمام و حسب وصيته أو رأو ابناءه المصلحة کذلک ؛ لکن النكتة المهمة هنا هی ان علة إخفاء القبر، العداوة العميقة من بني امية الذی فی رأسهم آنذاک فی المجتمع، هو معاوية.

کثیر من اعمال معاوية تثبت لنا أنه لو حصل علی مقبرة الإمام ، لنبشها قط .

1. ترقیة لعن و سب علي(ع)

مسلم النيسابوري فی صحيحه ینقل هکذا :

4420، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ قَالَا حَدَّثَنَا حَاتِمٌ وَهُوَ ابْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ فَقَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ...

صحيح مسلم، ج4، ص1871، ح2404، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ثم سعد بن أبي وقاص یذکر ثلاثة خصال من الإمام و هن حديث المنزلة، فتح خيبر و آية المباهلة.

بعض من کبار اهل السنة اعترفوا بأن معاوية أمر سعد بن أبي وقاص أن یسب امير المؤمنين و هو یمتنع عن هذا العمل لعدة دلائل عدهن. ابن تيمية الحراني یقول هنا هکذا:

وأما حديث سعد لما أمره معاوية بالسب فأبي فقال ما منعك أن تسب علي بن أبي طالب ؟ فقال ثلاث قالهن رسول الله صلي الله عليه وسلم فلن أسبه لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم الحديث، فهذا حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه....

منهاج السنة، ج3، ص15، ط دار الكتب العلمية، بيروت، 1420 هـ.

ابن تيمية الذی هو من أعداء اهل بیت النبی صلي الله عليه وآله وسلّم ، یعترف هنا بصراحة ان معاوية امر سعدا بسب امير المؤمنين عليه السلام ؛ لکن لم یقبل. فی الحقيقة الجملة هکذا: « أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا أن يسب عليا، فأمتنع».

ابو الفداء فی تأريخه یقول:

كان خلفاء بني أمية يسبون علياً رضي الله عنه من سنة إِحدي وأربعين وهي السنة التي خلع الحسن فيها نفسه من الخلافة إلي أول سنة تسع وتسعين آخر أيام سليمان بن عبد الملك فلما ولي عمر أبطل ذلك وكتب إِلي نوابه بإبطاله....

 أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي (المتوفی732هـ)، المختصر في أخبار البشر، ج1، ص139، طبق برنامج الجامع الكبير.

البتة نحن فی مقالة مفصلة ذکرنا تمام الوثائق فی سبّ اميرالمؤمنین عليه السلام بید معاوية و بقیة بني امية :

 معاوية و سبّ امير المؤمنين عليه السلام

2. تحريف شأن نزول الآية

من اعمال معاوية هی انه یعطلی الدنانیر للأشخاص لکی یدلسو له شأن نزول آيات القرآن فیمن یرید من جملة الآيات 204 و 205 من سورة البقره التی نزلت فی شأن علي عليه السلام و آية 207 من سورة البقرة فساقها منقبة لقاتل علی ع:

قال أبو جعفر: وقد روي أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتي يروي أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب: ' وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلي ما في قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ، وَإِذا تَوَلَّي سَعي فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (بقره/204- 205)،، وأن الآية الثانية نزلت في ابن ملجم، وهي قوله تعالي: ' وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْري نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ (بقره/ 207)، فلم يقبل، فبذل له مائتي ألف درهم فلم يقبل، فبذل له ثلاثمائة ألف فلم يقبل، فبذل له أربعمائة ألف فقبل، وروي ذلك.

إبن أبي الحديد المدائني المعتزلي، ابوحامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد (المتوفی655 هـ)، شرح نهج البلاغة، ج4، ص43، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، ناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولي، 1418هـ - 1998م.

بني امية ارادوا ان لا تنتشر من قبل احد فضائل فی شأن اهل البيت لا سیما الإمام علي عليه السلام. حتي انهم لم یطیقوا استماع الأحكام عن طريق رواية امير المؤمنین و لو بیّن شخص رواية فی الأحكام عن الإمام ؛ لم یذکر اسم الإمام و یقول بدله: ابو زينب یقول هکذا. ذکر سيرة بني امية ابن ابي الحديد هکذا:

قال [ابو جعفر]: وقد صح أن بني أمية منعوا من إظهار فضائل علي عليه السلام، وعاقبوا علي ذلك الراوي له؛ حتي إن الرجل إذا روي عنه حديثاً لا يتعلق بفضله بل بشرائع الدين لا يتجاسر علي ذكر اسمه؛ فيقول: عن أبي زينب.

إبن أبي الحديد المدائني المعتزلي، ابوحامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد (المتوفی655 هـ)، شرح نهج البلاغة، ج4، ص43، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، ناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة: الأولي، 1418هـ - 1998م.

العداوة من علي لم تنتهی فقط بمعاوية ؛ بل کل من والاه یبغض عليا. کلام وليد الأموي فی وسادة الموت ، یحكي عن عمق بغضه من علي ع:

وروي الشيخ أبو القاسم البلخي أيضاً، عن جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة الضبي، قال: مر ناس بالحسن بن علي عليه السلام، وهم يريدون عيادة الوليد بن عقبة، وهو في علة شديدة، فأتاه الحسن عليه السلام معهم عائداً، فقال للحسن: أتوب إلي الله تعالي مما كان بيني وبين جميع الناس، إلا ما كان بيني وبين أبيك، فإني لا أتوب منه.

إبن أبي الحديد المدائني المعتزلي، ابوحامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد (المتوفی655 هـ)، شرح نهج البلاغة، ج4، ص49، تحقيق: محمد عبد الكريم النمري، ناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة: الأولي، 1418هـ - 1998م.

الکلام فی هذا الباب کثیر و ذکرنا نموذجا من اعمال بني امية التی تبین عمق سعیهم فی محو آثار اهل بيت رسول الله ص.

الحال مع افتراض هذه الموارد و موارد کثیرة اخری ، و مع افتراض شرائط ذلک الزمان، کیف لأبناءه (الامام الحسن و الامام الحسين عليهما السلام) ان یوضحوا قبر ابیهم للناس التی نتيجتها لم تکن الا هتك حرمة امير المؤمنین المقدسة!

تصميم بني امية فی نبش قبر علي (ع)

اضافة الی سعیهم الوافر، ذکر فی بعض المصادر ان معاوية عزم علی نبش قبر امير المؤمنین ایضا و شاور فی هذا العمل ، شخصین أحدهما مروان بن الحكم.

القاضي ابي حنيفة النعمان المغربي یقول فی مروان هکذا:

وقد كان علي عليه السلام أسره يوم الجمل، فمن عليه وأطلقه، فما راعي ذلك ولا حفظه بل قد شاور معاوية اللعين في نبش قبر علي صلوات الله عليه لما غلب علي الامر... يحرضه بذلك علي نبش قبر علي عليه السلام، ويذكره قتلي بدر من بني عبد الشمس، ومن قتل منهم علي الكفر غير موسد ولا مدفون.

 التميمي المغربي، القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد (المتوفی 363 هـ) ، شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار، ج3، ص162، تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي، ناشر: مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم، الطبعة الثانية 1414هـ

ثم معاوية، شاور عبد الله بن عامر ؛ لکنه منع معاوية عن هذا العمل:

ثم استشار معاوية في نبش قبر علي عليه السلام عبد الله بن عامر بن كريز. فقال: ما أحب أن تعلم مكان قبره، ولا أن تسأل عنه، ولا أحب أن تكون هذه العقوبة بيننا وبين قومنا. فقبل معاوية من عبد الله ما أشار به عليه، وأعرض عن رأي مروان اللعين فيما أشار به من نبش قبر علي عليه السلام الذي استحباه ومن عليه، وأطلقه من الأسر.

التميمي المغربي، القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد (المتوفی 363 هـ) ، شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار، ج3، ص162، تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي، ناشر: مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم، الطبعة الثانية 1414هـ

العلة الثانیة ، الخوف من نبش القبر بید المنافقين

العلة الثانیة لإخفاء قبر الإمام، هی الخوف من نبش القبر بید المنافقین. لو کان القبر واضح للناس فمن القطع ان هؤلاء لم یألوا من اهانة و جسارة و انتقام.

ابي اسحاق ابراهيم الثقفي و المرحوم المجلسي یقولا:

وكان السبب في هذا الاختلاف إخفاء قبره خوفا من الخوارج والمنافقين، وكان لا يعرف ذلك إلا خاص الخاص من الشيعة.

الثقفي الكوفي، ابي إسحاق إبراهيم محمد (المتوفی283)، الغارات، ج2، ص881، تحقيق: السيد جلال الدين المحدث.

المجلسي، محمد باقر (المتوفی1111هـ)، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار،ج 42، ص338، تحقيق: محمد الباقر البهبودي، ناشر: مؤسسة الوفاء، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية المصححة، 1403هـ - 1983م

العلة الثالثة ؛ الخوف من نبش القبر بید الخوارج

الخوارج هم الذین اضغطوا علی اميرالمؤمنین عليه السلام ان یقبل الحكمية ؛ اما بعد قضیة الحكمية، اعترضوا انه لماذا الإمام لم یستمع الی کلماتهم و وافق الحكمية ؛ ثم لأجل هذه الذریعة خرجوا علی الإمام علي عليه السلام و قتلوا من المسلمین العجزة و بقروا بطون النساء الحاملات. الامام عليه السلام حاربهم و قتل کل من کان فی معرکة نهروان.

البقیة من الخوارج، کانوا لا یزال بصدد الانتقام من قتلاهم و لهذه الجهة ابن ملجم (من الخوارج) بسیفه المسموم فلق هامة الإمام فی یوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارک و الإمام استشهد اثر هذه الضربة.

عدید من علماء الفريقين صرحوا بأن علة إخفاء قبر الإمام ان هؤلاء الذین یعتبرون العداوة و الحرب مع علي عبادة الله ، لم یصلوا الی جسده الشریف و المطهر:

ابن كثير من اشهر علماء اهل السنة یقول:

ودفن بدار الإمارة بالكوفة خوفا عليه من الخوارج أن ينبشوا عن جثته،

ابن كثير الدمشقي، ابوالفداء إسماعيل بن عمر القرشي (المتوفی774هـ)، البداية والنهاية، ج7، ص331، ناشر: مكتبة المعارف - بيروت.

حسب نقل ابن كثير، ابن الكلبي ایضا یقول:

وقال ابن الكلبي شهد دفنه في الليل الحسن والحسين وابن الحنفية وعبد الله بن جعفر وغيرهم من أهل بيتهم فدفنوه في ظاهر الكوفة وعموا قبره خيفة عليه من الخوارج وغيرهم.

ابن كثير الدمشقي، ابوالفداء إسماعيل بن عمر القرشي (المتوفی774هـ)، البداية والنهاية، ج7، ص331، ناشر: مكتبة المعارف - بيروت.

النتيجة:

بناء علی ما مرّ تحصل هذه النتيجة ان اخفاء قبر امير المؤمنین المطهر کان حسب وصيته أو حسب ما رأوه ابناءه من المصلحة فی اخفاءه و بعد تدفین جسده الشریف لم یطلع من مضجعه الا اولاده و اصحابه الخاص. فی التحليل و كلمات الکبار من العلماء ، ذکر دليل اخفاء قبره ، الخوف من وصول آل بني امية، اعداء الصحابة و الخوارج الذین هم اعداء عدوه الیه.

زيارته فی الخفي ، قبل وضوح القبر

فی نفس المدة التي کان القبر الشريف لأميرالمؤمنین عليه السلام مخفی عن مرئ الناس ، اولاده یزورون قبره الشریف فی الخفاء. نموذجها فی رواية الامام الباقر عليه السلام نقلها السید ابن طاووس هکذا:

قَالَ ابْنُ أَبِي قُرَّةَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الْكُوفِيُّ الْغَزَّالُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزيد الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ كَانَ أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام قَدِ اتَّخَذَ مَنْزِلَهُ مِنْ بَعْدِ مَقْتَلِ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام بَيْتاً مِنْ شَعْرٍ وَأَقَامَ بِالْبَادِيَةِ فَلَبِثَ بِهَا عِدَّةَ سِنِينَ كَرَاهِيَةً لِمُخَالَطَةِ النَّاسِ وَ مُلَاقَاتِهِمْوَكَانَ يَصِيرُ مِنَ الْبَادِيَةِ بِمَقَامِهِ بِهَا إِلَي الْعِرَاقِ زَائِراً لِأَبِيهِ وَجَدِّهِ عليه السلام- وَلَا يُشْعَرُ بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فَخَرَجَ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْهِ- مُتَوَجِّهاً إِلَي الْعِرَاقِ لِزِيَارَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَا مَعَهُ وَلَيْسَ مَعَنَا ذُو رُوحٍ إِلَّا النَّاقَتَيْنِ فَلَمَّا انْتَهَي إِلَي النَّجَفِ مِنْ بِلَادِ الْكُوفَةِ وَصَارَإِلَي مَكَانٍ مِنْهُ فَبَكَي حَتَّي اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِدُمُوعِهِ.

ثُمَّ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَحُجَّتَهُ عَلَي عِبَادِهِ أَشْهَدُ أَنَّكَ جَاهَدْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَعَمِلْتَ بِكِتَابِهِ وَاتَّبَعْتَ سُنَنَ نَبِيِّهِ صلي الله عليه وآله- حَتَّي دَعَاكَ اللَّهُ إِلَي جِوَارِهِ..... ثُمَّ وَضَعَ خَدَّهُ عَلَي قَبْرِهِوَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ قُلُوبَ الْمُخْبِتِينَ إِلَيْكَ وَالِهَةٌ وَسُبُلَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْكَ شَارِعَةٌ.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی 693 ق )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص73، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية، الطبعة الأولي 1419 ه - 1998 م

هذه الرواية تبین لنا ان الإمام السجاد و الإمام الباقر عليهما السلام یزورا قبر جدهما بصورة خفیة و وحیدا فریدا.

الحال السؤال هنا هو ان المضجع المطهر لأميرالمؤمنین عليه السلام بان علی یدی من، حتی زاره الناس من بعده بصورة علنية؟

وضوح المضجع الشريف فی کم مرحلة

القبر المطهر بان بصورة علنية فی خلال کم مرحلة :

المرحلة الأولی: بید الإمام الصادق (ع)

القبر الشريف لأميرالمؤمنین عليه السلام لا یزال مشهور بین اهل البيت عليهم السلام ؛ لکن هؤلاء الکرام أبو من وضوحه للناس لعدة دلائل ذکرت فی ما سبق؛ و لو انهم یرون القبر لعدید من اصحابهم الخاص الذی ذکرنا نموذج منها فی رواية عن الإمام السجاد عليه السلام الذی أری اباحمزة الثمالي؛لکن وضوح هذا القبر لعامة الناس کان فی زمن الإمام الصادق عليه السلام ؛ لکنه عند ضعف حكومة بني امية و عند استلام الحكومة من قبل العباسيین، ذهب الخوف الذی کان من أجل عداوة بني امية و الخوارج،و الائمة و الشيعة فی اوائل فترة بني العباس کان لهم مزید من الحریة .

مع الإلتفات الی هذه الحریة النسبية التی اتاحت ل الامام الصادق عليه السلام زیارة المضجع الشريف لجده اميرالمؤمنین فی العلن و أری القبر لتلامذته و محبیه و علّم بعض تلامذته الزيارة و كيفيتها ایضا. نحن نشیر الی موارد منها :

الف: زيارة القبر المطهر وحیدا

السيد ابن طاووس یذکر قضیة زيارة الإمام عن لسان أحد اصحابه هکذا :

وَرَوَي الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ السَّرَّادُ فِي كِتَابِ الْمَشِيخَةِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ إِنِّي لَمَّا كُنْتُ بِالْحِيرَةِ عِنْدَ أَبِي الْعَبَّاسِ كُنْتُ آتِي قَبْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام وَهُوَ بِنَاحِيَةِ الْحِيرَةِ إِلَي جَانِبِ غَرِيِّ النُّعْمَانِ فَأُصَلِّي عِنْدَهُ الصُّبْحَ وَأَنْصَرِفُ قَبْلَ الْفَجْر.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفي693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي،ص100، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998م

ب: أری القبر المطهر لصفوان

التلامذة و المحبین للإمام ایضا کانوا یسئلون عن المضجع الشريف لأمير المؤمنین عليه السلام عن الامام و بیّن الإمام الموضع الدقيق للقبر الشریف و بعض الأحیان یذهب مع اصحابه الی زيارة القبر المطهر.الروايات فی هذا المجال عدیدة، هنا نشیر الی بعض منها التی تثبت الدعوة المذکورة:

الرواية الأولی:

محمد بن جعفر المشهدي، ابراهيم بن محمد الثقفي، السيد بن طاووس و آخرون ذکروا هذه الرواية:

صَفْوَانُ الْجَمَّالُ قَالَ: لَمَّا وَافَيْتُ مَعَ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ عليه السلام الْكُوفَةَ يُرِيدُ أَبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ قَالَ لِي يَا صَفْوَانُ أَنِخِ الرَّاحِلَةَ فَهَذَا قَبْرُ جَدِّي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَأَنَخْتُهَا ثُمَّ نَزَلَ فَاغْتَسَلَ وَغَيَّرَ ثَوْبَهُ وَتَحَفَّي وَقَالَ لِيَ افْعَلْ مِثْلَ مَا أَفْعَلُهُ ثُمَّ أَخَذَ نَحْوَ الذَّكَوَاتِ وَقَالَ لِي قَصِّرْ خُطَاكَ وَأَلْقِ ذَقَنَكَ إِلَي الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ لَكَ بِكُلِّ خُطْوَةٍ مِائَةُ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَيُمْحَي عَنْكَ مِائَةُ أَلْفِ سَيِّئَةٍ وَيُرْفَعُ لَكَ مِائَةُ أَلْفِ دَرَجَةٍ وَيُقْضَي لَكَ مِائَةُ أَلْفِ حَاجَةٍ- وَيُكْتَبُ لَكَ ثَوَابُ كُلِّ صِدِّيقٍ وَشَهِيدٍ مَاتَ أَوْ قُتِلَ ثُمَّ مَشَي وَمَشَيْنَا مَعَهُ وَعَلَيْنَا السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ وَنُسَبِّحُ وَنُقَدِّسُ وَنُهَلِّلُ إِلَي أَنْ بَلَغْنَا الذَّكَوَاتِ فَوَقَفَ عليه السلام وَنَظَرَ يَمْنَةً وَيَسْرَةً وَخَطَّ بِعُكَّازَتِهِ- وَقَالَ لِي اطْلُبْهُ فَطَلَبْتُ فَإِذَا أَثَرُ الْقَبْرِ ثُمَّ أَرْسَلَ دُمُوعَهُ عَلَي خَدَّيْهِ- وَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ وَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبَرُّ التَّقِي ...

 الثقفي الكوفي، ابي إسحاق إبراهيم محمد (المتوفی283)، الغارات، ج2، ص856، تحقيق: السيد جلال الدين المحدث.

المشهدي الحائري، أبو عبد الله محمد بن جعفر بن علي، (المتوفی 610) المزار الكبير، ص242 التحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، ناشر: نشرالقيوم، المطبعة: مؤسسة النشر الاسلامي، الطبعة الأولي ـ قم 1419هـ

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی693 ق )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص122، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998 م

الحر العاملي، محمد بن الحسن (المتوفی1104هـ)، تفصيل وسائل الشيعة إلي تحصيل مسائل الشريعة، ج14، ص393، تحقيق و نشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، الطبعة الثانية، 1414هـ.

فی هذه الروایة ذکر بصراحة انه حسب رأی الإمام،عین صفوان موضع مضجع امير المؤمنین عليه السلام و من القطع اصلاحه یعنی صنع صورة قبر ل المضجع الشريف حتی تعرف الشيعة عند زيارة الإمام ان هنا محل قبر الإمام علیه السلام.

الرواية الثانیة:

ابراهيم الثقفي ینقل هکذا:

عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ حَمَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليه السلام فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَي النَّجَفِ قَالَ يَا صَفْوَانُ تَيَاسَرْ حَتَّي تَجُوزَ الْحِيرَةَ فَتَأْتِيَ الْقَائِمَ قَالَ فَبَلَغْتُ الْمَوْضِعَ الَّذِي وَصَفَ لِي فَنَزَلَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ تَقَدَّمَ هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ فَصَلَّيَا عِنْدَ قَبْرٍ فَلَمَّا قَضَيَا صَلَاتَهُمَا قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَيُّ مَوْضِعٍ هَذَا الْقَبْرُ قَالَ هَذَا قَبْرُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام وَهُوَ الْقَبْرُ الَّذِي تَأْتِيهِ النَّاسُ هُنَاكَ.

الثقفي الكوفي، إبراهيم بن محمد (المتوفی283هـ)، الغارت،ج 2، ص851، تحقيق: السيد جلال الدين الحسيني الأرموي المحدث، سلسله انتشارات انجمن آثار ملي 115، الطبعة الثانية

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص85، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998م

السيد محسن الامين یقول فی هذه الرواية هکذا:

وينبغي أن يكون هذا في خلافة السفاح لأنه هو الذي وفد عليه عبد الله بن الحسن.

الأمين، السيد محسن، (المتوفی 1371)، اعيان الشيعة، ج1، ص535، تحقيق و تخريج: حسن الأمين، ناشر: دار التعارف للمطبوعات، بيروت ـ لبنان

الرواية الثالثة:

حسب هذه الرواية، الإمام الصادق عليه السلام فعل هکذا:

صَفْوَانُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ الْجَمَّالُ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ الصَّادِقِ عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ أُرِيدُ الْكُوفَةَ فَلَمَّا جُزْنَا بَابَ الْحِيرَةِ قَالَ يَا صَفْوَانُ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ تُخْرِجُ الْمَطَايَا إِلَي الْقَائِمِ وَجِدَّ الطَّرِيقَ إِلَي الْغَرِيِّ قَالَ صَفْوَانُ فَلَمَّا صِرْنَا إِلَي قَائِمِ الْغَرِيِّ أَخْرَجَ رِشَاءً مَعَهُ دَقِيقاً قَدْ عُمِلَ مِنَ الْكِنْبَارِ ثُمَّ تَبَعَّدَ مِنَ الْقَائِمِ مَغْرِباً خُطًي كَثِيرَةً- ثُمَّ مَدَّ ذَلِكَ الرِّشَاءَ حَتَّي انْتَهَي إِلَي آخِرِهِ فَوَقَفَ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَي الْأَرْضِ فَأَخْرَجَ مِنْهَا كَفّاً مِنْ تُرَابٍ فَشَمَّهُ مَلِيّاً ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّي وَقَفَ عَلَي مَوْضِعِ الْقَبْرِ الْآنَ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْمُبَارَكَةِ إِلَي التُّرْبَةِ فَقَبَضَ مِنْهَا قَبْضَةً ثُمَّ شَهَقَ شَهْقَةً حَتَّي ظَنَنْتُ أَنَّهُ فَارَقَ الدُّنْيَا- فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: هَاهُنَا وَاللَّهِ مَشْهَدُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ثُمَّ خَطَّ تَخْطِيطاً فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا مَنَعَ الْأَبْرَارَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ إِظْهَارِ مَشْهَدِهِ قَالَ حَذَراً مِنْ بَنِي مَرْوَانَ وَالْخَوَارِجِ أَنْ تَحْتَالَ فِي أَذَاهُ..

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي،ص 119، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية، الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998م

المجلسي، محمد باقر (المتوفی 1111هـ)، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، ج97 ص235، تحقيق: محمد الباقر البهبودي، ناشر: مؤسسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية المصححة، 1403هـ - 1983م.

ج: تعليم الزيارة و كيفيتها الی محمد بن مسلم

فی روایة اخری الإمام الصادق عليه السلام یعلّم كيفية زيارة جده اميرالمؤمنین الی أحد اصحابه (محمد بن مسلم) و هذا تدل علی ان اصحاب الإمام ، کانوا یزورون القبر المطهر و اشتهر هذا المزار الشريف بین الناس فی زمن الإمام.

محمد بن جعفر المشهدي فی كتاب المزار یقول:

أَنَّ الصَّادِقَ عليه السلام عَلَّمَ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ الثَّقَفِيَّ هَذِهِ الزِّيَارَةَ وَقَالَ إِذَا أَتَيْتَ مَشْهَدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَاغْتَسِلْ غُسْلَ الزِّيَارَةِ وَالْبَسْ أَنْظَفَ ثِيَابِكَ وَشَمَّ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ وَامْشِ- وَعَلَيْكَ السَّكِينَةُ والْوَقَارُ فَإِذَا وَصَلْتَ إِلَي بَابِ السَّلَامِ فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ- وَكَبِّرِ اللَّهَ تَعَالَي ثَلَاثِينَ مَرَّةً.

المشهدي الحائري، أبو عبد الله محمد بن جعفر بن علي، (المتوفی 610هـ) المزار الكبير، ص205، التحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، ناشر: نشرالقيوم، المطبعة: مؤسسة النشر الاسلامي الطبعة الأولي ـ قم 1419هـ

السيد بن طاوس، رضي الدين علي بن موسي بن جعفر بن طاووس(المتوفی 664هـ) الإقبال بالأعمال الحسنة، ج3، ص130، التحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، ناشر: مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الأولي 1616هـ

د: زيارة المضجع الشريف عن اصحاب الإمام الصادق(ع)

بعد وضوح القبر الشريف للإمام علی بید الإمام الصادق عليه السلام، قامت الشيعة و المحبین لزیارة اميرالمؤمنین عليه السلام. فلنکتفی بذکر کم رواية منها :

الرواية الأولی:

الكليني ینقل بسند صحيح ان عبدالله بن سنان، عمر بن يزيد و حفص الكناسي، زاروا قبر الإمام :

أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ أَتَانِي عُمَرُ [عَمْرُو] بْنُ يَزِيدَ فَقَال لِي ارْكَبْ فَرَكِبْتُ مَعَهُ فَمَضَيْنَا حَتَّي أَتَيْنَا مَنْزِلَ حَفْصٍ الْكُنَاسِيِّ فَاسْتَخْرَجْتُهُ فَرَكِبَ مَعَنَا ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّي أَتَيْنَا الْغَرِيَّ فَانْتَهَيْنَا إِلَي قَبْرٍ فَقَالَ انْزِلُوا هَذَا قَبْرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَقُلْنَا مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ فَقَالَ أَتَيْتُهُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام حَيْثُ كَانَ بِالْحِيرَةِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَخَبَّرَنِي أَنَّهُ قَبْرُه .

الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق (المتوفی328 هـ)، الأصول من الكافي، ج 1، ص456، ناشر: اسلاميه ، طهران ، الطبعة الثانية،1362 هـ

الرواية الثانیة:

سليمان بن خالد و محمد بن مسلم زارا قبر الإمام:

حَدَّثَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مِيثَمِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍومُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالاَ مَضَيْنَا إِلَي الْحِيرَةِ فَاسْتَأْذَنَّا وَدَخَلْنَا إِلَي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ وَسَأَلْنَاهُ عَنْ قَبْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَقَالَ إِذَا خَرَجْتُمْ فَجُزْتُمُ الثُّوَيَّةَ وَالْقَائِمَ وَصِرْتُمْ مِنَ النَّجَفِ عَلَي غَلْوَةٍ أَوْ غَلْوَتَيْنِ- رَأَيْتُمْ ذَكَوَاتٍ بِيضٍ بَيْنَهَا قَبْرٌ جَرَفَهُ السَّيْلُ فَذَاكَ قَبْرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام قَالَ فَغَدَوْنَا مِنْ غَدٍ فَجُزْنَا الثُّوَيَّةَ وَالْقَائِمَ وَإِذَا ذَكَوَاتٌ بِيضٌ فَجِئْنَاهَا فَإِذَا قَبْرٌ كَمَا وَصَفَ قَدْ جَرَفَهُ السَّيْلُ فَنَزَلْنَا وَسَلَّمْنَا وَصَلَّيْنَا عِنْدَهُ ثُمَّ انْصَرَفْنَا فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ غَدَوْنَا إِلَي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فَوَصَفْنَا لَهُ فَقَالَ أَصَبْتُمْ أَصَابَ اللَّهُ بِكُمُ الرَّشَاد.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص126، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية، الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998م

المجلسي، محمد باقر (المتوفی1111هـ)، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، ج97، ص237، تحقيق: محمد الباقر البهبودي، ناشر: مؤسسة الوفاء ـ بيروت، الطبعة الثانية المصححة، 1403هـ - 1983م.

المرحلة الثانیة ؛ بید هارون الرشيد

 کما اشرنا فیما سبق الحریة النسبية التی اتاحتها الحکومة العباسیة ل اهل البيت و العلويین فی اوائل حكومة ؛ فی فترات بعدها اضمحلت هذه الحریة و بانت الخبائث الذاتیة ل العباسيین یوم بعد یوم بالنسبة لآل رسول الله ص . وصل الأمر الی انهم کانوا یترقبون الائمة المعصومین و أحبسوهم ، کانوا یدفنون العلويین و الفاطميین احیاءا و یضیقون المعاش کل یوم علی الشيعة ؛ حتی ان الشاعر اعدد قصیدة هکذا:

يا ليت جور بني مروان قد دام لنا و ليت عدل بني العباس في النار

فی هذا الفرض ،لم تستطع الشيعة ان تزور قبور الائمة خوفا من الخلفاء من جملتهم  زيارة القبر المطهر لأميرالمؤمنین. هذه السياسة من حكّام العباسيین سبب ان ینسی هذا المضجع الشريف مرة اخری عن القلوب و یرجع الی وضعه الخاص فی ماسبق ، و یبقی تلا من تراب.

فی زمن هارون،وقعت قضیة الصید و سببت ان یوضح هذا القبر المطهر مرة اخری و احیی عظمته المفقودة فی قلوب العشاق. و لم یمنع بعدها هارون عن زيارة القبر المطهر ؛ بل قام بزيارة الإمام.

ذکرت هذه القصة فی کتب التأریخ و عن شخص الراوی بطریقین هکذا:

مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَقَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ قَالَ خَرَجْنَا يَوْماً مَعَ الرَّشِيدِ مِنَ الْكُوفَةِ نَتَصَيَّدُ فَصِرْنَا إِلَي نَاحِيَةِ الْغَرِيَّيْنِ وَالثُّوَيَّةِ فَرَأَيْنَا ظِبَاءً فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهَا الصُّقُورَ وَالْكِلَابَ فَجَاوَلَتْهَا سَاعَةً ثُمَّ لَجَأَتِ الظِّبَاءُ إِلَي أَكَمَةٍ فَسَقَطَتْ عَلَيْهَا فَسَقَطَتِ الصُّقُورُ نَاحِيَةً وَرَجَعَتِ الْكِلَابُ فَعَجِبَ الرَّشِيدُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ إِنَّ الظِّبَاءَ هَبَطَتْ مِنَ الْأَكَمَةِ فَهَبَطَتِ الصُّقُورُ وَالْكِلَابُ فَرَجَعَتِ الظِّبَاءُ إِلَي الْأَكَمَةِ فَتَرَاجَعَتْ عَنْهَا الْكِلَابُ وَالصُّقُورُ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ ثَلَاثاً فَقَالَ الرَّشِيدُ ارْكُضُوا فَمَنْ لَقِيتُمُوهُ فَأْتُونِي بِهِ فَأَتَيْنَاهُ بِشَيْخٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَقَالَ لَهُ هَارُونُ أَخْبِرْنِي مَا هَذِهِ الْأَكَمَةُ قَالَ إِنْ جَعَلْتَ لِيَ الْأَمَانَ أَخْبَرْتُكَ قَالَ لَكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ أَلَّا أُهَيِّجَكَ وَلَا أُوذِيَكَ فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ آبَائِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ فِي هَذِهِ الْأَكَمَةِ قَبْرَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام جَعَلَهُ اللَّهُ حَرَماً لَا يَأْوِي إِلَيْهِ شَيْ ءٌ إِلَّا أَمِنَ فَنَزَلَ هَارُونُ فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّي عِنْدَ الْأَكَمَةِ وَتَمَرَّغَ عَلَيْهَا وَجَعَلَ يَبْكِي ثُمَّ انْصَرَفْنَا.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَائِشَةَ فَكَأَنَّ قَلْبِي لَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ حَجَجْتُ إِلَي مَكَّةَ فَرَأَيْتُ بِهَا يَاسِراً رَحَّالَ الرَّشِيدِ وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَنَا إِذَا طُفْنَا فَجَرَي الْحَدِيثُ إِلَي أَنْ قَالَ قَالَ لِيَ الرَّشِيدُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْ مَكَّةَ فَنَزَلْنَا الْكُوفَةَ يَا يَاسِرُ قُلْ لِعِيسَي بْنِ جَعْفَرٍ فَلْيَرْكَبْ فَرَكِبَا جَمِيعاً وَرَكِبْتُ مَعَهُمَا حَتَّي إِذَا صِرْنَا إِلَي الْغَرِيَّيْنِ فَأَمَّا عِيسَي فَطَرَحَ نَفْسَهُ فَنَامَ وَأَمَّا الرَّشِيدُ فَجَاءَ إِلَي أَكَمَةٍ فَصَلَّي عِنْدَهَا فَكُلَّمَا صَلَّي رَكْعَتَيْنِ دَعَا وَبَكَي وَتَمَرَّغَ عَلَي الْأَكَمَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا عَمِّ أَنَا وَاللَّهِ أَعْرِفُ فَضْلَكَ وَسَابِقَتَكَ وَبِكَ وَاللَّهِ جَلَسْتُ مَجْلِسِي الَّذِي أَنَا فِيهِ وَأَنْتَ أَنْتَ وَلَكِنَّ وُلْدَكَ يُؤْذُونَنِي وَيَخْرُجُونَ عَلَيَّ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي ثُمَّ يُعِيدُ هَذَا الْكَلَامَ وَيَدْعُو وَيَبْكِي حَتَّي إِذَا كَانَ فِي وَقْتِ السَّحَرِ قَالَ لِي يَا يَاسِرُ أَقِمْ عِيسَي فَأَقَمْتُهُ فَقَالَ لَهُ يَا عِيسَي قُمْ فَصَلِّ عِنْدَ قَبْرِ ابْنِ عَمِّكَ قَالَ لَهُ وَأَيُّ عُمُومَتِي هَذَا قَالَ هَذَا قَبْرُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَتَوَضَّأَ عِيسَي وَقَامَ يُصَلِّي فَلَمْ يَزَالا كَذَلِكَ حَتَّي طَلَعَ الْفَجْرُ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرَكَكَ الصُّبْحُ فَرَكِبْنَا وَرَجَعْنَا إِلَي الْكُوفَةِ.

العاملي، الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم، (المتوفی664) الدر النظيم، ص428، ناشر: مؤسسة النشر الاسلامي.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص142، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية، الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998م

الحلي، جمال الحق والدين حسن بن المطهر قدس سره( المتوفی 726 هـ )، المستجاد من الإرشاد، ص30، ناشر: مكتب آية الله العظمي المرعشي النجفي، چاپخانه: الصدر ـ قم، سال چاپ1406، طبعة حجرية / اسم المجموعة: مجموعه نفيسه / بإهتمام: السيد محمود المرعشي

الأمين، السيد محسن، (المتوفی 1371)، اعيان الشيعة، ج1، ص536، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، ناشر: دار التعارف للمطبوعات، بيروت ـ لبنان

نقل عن بعض ان هارون سأل الرجل الذی اوضح موضع القبر المطهر: من أین یعلم ان هذا الموضع محل دفن علي بن ابي طالب؟ فقال فی الجواب:

قال: كنت أخرج إليه مع أبي فيزوره، وأخبرني أنّه كان يجيء مع جعفر الصادق فيزوه، وإنّ جعفراً كان يجيء مع أبيه محمّد الباقر فيزوره، وأن محمّداً كان يجيء مع علي بن الحسين فيزوره، وأنّ الحسين أعلمهم أنّ هذا قبره. فتقدّم الرشيد بأن يحجّر ويبني عليه، فكان أوّل من بني عليه هو، ثمّ تزايد البناء.

ابن سمعون البغدادي، أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل بن عنبس (المتوفی387هـ)، أمالي ابن سمعون،ج 2، ص85، طبق برنامه الجامع الكبير.

الدمشقي الباعوني، شمس الدين أبي البركات محمد بن أحمد الشافعي، (المتوفی 871 هـ) جواهر المطالب في مناقب الإمام علي بن ابي طالب، ج2، ص114، تحقيق: محمد باقر المحمودي، الناشر: مجمع إحياء الثقافة الاسلاميةـ قم، الطبعةالأولي 1416 هـ

الطريحي، فخر الدين (المتوفی 1085 هـ)، مجمع البحرين، ج3، ص433، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، ناشر: مكتب النشر الثقافة الإسلاميه، طبع الثانية 1408- 1367 ش

رأی کبار الشيعة فی وضوح القبر المطهر

نشیر هنا الی تصریح رجلین من کبار الشيعة في وضوح القبر المطهر:

1. الشيخ المفيد:

الشيخ المفيد من کبار علماء الشيعة یقول هنا هکذا :

فلم يزل قبره عليه السلام مخفي حتي دل عليه الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام في الدولة العباسية، وزاره عند وروده إلي أبي جعفر [أبو جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن العباس، ثاني خلفاء بني العباس،] - وهو بالحيرة - فعرفته الشيعة واستأنفوا إذ ذاك زيارته عليه السلام وعلي ذريته الطاهرين.

 الشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان ابن المعلم أبي عبد الله العكبري البغدادي (المتوفی413 هـ)، الإرشاد في معرفة حجج الله علي العباد، ج1، ص10، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لتحقيق التراث، ناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ - 1993 م.

2. السيد محسن الامين:

وقد دل الصادق عليه السلام جماعة من أصحابه علي قبر أمير المؤمنين عليه السلام بظهر الكوفة في المكان المعروف منهم أبو بصير وعبد الله بن طلحة ومعلي بن خنيس ويونس بن ظبيان وزارة وغيرهم وقبل ذلك جاء الإمام علي زين العابدين عليه السلام من الحجاز إلي العراق مع خادم له لزيارته فزاره ثم رجع ولكن لم يعرفه جميع الناس ثم عرفه وأظهره الرشيد العباسي بعد سنة 170 فعرفه عامة الناس.

الأمين، السيد محسن، (المتوفی 1371)، اعيان الشيعة، ج1، ص535، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، ناشر: دار التعارف للمطبوعات، بيروت - لبنان

النتيجة

حسب المصادر و روايات، بان القبر المطهر للإمام علي عليه السلام طيلة مرحلتین . المرحلة الأولی فی زمن الإمام الصادق عليه السلام و المرحلة الثانیة فی زمن هارون الرشيد العباسي.

لابد من الالتفات الی ان فترة ما بين زمن استشهاد الإمام الصادق عليه السلام الی خلافة هارون ما یقارب 22 سنة. من الطبيعي انه فی هذه الفترة الزمنية،اذا لم یمکن لأحد ان یزور؛ فینسی ذاک الموضع بشکل كلي و لو کان له جدار أو بناء لخرب ایضا.

الوضوح بمعنی ان الناس و عشاق الإمام طيلة هاتین المرحلتین قاموا بزیارة الإمام من دون خوف و قلق و بصورة علنية و الا کان المضجع الشريف معلوم لدی اهل البيت و الاشخاص الخاص من الشيعة لکنهم فی غير هذین الزمانین لم یستطیعوا من الزیارة فی العلن.

 الفصل الرابع: بناء العمارة، القبة و الضريح

لصنع و تکوین قبة و ضريح الحرم المطهر ل الإمام علي عليه السلام مراحل عدیدة   فی عصور مختلفة.

قلنا قبل هذا انه بعد الإمام الصادق عليه السلام کشف لمرة ثانیة هارون الرشيد عن قبر الإمام و اوضحه للناس اجمعین.

حسب الوثائق التأريخية، بعد ما اوضح القبر أمر هارون ان یصنعوا فوق المرقد المطهر قبة و هذه اول قبة علی هذا المزار الشریف.

کبار الشيعة و السنة صرحوا بهذا المطلب فلنذکر رأی بعض العلماء هنا :

 1. ابراهيم الثقفي

ثم إن هارون أمر فبني عليه قبة وأخذ الناس في زيارته والدفن لموتاهم حوله إلي أن كان زمن عضد الدولة فناخسرو بن بويه الديلمي فعمره عمارة عظيمة وأخرج علي ذلك أموالا جزيلة وعين له أوقافا. ولم تزل عمارته باقية إلي سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة وكان قد ستر الحيطان يخشب الساج المنقوش فاحترقت تلك العمارة وجددت عمارة المشهد علي ما هي عليه الآن وقد بقي من عمارة عضد الدولة قليل وقبور آل بويه هناك ظاهرة مشهورة لم تحترق.

الثقفي الكوفي، ابي إسحاق إبراهيم محمد (المتوفی283)، الغارات، ج2، ص885، تحقيق: السيد جلال الدين المحدث.

2. السيد ابن طاووس:

وفيما يذكر ابن طحال: ان الرشيد بني عليه بنيانا بآجر ابيض أصغر من هذا الضريح اليوم من كل جانب بذراع، ولما كشفنا الضريح الشريف وجدنا مبنيا عليه تربة وجصا، وأمر الرشيد أن يبني عليه قبة فبنيت من طين أحمر وطرح علي رأسها جرة خضراء وهي في الخزانة اليوم.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص145، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998م

3. جمال الدين احمد الحسيني

هو بعد نقل قضیة الزيارة و صلاة عيسي بن جعفر، یذکر نفس عبارة ابراهيم الثقفي الكوفي :

... ثم إن هارون أمر فبني عليه قبة وأخذ الناس في زيارته والدفن لموتاهم حوله،.... لم تحترق.

الحسيني، جمال الدين أحمد بن علي المعروف بابن عنبة (المتوفی 828 هـ)، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب،ص 63، تحقيق و تصحيح: محمد حسن آل الطالقاني، ناشر: منشورات المطبعة الحيدريةـ النجف الأشرف، طبعة الثانية 1380- 1961

4. الحسن الديلمي یقول :

وأمر أن يبني فيه [قبّة] بأربعة أبواب، فبني وبقي إلي أيّام السلطان عضد الدولة رحمه الله، فجاء وأقام في ذلك الطرف قريباً من سنة هو وعساكره، فبعث فاُتي بالصنّاع والأساتذة من الأطراف، وخرّب تلك العمارة وصرف أموالا كثيراً جزيلة، وعمّر عمارة جليلة حسنة، وهي العمارة التي كانت قبل عمارة اليوم.

الدّيلمي، الحسن بن أبي الحسن محمد (من أعلام القرن الثّامن)، إرشاد القلوب المنجي من عمل به من أليم العقاب، ج51، ص13، تحقيق: السيد هاشم الميلاني، سلسلة الكتب المؤلفة في أهل البيت عليهم السلام (142)، إعداد: مركز الأبحاث العقائدية

5. العلامة المجلسي

هو ایضا بعد نقل الرواية فی الصيد و كشف القبر، یذکر العبارة المذکورة فی ما سبق.

المجلسي، محمد باقر (المتوفی 1111هـ)، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار،ج 97 ص252، تحقيق: محمد الباقر البهبودي، ناشر: مؤسسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية المصححة، 1403هـ - 1983م

6. السيد محسن الامين

تعمير القبر الشريف: العمارة الأولي، أول من عمره هارون الرشيد بعد سنة 170 وما في بعض الكتب من أن ذلك كان سنة 155 اشتباه لأن الرشيد استخلف سنة 170 ومات سنة 193 وإظهاره القبر وتعميره إنما كان في خلافته.

الأمين، السيد محسن، (المتوفی 1371)، اعيان الشيعة، ج1، ص536، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، ناشر: دار التعارف للمطبوعات، بيروت ـ لبنان

النتيجة:

مع الالتفات الی الروايات و تبیین رأی العلماء، تبین ان اول قبة بنیت بید هارون الرشيد من خلفاء العباسية بعد سنة 170 علی القبر الشریف للإمام علی ع .

 البنایة الثانیة للقبر بید محمد بن زيد الحسني

البنایة التی بنیت علی القبر المطهر لاميرالمؤمنین عليه السلام کانت بید محمد بن زيد الحسني الملقب بداعي الصغير الذی له منصب قیادة طبرستان. هذه القضیة نقلت فی مصادر عدیدة.

1. السيد محسن الامين:

صاحب كتاب اعيان الشيعة فی ضمن ان یعرف هذه الشخصية من جهة النسب و المکانة بین الناس ؛ یشیر الی البنایة ل القبر المطهر الذی کانت بیده :

العمارة الثانية، عمارة محمد بن الحسني الملقب بالداعي الصغير صاحب بلاد الديلم وطبرستان فإنه أمر بعمارته وعمارة الحائر بكربلاء والبناء عليهما بعد سنة 279 وبني علي المشهد العلوي حصنا فيه سبعون طاقا، وهو محمد بن بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب الملقب بالداعي الصغير ملك الطبرستان بعد أخيه الحسن بن زيد.

الأمين، السيد محسن، (المتوفی 1371)، اعيان الشيعة، ج،1 ص537، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، ناشر: دار التعارف للمطبوعات، بيروت - لبنان

3. السيد تحسين آل شبيب الموسوي:

محقق كتاب «فرحة الغري» فی مقدمة هذا الكتاب یقول:

العمارة الثانية؛ عمارة محمد بن الحسني الملقب (بالداعي الصغير) صاحب بلاد الديلم وطبرستان. فإنه أمر بعمارته وعمارة الحائر الحسيني والبنأ عليهما بعد سنة 279 ه وبني علي المشهد العلوي حصنا فيه سبعون طاقا، وقد أخبر الإمام الصادق عليه السلام بهذا البنأ قبل وقوعه حيث قال: لا تذهب الليالي والأيام حتي يبعث الله رجلا ممتحنا في نفسه في القتل يبني عليه حصنا فيه سبعون طاقا.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص17، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998م

الرواية التي استند الیها آل شبيب ، نقلت فی کثیر من المصادر الروائیة و راوي الحديث، حبيب بن الحسين یقول فی الخاتمة هکذا:

سمعت هذا الحديث قبل أن يبني علي الموضع شئ، ثم إن محمد بن وجه فبني عليه، فلم تمض الأيام حتي امتحن محمد في نفسه بالقتل.

الطبري الشيعي، الشيخ أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الصغير،(المتوفی قرن 4هـ) دلائل الإمامة، ص459، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة - قم، ناشر: مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة، الطبعة الأولي 1413 ه . ق

البحراني، السيد هاشم بن سليمان البحراني (المتوفی1107هـ) مدينة معاجز الأئمة الاثني عشر ودلائل الحجج علي البشر، ج6، ص158، تحقيق: الشيخ عزة الله المولائي الهمداني، ناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية ـ قم، الطبعة الأولي 1413 ه

بعض المنقولات تحكي ان هذا البنا کان بید اخ محمد بن زيد،و هو الحسن بن زيد المعروف بداعي الكبير الذی فی سنة 250 وصل الی قیادة طبرستان و توفی فی سنة 270 من الهجرة القمریة.

حسب بعض المنقولات، اول عمارة کانت بید محمد بن زيد و لیس هارون!

ثبت الی هنا ان صناعة اول بنایة کانت بید هارون و ثانیها بید محمد بن زيد ؛ لا سیما ان عبارة السيد ابن طاووس:

وطرح علي رأسها جرة خضراء وهي في الخزانة اليوم.

تقوی هذا القول ؛ لکن حسب بعض المنقولات ، اول عمارة، کانت بید محمد بن زيد الداعي و لیس بید هارون.

الروايات متعارضة:

1. رواية ابن الجوزي فی المنتظم:

أنبأنا شيخنا أبو بكر بن عبد الباقي، قال: سمعت أبا الغنائم ابن النرسي يقول: ما بالكوفة أحد من أهل السنة والحديث إلا أبيا، وكان يقول: توفي بالكوفة ثلثمائة وثلاثة عشر. رجلاً من الصحابة لا يتبين قبرأحد منهم إلأَ قبر علي عليه السلام، وقال: جاء جعفر بن محمد، ومحمد بن علي بن الحسين فزارا الموضع من قبر أمير المؤمنين علي ولم يكن إذ ذاك القبر، وما كان إلأَ الأرض حتي جاء محمد بن الداعي وأظهر القبر.

 الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج (المتوفی: 597) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ج17 ص151، دار النشر: دار صادر- بيروت -الطبعة: الأولي، 1358

2. رواية الطبري:

وحدثني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي، قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسي التلعكبري، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا حبيب بن الحسين، قال: حدثنا أبو هاشم عبيد بن خارجة، عن علي بن عثمان، عن فرات بن الأحنف، قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام ونحن نريد زيارة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فلما صرنا إلي الثوية نزل فصلي ركعتين، فقلت: يا سيدي، ما هذه الصلاة؟ قال: هذا موضع منبر القائم.... ثم مضي ومضيت معه حتي انتهي إلي موضع، فنزل وصلي ركعتين، وقال: ها هنا قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه، أما إنه لا تذهب الأيام حتي يبعث الله رجلا ممتحنا في نفسه بالقتل، يبني عليه حصنا فيه سبعون طاقا. قال حبيب بن الحسين: سمعت هذا الحديث قبل أن يبني علي الموضع شئ، ثم إن محمد بن وجه فبني عليه، فلم تمض الأيام حتي امتحن محمد في نفسه بالقتل.

الطبري الشيعي، الشيخ أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الصغير،(المتوفی فی القرن 4هـ) دلائل الإمامة، ص459، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة - قم، ناشر: مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة، الطبعة الأولي 1413 ه . ق

البحراني، السيد هاشم بن سليمان البحراني (المتوفی1107هـ) مدينة معاجز الأئمة الاثني عشر ودلائل الحجج علي البشر، ج6، ص158، تحقيق: الشيخ عزة الله المولائي الهمداني، ناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية ـ قم، الطبعة الأولي 1413 ه

 الإجابة عن السيد محسن الامين:

ويمكن أن يكون بناء الرشيد قد انهدم ودرس لا سيما أنه كان من طين أحمر وأما بناؤه القبر بالآجر الأبيض فالظاهر أنه كان تحت الأرض ولم يكن ظاهرا منه إلا قدر أربع أصابع أو نحو ذلك فطمر بالرمال علي طول المدة.

الأمين، السيد محسن، (المتوفی 1371)، اعيان الشيعة، ج1، ص537، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، ناشر: دار التعارف للمطبوعات- بيروت - لبنان

بناء علی هذا یمكن ان بنایة هارون قد اضمحلت و محمد بن زيد قام ببنایة اخری.و هذا القولین لا ینافی واحدا منهما الآخر.

العمارة الثالثة بید عضد الدولة (369هـ)

البنایة الثالثة علی القبر المطهر لعلي عليه السلام کان بید عضدالدولة فنا خسرو ابن الحسن من آل بويه. عمارته من احسن العمارات التی بنیت علی القبر المطهر الی ذاک الزمن ؛ لأنه استخدم احسن المعمارین آنذاک لصنع هذه البنایة و البس جدار البنایة ب اللوح الساج و لأجل اصلاح امور الحرم المطهر قام بتأسیس الاوقاف.

ذکروا هذه القضیة اشخاص تذکر اسمائهم فی الذيل :

1. السيد محسن الامين

صاحب اعيان الشيعة یقول :

العمارة الثالثة عمارة السلطان عضد الدولة فناخسرو بن بويه الديلمي في أيام الطائع فإنه عمر المشهدين العلوي والحسيني وبلغ الغاية في تعظيمهما والأوقاف عليهما وعمر مشهد أمير المؤمنين عليه السلام عمارة عظيمة وأنفق عليه أموالا جليلة وستر حيطانه بخشب الساج المنقوش ووقف له الأوقاف وبني عليه قبة بيضاء،

وفيها يقول ابن الحجاج الشاعر المشهور:

يا صاحب القبة البيضاء علي النجف من زار قبرك واستشفي لديك شفي

وملك عضد الدولة العراق سنة 367 وتوفي 372 والظاهر أن العمارة كانت سنة 369 فما يوجد في بعض المؤلفات أن عمارته كانت سنة 338 وما في بعضها أنها كانت سنة 376 اشتباه لأن التاريخ الأول متقدم علي ولايته العراق والثاني متأخر عن وفاته.

الأمين، السيد محسن، (المتوفی 1371)، اعيان الشيعة، ج1، ص537، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، ناشر: دار التعارف للمطبوعات- بيروت - لبنان

4. الحسن الديلمي

صاحب ارشاد القلوب یقول:

وأمر أن يبني فيه [قبّة] بأربعة أبواب، فبني وبقي إلي أيّام السلطان عضد الدولة رحمه الله، فجاء وأقام في ذلك الطرف قريباً من سنة هو وعساكره، فبعث فاُتي بالصنّاع والأساتذة من الأطراف، وخرّب تلك العمارة وصرف أموالا كثيراً جزيلة، وعمّر عمارة جليلة حسنة، وهي العمارة التي كانت قبل عمارة اليوم.

الدّيلمي، الحسن بن أبي الحسن محمد (من أعلام القرن الثّامن)، إرشاد القلوب المنجي من عمل به من أليم العقاب، ج51 /ص 13، تحقيق: السيد هاشم الميلاني، سلسلة الكتب المؤلفة في أهل البيت عليهم السلام (142)، إعداد: مركز الأبحاث العقائدية

فی مصادر اهل السنة ایضا ذکر ان عضدالدولة قام ببناء القبر المطهر:

3. ابن سمعون البغدادي:

وعضد الدولة هو الذي أظهر قبر علي بن أبي طالب رضي الله تعالي عنه وعمر المشهد هناك وأوصي أن يدفن فيه،

ابن سمعون البغدادي، أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل بن عنبس (المتوفی387هـ)، أمالي ابن سمعون،ج 2، ص85 طبق برنامج الجامع الكبير

4. شمس الدين الذهبي:

ودفن بمشهد علي رضي الله عنه بالكوفة. وهو الذي أظهر قبر علي بالكوفة وادعي أنه قبره. وكان شيعياً، فبني علي المشهد.

الذهبي الشافعي، شمس الدين ابوعبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (المتوفی 748 هـ)، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ج26، ص523، تحقيق د. عمر عبد السلام تدمري، ناشر: دار الكتاب العربي- لبنان/ بيروت، الطبعة: الأولي، 1407هـ - 1987م

5. صلاح الدين الصفدي:

وهو الذي أظهر قبر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بالكوفة وبني عليه المشهد وعزم عليه أموالا عظيمة.

الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك (المتوفی764هـ)، الوافي بالوفيات، ج24،، ص67، تحقيق أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفي، ناشر: دار إحياء التراث - بيروت - 1420هـ- 2000م

6. العكري الحنبلي:

وهو الذي أظهر قبر الإمام علي كرم الله وجهه بالكوفة وبني عليه المشهد الذي هناك وعمر النواحي وحفر الأنهار وأصلح طريق مكة وهو الذي بني علي مدينة النبي صلي الله عليه وسلم سورا وبني المارستان العضدي ببغداد وأنفق عليه أموالا لا تحصي وكان أديبا مشاركا في فنون من العلم حازما لبيبا.

العكري الحنبلي، عبد الحي بن أحمد بن محمد (المتوفی 1089هـ)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب،ج 3، ص78، تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط، محمود الأرناؤوط، ناشر: دار بن كثير- دمشق، الطبعة الأولي، 1406هـ.

النتيجة:

حسب تصريح کبار الشيعة و اهل السنة البنایة الثالثة لمقبرة اميرالمؤمنین عليه السلام کانت علی یدی عضد الدولة الذی هو حاكم شيعي فی سنة 369هـ.

العمارة الرابعة بید جماعة لا یعلم اسماءهم  (760 هـ)

العمارة الرابعة التی بعد احتراق عمارة عضدالدولة، حصلت علی المقبرة المطهرة فی سنة 760 هـ؛لکن حصول هذه العمارة کان بید جماعة لهذا لا یمکن نسبتها الی شخص او اشخاص.

السيد ابن طاووس و صاحب اعيان الشيعة یقول هنا هکذا :

العمارة الرابعة التي حصلت بعد عمارة عضد الدولة التي احترقت كما مر فجددت سنة 760 ولا يعلم مجددها وربما تكون من جماعة لا من شخص واحد ولذلك لم يذكر مجددها والعادة قاضية بأنها لو كانت من شخص واحد لذكر اسمه خصوصا إذا كان معروفا وخصوصا ممن شاهدها كابن العتايقي كما مر. وفي أثناء هذه المدة حدثت فيه اصلاحات وعمارات من البويهيين والحمدانيين وبعض العباسيين وبني جنكيز والإيلخانيين وغيرهم.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي،ص 19، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998م

الأمين، السيد محسن، (المتوفی 1371)، اعيان الشيعة، ج1، ص538، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، ناشر: دار التعارف للمطبوعات - بيروت - لبنان

العمارة الخامسة ، بید شاه صفي الصفوي

العمارة الخامسة التی حصلت علی مقبرة امير المؤمنین عليه السلام بید شاه صفي الصفوي.

البتة ذکر هنا قولین:

القول الأول ان هذه العمارة الخامسة حصلت علی یدی شاه صفي حفید شاه عباس الأول.

السيد بن الطاووس یقول هنا هکذا:

العمارة الخامسة: بعد أن تعاقبت الدهور ومرت عشرات من السنين علي العمارة المتقدمة، تضعضعت القبة، وكانت ساحة الصحن ضيقة، فأمر الشاه صفي حفيد الشاه عباس الأول بهدم بعض جوانب القبر الشريف وتوسيعه، وتوسيع ساحة الحرم العلوي المطهر، في سنة 1047 ه ، واشتغلوا بها إلي أن توفي الشاه صفي سنة 1052 ه ، فأتمها ابنه الشاه عباس الثاني.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص21، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998م

القول الثانی هو ان حصول هذه العمارة کان بید شاه عباس الصفوي (الأول).

وقيل إن العمارة للشاه عباس الصفوي وان المباشر والمهندس لها الشيخ البهائي، فجعل القبة خضراء بعد ما كانت بيضاء.

الحسني، السيد عبد الكريم بن طاووس، ( المتوفی693 هـ )، فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي، ص20، تحقيق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي، الناشر: مركز الغدير للدراسات الاسلامية الطبعة الأولي 1419 ه ـ 1998م

صاحب اعيان الشيعة یقول بصراحة هکذا :

العمارة الخامسة الموجودة اليوم والمشهور بين أهل النجف انها للشاه عباس الصفوي الأول وان المباشر والمهندس لها الشيخ البهائي فجعل القبة خضراء بعد ما كانت بيضاء.

الأمين، السيد محسن، (المتوفی 1371)، اعيان الشيعة،ج 1، ص538، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، ناشر: دار التعارف للمطبوعات - بيروت - لبنان

ما هو القول الصحيح فی ان هذه العمارة ل شاه عباس الأول أو ل شاه عباس الثانی؟

صاحب اعيان الشيعة یقول فی جمع هذین القولین:

هذه العمارة حصلت فی طیلة اکثر من 20 سنة یمکن ان یکون اصل العمارة من شاه عباس الأول و شاه صفي قام بتکمیل نواقصها و زادها علی الصحن المطهر:

ويحصل الجمع بذلك علي إن امتداد العمارة أكثر من عشرين سنة والآمر بها ملك عظيم بعيد عن الاعتبار علي أن المحكي عن المنتظم الناصري في حوادث سنة 1042 «إن الشاه صفي حينما زار المشهد الشريف رأي بعض النقصان في بناء المرقد فامر وزيره ميرزا تقي المازندراني باصلاح تلك الأماكن المشرفة فجاء بالمعمارين والمهندسين إلي النجف ومكث فيها ثلاث سنين مشغولا بهذا العمل» ولعله الصواب هذا مع ما يظهر من بعض القيود ان الشاه صفي وسع الصحن الشريف وزاد عليه والله أعلم.

ملخص عمران الحرم المطهر بعد العمارة الخامسة:

بمرور الزمان و رغبة العشاق للإمام لایزال هذا الحرم المطهر فی حال التغيير و التحول و کل فترة حصل التعمير لأجل تكميل بنایة الحرم الشريف.

صاحب اعيان الشيعة یذکر ملخصه هکذا:

ثم جدد عمارة الصفوية السلطان نادر الأفشاري وزاد عليها وزخرف القبة الشريفة ومنارتي المشهد وايوانه بالذهب الأبريز بعد فتحه الهند كما هي عليه اليوم ويقال ان علي كل لبنه تومانا نادريا من الذهب واهدي إلي المشهد الشريف من الجواهر والتحف شيئا كثيرا وذلك في سنة 1156 أو 54 وكتب اسمه داخل طاق الباب الشرقي هكذا المتوكل علي الملك القادر السلطان نادر وتحته تاريخ لم يبق بذاكرتي وأظنه التاريخ السابق وعمر فيه الشاه احمد ناصر الدين القاجاري بعد ذلك وتنافست الملوك والأمراء في عمارته والإهداء إليه واهدي إليه السلطان عبد العزيز العثماني شمعدانين عظيمين من الفضة المؤزرة بالذهب علي أبدع شكل وكذلك إلي مشهد الحسين ع ومثلهما إلي مشهدي الكاظمية وسامراء ومشهد الشيخ عبد القادر الجيلاني في بغداد.

 الأمين، السيد محسن، (المتوفی 1371)، اعيان الشيعة،ج 1، ص538، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، ناشر: دار التعارف للمطبوعات، بيروت - لبنان

النتيجة

فی الفصل الأول درسنا هذه اللغات «النجف، الغري و المشهد» التی فی تعبير الروايات و كتب اللغة، هذه الکلمات تطلق علی الموضع الذی دفن فیه امير المؤمنین عليه السلام. حسب الروايات، لمضجعه الشريف مکانة خاصة ؛ لأنه فی هذا المكان جثمان الأنبياء الکبار مثل آدم و نوح. الغري قطعة من الجبل الذی موسي عليه السّلام کلم ربه هناک و محل تقدس عيسي و محل وصول ابراهيم الی منصب الخليلية و رسول الله صلّي اللَّه عليه و آله و سلّم عرف هناک بحبيب الله و هذا الجبل الذی جعله الله تعالي مسكن الانبياء.

ذکرنا فی الفصل الثانی ، دراسة الآراء فی محل دفن جسد امير المؤمنین عليه السلام.

قیل عقيدة الشيعة هی بأنه حسب الروايات الصحيحة التی بینها رسول الله و امير المؤمنین و الائمة الذین من بعده لاسیما الإمام الصادق عليهم السلام ؛ ان جسد الإمام مدفون فی نفس المكان الفعلي الذی یسمونه ب«النجف».

لکن عند اهل السنة، منهم من اختلفوا فی محل دفن الإمام و رأی اکثر علمائهم یوافق رأی الشيعة الذی ذکرنا بعض آرائهم فی هذا الفصل.

النكتة المهمة في هذا الفصل هی هذه الشبهة ان بعض علماء اهل السنة نقلوا هکذا  : النجف الفعلي محل دفن جسد مغيرة بن شعبة و لیس مدفن جسد امير المؤمنین.

هذه الشبهة لا اساس لها و باطلة من کم جهة :

اولاً: لا اقل من ثمانیة اشخاص من علماء اهل السنة قالوا بأن: جسد امير المؤمنین مدفون فی «الغري» الذی هو النجف الفعلي.

ثانياً: عدید من علمائهم صرحوا بأن: قبر مغيرة بن شعبة واقع فی موضع یسمی ب«الثويه» فی مقبرة الثقيف.

ثالثاً: نفس الذین نقلوا هذا الكلام، لدیهم الشک فی صحته.

فی الفصل الثالث، درسنا زمن وضوح قبر امير المؤمنین الذی احتوی من المطالب اکثرها.

مع الالتفات الی الروايات، المضجع الشريف للإمام اوضح فی مرحلتین.

المرحلة الأولی بید الإمام الصادق عليه السلام الذی هو فی زمن خلافة ابي العباس السفاح اول خليفة العباسي کان یزور المرقد المطهر و فی زمن خلافة منصور ایضا قبل الذهاب عنده ، فی مسيره فی البدایة یزور قبر جده و ایضا أراه لأصحابه و زملائه و علمهم كيفية الزيارة و ما یزار به من الزیارة. من جملتها اراه الی صفوان الجمال و اعطاه من المبلغ لإصلاحه و تعمیره. فی نفس هذا الزمان صارت زيارة قبر المطهر فی العلن و اصحاب و عشاق الإمام یذهبون للزیارة و عقيدة الشيعة ایضا هکذا.

المرحلة الثانیة کان وضوح هذا القبر المطهر بید هارون الرشيد ؛ لأن العباسيین فی بداية حكومة العلويین و آل رسول الله ص لم یضغطوا علیهم لکن بعد استحكام اساطین القدرة، آنا فَآناً ضیقوا علیهم الساحة و اخذوا ب التشدد علیهم اخس من بني امية و علی اثر هذا الموقف ما استطاعت الشيعة بزيارة قبر الإمام لاسیما من بدایة استشهاد الإمام الصادق عليه السلام حتی خلافة هارون فی طیلة ما یقارب 22 سنة و من الطبيعی من بعد هذه الفترة عند ما لم یذهب شخص الی زيارة القبر فیندرس القبر و مع الالتفات الی ان القبر المطهر کان فی معرض السيول فلا یبقی منه شئ.

لکن فی زمن هارون فی قضیة الصید الذی حدث ،القبر المطهر فی اثر المعجزة و الكرامة خرج مرة اخری من الغربة و صار لمرة اخری محل زیارة عشاق الولاية.

فی هذا الفصل ایضا النكتة المهمة، علل اختفاء القبر المطهر الذی نشیر الی ثلاثة علل مهمة بوصيَة الإمام أو حسب تقدیر اولاده ، اختفی قبر الإمام.

الفصل الرابع فی مورد بناء العمارة، القبة و ضريح الحرم المطهر.

حسب نقل الروايات و التاريخ اول عمارة کانت فی صورة القبة فی زمن هارون. هو فی سنة 170 أمر ان یصنعوا القبة مع اربعة ابواب علیها و صارت هذه البنایة و بقت الی زمن السلطان عضد الدولة من آل بويه. حسب نقل السيد ابن طاووس، بنی الرشيد جدار من آجر ابیض، اصغر من الضريح الیوم ، طولها من کل جانب ذراعا واحدا ، مبنیة علی قبر الامام.

العمارة الثانیة (حصن بسبعین سقف) بید محمد الزيد المشهور بداعي الصغير، بعد سنة 279 هـ علی قبر الإمام.

حسب تصريح کبار الشيعة و اهل السنة ثالث بنایة کانت بید عضد الدولة الذی هو حاكم شيعي فی سنة 369هـ علی قبر امير المؤمنین عليه السلام.

العمارة الرابعة بعد حرق عمارة عضدالدولة، علی قبر المطهر للإمام فی سنة 760 بید جماعة.

و العمارة الخامسة علی قبر المطهر لاميرالمؤمنین عليه السلام، کانت بید شاه صفي الصفوي. بعده ایضا الحرم المطهر صار فیه التعمير و البنایة.

ذكر هذه النكتة لم یخلوا من فائدة انه من الممكن فی طوال هذه العمارة صنعة الصندوق أو وسائل أخری للمقبرة المطهرة و لم نذکرها لأجل الإختصار و ذکرنا العمارات العمدة و درسناها.

نختم هذه المقالة بقصیدة من محبی الولایة:

السودة الهمدانية، المرأة المضحیة لعلي ع، فی مقابل معاوية، صلت علی علي عليه السلام، و قالت فی رثائه:

صل الاله علي روح تضمنها قبر فأصبح فيه العدل مدفونا

قد حالف الحق لا يبغي به بدلا فصار بالحق والايمان مقرونا

 و من الله التوفیق



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری: