2024 April 24 - 15 شوال 1445
أقوال العُلماءِ في تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات
رقم المطلب: ١٥٩ تاریخ النشر: ٢٥ جمادی الثانی ١٤٣٧ - ١٥:١٧ عدد المشاهدة: 10784
فتنة الوهابیة » عام
جدید
أقوال العُلماءِ في تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الأمين وبعد،

قال بن حجر الهيتمي في كتابه المنهاج القويم ص ٢٢٤: واعلم أنّ القرافيّ وغيره حكوا عن الشّافعيّ ومالكٍ وأحمد وأبي حنيفة رضي الله عنهم القول بكفر القائلين بالجهة والتّجسيم وهم حقيقون بذلك.

– قال الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458 هـ) ما نصه: ” واستدل بعض أصحابنا في نفي الـمكان عنه بقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم : ((أنت الظاهر فليس فوقك شىء، وأنت الباطن فليس دونك شىء))، وإذا لـم يكن فوقه شىء ولا دونه شىء لـم يكن في مكان ”.

(1)- قال العلاَّمةُ مُـحمَّدُ ميّارة الـمالكيُّ (1072 هـ) في كتاب الدُّرِّ الثمين والـمورد الـمَعين شرح الـمرشد الـمُعين على الضروريِّ من علومِ الدِّين للشيخِ عبدِ الواحدِ بن عاشر الأنصاريِّ الأشعريِّ الـمالكيِّ رحمهما الله تَعالى ما نصّه: ” أَجمعَ أَهْلُ الحَقِّ قَاطِبَةً على أنَّ الله تَعالى لاجِهَةَ له، فلا فوقَ له ولا تحتَ ولايمينَ ولا شمالَ ولا أمامَ ولا خَلْفَ “.

قال محمد بن أحمد ميارة المالكي في كتابه الدر الثمين والمورد المعين (شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين):

أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى مَنْ كُلِّفَا مُمْكِّناً مِنْ نَظَرٍ أنْ يَعْرِفَا الله وَالرُّسُلَ بِالصِّفَاتِ مِمَّا عَلَيْهَا نَصَبَ الآيَاِت

قوله أن يعرف: المعرفة الواجبة هي الجزم المطابق عن دليل فخرج بالجزم من كان إيمانه على ظنٍّ أو شكٍّ أو وهْم فإيمنه باطلٌ بإجماع. وخرج بوصفه بالمُطابق الجزمُ غيرُ المُطابق ويُسمى الاعتقادَ الفاسِد والجَهلَ المركّبَ كاعتقاد الكافرين التّجسيم والتّثليث أو نحو ذلك والإجماع على كفر صاحبه أيضا وأنه آثم غير معذور مخلد في النار اجتهد أو قلّد ولا يعتدبه بخلاف من خالف في ذلك من المبتدعة.

(2)- وقال الإمام الـمجتهد مـحمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه إمام الـمذهب الشافعي (204 هـ) ما نصه: ” إنه تعالى كان ولا مكان فخلق الـمكان وهو على صفة الأزلية كما كان قبل خلقه الـمكان لا يجوز عليه التغيِير في ذاته ولا في صفاته ”.

(3) – وقال الإمام الحافظ الفقيه أبو جعفر أحمد بن سلامة الطحاوي الحنفي (321هـ) رضي الله عنه في رسالته (العقيدة الطحاوية) ما نصه: ” وتعالى _أي الله_ عن الحدودِ والغاياتِ والأركانِ والأعضاءِ والأدواتِ، لا تحويه الجهات السِّتُّ كسائر الـمبتدعات ”.

(4) – وقال إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري (324هـ) رضي الله عنه ما نصه: ” كان الله ولا مكان فخلق العرش والكرسي ولـم يحتج إلى مكان، وهو بعد خلق الـمكان كما كان قبل خلقه ” أي بلا مكان ومن غير احتياج إلى العرش والكرسي. نقل ذلك عنه الحافظ ابن عساكر نقلاً عن القاضي أبي الـمعالي الجويني ”.

(5)- وقال الشيخ سليم البِشْري الـمصري (1335 هـ) شيخ الجامع الأزهر ما نصه: ” اعلـم أيدك الله بتوفيقه وسلك بنا وبك سواء طريقه، أن مذهب الفرقة الناجية وما عليه أجمع السُّنيُّون أن الله تعالى مُنَـزَّهٌ عن مشابـهة الحوادث مخالف لها في جميع سمات الحدوث، ومن ذلك تَنَـزُّهُهُ عن الجهة والـمكان كما دلت على ذلك البراهين القطعية ”.

(6) – وقال الـمحدِّث الشيخ مـحمد عربي التبان الـمالكي الـمدرس بمدرسة الفلاح وبالـمسجد الـمكي (1390هـ) ما نصه: ” اتفق العقلاء من أهل السنة الشافعية والحنفية والـمالكية وفضلاء الحنابلة وغيرهم على أن الله تبارك وتعالىَ مُنَـزَّهٌ عن الجهة والجسمية والحد والـمكان ومشابَهة مخلوقاته ”.

(7) – وقال الشيخ مـحمد الطاهر بن عاشور الـمالكي (1393هـ) ما نصه: “ قوله تعالى: { مَن فِي السَّمَاءِ } [سورة الـملك / 17] في الـموضعين من قبيل الـمتشابه الذي يعطي ظاهره معنى الحلول في مكان، وذلك لا يليق بالله ”.

(8) – قال الصحابي الجليل والخليفة الراشد سيّدنا عليٌّ رضي الله عنه (40 هـ) مانصه: ” كان الله ولا مكان، وهو الآن على ما عليه كان ”. أي بلا مكان.

(9)- وقال أيضا: ” إنّ الله تعالى خلق العرش إظهاراً لقدرته لا مكاناً لذاته”.

(10)- وقال أيضا: ” من زعم أن إِلَهَنَا مـحدود فقد جهل الخالق الـمعبود ”. الـمحدود: هو ما كان له حجم صغيراً أو كبيراً.

(11)- وقال التابعي الجليل الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم (94 هـ) مانصه: “ أنت الله الَّذي لا يَحويك مكان “.

(12)- وقال أيضا: ” أنت اللهُ الذي لاَ تُحَدُّ فَتـكُونَ مـحدوداً ”.

(13)– وقال الإمام جعفر الصادق بن مـحمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين رضوان الله عليهم (148هـ) ما نصه: ” من زعم أن الله في شىء، أومن شىء أو على شىء فقد أشرك. إذ لو كان على شىء لكان محمولا، ولو كان في شىء لكان محصوراً، ولو كان من شىء لكان محدثًا (أي مخلوقاً) “.

(14)- قال الإمام الـمجتهد أبو حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه (150 هـ) أحد مشاهير علـماء السلف إمام الـمذهب الحنفي ما نصه: “والله تعالى يُرى في الآخرة، ويراه الـمؤمنون وهم في الجنة بأعين رُؤُوسهم بلا تشبيه ولا كميّة، ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة “.

(15)- وقال أيضا في كتابه الوصية: ” ولقاء الله تعالى لأهل الجنة بلا كيف ولا تشبيه ولا جهةٍ حقٌّ “.

(16)- وقال أيضا: ” قلتُ: أرأيتَ لو قيل أين الله تعالى ؟ فقال – أي أبو حنيفة –: يقال له كان الله تعالى ولا مكان قبل أن يخلق الخلق، وكان الله تعالى ولـم يكن أين ولا خَلْق ولا شىء، وهو خالق كل شىء ”.

(17)- وقال رضي الله عنه أيضاً (150 هـ) في كتابه ” الفقه الأبسط ” ما نصه: ” من قال لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض فقد كفر ”. ومراد الإمام أنَّ من نسب إلى الله التحيّز والـمكان ثمَّ قال لا أعرف هل مكانه السماء أم الأرض فهو كافرٌ. وقال الشيخ الإمام العزّ بن عبد السلام الشافعي في كتابه ” حلّ الرموز ” في بيان مراد أبي حنيفة ما نصه: ” لأن هذا القول يُوهِم أن للحق مكاناً، ومن توهم أن للحق مكاناً فهو مشبّه ”. وأيّد مُلاَّ علي القاري كلام ابن عبد السلام بقوله: ” ولا شك أنَّ ابن عبد السلام من أجلّ العلـماء وأوثقهم، فيجب الاعتماد على نقله “.

ويقول الإمام الجليل أبو حامد الغزالي في تنـزيه الله عز وجل عن المكان والأمكنة: ” إنَّه ـ يعني الله ـ منـزّه عن المكان وجميع الأمكنة ” ولقد ألف الإمام ” ابن البرمكي ” رضي الله عنه في العقيدة التي ألفها لصلاح الدين الأيوبي وبيّن فيها تنـزيه الله عز وجل عن مشابَهة المخلوقات وعن المكان والجهة فقرر صَلاَحُ الدِّين لعظيم أمرها وفائدتِها ولما حوت من معان عظيمة في توحيد الله جلَّ وعلا تدريسها للصغار والكبار لما تضمَّنت من عقائد أهل السـنَّةِ والجماعة وما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ومن تبعهم بإحسان، حتى سميت العقيدة الصلاحية. يقول في هذه العقيدة:

وَصَانِعُ العَالَمِ لاَ يَحْوِيــــهِ   قُطْرٌ تَعَـالَى الله عَنْ تَشْبِيـهِ

قَدْ كَان مَوْجُوداً وَلاَ مَـكَانَا   وَحُكْمُهُ الآنَ عَلَى مَا كَانـَا

سُبـْحَانَهُ جَلَّ عَنِ المَكَــانِ   وَعَزَّ عَنْ تَغَـيُّرِ الزَّمَــانِ

قال الإمام أبو الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز البغدادي التّميمي رئيس الحنابلة ببغداد في كتابه اعتقاد الإمام أحمد (ص ٤٥) “وأنكر (أي أحمد) على من يقول بالجسم وقال إنّ الأسماء مأخوذة من الشّريعة واللّغة وأهل اللّغة وضعوا هذا الاسم على ذي طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف والله خارج عن ذلك كلّه فلم يجز أن يسمّى جسما لخروجه عن معنى الجسميّة ولم يجئ في الشّريعة ذلك فبطل ”

واعلم يا أخي المسلم أنَّه يجب طرد كل فكرةٍ عن الأذهان تفضي إلى تقدير الله عزَّ وجلَّ وتحديده لأنَّه تعالى لا يُحَدُّ وهو موجودُ بلا كيفٍ ولا مكان ولذلك يقول الإمام الجليل أبو سليمان الخطابي رضي الله عنه: ” إنَّ الذي يجبُ علينا وعلى كلِّ مسلم أن يَعلَمَهُ أنَّ ربنا ليس بذي صورةٍ ولا هيئة فإنَّ الصورة تقتضي الكيفية وهي عن الله وعن صفاته منفية “.

الحديث الذي رواهُ الترمذيُّ وهو: ” الرَّاحمُونَ يَرحمُهُم الرّحمنُ ارْحَموا مَنْ في الأرض يرحمْكُم من في السَّماءِ “، وفي روايةٍ أخرى ” يرحمْكُم أهلُ السّماءِ “. والمقصود بأهل السَّماءِ: الملائكة، كما قال ذلك الحافظ العراقي في أماليه عَقِيبَ هذا الحديث. الملائكة يرحمون من في الأرض: أي أن الله يأمرهم بأن يستغفروا للمؤمنين (وهذه رحمة)، وينزلون لهم المطر وينفحوهم بنفحات خير ويمدوهم بمدد خير وبركة، ويحفظوهم على حَسَبِ ما يأمرهم الله تعالى. اهـ قال الحافظ النووي (676): قال القاضي عياض المالكي (544): لا خِلافَ بين المسلمين قاطبةً فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أنّ الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى: ” أأمنتم من في السماء” ونحوه ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم.اهـ ذكره في كتابه صحيح مسلم بشرح النووي الجزء الخامس الطبعة الثانية لدار الكتب العلمية في الصحيفة 22.

قال الإمام القرطبي (671): في تفسيره في قول الله تعالى: ” أأمنتم من في السماء ”: قيل هو إشارة إلى الملائكة، وقيل إلى جبريل الموكل بالعذاب. قلت: ويحتمل أن يكون المعنى: خالق من في السماء أن يخسف بكم الأرض كما خسفها بقارون.اهـ كتاب تفسير القرطبي المجلد 9 الجزء 18 طبع دار الكتب العلمية صحيفة 141.

قال الإمام الرَّازيُّ (604): واعلم أنّ المشبهة احتجوا على إثبات المكان لله تعالى بقوله: “أأمنتم من في السماء”. والجواب عنه أنّ هذه الآية لا يمكن إجراؤها على ظاهرها باتفاق المسلمين لان كونه في السماء يقتضي كونَ السماء محيطة به من جميع الجوانب فيكون أصغر من السماء والسماء أصغر من العرش بكثير، فيلزم أن يكون الله شيئًا حقيرا بالنسبة للعرش وذلك باتفاق أهل الإسلام محال، لأنه تعالى قال: ” قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ”. (سورة الأنعام الآية 12). فلو كان اللهُ في السماء لوجب أن يكون مالكاً لنفسه وهذا محال، فعلمنا أنّ هذه الآية يجب صرفها عن ظاهرها إلى التأويل. كتاب التفسير الكبير (ج15 جزء30 ص61).

(18)- وقال رضي الله عنه أيضاً (150 هـ) فى كتابه ” الفقه الأبسط ” ما نصه [الفقه الأبسط، ضمن مجموعة رسائل أبي حنيفة بتحقيق الكوثري (ص/12)]: ” من قال لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض فقد كفر ”. ومراد الإمام أنَّ من نسب إلى الله التحيّز والـمكان ثمَّ قال لا أعرف هل مكانه السماء أم الأرض فهو كافرٌ.

وقال الشيخ الإمام العزّ بن عبد السلام الشافعي في كتابه ” حلّ الرموز ” في بيان مراد أبي حنيفة ما نصه [نقله ملاّ علي القاري في شرح الفقه الأكبر بعد أن انتهى من شرح رسالة الفقه الأكبر (ص/198) ]: ” لأن هذا القول يُوهِم أن للحق مكاناً، ومن توهم أن للحق مكاناً فهو مشبّه ”. وأيّد مُلاَّ علي القاري كلام ابن عبد السلام بقوله [الـمصدر السابق ]: ” ولا شك أنَّ ابن عبد السلام من أجلّ العلـماء وأوثقهم، فيجب الاعتماد على نقله ”.

(19)- وأما الإمام الـمجتهد الجليل أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (241 هـ) رضي الله عنه إمام الـمذهب الحنبلي وأحد الأئمة الأربعة، فقد ذكر ابن حجر الهيتمي الشافعي أنه كان من الـمنـزهين لله تعالى عن الجهة والجسمية، ثم قال ابن حجر ما نصه [الفتاوى الحديثية (ص/ 144)]: ” وما اشتهر بين جهلة الـمنسوبين إلى هذا الإمام الأعظم الـمجتهد من أنه قائل بشىء من الجهة أو نحوها فكذبٌ وبـهتانٌ وافتراء عليه ”.

(20)- وكذا كان على هذا الـمعتقد الإمام شيخ الـمحدِّثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح (256 هـ) فقد فهِم شُرَّاح صحيحه أن البخاري كان يُنَـزِّه الله عن الـمكان والجهة.

قال الشيخ علي بن خلف الـمالكي الـمشهور بابن بطال أحد شرَّاح صحيح البخاري (449 هـ) ما نصه [فتح الباري (13/416)]: ” غرض البخاري في هذا الباب الرد على الجهمية الـمجسمة في تعلقها بِهذه الظواهر، وقد تقرر أن الله ليس بجسم فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه، فقد كان ولا مكان ”.

(21)- وقال الإمام الحافظ الـمجتهد أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (310 هـ) عند تفسير قول الله تعالى: { هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ } [سورة الحديد/3] ما نصه [جامع البيان (مجلد 13/ جزء 27/215) ]: ” لا شىء أقرب إلى شىء منه كما قال: { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ } [سورة ق/16] ”. أي أن القُرب الـمسافي منفيٌّ عن الله، فالذي في رأس الجبل والذي في أسفل الوادي هما بالنسبة إلى الله تعالى من حيث الـمسافة على حدٍّ سواء لأن الله تعالى منـزه عن القرب الحسّي أي القرب بالـمسافة، أما القرب الـمعنوي فلا ينفيه هذا الإمام ولا غيره من علـماء الـمسلـمين. فهذا دليل ءاخر أن السلف كانوا يُنَـزِّهُونَ الله عن الجهة.

(22)- وقال اللغوي إبراهيم بن السّري الزّجاج أحد مشاهير اللغويين (311 هـ) ما نصه [تفسير أسماء الله الحسنى (ص/ 48) ]: ” العلي: هو فَعِيل في معنى فاعل، فالله تعالى عالٍ على خلقه وهو عليٌّ عليهم بقدرته، ولا يجب أن يُذهب بالعلو ارتفاع مكانٍ، إذ قد بيَّـنَّا أن ذلك لا يجوز في صفاته تقدست، ولا يجوز أن يكون على أن يُتصور بذهن، تعالى الله عن ذلك عُلوّاً كبيراً ”.

(23)- وقال أيضاً [الـمصدر السابق (ص/60) ]: ” والله تعالى عالٍ على كل شَىء، وليس الـمراد بالعلو ارتفاع الـمحلِّ، لأن الله تعالى يجلُّ عن الـمحلِّ والـمكان، وإنَّما العُلو علوُّ الشأن وارتفاعُ السلطان ”.

(24)- وقال إمام أهل السُنَّةِ أبو منصور الماتُريدي (333 هـ) رضي الله عنه ما نصه [كتاب التوحيد (ص/ 69)]: ” إن الله سبحانه كان ولا مكان، وجائز ارتفاع الأمكنة وبقاؤه على ما كان، فهو على ما كان، وكان على ما عليه الآن، جلَّ عن التغـيُّر والزوال والاستحالة ”. يعني بالاستحالة التحوّل والتطور والتغير من حال إلى حال وهذا منفيٌّ عن الله ومستحيل عليه سبحانه وتعالى “. و الإمام محمد بن محمد الشهير بأبي منصور الـماتريدي إمام جليلٌ من أئمة السلف الصالح مُدَافِعٌ عن الدين موضِّحٌ لعقيدة أهل السنة التي كان عليها الصحابة ومن تبعهم بإيراد أدلةٍ نقليةٍ من القرءان والحديث وأدلةٍ عقليةٍ مع ردّ شبه الـمعتزلة وذوي البدع في مناظراتِهم وخصَمهم في مُحاوراتِهم حتى أسكتهم، ومجاهدٌ في نصرة السنة وإحياء الشريعة حتى لقب بإمام أهل السنة.

(25)- وقال في كتابه ” التوحيد ” في إثبات رؤية الـمؤمنين لله في الآخرة ما نصه [كتاب التوحيد (ص / 85) ]: “فإن قيل كيف يُرى ؟ قيل: بلا كيف، إذ الكيفية تكون لذي صورة، بل يُرى بلا وصف قيامٍ وقعودٍ واتكاءٍ وتعلقٍ، واتصالٍ وانفصالٍ، ومقابلةٍ ومدابرةٍ، وقصيٍر وطويلٍ، ونورٍ وظلـمةٍ، وساكنٍ ومتحركٍ، ومماسٍ ومباينٍ، وخارجٍ وداخلٍ، ولا معنى يأخذه الوهم أو يُقدِّره العقل لتعاليه عن ذلك ”.

فالـماتريدي يصرح بنفي الجهة عن الله تعالى، وهذا فيه ردٌّ أيضاً على الـمجسمة والـمشبهة الذين يزعمون أن السلف يقولون بإثبات الجهة، فتمسك بِما قاله الـماتريدي تكن على هدى.

(26)- وقال الحافظ محمد بن حبان (354هـ) صاحب الصحيح الـمشهور بصحيح ابن حبان ما نصه [الثقات (1/ 1)]: ” الحمد لله الذي ليس له حدٌّ محدودٌ فيُحتوى، ولا له أجلٌ معدودٌ فيَفنى، ولا يحيط به جوامع الـمكان، ولا يشتمل عليه تواتر الزمان ”.

(27)- وقال أيضاً ما نصه [صحيح ابن حبان، أنظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (8/ 4) ]: ” كان -الله- ولا زمان ولا مكان ”.

(28)- وقال أيضاً [الـمصدر السابق (2/ 136) ]: ” كذلك ينـزل – يعني الله – بلا ءالةٍ ولا تحركٍ ولا انتقالٍ من مكانٍ إلى مكانٍ ”.

(29)- و قال القاضي أبو بكر محمد الباقلاني الـمالكي الأشعري (403 هـ) ما نصه [الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل بـه (ص/65) ]: ” ولانقول إن العرش له – أي لله- قرارٌ ولامكانٌ، لأن الله تعالى كان ولا مكان، فلـما خلق الـمكان لـم يتغيّر عما كان ”.

(31)- وقال أيضاً ما نصه [الـمرجع السابق (ص/64)]: ” ويجب أن يُعلـم أن كل ما يدل على الحدوث أو على سمة النقص فالرَّبُّ تعالى يتقدّس عنه، فمن ذلك: أنه تعالى متقدّسٌ عن الاختصاص بالجهات، والاتصاف بصفات الـمحدثات، وكذلك لا يوصف بالتحول والانتقال، ولا القيام ولا القعود، لقوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ } [سورة الشورى/ 11]، وقوله: { وَلـم يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [سورة الإخلاص/ 4]، ولأن هذه الصفات تدل على الحدوث والله تعالى يتقدّس عن ذلك ”.

(32)- و قال أبو بكر محمد بن الحسن الـمعروف بابن فُورك الأشعري (406 هـ) ما نصه [مشكل الحديث (ص/ 57) ]: ” لا يجوز على الله تعالى الحلول في الأماكن لاستحالة كونه محدودًا ومتناهياً وذلك لاستحالة كونه مُحدَثاً ”.

(33)- وقال أيضا ما نصه [مشكل الحديث (ص/ 64)]: ” واعلـم أَنَّا إذا قلنا إن الله عزّ وجل فوق ما خلق لـم يُرْجَعْ به إلى فوقية المكان والارتفاع على الأمكنة بالـمسافة والإشراف عليها بالـمماسة لشىء منها ”.

(34)- وقال الشيخ الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي الإسفراييني (429 هـ) ما نصه [الفرق بين الفرق (ص/333) ]: ” وأجمعوا – أي أهل السنة – على أنه –أي الله- لا يحويه مكانٌ ولا يجري عليه زمانٌ ”.

(35)- وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458 هـ) ما نصه [الأسماء والصفات (ص/400) ]: ” واستدل بعض أصحابنا في نفي الـمكان عنه بقول النبيِّ صل الله عليه و سلم: ((أنت الظاهر فليس فوقك شىء، وأنت الباطن فليس دونك شىء))، وإذا لـم يكن فوقه شىء ولا دونه شىء لـم يكن في مكان ”.

(36)- وقال الفقيه الـمتكلـم أبوالـمظفر الإسفرايِـيني الأشعري (471 هـ) مانصه [التبصير في الدين (ص/161) ]: ” الباب الخامس عشر في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة: وأن تَعلـم أن كل ما دل على حدوث شىءٍ من الحد، والنهاية، والـمكان، والجهة، والسكون، والحركة، فهو مستحيل عليه سبحانه وتعالى، لأن ما لا يكون محدَثاً لا يجوز عليه ما هو دليل على الحدوث ”.

(37)- وقال الفقيه الإمام الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي الأشعري (476 هـ) في عقيدته ما نصه [أنظر عقيدة الشيرازي في مقدمة كتابه شرح اللـمع (1/101) ]: ” وإن استواءه ليس باستقرارٍ ولا ملاصقةٍ لأن الاستقرار والـملاصقة صفة الأجسام الـمخلوقة، والرب عز وجل قديمٌ أزليٌّ، فدل على أنه كان ولا مكان ثم خلق الـمكان وهو على ما عليه كان ”.

(38)- وقال إمام الحرمين أبو الـمعالي عبد الـملك بن عبد الله الجويني الأشعري (478 هـ) ما نصه [الإرشاد إلى قواطع الأدلة (ص/53)]: ” البارىء سبحانه وتعالى قائمٌ بنفسه [- اعلـم أن معنى قيامه بنفسه هو استغناؤه عن كل ما سواه، فلا يحتاج إلى مخصص له بالوجود، لأنَّ الاحتياج الى الغير ينافي قدمه، وقد ثبت وجوب قِدَمه وبقائه ]، متعال عن الافتقار إلى محلٍّ يحله أو مكانٍ يُقله ”.

(39)- وقال أيضا ما نصه [الإرشاد (ص/58)]: ” مذهب أهل الحق قاطبةً أن الله سبحانه وتعالى يتعالى عن التحيّز والتخصص بالجهات ”.

(40)- وقال الشيخ أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الأشعري (505هـ) ما نصه [إحياء علوم الدين: كتاب قواعد العقائد، الفصل الأول (1/108) ]: ” تعالى – أي الله – عن أن يحويه مكان، كما تقدس عن أن يحده زمان، بل كان قبل أن خلق الزمان والـمكان وهو الآن على ما عليه كان ”.

(41)- وقال أيضاً في كتابه ” إحياء علوم الدين ” ما نصه [إحياء علوم الدين: كتاب قواعد العقائد، الفصل الثالث، الأصل السابع (1/ 128) ]: ” الأصل السابع: العلـم بأنَّ الله تعالى منـزه الذات عن الاختصاص بالجهات، فإنَّ الجهة إما فوق وإما أسفل وإما يمين وإما شمال أو قدَّام أو خلف، وهذه الجهات هو الذي خلقها ”.

(42)- وقال لسان الـمتكلـمين الشيخ أبو الـمعين ميمون بن محمد النسفي (508هـ) ما نصه[تبصرة الأدلة (1/171 و182) ]: ” القول بالـمكان – أي في حق الله – منافيٌ للتوحيد ”.

(43)- وقال أبو الوفاء علي بن عقيل البغدادي شيخ الحنابلة في زمانه (513 هـ) ما نصه [الباز الأشهب: الحديث الحادي عشر (ص/ 86) ]: ” تعالى الله أن يكون له صفة تشغل الأمكنة، لأنّ هذا عين التجسيم، وليس الحق بذي أجزاء وأبعاض يعَالج بِها ”.

(44)- وقال القاضي الشيخ أبو الوليد محمد بن أحمد قاضي الجماعة بقُرطُبَة الـمعروف بابن رُشْد الجَدّ الـمالكي (520 هـ) ما نصه: ” ليس – الله – في مكان، فقد كان قبل أن يَخْلُقَ الـمكان ”. ذكره ابن الحاج الـمالكي في كتابه الـمدخل ” [الـمدخل: فصل في الاشتغال بالعلـم يوم الجمعة (2/ 149) ].

(45)- وقال ابن رُشْد أيضا [الـمدخل: نصائح الـمريد (3/ 181) ]: ” فلا يقال أين ولا كيف ولا متى لأنه خالق الزمان والـمكان ”.

(46)- وقال أيضاً ما نصه [الـمدخل: فصل في الاشتغال بالعلـم يوم الجمعة (2/ 149) ]: “وإضافته – أي العرش – إلى الله تعالى إنَّما هو بمعنى التشريف له كما يقال: بيتُ الله وحرمه، لا أنه محلٌّ له وموضع لاستقراره ”.

وذكر ذلك أيضا الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه “فتح الباري” [فتح الباري (7/124) ] موافقًا له ومقرًّا لكلامه.

(47)- وقال الـمحدّث أبو حفص نجم الدين عمر بن محمد النسفي الحنفي (537هـ) صاحب العقيدة الـمشهورة بـ” العقيدة النسفية ” ما نصه [العقيدة النسفية (ضمن مجموع مهمات الـمتون) (ص/28) ]: “والـمحْدِثُ للعالـم هو الله تعالى، لا يوصف بالـماهيَّة ولا بالكيفية ولا يَتمكَّن في مكان ”.

(48)- وقال أيضا ما نصه [الـمصدر السابق (ص/29) ]: ” وقد ورد الدَّلِيلُ السمعيُّ بإيجاب رؤية الـمؤمنين اللهَ تعالى في دار الآخرة، فَيُرَى لا في مكان، ولا على جهة من مقابلة أو اتصال شُعاعٍ أو ثبوتِ مَسافةٍ بين الرائي وبين الله تعالى ”.

(49)- وقال الشيخ إمام الصوفية العارف بالله السيد أحمد الرفاعي الأشعري (578 هـ) ما نصه [البرهان الـمؤيد (ص/17 و18) ]: ” وطهِّروا عقائدكم من تفسير معنى الاستواء في حقه تعالى بالاستقرار، كاستواء الأجسام على الأجسام الـمستلزم للحلول، تعالى الله عن ذلك. وإياكم والقول بالفوقية والسُّفْلية والـمكان واليد والعين بالجارحة، والنـزول بالإتيان والانتقال، فإن كل ما جاء في الكتاب والسنة مِمَّا يدل ظاهره على ما ذُكر فقد جاء في الكتاب والسنة مثله مما يؤيد الـمقصود ”.

(50)ـ وقال أيضاً ما نصه [أنظر كتاب حكم الشيخ أحمد الرفاعي الكبير (ص/35 – 36) ]: ” غاية الـمعرفةِ بالله الإيقانُ بوجوده تعالى بلا كيفٍ ولامكانٍ ”.

(51)ـ وقال أيضاً ما نصه [إجابة الداعي إلى بيان اعتقاد الإمام الرفاعي (ص/44) ]: ” وأنه ـ أي الله ـ لا يَحلّ في شىء ولا يَحلّ فيه شىء، تعالى عن أن يحويه مكان، كما تقدَّس عن أن يَحُدَّه زمان، بل كان قبلَ خلق الزمان والـمكان، وهو الآن على ما عليه كان ”.

(52)ـ وقال أيضاً ما نصه [الـمرجع السابق (ص/43) ]: ” لا يَحُدُّه ـ تعالى ـ الـمقدار، ولا تحويه الأقطار، ولا تحيط به الجهات، ولا تكتنفه السموات، وأنه مستوٍ على العرش على الوجه الذي قاله وبالـمعنى الذي أراده، استواءً منـزَّهاً عن الـمماسة والاستقرار والتمكن والتحول والانتقال، لا يحمله العرش، بل العرش وحملَتُهُ محمولون بلطف قدرته، ومقهورون في قبضته، وهو فوق العرش، وفوق كل شىء إلى تـخوم الثرى، فوقية لا تزيده قرباً إلى العرش والسماء بل هو رفيع الدرجات عن العرش كما أنه رفيع الدرجات عن الثرى ”.

(53)ـ وكذا كان على هذا الـمعتقد السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله (589هـ)، وقد كان له اعتناء خاص بنشر عقيدة الإمام الأشعري رحمه الله فقد قال السيوطي ما نصه [الوسائل إلى مسامرة الأوائل (ص/15) ]: “فلـما وَليَ صلاح الدين بن أيوب أمر الـمؤذنين في وقت التسبيح أن يعلنوا بذكر العقيدة الأشعرية، فوظف الـمؤذنين على ذكرها كل ليلة إلى وقتنا هذا ” أي إلى وقت السيوطي الـمتوفى سنة (911هـ).

ولـما كان للسلطان صلاح الدين الأيوبي هذا الاهتمام بعقيدة الأشعري ألف الشيخ الفقيه النحوي محمد بن هبة الله رسالة في العقيدة وأسماها ” حدائق الفصول وجواهر الأصول ” وأهداها للسلطان فأقبل عليها وأمر بتعليمها حتى للصبيان في الـمكاتب، وصارت تسمى فيما بعد ” بالعقيدة الصلاحية ”. ومما جاء في هذه الرسالة [أنظر حدائق الفصول (ص/10)]:

وَ صَانِـعُ العَالـم لاَ يَحْوِيـهِ

قُطْـرٌ تَعَالَى الله عَـن تَشْبِيهِ

قَدْ كَانَ مَوْجُوداً وَلاَمَكَاناَ

وَحُكْمُـهُ الآنَ عَلَى مَا كَانَـا

سُبْحَانَهُ جَلَّ عَن الـمكَـانِ

وَعَـزَّ عَن تَغَيُّـرِ الزَّمَــانِ

فَقَدْ غَلا وَزَادَ في الغُلُـوِّ

مَـنْ خَصَّـهُ بِجَهَـةِ العُلُـوِّ

وَحَصَرَ الصَّانِعَ في السَّمَاءِ

مُبْدِعَهَا وَالعَرْشُ فَـوْقَ المـاءِ

وَأَثْبَتُوا لِذَاتِهِ التَّحَيُّــزَا

قَد ضَلَّ ذُو التَّشْبِيهِ فِيمَا جَوَّزا

(54)- قال الإمام الحافظ الـمفسّر عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي الحنبلي (597 هـ) ما نصه [دفع شبه التشبيه (ص/58) ]: ” الواجب علينا أن نعتقد أن ذات الله تعالى لا يحويه مكان ولا يوصف بالتغـيّر والانتقال ”.

(55) _ وقال أيضاً [-صيد الخاطر (ص/ 476)]: ” فترى أقواماً يسمعون أخبار الصفات فيحملونَها على ما يقتضيه الحس، كقول قائلهم: ينـزل بذاته إلى السماء ويتنقل، وهذا فهم ردىء، لأن الـمتنقـل يكون من مكان إلى مكان، ويوجب ذلك كون الـمكان أكبر منه، ويلزم منه الحركة، وكل ذلك محال على الحق عزَّ وجلَّ ”.

و ابن الجوزي من أساطين الحنابلة وصاحب كتاب ” دفع شبه التشبيه ” الذي رد فيه على الـمجسمة الذين ينسبون أنفسهم إلى مذهب الإمام أحمد والإمام أحمد بريء مما يعتقدون. وقد بيَّنَ ابن الجوزي في هذا الكتاب أن عقيدة السلف وعقيدة الإمام أحمد تنـزيه الله عن الجهة والـمكان والحد والجسمية والقيام والجلوس والاستقرار وغيرها من صفات الحوادث والأجسام. واعلـم أنه لـم يصحَّ عن عالـم من علـماء السلف نسبة القول بالجلوس، بل عقيدة السلف كما قال الإمام الحافظ الفقيه أبو جعفر الطحاوي (توفي سنة 321 هـ) وهو أحد أئمة السلف: ” ومن وصف الله بمعنىً من معاني البشر فقد كفر، فمن أبصر هذا اعتبر، وعن مثل قول الكفار انزجر، وعلـم أنه بصفاته ليس كالبشر ”.

فتمسك أخي الـمسلـم بعقيدة أهل السنة ولا تلتفت إلى ما يقوله أهل البدع.

(56) _ ومما قاله في هذا الكتاب [الباز الأشهب (ص/57) ]: ” كل من هو في جهة يكون مقدَّراً محدوداً وهو يتعالى عن ذلك، وإنما الجهات للجواهر والأجسام لأنَّها أجرامٌ تحتاج إلى جهةٍ، وإذا ثبت بطلان الجهة ثبت بطلان الـمكان ”.

(57)_ وقال أيضاً ما نصه [الـمصدر السابق (ص/59) ]: ” فإن قيل: نفي الجهات يحيل وجوده، قلنا: إن كان الـموجود يقبل الاتصال والانفصال فقد صدقتَ، فأما إذا لـم يقبلهما فليس خُلوه من طرق النقيض بمحال ”.

(58) _ وقال الـمبارك بن محمد الـمعروف بابن الأثير (606هـ) ما نصه [النهاية في غريب الحديث (مادة ق رب، 4/32) ]: “الـمرادُ بقرب العبد من الله تعالى القُربُ بالذِّكْر والعملِ الصالح، لا قربَ الذات والـمكان لأن ذلك من صفات الأجسام، والله يتعالى عن ذلك ويتقدس ”.

(59) _ وقال المفسّر فخر الدين الرازي (606 هـ) ما نصه [تفسير الرازي الـمسمى بالتفسير الكبير (سورة الـملك / ءاية 16-30/69)]: ” واعلـم أن المشبِّهة احتجوا على إثبات الـمكان لله تعالى بقوله { ءأَمِنتُم مَّن فيِ السَّمَاءِ } سورة الـملك/ 16 [، أي أن اعتقاد أن الله في مكان فوق العرش أو غير ذلك من الأماكن هو اعتقاد الـمشبِّهة الذين قاسوا الخالق على الـمخلوق وهو قياسٌ فاسدٌ منشؤه الجهل واتباع الوهم ”.

(60) _ وقال أيضًا [الـمصدر السابق (سورة الشورى / ءاية 4- 27/144)]: ” قوله تعالى { وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ } لا يجوز أن يكون الـمراد بكونه عليًّا العلو في الجهة والـمكان لـما ثبتت الدلالة على فساده، ولا يجوز أن يكون الـمراد من العظيم العظمةَ بالجثةَ وكبرَ الجسم، لأن ذلك يقتضي كونه مؤلَّفًا من الأجزاء والأبعاض، وذلك ضد قوله: { قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ]سورة الإخلاص/ 1 [، فوجب أن يكون الـمراد من العَلي الـمتعالي عن مشابَهة الـممكنات ومناسبة الـمحدَثات، ومن العظيم العظمة بالقدرة والقهر بالاستعلاء وكمال الإلـهية ”.

(61) _ وقال الشيخ أبو منصور فخر الدين عبد الرحمن بن محمد المعروف بابن عساكر (620 هـ) عن الله تعالى ما نصه [طبقات الشافعية (8/186) ]: ” موجودٌ قبل الخَلْق، ليس له قَبْلٌ ولا بَعْدٌ، ولافوقٌ ولا تحتٌ، ولا يمينٌ ولا شمالٌ، ولا أمامٌ ولا خَلْفٌ، ولا كُلّ ولا بعضٌ، ولا يقال متى كان، ولا أين كان ولا كيف، كان ولا مكان، كوَّن الأكوان، ودبَّر الزمان، ولا يتقيد بالزمان، ولا يتخصص بالـمكان ”.

(62) _ وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام الأشعري الـملقب بسلطان العلـماء (660 هـ) ما نصه [طبقات الشافعية الكبرى: ترجمة عبد العزيز بن عبد السلام (8/219) ]: ” ليس _ أي الله _ بجسم مصوَّر، ولا جوهرٍ محدودٍ مقدَّرٍ، ولا يُشبه شيئاً، ولا يُشبهه شىءٌ، ولا تحيط به الجهات، ولا تكتنفه الأرضون ولا السموات، كان قبل أن كوَّن الـمكان ودبَّر الزمان، وهو الآن على ما عليه كان ”.

(63) _ وقال الـمفسّر محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي الـمالكي (671هـ) ما نصه [الجامع لأحكام القرءان سورة البقرة، ءاية / 255 (3/278) ]: ” و(العليّ) يُراد به علو القدر والـمنـزلة لا علو الـمكان، لأنَّ الله منـزه عن التحيز ”.

(64) _ وقال أيضًا [الـمصدر السابق سورة الأنعام، ءاية / 18 (6/399)]: ” ومعنى { فَوقَ عِباَدِهِ } [سورة الأنعام / 18] فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم، أي هم تحت تسخيره لا فوقية مكان ”.

(65)- وقال أيضًا [الـمصدر السابق سورة الأنعام، ءاية / 3 (6/ 390) ]: ” والقاعدة تنـزيهه – سبحانه وتعالى – عن الحركة والانتقال وشغل الأمكنة ”.

(66) _ وقال أيضًا [الـمصدر السابق سورة الفجر، ءاية / 22 (20/55) ] في تفسيره ءاية { وَجَاءَ رَبُّكَ وَالـملَكُ صَفًّا صفًّا } [سورة الأنعام / 22] ما نصه: ” والله جل ثناؤه لا يوصف بالتحول من مكانٍ إلى مكانٍ، وأنَّى له التحول والانتقال ولا مكان له ولا أوان، ولا يجري عليه وقتٌ ولا زمان، لأن في جريان الوقت على الشىء فوت الأوقات، ومن فاته شىء فهو عاجز ”.

(67) _ وقال أيضًا عند تفسيرقوله تعالى: { ءَأَمِنتم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَّخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ } [سورة الـملك / 16] ما نصه [الـمصدر السابق سورة الـملك، ءاية / 16 (18/216)]: ” والـمراد بِها توقيره [مراده: تعظيمه ] وتنـزيهه عن السفل والتحت، ووصفه بالعلوِّ والعظمة لا بالأماكن والجهات والحدود لأنَّها صفات الأجسام. وإنَّما ترفع الأيدي بالدعاء إلى السماء لأنَّ السَّماء مهبط الوحي ومنـزل القطر ومحل القُدس (أي الطهر) ومعدن الـمطهَّرين من الـملائكة، وإليها ترفع أعمال العباد، وفوقها عرشه وجنته، كما جعل الله الكعبة قِبلةً للدعاء والصلاة، ولأنه خلق الأمكنة وهو غير محتاج إليها، وكان في أزله قبل خلق الـمكان والزمان ولامكان له ولازمان، وهو الآن على ما عليه كان ”.

(68) _ قال الشيخ عبد الغنيّ النابلسيّ رحمه الله (1143 هـ) ما نصه: ” من اعتقد أنّ اللهَ ملأ السمواتِ والأرضَ أو أنّه جسمٌ قاعدٌ فوقَ العرشِ فهو كافرٌ وإن زعم أنّه مسلم ”.

(69) _ وقال الحافظ أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي الأشعري (676 هـ) ما نصه [شرح صحيح مسلـم (3/19) ]: ” إن الله تعالى ليس كمثله شىء، وإنه منـزه عن التجسيم والانتقال والتحيز في جهة وعن سائر صفات الـمخلوق ”.

(70) _ وقال العلاَّمة الأصولي الشيخ أحمد بن إدريس القَرَافي الـمالكي الـمصري أحد فقهاء الـمالكية (684 هـ) مانصه [الأجوبة الفاخرة (ص/93)]: ” وهو – أي الله – ليس في جهةٍ، ونراه نحن وهو ليس في جهة ”.

(71) _ وقال المفسّر عبد الله بن أحمد النسفي (710 هـ، وقيل 701هـ) ما نصه [تفسير النسفي سورة طه /ءاية 5 (مجلد2،2/48) ]: ” إنه تعالى كان ولا مكان فهو على ماكان قبل خلق الـمكان، لـم يتغير عما كان ”.

(72) _ وقال القاضي الشيخ بدر الدين محمد بن إبراهيم الـمعروف بابن جَماعة الشافعي الأشعري (733هـ) ما نصه [إيضاح الدليل (ص/103-104) ]: ” كان الله ولا زمان ولا مكان، وهو الآن على ما عليه كان ”.

(73)- وقال الـمفسّر علي بن محمد الـمعروف بالخازن (741هـ) [تفسير الخازن (2/238)] إن الشيخ فخر الدين الرازي ذكر الدلائل العقلية والسمعية على أنه لا يمكن حمل قوله تعالى: { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ } على الجلوس والاستقرار وشغل الـمكان والحيّز.

(74) _ وقال الـمفسِّر الـمقرىء النحوي محمد بن يوسف الـمعروف بأبي حيان الأندلسي (745هـ) عند تفسير قوله تعالى: { وَلَهُ مَن فِي السَّمَـوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } ما نصه [ البحر الـمحيط سورة الأنبياء / ءاية 19 (6/302)]: “وعند هنا لا يراد بِها ظرف الـمكان لأنه تعالى منـزه عن الـمكان، بل الـمعنى شرف الـمكانة وعلو الـمنـزلة ”.

(75) _ وقال أيضا [البحر الـمحيط: (سورة الـملك/ءاية 16 –8/ 302]: ” قام البرهان العـقلي على أنه تعالى ليس بمتحـيز في جهـة ”.

(76)- وقال أيضا ما نصه [البحر الـمحيط: (سورة فاطر / ءاية 10 – جزء 7/ ص 303)]: ” إنـه تعـالى ليـس فـي جـهـة ”.

(77) _ وكان العلاَّمة الحافظ الفقيه الـمجتهد الأصولي الشيخ تقي الدين علي ابن عبد الكافي السبكي الشافعي الأشعري (756هـ) ينـزه الله عن الـمكان وردَّ على الـمجسمة الذين ينسبون الـمكان والجهة لله تعالى.

ذكر ذلك في رسالته ” السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل: قال السبكي ما نصه [السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل: (ص/ 105) ]: ” ونحن نقطع أيضاً بإجماعهم – أي رسل الله وأنبيائه – (على التنـزيه)، أما يَستحي من ينقل (كذباً) إجماع الرسل على إثبات الجهة والفوقية الحسية لله تعالى، وعلـماء الشريعة ينكرونَها. أما تخاف منهم أن يقولوا له إنك كذبتَ على الرسل ”.

(78) _ و قال الشيخ محمد بن يوسف الـمعروف بالكرماني البغدادي (786هـ) وهو أحد شرَّاح صحيح البخاري ما نصه: ” قوله “في السماء” ظاهره غير مراد، إذ الله منـزه عن الحلول في الـمكان ”، نقله عنه الحافظ ابن حجر [فتح الباري (13/412)].

(79) _ وقد ذكر الفقيه الشيخ تقي الدين الحصني الدمشقي (829 هـ) أن الله منـزه عن الجهة والـمكان في أكثر من موضع في كتابه دفع شُبَه من شَبَّه وتمرد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد، ورد على القائلين بذلك.

(80) _ وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني الأشعري (852 هـ) ما نصه [فتح الباري (6/136) ]: ” ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل مُحالاً على الله أن لا يوصف بالعلو، لأن وصفه بالعلو من جهة الـمعنى، والـمستحيل كون ذلك من جهة الحس، ولذلك ورد في صفته العالي والعلي والـمتعالي، ولـم يرد ضد ذلك وإن كان قد أحاط بكل شىءٍ علـماً ”.

(81) _ وقال أيضًا [فتح الباري (7/124) ]: ” فمعتقد سلف الأئمة وعلـماء السنة من الخلف أن الله منـزه عن الحركة والتحول والحلول، ليس كمثله شىء ”.

(82) _ وقال أيضًا ما نصه [عُمدة القاري (مجلد 12/25/117) ]: ” تَقرَّر أن الله ليس بجسم، فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه، فقد كان ولا مكان ”.

(83) _ وقال الشيخ أبو عبد الله محمد بن يوسف السنوسي عند ذكر ما يستحيل في حقه تعالى (895 هـ) ما نصه [أم البراهين في العقائد (متن السنوسية)، الـمطبوع ضمن مجموع مهمات الـمتون (ص/4).]: ” والـمماثلة للحوادث بأن يكونَ جِرمًا أي يأخُذُ ذاتُه العلي قدرًا من الفراغ، أو أن يكون عَرَضًا يقوم بالجِرم، أو يكونَ في جهةٍ للجِرم، أو له هو جهةٌ، أو يتقيد بـمكانٍ أو زمان ”.

(84) _ قال الشيخ محمد بن منصور الهدهدي الـمصري شارحًا لكلام السنوسي ما نصه [شرح الهدهدي على أم البراهين (ص/88)]: ” وكذا يستحيل عليه ما يستلزم مماثلته للحوادث بأن يكون في جهة للجِرم بأن يكون فوق الجِرم أو تحت الجِرم أو يمين الجِرم أو شمال الجِرم أو أمامه أو خلفه، لأنه لو كان في جهات الجِرم لَزِمَ أن يكون متحيزًا، وكذا يستحيل عليه أن يكون له جهةٌ لأن الجهة من لوازم الجِرم ”.

(85) _ وقال الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (902هـ) ما نصه [الـمقاصد الحسنة (رقم 886، ص/342)]: ” قال شيخنا – يعني الحافظ ابن حجر _: إنَّ علـم الله يشمل جميع الأقطار، والله سبحانه وتعالى منـزه عن الحلول في الأماكن، فإنه سبحانه وتعالى كان قبل أن تحدث الأماكن ”.

(86) _ وقال الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي الأشعري (911هـ) عند شرح حديث: ((أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد)) ما نصه [شرح السيوطي لسنن النسائي (1 /576) ]: ” قال القرطبي: هذا أقرب بالرتبة والكرامة لا بالـمسافة، لأنه منـزه عن الـمكان والـمساحة والزمان. وقال البدر بن الصاحب في تذكرته: في الحديث إشارةٌ إلى نفي الجهة عن الله تعالى ”.

(87) _ وقال الشيخ أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاَّني الـمصري (923 هـ) في شرحه على صحيح البخاري ما نصه [إرشاد الساري (15 /451) ]: ” ذات الله منـزَّهٌ عن الـمكان والجهة ”.

(88) _ وقال أيضًا ما نصه [إرشاد الساري (15 /462) ]: ” قول الله تعال { وُجُوهٌ } هي وجوه المؤمنين { يَومَئذٍ } يوم القيامة { نَاضِرَةٌ } حسنة ناعمة { إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } بلا كيفية ولا جهة ولا ثبوت مسافة ”.

(89) _ وقال الشيخ القاضي زكريا الأنصاري الشافعي الأشعري (926 هـ) في شرحه على ” الرسالة القشيرية ” ما نصه [حاشية الرسالة القشيرية (ص/2) ]: ” إنَّ الله ليس بجسمٍ ولا عَرَضٍ ولا في مكانٍ ولا زمان ”.

(90) _ وقال أيضا عن الله ما نصه [حاشية الرسالة القشيرية (ص/ 5) ]: ” لا مكان له كما لا زمان له لأنه الخالق لكل مكان وزمان ”.

(91) _ وقال الشيخ مُلاَّ علي القاري الحنفي (1014هـ) ما نصه [- شرح الفقه الأكبر: بعد أن انتهى من شرح رسائل الإمام أبي حنيفة (ص / 196 – 197) ]: “وأما علوّه تعالى على خلقه الـمُستفاد من نحو قوله تعالى { وهُوَ القاهرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } [سورة الأنعام / 18] فعلوّ مكانة ومَرتبةٍ لا علوّ مكانٍ كما هو مُقرَّرٌ عند أهل السنة والجماعة ”.

(92) _ وقال الشيخ محمد بن عبد الباقي الزُّرقاني الـمالكي (1122هـ) في شرحه على موطإ الإمام مالك ما نصه [شرح الزرقاني على موطإ الإمام مالك (2/36) ]: ” وقال البيضاوي: لـما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منـزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النـزول على معنى الانتقال من موضعٍ إلى موضعٍ أخفض منه ”.

(93) _ قال الصوفي الزاهد العارف بالله الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي الحنفي (1143هـ) ما نصه [رائحة الجنة شرح إضاءة الدُّجنة (ص/48-49)]: “فيتنـزه سبحانه وتعالى عن جميع الأمكنة العلوية والسفلية وما بينهما ”.

(94) _ وقال الشيخ العلامة أبو البركات أحمد بن محمد الدردير الـمالكي الـمصري (1201هـ) عن الله تعالى ما نصه [الخريدة البهية (ضمن مجموع مهمات الـمتون) (رقم البيت 31/ص25)]: ” مُنَـزَّهٌ عن الحلول والجهة والاتصال والانفصال والسَّفه “.

(95) _ وقال الحافظ اللغوي الفقيه السيد محمد مرتضى الزبيدي الحنفي (1205هـ) ما نصه [إتحاف السادة الـمتقين (2/24)]: ” إنَّهُ سُبْحَانَهُ لاَ مَكَانَ له ولا جهة ”.

(96) _ وقال أيضا ما نصّه [ الـمصدر السابق (2/25)]: ” إنه تعالى مقدَّس مُنَـزَّهٌ عن التغـيّر من حالٍ إلى حالٍ والانتقال من مكانٍ إلى مكانٍ، وكذا الاتصال والانفصال فإن كلاًّ من ذلك من صفات الـمخلوقين ”.

(97) _ وقال أيضا [ الـمصدر السابق (2/25)]: “تقدس- أي الله – عن أن يَحويه مكان فيشار إليه أو تضمه جهة”.

(98) _ وقال أيضا ما نصه [الـمصدر السابق (2/103) ]: ” ذات الله ليس في جهة من الجهات الست ولا في مكانٍ من الأمكنة ”.

(99)- وقال الشيخ العلامة الـمحدث الفقيه أبو الـمحاسن محمد القاوقجي الطرابلسي الحنفي (1305هـ) ما نصه [أنظر كتابه الاعتماد في الاعتقاد (ص/ 2)]: ” فهذه عقيدةٌ في التوحيد خالصةٌ من الحشْوِِ والتعقيد، يحتاج إليها كل مريد، نفع الله بِها جميع العباد، ءامين ”.

(100) _ ثم قال [الـمصدر السابق (ص/5) ]: ” فإذا قال لك: أين الله ؟ فقل: مع كل أحد بعلـمه – لا بذاته – وفوق كل أحدٍ بقدرته، وظَاهِرٌ بكل شىءٍ بآثار صفاته، وباطنٌ بحقيقة ذاته – أي لا يمكن تصويره في النفس-، منـزه عن الجهة والجسمية. فلا يقال: له يمينٌ ولا شمالٌ ولا خلفٌ ولا أمامٌ، ولا فوقَ العرش ولا تحته، ولا عن يمينه ولا عن شماله، ولا داخلٌ في العالـم ولا خارجٌ عنه، ولا يقال: لا يَعْلَـمُ مكانه إلا هو. ومن قال: لا أعرف الله في السماء هو أم في الأرض كفر – لأنه جعل أحدهما له مكاناً-. فإذا قال لك: ما دليلك على ذلك ؟ فقل: لأنه لو كان له جهةٌ أو هو في جهةٍ لكان متحيزًا، وكل متحيز حادثٌ، والحدوث عليه محال ”.

(101) _ وقال في كتابه سفينة النجاة ما نصه [سفينة النجاة في معرفة الله وأحكام الصلاة (ص/7) ]: ” ويستحيل عليه الـمماثلة للحوادث بأن يكون ذاته كالذوات يأخذ مقداراً من الفراغ، أو يتصف بالأعراض كالبياض، أو يكون في جهةٍ كالفوق والتحت واليمين والشمال والخلف والأمام، أو يكون جهةً كالأعلى والأسفل، أو يحلّ بمكانٍ أو يُقيّد بزمان ”.

(102) _ وقال مفتي ولاية بيروت الشيخ عبد الباسط الفاخوري (1323هـ) عن الله ما نصه [الكفاية لذوي العناية (ص/ 13) ]: ” ليس بـجِرْمٍ يأخذ قدراً من الفراغ، فلا مكان له، وليس بعَرَضٍ يقوم بالجِرم، وليس في جهةٍ من الجهات، ولا يُوصف بالكِبَر ولا بالصِغَر، وكل ما قام ببالك فالله بخلاف ذلك ”.

(103) _ وقال الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار الـمصرية (1355هـ) ما نصه [مختصر شرح عقيدة أهل الإسلام (ص/12 – 13) ]: ” إن الله منـزهٌ عن جميع النقائص، وسمات الحدوث، ومنها الزمان والـمكان، فلا يُقارنه زمانٌ ولا يحويه مكانٌ إذ هو الخالق لهما فكيف يحتاج إليهما ”.

(104) _ وقال أيضاً [الـمصدر السابق (ص/27) ]: ” فَيُرَى سبحانه لا في مكانٍ ولا جهةٍ ولا باتصال شعاعٍ ولا ثبوت مسافةٍ بين الرائيين وبينه تعالى بل على الوجه الذي يليق بقدسيته وجلاله سبحانه ”.

(105) _ وقال الشيخ يوسف الدَّجوي الـمصري (1365هـ) في مجلة الأزهر التي تصدرها مشيخة الأزهر بمصر في تفسير قول الله تبارك وتعالى: { سبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى } [سورة الأعلى / 1] ما نصه [مجلة الأزهر (تصدرها مشيخة الأزهر بمصر)، الـمجلد التاسع، الجزء الأول – الـمحرم سنة 1357 (ص/ 16).]: ” والأعلى صفة الرب، والـمراد بالعلو العلو بالقهر والاقتدار، لا بالـمكان والجهة، لتنـزهه عن ذلك ”.

(106) _ وقال أيضاً: ” واعلـم أن السَّلَفَ قائلون باستحالة العلو الـمكاني عليه تعالى، خلافاً لبعض الجهلة الذين يخبطون خبط عشواء في هذا الـمقام، فإن السلف والخلف متفقان على التنـزيه ” [الـمصدر السابق (ص/17) ]. فلا تغتر بعد ذلك بالذين يسمون أنفسهم السلفية ليوهموا الناس أنَّهم على عقيدة السلف، والسلف بريء من عقيدة الـمشبِّهة الذين يقولون بالجلوس والاستقرار والـمكان والحركة والحد في حق الله، والعياذ بالله من الكفر.

(107) _ وقال وكيل الـمشيخة الإسلامية في دار الخلافة العثمانية الشيخ محمد زاهد الكوثري الحنفي (1371هـ) ما نصه [مقالات الكوثري: مقال الإسراء والـمعراج (ص/ 452) ]: ” وتنـزيه الله سبحانه عن الـمكان والـمكانيات والزمان والزمانيات هو عقيدة أهل الحق رغم اغتياظ الـمجسمة الصرحاء ”.

(108) _ وقال أيضاً ما نصه [تكملة الرد على نونية ابن القيم (ص/ 102) ]: ” قوله سبحانه { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ } [سورة الشورى / 11] نصٌّ في نفي الجهة عنه تعالى، إذ لو لـم تنف عنه الجهة لكانت له أمثال لا تحصى، تعالى الله عن ذلك.

(109) _ قال محدث الديار الـمغربية الشيخ عبد الله بن محمد الصديق الغماري (1413 هـ) ما نصه [قصص الأنبياء: ءادم عليه السلام: (ص/ 11)]: ” كان الله ولـم يكن شىءٌ غيره فلـم يكن زمانٌ ولا مكان ولا قُطْرٌ ولا أوانٌ، ولا عرشٌ ولا ملكٌ، ولا كوكبٌ ولا فلكٌ، ثم أوجد العالـم من غير احتياجٍ إليه، ولو شاء ما أوجده. فهذا العالـم كله بما فيه من جواهر وأعراض حادثٌ عن عدم، ليس فيه شائبة من قِدم، حسبما اقتضته قضايا العقول، وأيدته دلائل النقول، أجمع عليه الـملِّيُّون قاطبةً إلاّ شُذاذاً من الفلاسفة قالوا بقدم العالـم، وهم كفار بلا نزاع ”.

(110) _ وقال أيضاً ما نصه [عقيدة أهل الإسلام (ص / 29) ]: ” قال النيسابوري في تفسيره: أما قوله: { وَرَافِعُكَ إِلَىَّ } [سورة ءال عمران / 55] فالـمشبهة تمسكوا بمثله في إثبات الـمكان لله وأنه في السّماء، لكن الدلائل القاطعة دلَّت على أنه متعالٍ عن الحيز والجهة، فوجب حمل هذا الظاهر على التأويل بأن الـمراد: إلى محلِّ كرامتي ”.

(111) _ وقال الشيخ حسين عبد الرحيم مكي الـمصري أحد مشايخ الأزهر في كتابه ” توضيح العقيدة ”، وهو مقرر السنة الرابعة الإعدادية بالـمعاهد الأزهرية بمصر، ما نصه [توضيح العقيدة الـمفيد في علـم التوحيد لشرح الخريدة لسيدي أحمد الدردير (2/39)، الطبعة الخامسة 1384 هـ – 1964.]: ” فنراه تعالى منـزَّهاً عن الجهة والـمقابلة وسائر التكيّفات، كما أنَّا نؤمن ونعتقد أنه تعالى ليس في جهة ولا مقابلاً وليس جسماً ”.

(112) _ وفي كتاب “العقيدة الإسلامية ” الذي يدرّس في دولة الإمارات العربية ما نصه [العقيدة الإسلامية: التوحيد في الكتاب والسنة (1/167) ]: ” وأنه تعالى لا يحل في شىء ولا يحل فيه شىء، تقدس عن أن يحويه مكانٌ، كما تنـزّه عن أن يحده زمانٌ، بل كان قبل أن يخلق الزمان والـمكان وهو الآن على ما عليه كان ”.

(113) _ وفيه أيضاً ما نصه [العقيدة الإسلامية: التوحيد في الكتاب والسنة (1/151) ]: ” وإن عقيدة النجاة الـمنقِذة من أوحال الشرك وضلالات الفرق الزائفة هي اعتقاد رؤيته تعالى في الآخرة للـمؤمنين بِلا كيفٍ ولا تحديدٍ ولا جهةٍ ولا انحصار ”.

(114) _ وجاء في مجلة دعوة الحق تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالـمملكة الـمغربية ما نصه [مجلة دعوة الحق: العددان 305 –306 (ص/ 65 سنة 1415 هـ – 1994ر)]: ” يتفق الجميع من علـماء سلف أهل السنة وخلفهم- وكذا العقلانيون من الـمتكلـمين – على أن ظاهر الاستواء على العرش بمعنى الجلوس على كرسي والتمكن عليه والتحيز فيه مستحيلٌ، لأن الأدلة القطعية تُنَـزِّهُ الله تعالى عن أن يُشبهَ خلقه أو أن يحتاج إلى شىءٍ مخلوق، سواء أكان مكاناً يحل فيه أو غيره، وكذلك لأنه سبحانه نفى عن نفسه الـمماثلة لخلقه في أي شىء فأثبت لذاته الغِنى الـمطلق فقال تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ } ”.

(115) _ وجاء في مجلة الأزهر وهي مجلة دينية علـمية خلقية تاريخية حكمية تصدرها مشيخة الأزهر بمصر، انتدب الأزهر الشريف بمصرلهؤلاء الـمنحرفين عن منهج أهل السنة وتصدر للرد على تلك الشرذِمة التي تسمي نفسها ” الوهابية ” الـمتسترين تحت اسم ” السلفية ” تارة، ” وجماعة أنصار السنة ” تارة أخرى، فنشر أكثر من مقال [مجلة نور الإسلام = مجلة الأزهر: (مجلد 2/ جزء4/ ص282 ربيع الثاني سنة 1350 هـ)، (ومجلد 2/ جزء 9/ ص/63 رمضان سنة 1350هـ). (مجلد 9/ جزء 1/ ص/16) الـمحرم سنة 1357هـ) ] لإبطال مزاعمهم تحت عنوان ” تنـزيه الله عن الـمكان والجهة ”.

ومما جاء فيها: ” والأعلى” صفة الرب، والـمراد بالعلو العلو بالقهر والاقتدار لا بالـمكان والجهة، لتنـزهه عن ذلك ”.

وهذا الـمقال صدر عن مشيخة الأزهر منذ أكثر من ستين سنة مما يدل على حِرصه في التصدي والرد على شبهات الزائغين الـمنحرفين ولا سيما عند الخوف من تَزَلْزُلِ العقيدة حِفظاً من التشبيه، فمن عابنا على عقيدة تنـزيه الله عن الجهة والـمكان والجسمية فهو عائب على الأزهر وعلى علـماء الأمة.

(116) _ وقاله الشيخ العلامة الفقيه الـمحدّث الشيخ عبد الله الهرري الـمعروف بالحبشي ما نصه: ” وإثبات الـمكان لله يقتضي الجهة التي نفاها علـماء الإسلام عن الله تعالى سلفهم وخلفهم كما قال أبو جعفر الطحاوي في كتابه الـمسمى ” العقيدة الطحاوية ” والذي ذكر فيه أنه بيان عقيدة أهل السُنَّة والجماعة: ” لا تحويه الجهاتُ الست كسائرالـمبتدعات ”. فتبين أنّ نفي تحيّز الله في جهة هو عقيدة السلف، لأنَّ الطحاوي من السلف وقد بيَّن أن هذا معتقد أبي حنيفة وصاحبيه الذين ماتوا في القرن الثاني خاصة ومعتقد أهل السُنَّة عامة ”.

(117) _ وثبت عن الإمام مالك رضي الله عنه ما رواه البيهقي بإسناد جيد من طريق عبد الله بن وهب قال: كنا عند مالك فدخل رجل فقال: يا أبا عبد الله، الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى كيف استوى ؟ فأطرق مالك فأخذته الرحضاء (أي كثرة العرق) ثمّ رفع رأسه فقال: الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى كما وصف نفسه ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع وما أراك إلاّ صاحب بدعة، أخرجوه. فقول مالك: وكيف عنه مرفوع أي ليس استواؤه على عرشه كيفاً أي هيئةً كاستواء الـمخلوقين من جلوس ونحوه.

(118) _ وروى البيهقي من طريق يـحيى بن يـحيى أحد تلاميذ مالك رواية أخرى وهي قوله: ” الاِسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُـول (أَيْ مَعْلُومٌ وُرودهُ فِي القُرْءَانِ)، وَالكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُول (أَيْ الكَيفُ مَرفُوع يعنى مستحيلٌ عليه، أي أنّ الاستواء بمعنى الكيف أي الهيئة كالجلوس لا يعقل أي لا يقبله العقل لكونه من صفات الخلق لأنّ الجلوس لا يصحّ إلاّ من ذي أعضاء أي ألية وركبة وتعالى الله عن ذلك.) والسُؤالُ عَنهُ بِدعةٌ، ومَا أَرَاكَ إِلاَّ مُبتَدِعًا. وَأمَرَ بِهِ أَنْ يُخرَجَ.

وأمّا رواية “والكيف مجهول” فهي غير صحيحة لـم تصح عن أحد من السلف ولـم تثبت عن مالك ولا غيره من الأئمة، فالإمام مالك لـم يَقُل “والكَيفُ مَجهُول ”.

(119) _ وثبت عن مالك التأويل في حديث النـزول أنّه قال: “نـزول رحمة لا نـزول نُقلة”، وروي عنه كذلك في تأويل هذا الحديث: ((ينـزل ربّنا كلّ ليلة إلى السماء الدنيا فيقول هل من داعٍ فأستجيب له)) أي حديث النـزول، أنّه على سبيل الاستعارة ومعناه الإقبال على الداعي بالإجابة واللطف الرحمة، ليس على معنى الانتقال من مكان إلى ءاخر.

(120) _ وثبت أنّ مالكاً أوّل الأحاديث الـمتشابـهة التي يوهم ظاهرها التجسيم والحركة والانتقال والسكون، ففي تأويل مالك لـهذه الأحاديث نقل البيهقي بإسناده عن الأوزاعي ومالك وسفيان والليث بن سعد أنّهم سئلوا عن هذه الأحاديث فقالوا: ” أمرُّوها كما جاءت بلا كيفية ” ذكره في كتابه الأسماء والصفات.

الحمد لله رب العالمين



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین