2024 March 28 - 18 رمضان 1445
دراسة شبهات خطبة 92 نهج البلاغة (والتمسوا غيري)
رقم المطلب: ٢٥٩٧ تاریخ النشر: ١٣ شوال ١٤٤٠ - ١٨:١٧ عدد المشاهدة: 2172
المقالات » عام
دراسة شبهات خطبة 92 نهج البلاغة (والتمسوا غيري)

 

بسم الله الرحمن الرحيم


دراسة شبهات خطبة 92 کتاب نهج البلاغة

طرح الشبهة

اصل الخطبة

نقد و دراسة

تعيين الامام، بید الله، و تشكيل الحكومة بإرادة الناس

تعيين الخليفة و الامام فی القرآن الکریم

قضية نبی آدم و نبی داوود عليهما السلام

الآية الشريفة (إِنِّي جاعِلٌ فِي الأْرْضِ خَلِيفَة)، دليل علی تنصیب الامام و الخليفة

تعيين الخليفة فی سنة النبی صلي الله عليه وآله

تعيين الخليفة بید الله

1. الأمر إلي الله يضعه حيث يشاء

2. الملك لله يجعله حيث يشاء

3. إنما ذلك إلي الله عز وجل يجعله حيث يشاء

دراسة شؤون الإمامة

1. الوساطة فی الفيض علی كلّ الکون

الف: اثبات وساطة الفيض من القرآن الكريم

ب: اثبات وساطة الفيض عن طريق الروايات

دراسة سند هذه الرواية

2. هداية الناس

3. المرجعية العلمية

المرجعية العلمية لاميرالمؤمنین (ع)فی کلمات رسول الله صلي الله عليه و آله

الف: حديث الثقلين

دلالة حديث الثقلين علي المرجعية العلمية لأهل البيت عليهم السلام

ب: اهل البيت مرجع حل الاختلاف بعد النبي (ص)

ج: علي عليه السلام باب مدينة العلم (رسول الله صلي الله عليه واله)

تفسيرهذه الرواية

المرجعية العلمية لأميرالمؤمنین (ع) عن لسان الصحابة و التابعين

1. عائشة: علي أعلم الناس بالسنّة!

2. ابن عباس: لقد أعطي علي تسعة أعشار العلم!

3. سعيد بن مسيب: لم يكن أحد من الصحابة يقول «سلوني» إلاّ عليّ

4. كان عمر يتعوذّ باللّه من معضلة ليس فيها أبو حسن!

5. رجوع كبار الصحابة الي آراء اميرالمؤمنين علي عليه السلام

4. حفظ الشريعة

5. بسط العدالة

ما هو دور بيعة الناس في الحكومة الاسلامية ؟

ىراسة شبهات خطبة 92من نهج البلاغة

الشبهة الأولی : عدم قبول الخلافة عن اميرالمؤمنين عليه السلام فی بدایة الخلافة

الجواب

1. تقلبات الغلطة فی زمن الخلفاء احدی العلل فی عدم الخلافة

2. بدع الماضین

صلاة التراويح

متعة الحج و متعة النساء

تزویر الحديث عن النبی فی عدم توریث الانبیاء

تغيير سنة رسول الله صلي اللّه عليه وآله

الشبهة الثانیة: عدم منافات رد الحكومة المشروطة مع آية: « وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ... »

الجواب

الشبهة الثالثة: هل علي عليه السلام عین شرطا مسبقا لقبول الخلافة ؟

الجواب

الشبهة الرابعة: هل عدم قبول الخلافة من قبَل اميرالمؤمنين عليه السلام نوع من الفرار عن المسئولية؟

الجواب

الجواب عن شبهات اخري ، کشبهة خطبة«92»

النتيجة

دراسة شبهات خطبة 92 من کتاب نهج البلاغة

طرح الشبهة:

من الشبهات التي تطرحها الوهابية بکثیرهی:

لو کانت الخلافة و الامامة وظيفة الهية و تعیینیة ؛ لماذا بعد عثمان، اميرالمؤمنین عليه السلام امتنع عن قبولها؟ حتی انهم صروا علیه فقال:

دعوني والتمسوا غيري ... وأنا لكم وزيراً خيراً لكم مني اميراً وان تركتموني فأنا كاحدكم وأسمعكم وأطوعكم

نهج البلاغة صبحي صالح، ج 1، ص136.

اصل الخطبة:

دَعُونِي وَالْتمِسُوا غَيْرِي فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ لَا تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ وَلَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ وَ إِنَّ الآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ وَالْمحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ. وَاعْلَمُوا أَنِّي إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ وَلَمْ أُصْغِ إِلَي قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ ولَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً.

نهج البلاغة صبحي صالح، ج 1، ص136.

نقد و دراسة:

فی الاجابة عن هذه الشبهة، لابد من الالتفات الی کم نكتة اساسية:

تعيين الامام، بید الله، و تشكيل الحكومة بإرادة الناس

لابد من الالتفات الی ان موضوع الامامة ینفصل عن قضية الحكومة ؛ لأن الامامة منصب الهی ؛ لکن الحكومة إحدی شئونات الإمامة ؛ فالذی ینصبه الله تعالی لهذا المقام، فهو الامام ؛ شاء الناس او لم یشاءوا، ارادة الناس فی تعيین الإمام لم یکن لها دور؛ کما ان ارادة الناس لم یکن لها دور فی تعيين النبی (ص).

لکن الإمام لم یتبع البيعة وهذا لاینافي حق الامامة ؛ لأن البيعة مع الناس (الحكومة)، تحتاج الی اقبال و تهیؤ من قبل الناس ؛ لکن الامامة المعینة من الله تبارك و تعالي لم تحتاج الی الاقبال و التهیؤ من قبل الناس و هی مثل نبوة النبی صلي الله عليه واله . کما ان النبی صلي الله عليه وآله، لم یشکل حکومة اسلامیة فی بلدة مكة طیلة ثلاث عشر سنة قبل الهجرة؛ لأنه لم تتهیأ ارضیة تشكيل الحكومة فی مكّة.

تعيين الخليفة و الإمام فی القرآن الکریم:

الله تعالی فی القرآن الکریم ینسب  تعیین الخليفة و الإمام الی نفسه و یقول فی تعيين النبی و الخليفة فی الارض هکذا:

اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَه . الأنعام/124.

کذلک یقول فی تعيین الإمام هکذا:

وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الأْرْضِ خَلِيفَة. البقرة/30.

وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا. الأنبياء/73.

وَنُريدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثين . القصص/5.

قضية نبی آدم و نبی داوود عليهما السلام:

الادلة فی ان الخلافة و الامامة ؛ التی تشمل الآيات والروايات ؛ اکثر من ان تدرس کلها فی هذه المقالة القصیرة ؛ الحال علی سبیل الاختصار نتعرض الی مطالب منها

یقول الله تعالی هکذا :

وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الأْرْضِ خَلِيفَة. البقرة/30.

و فی آية اخری ( قضية نبی داوود عليه السلام) یقول:

يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الأْرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوي. ص/ 26.

آية (إِنِّي جاعِلٌ فِي الأْرْضِ خَلِيفَة)، دليل علی تنصیب الإمام و الخليفة:

ابو عبد الله القرطبي المفسر الشهير عند اهل السنة، فی تفسير آية 30 من سورة البقرة (قضية نبی آدم عليه السلام) یعتبر هذه الآية الشريفة اصل فی تنصیب الامام و الخليفة و یقول:

هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع لتجتمع به الكلمة وتنفذ به أحكام الخليفة ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة... .

الأنصاري القرطبي، ابوعبد الله محمد بن أحمد (المتوفی671هـ)، الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي)، ج 1، ص 264، ناشر: دار الشعب - القاهرة.

و یعتبر هذه الآيات الشريفة دليل علی وجوب تنصیب الامام و الخليفة:

ودليلنا قول الله تعالي : «إِنِّي جاعِلٌ فِي الأْرْضِ خَلِيفَة» وقوله تعالي : «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأْرْضِ» أي يجعل منهم خلفاء إلي غير ذلك من الآي.

الأنصاري القرطبي، ابوعبد الله محمد بن أحمد (المتوفی671هـ)، الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي)، ج 1، ص 264، ناشر: دار الشعب - القاهرة.

حتی ان القرطبي یعتبر الامامة ركن من اركان الدين:

فدل علي وجوبها وأنها ركن من أركان الدين الذي به قوام المسلمين.

الأنصاري القرطبي، ابوعبد الله محمد بن أحمد (المتوفی671هـ)، الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي)، ج 1، ص 265، ناشر: دار الشعب - القاهرة.

و یقول الله تعالی فی رسالة إبراهيم النبی هکذا :

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهيمَ وَجَعَلْنا في ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتاب . الحديد/ 26.

کما یقول فی منصب امامته هکذا :

إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمين . البقره/124.

نبی موسي یسأل الله تعالی ان یعین له وزیرا:

وَاجْعَلْ لي وَزيراً مِنْ أَهْلي . طه/ 29.

و الله تعالی یجیب عن دعاء موسي هکذا:

قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسي . طه/ 36.

الله تعالی یقول فی انبياء بني اسرائيل هکذا:

لَقَدْ أَخَذْنا ميثاقَ بَني إِسْرائيلَ وَ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسلاً. المائدة/ 72.

            و یقول فی ائمة بني اسرائيل هکذا:

وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا . السجدة/24.

ففی تمام هذه الآيات، الله تعالی ینسب تعیین الخليفة و الإمام الی نفسه کما انه ینسب تعیین و هدایة الانبياء الی نفسه.

تعيين الخليفة فی سنة النبی صلي الله عليه وآله:

کذلک فی سنة النبی صلي الله عليه وآله مثل قرآن الکریم، ینسب تعیین الخليفة و الإمام الی الله تعالی.

تعيين الخليفة بید الله:

العلماء الکبار من اهل السنة؛ مثل ابن هشام و ابن كثير و ابن حبّان و آخرین نقلوا انه عند دعوة قبائل العرب للاسلام، قال بعض الشخصيات الکبار للقبائل؛ مثل بني عامر بن صعصعة، لرسول الاكرم صلي اللّه عليه وآله هکذا:

1. الأمر إلي الله يضعه حيث يشاء

عن الزهري أنه أتي بني عامر بن صعصعة فدعاهم إلي الله عز وجل وعرض عليهم نفسه فقال رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس قال ابن هشام فراس بن عبدالله بن سلمة الخير بن قشير بن كعب ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة:

والله لو أني أخذت هذا الفتي من قريش لأكلت به العرب ثم قال أرأيت إن نحن بايعناك علي أمرك ثم أظهرك الله علي من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك. قال: الأمر إلي الله يضعه حيث يشاء.

ابن هشام، عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري أبو محمد، (المتوفی218هـ)، السيرة النبوية، ج2، ص272، تحقيق : طه عبد الرءوف سعد، ناشر: دار الجيل - بيروت، الطبعةالأولي ، 1411 هـ ؛

الطبري، محمد بن جرير أبو جعفر (المتوفی310)، تاريخ الامم و الملوك (تاريخ الطبري) ، ج 2، ص 84، تحقيق و مراجعه وتصحيح وضبط : نخبة من العلماء الأجلاء، ناشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت - لبنان، الطبعةالرابعة، 1403 - 1983 م ،توضيحات : قوبلت هذه الطبعة علي النسخة المطبوعة بمطبعة «بريل»بمدينة لندن في سنة 1879 م؛

التميمي البستي، محمد بن حبان بن أحمد ابوحاتم(المتوفی354 هـ)، الثقات، ج 1، ص89 ـ 90، تحقيق السيد شرف الدين أحمد، ناشر: دار الفكر، الطبعةالأولي، 1395هـ - 1975م؛

عز الدين بن الأثير، علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني أبو الحسن(المتوفی630هـ)، الكامل في التاريخ، ج 1، ص 609، تحقيق عبد الله القاضي، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الثانية، 1415هـ ؛

الكلاعي الأندلسي، سليمان بن موسي ابوالربيع (المتوفی634هـ)، الإكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء، ج 1، ص 304، تحقيق د. محمد كمال الدين عز الدين علي، ناشر: عالم الكتب - بيروت، الطبعة: الأولي، 1417هـ ؛

النويري، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب (المتوفی733هـ)، نهاية الأرب في فنون الأدب، ج 16، ص 215، تحقيق مفيد قمحية وجماعة، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعةالأولي، 1424هـ - 2004م؛

الذهبي الشافعي، شمس الدين ابوعبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (المتوفی 748 هـ)، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ج 1، ص 286، تحقيق د. عمر عبد السلام تدمري، ناشر: دار الكتاب العربي - لبنان/ بيروت، الطبعة: الأولي، 1407هـ - 1987م؛

ابن كثير الدمشقي، إسماعيل بن عمر ابوالفداء القرشي (المتوفی774هـ)، البداية والنهاية ج 3 ، ص 139، ناشر: مكتبة المعارف - بيروت؛

الحلبي، علي بن برهان الدين (المتوفی1044هـ)، السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، ج 2، ص 154، ناشر: دار المعرفة - بيروت - 1400.

2. الملك لله يجعله حيث يشاء

کذلک کثیر من کبار اهل السنة نقلوا هذه الرواية عن ابن عباس:

عن ابن عباس، عن العباس قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: «لا أري لي عندك ولا عند أخيك منعة، فهل أنت مخرجي إلي السوق غدا حتي نقر في منازل قبائل الناس» وكانت مجمع العرب. قال: فقلت: هذه كندة ولفها، وهي أفضل من يحج البيت من اليمن، وهذه منازل بكر بن وائل، وهذه منازل بني عامر بن صعصعة، فاختر لنفسك. قال: فبدأ بكندة فأتاهم فقال: ممن القوم ؟ قالوا: من أهل اليمن.قال: من أي اليمن ؟ قالوا: من كندة قال: من أي كندة ؟ قالوا: من بني عمرو بن معاوية.

قال: فهل لكم إلي خير ؟ قالوا: وما هو ؟ قال: " تشهدون أن لا إله إلا الله وتقيمون الصلاة وتؤمنون بما جاء من عند الله ".

قال عبدالله بن الاجلح: وحدثني أبي عن أشياخ قومه، أن كندة قالت له: إن ظفرت تجعل لنا الملك من بعدك ؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: « إن الملك لله يجعله حيث يشاء». فقالوا: لا حاجة لنا فيما جئتنا به.

ابن كثير الدمشقي، إسماعيل بن عمر ابوالفداء القرشي (المتوفی774هـ)، السيرة النبوية، ج2، ص189. طبق برنامه الجامع الكبير؛

ابن كثير الدمشقي، إسماعيل بن عمر ابوالفداء القرشي (المتوفی774هـ)، البداية والنهاية، ج 3، ص1، ناشر: مكتبة المعارف - بيروت.

3. إنما ذلك إلي الله عز وجل يجعله حيث يشاء

و کثیر من کبار اهل السنة ینقلون هذه القصة فی عامر بن طفيل و اربد بن ربيعة ایضا انهم سألوا رسول الله صلي الله عليه وآله و اجابهم الرسول ص هکذا:

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أقبل عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة وهما عامريان يريدان رسول الله وهو جالس في المسجد في نفر من أصحابه فدخلا المسجد فاستشرف الناس لجمال عامر وكان أعور وكان من أجل الناس فقال رجل يا رسول الله هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك فقال: دعه فإن يرد الله به خيرا بهذه فأقبل حتي قام عليه فقال يا محمد مالي إن أسلمت قال لك ما للمسلمين وعليك ما علي المسلمين قال تجعل لي الأمر بعدك قال ليس ذلك إلي إنما ذلك إلي الله عز وجل يجعله حيث يشاء.

البغوي، الحسين بن مسعود (المتوفی516 هـ )،تفسير البغوي، ج 3، ص 10، تحقيق: خالد عبد الرحمن العك، ناشر: دار المعرفة - بيروت؛

الثعلبي ابوإسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم (المتوفی427هـ) الكشف والبيان، ج 5، ص276، تحقيق: الإمام أبي محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق الأستاذ نظير الساعدي، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة: الأولي، 1422هـ-20؛2م؛

القرطبي، محمد بن أحمد الأنصاري أبو عبد الله، الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي) (المتوفی 671 هـ )، ج 9، ص 297، ناشر : دار الشعب - القاهرة.

البغدادي الشهير بالخازن، علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم (المتوفی725هـ )، تفسير الخازن المسمي لباب التأويل في معاني التنزيل، ج 4 ص 8 ، ناشر: دار الفكر - بيروت / لبنان - 1399هـ ـ 1979م؛

النويري، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب (المتوفی733هـ)، نهاية الأرب في فنون الأدب، ج 3 ص 37، تحقيق مفيد قمحية وجماعة، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعةالأولي، 1424هـ - 2004م؛

الميداني، أحمد بن محمد النيسابوري أبو الفضلل، (المتوفی518هـ )، مجمع الأمثال ج 2 ص 57 ، تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد ناشر : دار المعرفة - بيروت؛

الزيلعي، عبدالله بن يوسف ابومحمد الحنفي (المتوفی762هـ)، تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري، ج 2 ص 189، تحقيق: عبد الله بن عبد الرحمن السعد، ناشر: دار ابن خزيمة - الرياض، الطبعة: الأولي، 1414هـ ؛

الحلبي، علي بن برهان الدين (المتوفی1044هـ)، السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، ج 3 ، ص 246،ناشر: دار المعرفة - بيروت - 1400؛

الواحدي، أبي الحسن علي بن أحمد، أسباب نزول الآيات، ناشر: مؤسسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع - القاهرة، 1388 - 1968 م.

دراسة شؤون الامامة :

من الاغلاط الفاحشة لبعض المتفکرين هی انهم یتصورون الامامة ترادف الحكومة و الحال أن الحكومة شأن من شؤون الامامة و للامامة  شؤون أخر هی عبارة عن:

1. وساطة الفيض علی كلّ الکون:

الف: اثبات وساطة الفيض من القرآن كريم:

لاشک ان الله جعل الانبیاء و بعض الصلحاء و رسله واسطة الفيض علی كلّ الکون، کما ان القرآن الکریم یقول فی قضية نبی سليمان هکذا:

هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب. ص / 39.

أي : هذا الذي أعطيناك من الملك التام والسلطان الكامل كما سألتنا فأعط من شئت واحرم من شئت ، لا حساب عليك ، أي : مهما فعلت فهو جائز لك احكم بما شئت فهو صواب.

ویقول فی رسول الله صلي الله عليه وآله هکذا:

وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُه مِن فَضْلِه . توبه / 74.

أي : وما للرسول عندهم ذنب إلا أن الله أغناهم ببركته و يمن سفارته ، ولو تمت عليهم السعادة لهداهم الله لما جاء به ، كما قال ، عليه السلام للأنصار : ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي ؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟

فی هذه الآیة الشريفة جعل النبی صلي الله عليه واله فی غناءالناس، بعد غناءالناس من قبل الله تعالی. و هذا بمعنی ان : غناء النبی صلي الله عليه واله للناس فی امتداد غناء الله لهم و هذا هو معنی ان واسطة الفيض هو النبی صلوات الله عليه و اله و هذه الخصلة کانت فی سليمان و بقیة الانبياء، بعد النبي الأكرم صلي الله عليه وآله، فقط للائمة المعصومین عليهم السلام هذه الخصلة فقط و یمکن لهم ان یکونوا واسطة الفيض فی کل الكون؛ لأنه بعد النبی صلي الله عليه و اله، یقترن التمسك ب اهل البيت عليهم السلام مع التمسك بالقرآن الكريم و توجب النجاة من الضلال؛ کما انه فی زمان حياة النبی صلي الله عليه واله التمسك بالقرآن و اقواله کان یوجب النجاة من الضلال؛ بعدالنبی ص، اهل البيت و القرآن هم وسائط الفيض الإلهي و الا اما ان نعتقد بأنه بعد النبی صلي الله عليه واله (صلي الله عليه و سلم) الله عليه واله لم یکن شخص واسطة الفيض وهذا باطل أو نجعل الذین هم لیس عدل للقرآن، واسطة الفيض! و هذا غیر مقبول ان الله تعالی مع وجود اهل البيت، یجعل الآخرین واسطة الفيض!

و الله تعالی یقول فی آية اخری هکذا:

وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُواْ مَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِليَ اللَّهِ رَاغِبُون . توبة/ 59.

فی هذه الآية الشريفة ایضا، نسب ال«ايتاء» الی الله و الی رسول الله تعالی.

ب: اثبات وساطة الفيض عن طريق الروايات:

فی مصادر اهل السنة ایضا ذکرت روايات تثبت ان الله یدفع البلایا عن اهل الارض بواسطة الانبیاء و الصالحین. فی الواقع هؤلاء واسطة الفيض من قبل الله، یدفعون البلاء عن المخلوقات و یصلون رحمة الله الی الناس.

من هذا المنطلق علماء اهل السنة ایضا لم یشکوا فی اصل ان واسطة الفيض هم الانبياء و الصلحاء؛ لکن یعتبرون واسطة الفيض هم الانبياء أو الصلحاء؛ لکن نحن الشيعة نعتبر واسطة الفيض هو الامام المعصوم فی کل زمان.

هنا نشیر الی کم نموذج من الروايات التي ذکرت فی مصادر اهل السنة:

1. ابن حجر ذکر فی فتح الباري هکذا:

وروي عن مكحول عن كعب الأحبار قال أربعة من الأنبياء أحياء أمان لأهل الأرض اثنان في الأرض الخضر والياس واثنبن في السماء إدريس وعيسي.

العسقلاني الشافعي، أحمد بن علي بن حجر ابوالفضل (المتوفی852 هـ)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج 6 ، ص 434، تحقيق: محب الدين الخطيب، ناشر: دار المعرفة - بيروت.

2 . العيني ذکر فی عمدة القاري هکذا :

وعن شهر بن حوشب : لا تخلو الأرض إلاَّ وفيها أربعة عشر يدفع الله بهم عن أهل الأرض ويخرج بركتها إلاَّ زمان إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، فإنه كان وحده.

العيني الغيتابي الحنفي، بدر الدين ابومحمد محمود بن أحمد (المتوفی 855هـ)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ج 19، ص 18، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

3. ذکر هذه الرواية فخر الرازي ایضا فی تفسيره:

الرازي الشافعي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي (المتوفی604هـ)، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، ج 20، ص 108، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولي، 1421هـ - 2000م.

4. الطبري ایضا ذکر هذه الرواية بسندها فی تفسيره:

الطبري، أبي جعفر محمد بن جرير (المتوفی 310هـ)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ج 14، ص190و192، ناشر: دار الفكر، بيروت - 1405هـ

5 . و القرطبي فی تفسيره ذکر رواية اخری عن الامام علي عليه السلام هکذا:

وروي عن علي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ) إن الأبدال يكونون بالشام وهم أربعون رجلا كلما مات منهم رجل أبدل الله مكانه رجلا يسقي بهم الغيث وينصر بهم علي الأعداء ويصرف بهم عن أهل الأرض البلاء ) ذكره الترمذي الحكيم في نوادر الأصول.

الأنصاري القرطبي، ابوعبد الله محمد بن أحمد (المتوفی671هـ)، الجامع لأحكام القرآن، ج 3 ، ص 259، ناشر: دار الشعب - القاهرة.

6. الطبراني فی معجم الأوسط ینقل رواية عن انس هکذا:

حدثنا علي بن سعيد قال نا إسحاق بن زريق الراسبي قال نا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن انس قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لن تخلو الأرض من اربعين رجلا مثل إبراهيم خليل الرحمن فبهم يسقون وبهم ينصرون ما مات منهم أحد الا ابدل الله مكانه اخر قال وسمعت قتادة يقول لسنا نشك ان الحسن منهم .

الطبراني، ابوالقاسم سليمان بن أحمد بن أيوب (المتوفی360هـ)، المعجم الأوسط، ج 4، ص 247، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد، عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، ناشر: دار الحرمين - القاهرة - 1415هـ.

دراسة سند هذه الرواية:

الهيثمي فی مجمع الزوائد یقول:

رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن.

الهيثمي، ابوالحسن علي بن أبي بكر (المتوفی 807 هـ)، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ج 10، ص 63، ناشر: دار الريان للتراث/ دار الكتاب العربي - القاهرة، بيروت - 1407هـ.

النبی صلي الله عليه و اله عندما یعرف اهل بيته ملجأ الناس بعده فهو دليل واضح علی انهم واسطة الفيض، فلنذکر هنا طائفة من الروايات هکذا :

ابويوسف الفسوي، المؤرخ الشهیرعند اهل السنة فی كتاب المعرفة والتاريخ یقول:

حدثنا عبيد الله قال: حدثنا موسي بن عبيدة عن اياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي.

الفسوي ، أبو يوسف يعقوب بن سفيان (المتوفی277هـ) ، المعرفة والتاريخ ،ج 1، ص121، تحقيق : خليل المنصور ، ناشر : دار الكتب العلمية - بيروت - 1419هـ- 1999م .

و ابو عبد الله الترمذي فی نوادر الأصول یقول:

في أن النجوم أمان لأهل السماء . والعلماء الصديقين أهل بيت النبوة أمان للأمة .

عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي).

الترمذي، محمد بن علي بن الحسن ابوعبد الله الحكيم (المتوفی360هـ)، نوادر الأصول في أحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم، ج 3، ص61، تحقيق: عبد الرحمن عميرة، ناشر: دار الجيل - بيروت - 1992م.

نفس هذه الرواية ینقلها ابن حجر العسقلاني فی المطالب العالية :

العسقلاني الشافعي، أحمد بن علي بن حجر ابوالفضل (المتوفی852هـ)، المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، ج 16، ص215، تحقيق: د. سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشتري، ناشر: دار العاصمة/ دار الغيث، الطبعة: الأولي، السعودية - 1419هـ .

و الحاكم النيسابوري یذکر حديثا آخرعن النبی صلي الله عليه واله سلم انه قال :

النجوم أمان لأهل السماء فإذا طمست النجوم، أتي السماء ما يوعدون ، وأنا أمان لأصحابي فإذا قُبضت، أتي أصحابي ما يوعدون ، وأهل بيتي أمان لأمّتي فإذا ذهب أهل بيتي أتي أمتي ما يوعدون.

الحاكم ، محمد بن عبدالله ابوعبدالله (المتوفی 405 هـ)، المستدرك علي الصحيحين،ج3،ص457، تحقيق: مصطفي عبد القادر عطا، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة: الأولي، 1411هـ - 1990م.

و فی حديث آخر یقول :

النجوم أمان لأهل السماء ، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض.

الهيثمي، ابوالعباس أحمد بن محمد بن علي ابن حجر (المتوفی973هـ)، الصواعق المحرقة علي أهل الرفض والضلال والزندقة، ج2، ص445، تحقيق عبد الرحمن بن عبد الله التركي - كامل محمد الخراط، ناشر: مؤسسة الرسالة - لبنان، الطبعة: الأولي، 1417هـ - 1997م؛

القندوزي الحنفي ، الشيخ سليمان بن إبراهيم (المتوفی1294هـ) ينابيع المودة لذوي القربي، ج1، ص 71، باب سوم، تحقيق سيد علي جمال أشرف الحسيني، ناشر : دار الأسوة للطباعة والنشر ـ قم، الطبعة:الأولي ، 1416هـ .

و ذکربلفظ آخر هکذا:

النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي.

الهيثمي، ابوالعباس أحمد بن محمد بن علي ابن حجر (المتوفی973هـ)، الصواعق المحرقة علي أهل الرفض والضلال والزندقة،187 ج2، ص 445، تحقيق عبد الرحمن بن عبد الله التركي - كامل محمد الخراط، ناشر: مؤسسة الرسالة - لبنان، الطبعة: الأولي، 1417هـ - 1997.

حسب هذه الروايات، وساطة الفيض؛ تثبت لاهل بيت النبی ص؛ لأنهم امان أهل الأرض؛فمع الالتفات الی هذه الروايات و الروايات السالفة نستطیع ان نقول اصل وساطة الفيض لبعض الاشخاص مثل اهل بيت النبی ص امر مسلم و مقبول بين الامة الاسلامية جمعاء.

2. هداية الناس:

رسول الله صلي الله عليه وآله فی زمانه تعهد وظيفة هداية الناس نفسه، فبعد وفاة الرسول هداية الناس لابد ان تکون فی عهدة الذین عرفهم الرسول (ص) هاديا للامة الاسلامیة.

المصادر العدیدة نقلت فی تفسير هذه الآية الشريفة:

«إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد» الرعد/ 7

فذکروا انه عند ما نزلت هذه الآیة الشريفة، جعل رسول الله صلي الله عليه وآله یده علی صدره و قال:

«أنا المنذر وأومأ بيده إلي منكب علي رضي اللّه عنه فقال: أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي».

الطبري، محمد بن جرير أبو جعفر (المتوفی 310هـ)،جامع البيان عن تأويل آي القرآن،ج 13، ص 142، تقديم : الشيخ خليل الميس / ضبط وتوثيق وتخريج : صدقي جميل العطار، ناشر: دار الفكر، بيروت -1415 - 1995هـ؛

إبي أبي حاتم الرازي، عبد الرحمن بن محمد بن إدريس (المتوفی327هـ)، تفسير القرآن العظيم ، تحقيق: أسعد محمد الطيب، ناشر: المكتبة العصرية - صيدا؛

الرازي الشافعي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي (المتوفی604هـ)، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، ج 19، ص12، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولي، 1421هـ - 2000م.

ابن كثير الدمشقي، إسماعيل بن عمر ابوالفداء القرشي (المتوفی774هـ)، تفسير القرآن العظيم، ج2، ص520، ناشر: دار الفكر - بيروت - 1401هـ. ؛

الحاكم ، محمد بن عبدالله ابوعبدالله (المتوفی 405 هـ)، المستدرك علي الصحيحين، ج3، ص129، تحقيق: مصطفي عبد القادر عطا، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة: الأولي، 1411هـ - 1990م؛

السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (المتوفی911هـ)، الدر المنثور، ج4، ص608، ناشر: دار الفكر - بيروت - 1993..

حسب هذه الرواية هداية الناس بعد رسول الله (ص)تکون فی عهدة اميرالمؤمنین عليه السلام و هی من وظائف الإمام.

کذلک المصادر العدیدة من اهل السنة نقلت ان النبی صلي الله عليه و اله عرّف اميرالمؤمنين علي عليه السلام هکذا :

«عن حذيفة قال : قالوا : يا رسول اللّه ألا تستخلف عليا ؟ قال : «إن تولّوا عليّاً تجدوه هادياً مهديّاً يسلك بكم الطريق المستقيم».

الأصبهاني، ابونعيم أحمد بن عبد الله (المتوفی430هـ)، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ج 1، ص64، ناشر: دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة: الرابعة، 1405هـ؛

الكوفي، محمد بن سليمان(المتوفی300هـ)، مناقب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ج1، ص448، تحقيق: الشيخ محمد باقر المحمودي، ناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية - قم، الطبعة الأولي،1412 هـ .

الگنجي الشافعي فی كفاية الطالب یقول:

هذا حديث حسن عال.

الگنجي الشافعي، الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب، ص 163، تحقيق و تصحيح و تعليق: محمد هادي اميني، ناشر: دار احياء تراث اهل البيت (ع)، طهران، الطبعة الثالثة، 1404هـ .

و ذکر فی مستدرك الحاكم النيسابوري هکذا:

وان وليتموها عليا فهاد مهتد يقيمكم علي صراط مستقيم. هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه.

الحاكم ، محمد بن عبدالله ابوعبدالله (المتوفی 405 هـ)، المستدرك علي الصحيحين، ج3، ص73 و 74، تحقيق: مصطفي عبد القادر عطا، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة: الأولي، 1411هـ - 1990م.

3. المرجعية العلمية:

النبی صلي الله عليه وآله کان هو المرجع العلمي فی زمانه للمسلمین فقط، التی عمل بهذه الوظیفة من خلال بيان الأحكام الشرعية للناس، فترة عن طريق تلاوة آيات الأحكام و فترة عن طريق سنته الشريفة.

الله تعالی یقول :

لقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. آل عمران /164.

و فی آية اخری یقول:

وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. النحل/44.

بعد النبی صلي الله عليه وآله و عند ظهور الحوادث الجديدة، احتاجت الامة الاسلامية، احكاما جديدة التی لم تطرح فی زمن الرسول ص و بفقدان النبي الأكرم صلي الله عليه وآله ، من اللازم و الضروری وجود مرجع علمي مثل الإمام حتی یجیب عن الاحتياجات الجديدة للامة الاسلامية فی الاحكام مع الالتفات الی سنة رسول الله (ص) التی انتقلت الیهم و یتکفل المرجعية العلمية بعد الرسول ص.

المرجعية العلمية لاميرالمؤمنین (ع)فی کلمات رسول الله صلي الله عليه و آله

الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله، فی احادیث عدیدة عرف هذه المرجعية العلمية للناس و وصی الامة الاسلامية انهم عند الاختلافات العلمية ان یراجعوا هذه المرجعیة العلمية، فلنشیر الی ثلاث نموذج من الاحاديث هنا:

الف: حديث الثقلين:

فی هذا الحديث الشريف، النبی الأعظم صلي الله عليه وآله عرّف اهل بيته مرجعا علميا لأمته و جعلهم عدل كتاب الله و قال: « مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا- كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی أَهْلَ بَیْتِی وَ إِنَّهُمَا لَنْ یَفْتَرِقَا حَتَّى یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ »

حديث الثقلين مورد اتفاق الأمة الاسلامية و عدد کبیر من علماء الشيعة و السنة صرحوا بصحة هذه الرواية، حتي ابن كثير السلفي ذکرفی تفسيره هکذا:

وقد ثبت في الصحيح أنّ رسول اللّه صلي الله عليه وسلم قال في خطبته بغدير خم «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي وإنّهما لم يفترقا حتّي يردا عليّ الحوض».

ابن كثير الدمشقي، إسماعيل بن عمر ابوالفداء القرشي (المتوفی774هـ)، تفسير القرآن العظيم، ج4، ص114، ناشر: دار الفكر - بيروت - 1401هـ..

و قال فی کتابیه هکذا:

قال شيخنا أبو عبد اللّه الذهبي: و هذا حديث صحيح.

ابن كثير الدمشقي، إسماعيل بن عمر ابوالفداء القرشي (المتوفی774هـ)، السيرة النبويّة، ج4، ص416، تحقيق : مصطفي عبد الواحد، ناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان، 1395هـ- 1976 م؛

ابن كثير الدمشقي، إسماعيل بن عمر ابوالفداء القرشي (المتوفی774هـ)، البداية والنهاية، ج 5، ص228، تحقيق وتدقيق وتعليق : علي شيري، ناشر : دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان، چاپ : الأولي، 1408هـ - 1988 م.

و الشيخ ناصر الدين الالباني الوهّابي شهد بصحة هذا الحديث.

الألباني، محمّد ناصر، صحيح الجامع الصغير ج1، ص136، ح2748، ناشر: المكتب الإسلامي،الطبعة المجددة والمزيدة والمنقحة 1408هـ

و الهيثمي ایضا قال :

رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.

الهيثمي، ابوالحسن علي بن أبي بكر (المتوفی 807 هـ)، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ج1، ص170، ناشر: دار الريان للتراث/ دار الكتاب العربي - القاهرة، بيروت - 1407هـ.

دلالة حديث الثقلين علی المرجعية العلمية لأهل بيت عليهم السلام:

دلالة هذا الحديث علی المرجعية العلمية لأهل البيت واضح و مبرهن؛ لأن التمسك باهل البيت اقترن بتمسكه لكتاب الله، فکما ان القران الكريم مرجع علمي لهداية الناس عن الضلالة، کذلک التمسك باهل بيت النبی صلي الله عليه و اله یوجب التخلیص عن الضلال؛ و من المعلوم ان التمسك باهل بيت النبی صلي الله عليه و اله و متابعتهم و اطاعة اوامرهم یلائم فقط الاعتقاد بامامتهم و الاقتداء بهم ائمة للمسلمين.

عدة من علماء اهل السنة ایضا مع الالتفات الی اقتران التمسك بالعترة مع التمسك بالقرآن الكريم فی هذا الحديث الشريف، یعتبرون التمسك باهل البيت هو العمل بأوامرهم ــ التی فیه العلم و الهداية ــ الذی لا یتمکن الا بالاعتقاد بامامتهم و انهم المرجع العلمي فقط.

فلنذکر هنا علی سبیل المثال كلمات بعضهم:

1. التفتازاني یذکر فی «شرح المقاصد» هکذا:

ألا يري أنه صلي الله عليه وسلم قرنهم بكتاب الله في كون التمسك بهما منقذا من الضلالة ولا معني للتمسك بالكتاب إلا الأخذ بما فيه من العلم والهداية فكذا في العترة.

التفتازاني، سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله (المتوفی 791هـ)، شرح المقاصد في علم الكلام، ج 2، ص 303، ناشر: دار المعارف النعمانية - باكستان، الطبعة: الأولي، 1401هـ - 1981م.

2. ملا علي القاري فی كتاب «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح » ذکر قول «ابن الملك» فی هذا المجال هکذا:

وقال ابن الملك : التمسك بالكتاب العمل بما فيه ، وهوالائتمار بأوامر الله والانتهاء بنواهيه . ومعني التمسك بالعترة محبتهم والاهتداء بهديهم وسيرتهم.

القاري، علي بن سلطان محمد (المتوفی 1014هـ)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ج 11، ص307، تحقيق : جمال عيتاني، ناشر: دار الكتب العلمية - لبنان/ بيروت الطبعة : الأولي - 1422هـ - 2001م.

3. المناوي ایضا یقول:

زاد في رواية (كهاتين) وأشار بأصبعيه وفي هذا مع قوله أولا إني تارك فيكم تلويح بل تصريح بأنهما كتوأمين خلفهما ووصي أمته بحسن معاملتهما وإيثار حقهما علي أنفسهم واستمساك بهما في الدين.

المناوي، محمد عبد الرؤوف بن علي بن زين العابدين (المتوفی 1031هـ)، فيض القدير شرح الجامع الصغير، ج3، ص 15، ناشر: المكتبة التجارية الكبري - مصر، الطبعة: الأولي، 1356هـ.

ب: اهل البيت مرجع حل الاختلاف بعد النبي (ص):

رسول الله صلي الله عليه وآله فی مرّات عدیدة عرّف اهل البيت عليهم السلام و علی رأسهم علي بن أبي طالب عليه السلام مرجعا لحل الاختلاف فی الامة بعد النبی.

الحاكم النيسابوري ذکره فی كتاب «المستدرك»، و اعتبره صحیحا علی شرط الشيخين(البخاري و مسلم) :

(حدثنا) عبدان بن يزيد بن يعقوب الدقاق من أصل كتابه ثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل ثنا أبو نعيم ضرار بن صرد ثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي يذكر عن الحسن عن انس بن مالك رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال: أنت تبين لامتي ما اختلفوا فيه بعدي.

هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه.»

الحاكم ، محمد بن عبدالله ابوعبدالله (المتوفی 405 هـ)، المستدرك علي الصحيحين،ج3، ص132، تحقيق: مصطفي عبد القادر عطا، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة: الأولي، 1411هـ - 1990م.

عدة اخری ایضا ذکروا هذه الرواية منهم:

ابن عساكر الدمشقي الشافعي، أبي القاسم علي بن الحسن إبن هبة الله بن عبد الله،(المتوفی571هـ)، تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل، ج42، ص387، تحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري، ناشر: دار الفكر - بيروت - 1995؛

الهندي، علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين (المتوفی975هـ)، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، ج11، ص282، تحقيق: محمود عمر الدمياطي، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولي، 1419هـ - 1998م؛

الأصبهاني، ابونعيم أحمد بن عبد الله (المتوفی430هـ)، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ج1، ص 64، ناشر: دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة: الرابعة، 1405هـ ؛

الخوارزمي، الموفق بن أحمد بن محمد البكري المكي الحنفي المتوفی 568ه ، المناقب، ص85، تحقيق الشيخ مالك المحمودي مؤسسة سيد الشهداء ( عليه السلام ) ، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة الطبعةالثانية ربيع الثاني 1414ه ـ ؛

القندوزي الحنفي ، الشيخ سليمان بن إبراهيم (المتوفی1294هـ) ينابيع المودة لذوي القربي، ج2، ص488، تحقيق سيد علي جمال أشرف الحسيني، ناشر : دار الأسوة للطباعة والنشر ـ قم، الطبعة:الأولي ، 1416هـ .

و فی رواية اخری ینقل هکذا:

حدثنا مكرم بن أحمد القاضي ثنا أحمد بن علي الأبار ثنا إسحاق بن سعيد بن أركون الدمشقي ثنا خليد بن دعلج أبو عمرو السدوسي أظنه عن قتادة عن عطاء عن بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

الحاكم النيسابوري، ابو عبدالله محمد بن عبدالله (المتوفی 405 هـ)، المستدرك علي الصحيحين، ج 3، ص 162، ح4715، تحقيق: مصطفي عبد القادر عطا، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة: الأولي، 1411هـ - 1990م.

من الواضح انه فی الاختلافات العادية بين المسلمین مثل الاختلافات المالية و...یمکن لکثیر من الاشخاص ان یکونوا مرجع حل الاختلاف؛ لکن لا یتمکن کل شخص ان یکون مرجع حل الاختلافات العلمية بين الامة الاسلامیة؛ يعني لا یستطیع کل شخص ان یقضی عند الاختلاف بين علماء الاسلام فی مسألة علمية؛ بل لابد ان یکون ذو علم وافر اعطاه الله تعالی عن طريق النبی (صلي الله عليه وآله و سلم) و الکل یعلم ان اميرالمؤمنين و الائمة المعصومين عليهم اسلام، اعلم افراد هذه الامة فی زمانهم لأنهم عدل القران الكريم و اميرالمؤمنین عليه السلام باعتراف صحابة النبی ص اعلم الناس و باب مدينة العلم ؛ کما نقل عن عائشة و ابن عباس رضي الله عنه و نذکر رواياتها فی المبحث الآتی ( مبحث المرجعية العلمية لاميرالمؤمنین عليه السلام عن لسان الصحابة و التابعين).

ج: علي عليه السلام باب مدينة العلم (رسول الله صلي الله عليه واله):

عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم: «أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه.

الطبراني، سليمان بن أحمد بن أيوب ابوالقاسم (المتوفی360هـ)، المعجم الكبير، ج 11/65 تحقيق: حمدي بن عبدالمجيد السلفي، ناشر: مكتبة الزهراء، الموصل، الطبعة: الثانية، 1404هـ ؛ الجزري، عز الدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد (المتوفی630هـ)، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج4، ص 109، تحقيق عادل أحمد الرفاعي، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / لبنان، الطبعة: الأولي، 1417 هـ - 1996 م؛

البغدادي، أحمد بن علي ابوبكر الخطيب (المتوفی463هـ)، تاريخ بغداد، ج 4، ص348، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت؛

السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (المتوفی911هـ)، جامع الاحاديث(الجامع الصغير وزوائده ) ،ج 1، ص 415، ناشر : دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت، الطبعة الأولي، 1401 هـ - 1981 م.

الحاكم النيسابوري ایضا نقل هذا الحديث عن الاعمش و صححه و قال:

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

محمد بن عبدالله ابوعبدالله الحاكم (المتوفی405 هـ)، المستدرك علي الصحيحين، ج3، ص137، تحقيق: مصطفي عبد القادر عطا، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولي، 1411هـ - 1990م.

و کذلک الحاكم النيسابوري ینقل هذا الحديث بسند آخر عن ابن عباس و قال:

ولهذا الحديث شاهد من حديث سفيان الثوري بإسناد صحيح.

محمد بن عبدالله ابوعبدالله الحاكم (المتوفی405 هـ)، المستدرك علي الصحيحين، ج3، ص137، تحقيق: مصطفي عبد القادر عطا، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولي، 1411هـ - 1990م.

ابن حجر العسقلاني یقول:

وهذا الحديث له طرق كثيرة في مستدرك الحاكم، أقل أحوالها أن يكون للحديث أصل، فلا ينبغي أن يطلق عليه بالوضع.

العسقلاني الشافعي، أحمد بن علي بن حجر ابوالفضل (المتوفی852 هـ)، لسان الميزان، ج 2 ص22، تحقيق: دائرة المعرف النظامية - الهند، ناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت، الطبعة: الثالثة، 1406هـ - 1986م.

تفسير هذه الرواية:

باب مدینة العلم بمعني ان الکل یطلب العلم من مدینته (رسول الله صلي الله عليه واله)، فمن اراد المدینة فلیأتها من بابها و هذا بمعني تعریف اميرالمؤمنين عليه السلام انه هو المرجع العلمي فی الامة الاسلامية؛ لأنه حسب هذا الحديث کل من یرید الوصول الی کلمات النبی صلي الله عليه واله فلیأت الی امير المؤمنين عليه السلام و بعد علی ع الائمة المعصومین عليهم السلام الذین اخذوا علمهم عن اميرالمومنین علي عليه السلام، هم الواسطة بيننا و باب مدينة العلم.

المرجعية العلمية لأميرالمؤمنین (ع) عن لسان الصحابة و التابعين:

عدة من الصحابة ایضا یعتبرون الإمام علي عليه السلام اعلم الناس والصحابة و هذا ایضا بمعني ان الامام هو المرجع العلمي؛ لأن العقلاء یحسنون رجوع الاشخاص العادية الی اعلم الناس. فلنذکر کلمات عدة من الصحابة فی هذا المجال:

1. عائشة: علي أعلم الناس بالسنّة!

البخاري فی تاريخه یقول عن قول عائشة هکذا:

علي أعلم الناس بالسنّة.

البخاري الجعفي، محمد بن إسماعيل ابوعبدالله (المتوفی256هـ)، التاريخ الكبير، ج 2، ص255، تحقيق: السيد هاشم الندوي، ناشر: دار الفكر؛

ابن عساكر الدمشقي الشافعي، أبي القاسم علي بن الحسن إبن هبة الله بن عبد الله،(المتوفی571هـ)، تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل، ج42، ص408، تحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري، ناشر: دار الفكر - بيروت - 1995.

عند ما یکون المرجع العلمي اعلم الناس بسنّة النبی صلي الله عليه واله فلا یمکن انكاره للأمّة الإسلاميّة.

2. ابن عباس: لقد أعطي علي تسعة أعشار العلم!

کباراهل السنّة نقلوا عن ابن عباس:

لقد أعطي علي تسعة أعشار العلم وأيم الله لقد شاركهم في العشر العاشر.

النمري القرطبي المالكي، ابوعمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر (المتوفی 463هـ)، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 3، ص1104، تحقيق: علي محمد البجاوي، ناشر: دار الجيل - بيروت، الطبعة: الأولي، 1412هـ ؛

الجزري، عز الدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد (المتوفی630هـ)، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 4 ص 109، تحقيق عادل أحمد الرفاعي، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / لبنان، الطبعة: الأولي، 1417 هـ - 1996 م؛

الثعالبي ، عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف (المتوفی875هـ) ، الجواهر الحسان في تفسير القرآن، ج 1، ص52، ناشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت؛

النووي الشافعي، محيي الدين أبو زكريا يحيي بن شرف بن مر بن جمعة بن حزام (المتوفی676 هـ)، تهذيب الأسماء واللغات، ج 1، ص317. تحقيق: مكتب البحوث والدراسات، ناشر: دار الفكر - بيروت، الطبعة: الأولي، 1996م؛

الشيرازي الشافعي، ابوإسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف (المتوفی 476هـ)، طبقات الفقهاء ، ح1، ص23، تحقيق : خليل الميس ، ناشر : دار القلم - بيروت ؛

الطبري، ابوجعفر محب الدين أحمد بن عبد الله بن محمد (المتوفی694هـ)، ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي، ج1، ص78، ناشر : دار الكتب المصرية - مصر؛

الجندي الكندي: بهاء الدين محمد بن يوسف بن يعقوب، السلوك في طبقات العلماء والملوك، ج1، ص 80 ، تحقيق : محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي، دار النشر : مكتبة الإرشاد - صنعاء، الطبعةالثانية، 1995م؛

الصالحي الشامي، محمد بن يوسف (المتوفی942هـ)، سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد، ج11، ص289، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولي، 1414هـ .

عندما یعتبره شخصية مثل ابن عباس و هو «حبر الأمّة»، فلابد ان یعترف الکل بالمرجعيّة العلمية للإمام علي عليه السلام.

و کذلک قول آخرعن ابن عباس:

إذا ثبت لنا الشئ عن علي لم نعدل عنه إلي غيره.

النمري القرطبي المالكي، ابوعمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر (المتوفی 463هـ)، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 3، ص1104، تحقيق: علي محمد البجاوي، ناشر: دار الجيل - بيروت، الطبعة: الأولي، 1412هـ ؛

الجزري، عز الدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد (المتوفی630هـ)، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 4 ص 110، تحقيق عادل أحمد الرفاعي، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / لبنان، الطبعة: الأولي، 1417 هـ - 1996 م؛

النووي الشافعي، محيي الدين أبو زكريا يحيي بن شرف بن مر بن جمعة بن حزام (المتوفی676 هـ)، تهذيب الأسماء واللغات، ج 1، ص317، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات، ناشر: دار الفكر - بيروت، الطبعة: الأولي، 1996م.

معني عىم العدول لشخصية مثل ابن عباس (حبر الامة) فی فهم مسألة عن امير المؤمنين علي عليه السلام الی الأخرین ، یبین ان الإمام علي عليه السلام  کان هو المرجع العلمي لدی الصحابة.

کذلک ابن عباس الذی هو اشهر صحابة رسول الله (ص) فی تفسیر القرآن، یقول:

فأما صدر المفسرين والمؤيد فيهم فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ويتلوه عبدالله بن عباس وهو تجرد للأمر وكمله وتبعه العلماء عليه كمجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما والمحفوظ عنه في ذلك أكثر من المحفوظ عن علي وقال ابن عباس : ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب

الأنصاري القرطبي، ابوعبد الله محمد بن أحمد (المتوفی671هـ)، الجامع لأحكام القرآن، ج 1، ص35، ناشر: دار الشعب - القاهرة.

3. سعيد بن مسيب: لم يكن أحد من الصحابة يقول «سلوني» إلاّ عليّ

نقل عن سعيد بن مسيب انه قال:

لم يكن أحد من الصحابة يقول «سلوني» إلاّ عليّ.

الشيباني، أحمد بن حنبل ابوعبد الله (المتوفی241هـ)، فضائل الصحابة، ج 2، ص 646، تحقيق د. وصي الله محمد عباس، ناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة: الأولي، 1403هـ - 1983م؛

ابن عساكر الدمشقي الشافعي، أبي القاسم علي بن الحسن إبن هبة الله بن عبد الله،(المتوفی571هـ)، تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل، ج42، ص399، تحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري، ناشر: دار الفكر - بيروت - 1995؛

الذهبي الشافعي، شمس الدين ابوعبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (المتوفی 748 هـ)، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ج3، ص638، تحقيق د. عمر عبد السلام تدمري، ناشر: دار الكتاب العربي - لبنان/ بيروت، الطبعة: الأولي، 1407هـ - 1987م؛

ابن معين، يحيي بن معين أبو زكريا الوفاة: (المتوفی233هـ)، تاريخ ابن معين (رواية الدوري)، ج3، ص143، تحقيق : د. أحمد محمد نور سيف، ناشر : مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي - مكة المكرمة - 1399هـ - 1979م، الطبعةالأولي؛

البتة فی بعض المصادر ذکر هذا القول عن سعيد بن مسيب بجملة «لم يكن أحد من الناس يقول: سلوني إلاّ عليّ» .

الشيباني، أحمد بن حنبل ابوعبد الله (المتوفی241هـ)، فضائل الصحابة، ج2، ص646، تحقيق د. وصي الله محمد عباس، ناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة: الأولي، 1403هـ - 1983م؛

النووي الشافعي، محيي الدين أبو زكريا يحيي بن شرف بن مر بن جمعة بن حزام (المتوفی676 هـ)، تهذيب الأسماء واللغات، ج 1، ص317، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات، ناشر: دار الفكر - بيروت، الطبعة: الأولي، 1996م؛

الجزري، عز الدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد (المتوفی630هـ)، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 4 ، ص 109، تحقيق عادل أحمد الرفاعي، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / لبنان، الطبعة: الأولي، 1417 هـ - 1996م؛

السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (المتوفی911هـ)، تاريخ الخلفاء، ص171، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، ناشر: مطبعة السعادة - مصر، الطبعة: الأولي، 1371هـ - 1952م.

هذا القول عن سعيد بن مصيب ایضا یبین لنا انه لیس احدا من الصحابة یستطیع ان یکون مرجعا علميا للامة الاسلامية بعد وفاة النبی صلي الله عليه و اله.

4. كان عمر يتعوذّ باللّه من معضلة ليس فيها أبو حسن!

کتب کثیر من کبار اهل السنة :

كان عمر يتعوذّ باللّه من معضلة ليس فيها أبو حسن.

            الزهري، محمد بن سعد بن منيع ابوعبدالله البصري (المتوفی230هـ)، الطبقات الكبري، ج2، ص339، ناشر: دار صادر - بيروت؛

ابن كثير الدمشقي، إسماعيل بن عمر ابوالفداء القرشي (المتوفی774هـ)، البداية والنهاية، ج7، ص360، ناشر: مكتبة المعارف - بيروت؛

العسقلاني الشافعي، أحمد بن علي بن حجر ابوالفضل (المتوفی852هـ)، تهذيب التهذيب، ج7، ص296، ناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع   - بيروت - لبنان - بيروت، الطبعة: الأولي، 1404 - 1984 م؛

السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (المتوفی911هـ)، تاريخ الخلفاء، ص171، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، ناشر: مطبعة السعادة ـ مصر، الطبعة: الأولي، 1371هـ - 1952م؛

و هذا القول عن عمر مشهور:

لولا علي لهلك عمر.

الدينوري، ابومحمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة (المتوفی276هـ)، تأويل مختلف الحديث، ج1، ص162، تحقيق : محمد زهري النجار ، ناشر : دار الجيل - بيروت - 1393هـ - 1972م؛

النمري القرطبي المالكي، ابوعمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر (المتوفی 463هـ)، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 3، ص1103، تحقيق: علي محمد البجاوي، ناشر: دار الجيل - بيروت، الطبعة: الأولي، 1412هـ ؛

الإيجي، عضد الدين (المتوفی756هـ)، كتاب المواقف، ج 3،ص627 و ص636، تحقيق: عبد الرحمن عميرة، ناشر: دار الجيل، لبنان، بيروت، الطبعة: الأولي، 1417هـ ق، 1997م؛

التفتازاني، سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله (المتوفی 791هـ)، شرح المقاصد في علم الكلام، ج 2، ص 294، ناشر: دار المعارف النعمانية - باكستان، الطبعة: الأولي، 1401هـ - 1981م؛

ابن العربي، محمد بن عبد الله أبو بكر، العواصم من القواصم، ج 1 ، ص 202، تحقيق محب الدين الخطيب - ومحمود مهدي الاستانبولي ناشر : دار الجيل - لبنان - بيروت - 1407هـ - 1987م ، الطبعة : الثانية .

مع ان اهل السنة یعتبرون عمرعالم بسنة رسول الله ص، لکن یتبین من قول عمر انه فی کثیر من المشكلات یحتاج الی علم علي عليه السلام، نفس العلم الذي علمه رسول الله صلي الله عليه و اله لاميرالمؤمنين علي عليه السلام، و لم یکن لأحد غیره من الآخرین .

من الواضح ان المرجعیة العلمية للأمة، تلیق بشأن من لا یحتاج الآخرین فی علمه و الآخرون یحتاجونه و یلتجئون الیه.

5. رجوع کبار الصحابة الی آراء اميرالمؤمنين علي عليه السلام:

محيي الدين النووي یقول فی کتاب تهذيب الأسماء هکذا:

وسؤال كبار الصحابة ورجوعهم إلي فتاويه وأقواله في المواطن الكثيرة والمسائل المعضلات، مشهور.

النووي الشافعي، محيي الدين أبو زكريا يحيي بن شرف بن مر بن جمعة بن حزام (المتوفی676 هـ)، تهذيب الأسماء واللغات، ج 1، ص317، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات، ناشر: دار الفكر - بيروت، الطبعة: الأولي، 1996م.

4. حفظ الشريعة:

تمام الشرايع السالفة بعد وفاة انبیاءهم اصبحت ضحیة التزییف؛ لکن شريعة النبی الأکرم صلي الله عليه وآله التی هی الشريعة الخالدة لابد ان تکون مصونة من أی تزیيف. الرسول الاكرم صلي الله عليه وآله فی حياته الشریف، ابدی قلقا لأی تزییف فی الدين و قال :

من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.

ذکر هذه الرواية احمد بن حنبل و الذهبي:

الشيباني، أحمد بن حنبل ابوعبدالله (المتوفی241هـ)، مسند أحمد بن حنبل، ج 1، ص 65، ناشر: مؤسسة قرطبة - مصر؛

الذهبي الشافعي، شمس الدين ابوعبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (المتوفی 748 هـ)، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ج 27، ص 293، تحقيق د. عمر عبد السلام تدمري، ناشر: دار الكتاب العربي - لبنان/ بيروت، الطبعة: الأولي، 1407هـ - 1987م.

من اجل هذا السبب رسول الله صلي الله عليه وآله فی زمن حياته شدّ همّه لحفظ الدين و بعد وفاته لابد من اشخاص مثل النبی الاکرم فی العصمة حتی یتمکنوا ان یمنعوا من التزییف و اعوجاج الآخرین ؛ و فی صورة عدم العصمة، لم یوجد دليل لاعتماد المسلمین علیهم؛لأنهم یعدون اشخاص کسائر الأمة! لأنه یحتمل الخلاف فی کل من اوامرهم و من المعلوم ان الصحابة لیسوا بمعصومین و لم یختارهم الله لهدایة الناس و لم یقل النبی الاكرم (ص) :

اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأصحابي.

لکن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله عرف اهل بيته لمن بعده لهداية امته و حفظ شريعته:

ابن حجر الهيثمي فی الصواعق المحرقه و محب الدين الطبري فی ذخائر العقبي و القندوزي الحنفي فی ينابيع المودة نقلوا عن عمر ان رسول الله ص قال:

إن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال : «في كلّ خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ، يَنفُون عن هذا الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين».

الهيثمي، ابوالعباس أحمد بن محمد بن علي ابن حجر (المتوفی973هـ)، الصواعق المحرقة علي أهل الرفض والضلال والزندقة، ج2، ص441، تحقيق عبد الرحمن بن عبد الله التركي - كامل محمد الخراط، ناشر: مؤسسة الرسالة - لبنان، الطبعة: الأولي، 1417هـ - 1997م؛

الطبري، ابوجعفر محب الدين أحمد بن عبد الله بن محمد (المتوفی694هـ)، ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي، ص 17، ناشر : دار الكتب المصرية - مصر؛

القندوزي الحنفي ، الشيخ سليمان بن إبراهيم (المتوفی1294هـ) ينابيع المودة لذوي القربي، ج2، ص 113، ح 318 و366 ح 44، تحقيق سيد علي جمال أشرف الحسيني، ناشر : دار الأسوة للطباعة والنشر ـ قم، الطبعة:الأولي ، 1416هـ .

ما تشبه هذه الروایة نقلت عن أبی جعفر الاسكافي ایضا:

وعنه يؤثر صلي الله عليه و سلم أنّه قال : «يحمل هذا العلم من كلّ خلف من أهل بيتي عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.

الإسكافي، محمد بن عبد الله ابو جعفر،(المتوفی220هـ)، المعيار والموازنة في فضائل الامام علي بن ابي ابي طالب، ص204، تحقيق : الشيخ محمد باقر المحمودي، الطبعةالأولي، 1402 - 1981م.

5. بسط العدالة:

بسط العدالة فی الأمة الاسلامیة بعد النبي الأكرم ص، لابد ان یکون بید الحكام الذین جعلوا العدالة هی المحور الاساسي لبرامج حكومتهم و لم یرجحوا عدة من المسلمین علی عدة اخری و العرب علی العجم؛ و بید الذی لم یقل بالتبعيض بینهم و حتي لم یعط لأخیه اکثر مما یعطی المسلمين من بيت المال.

ما هو دور بيعة الناس في الحكومة الاسلامية ؟

ما ذکرنا من الشؤون و الوظائف للإمام، غیر بسط العدالة، فی فترة خلافة الخلفاء الثلاثة کانت تترتب علی وجود اميرالمؤمنين عليه السلام ؛لکن بسط العدالة فی ظل الحكومة، مشروط بتهیأ الارضیة و احتیاج الناس التی تهیأ بعد قتل عثمان؛ لأن تعيين الامام، من قبل الله تعالی و وجود النص من قبل النبی صلي الله عليه وآله لم یکفی فی تحقق هدف بسط العدالَة. لأن الله تعالی یقول:

إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّي يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ . الرعد/11

من البديهي ان الحاكم الاسلامي المنصوب من قبل الله تعالی، یتمکن من تشکیل حكومة حق حتی ان المجتمع یحتضنه ، و تتهیأ ارضیة تشكيل الحكومة، کما ان الرسول الاكرم صلي اللّه عليه وآله طالما کان فی مكّة ما قدّم علی تشكيل الحكومة ؛ لکن عندما وصل الی المدينة و رأی اعلان التهیأ من قبل الناس و تهیئة ارضیة بسط العدالة، اقدم علی تشكيل الحكومة.

بناء علی هذا الإمام هو المنصوب من قبل الله تعالی؛ شاء الناس ام لم یشاءوا و سواء تکون شرايط تشكيل الحكومة مهیئة له أم لا.

الإمام علي عليه السلام فی نهج البلاغة و غيرها، یعتبر نفسه علی حق و الآخرون لم یستأهلوا للامامة، علی سبیل المثال یقول فی الخطبة الثانیة من نهج البلاغة هکذا:

لَا يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّدٍ (صلي الله عليه و اله) مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَحَدٌ وَ لَا يُسَوَّي بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أَبَداً هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ وَ عِمَادُ الْيَقِينِ إِلَيْهِمْ يَفِي ءُ الْغَالِي وَ بِهِمْ يُلحَق التَّالِي وَ لَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الْوِلَايَةِ وَ فِيهِمُ الْوَصِيَّةُ وَ الْوِرَاثَةُ.

الْآنَ إِذْ رَجَعَ الْحَقُّ إِلَي أَهْلِهِ وَ نُقِلَ إِلَي مُنْتَقَلِهِ.

نهج البلاغة صبحي صالح ص 47 فقرة من الخطبة الثانیة.

هذه الخطبة لها من الصراحة فی أحقیة اميرالمؤمنين عليه السلام حتی ان ابن ابي الحديد المعتزلي لم یستطیع ان ینکرها و فقط یبرّر اهلیة الإمام للخلافة ان هذه الاهلیة ب الافضلية، و لم تکن بالنص:

ثم ذكر عليه السلام أن الحق رجع الآن إلي أهله ، وهذا يقتضي أن يكون فيما قبل في غير أهله ، ونحن نتأول ذلك علي غير ما تذكره الإمامية ، ونقول : إنه عليه السلام كان أولي بالأمر وأحق ، لا علي وجه النص ، بل علي وجه الأفضلية ، فإنه أفضل البشر بعد رسول الله، وأحق بالخلافة من جميع المسلمين ، لكنه ترك حقه لما علمه من المصلحة ، وما تفرس فيه هو والمسلمون من اضطراب الإسلام ، وانتشار الكلمة ، لحسد العرب له ، وضغنهم عليه . وجائز لمن كان أولي بشيء فتركه ثم استرجعه أن يقول : قد رجع الأمر إلي أهله .

إبن أبي الحديد المدائني المعتزلي، ابوحامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد (المتوفی655 هـ)، شرح نهج البلاغة، ج1 ص89 ـ90، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان، الطبعة: الأولي، 1418هـ - 1998م.

دراسة شبهات خطبة «92 »:

مما ورد من الشبهات علی هذه الخطبة :

الاولی: عدم قبول الخلافة بید اميرالمؤمنين عليه السلام فی بدایة الخلافة.

الثانیة: منافات ردّ الحكومة المشروطة مع آية :

وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَي اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ُ مِن أَمْرِهِمْ . الاحزاب/36.

الثالثة: هل علي عليه السلام عین شرطا مسبقا لقبول الخلافة ؟

الرابعة : هل عدم قبول الخلافة من قبَل اميرالمؤمنين عليه السلام نوع من الفرار عن المسؤلية ؟

الشبهة الاولی: عدم قبول الخلافة بید اميرالمؤمنين عليه السلام فی بدایة الخلافة

من الشبهات الاساسية التی ترد من الوهابیة علی هذه الخطبة هی ان الامام عليه السلام فی بدایة الخلافة الظاهرية له امتنع عن قبول الخلافة ؟ وانتم تعتبرون مسألة الامامة امر تعیینی و عدم قبوله یعد مخالفة لأوامر الله تعالی.

الجواب :

1. التطورات الغلطة فی زمن الخلفاء إحدی العلل فی عدم قبول الخلافة:

هذه الکلمات عن الإمام فی الواقع كناية عن الذین ذهبوا الی الآخرین من الخلفاء الثلاث قبل ان یأتون الی الإمام!

فی الحقيقة الإمام یقول انکم ذهبتم من قبل هذا الی غیری فالآن ایضا ارجعوا الی غیری! کیف الی الآن الذی یمکن ان تتشکل الخلافة الاسلامية بإرتیاح و یستقر الدين مکانه لم تأتونی ؛ لکن الآن جئتونی و تطلبون خلافتی!

لو کان الذی یرد هذه الشبهة مطلع علی التحولات الغلطة فی زمن الخلفاء الثلاثة لم یرد هذه الشبهة و یعلم ان عدم قبول الخلافة آنذاک ، لم یدل علی ان امامة الإمام ، لم تکن منصوصة ؛ بل هی من اجل ان الشرائط فی فترة الحكومة الاسلامية فی زمن النبی صلي الله عليه وآله صارت مقرّ التغییر الکلی و اضمحلت الأرضیة و التهیئة لقبول طریق علي ع و عدالته ؛ کما یقول فی استمرار هذه الخطبة هکذا :

فانا مستقبلون امراً له وجوه و ألوان.

تکلّم الإمام بهذا الکلام حینما کان المجتمع الاسلامي یواجه  ظروف متأزمّة ؛ المستجدات و التقلبات التی وقعت فی زمن عثمان واجهة الامة بصعوبات جدیة ؛ لهذا یقول الإمام :

دَعُونِي وَ اِلْتَمِسُوا غَيْرِي فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَ أَلْوَانٌ لاَ تَقُومُ لَهُ اَلْقُلُوبُ وَ لاَ تَثْبُتُ عَلَيْهِ اَلْعُقُولُ وَ إِنَّ اَلْآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ وَ اَلْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ. وَ اِعْلَمُوا أَنِّي إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ وَ لَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ اَلْقَائِلِ وَ عَتْبِ اَلْعَاتِبِ وَ إِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ وَ لَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَ أَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ وَ أَنَا لَكُمْ وَزِيراً خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً..

الامام عليه السلام یعلم بإتقان ان المسلمین فی زمن الخلفاء لاسیما فی زمن الخليفة الثالث انشقوا عن الاسلام الاصیل. تقسيم المناصب سیرا علی الهوی و البذل و العطاء من غيرعدل و حسب الاميال الشخصية من بيت المال الذی وصلت فی زمن الخليفة الثالث الی نهایتها، مرن الناس بشکل حتی ان شخصا اذا اراد ان یجری سنة النبی ص بالتمام لیواجه المخالفات المتشددة و الحوادث التی من بعده (مخالفة الناكثين و القاسطين و المارقين) اثبتت صحة تقدیرات الامام عليه السلام بشکل کامل؛ لهذا عند بیعة الناس مع الإمام قال مشیرا الی دَقَّ جَرَسَ الخَطَر:

دَعُونِي وَ اِلْتَمِسُوا غَيْرِي فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَ أَلْوَانٌ لاَ تَقُومُ لَهُ اَلْقُلُوبُ وَ لاَ تَثْبُتُ عَلَيْهِ اَلْعُقُولُ وَ إِنَّ اَلْآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ وَ اَلْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ.

نرى من الضرورة بمکان أن نسلط الضوء على الشرائط الزمانیة والمکانیة التی کانت سائدة آنذاک والتی دفعت بالإمام(علیه السلام) إلى هذا الکلام قبل أن نعلن عن رأینا بهذا الشأن بغیة تفادی الزلل والانحراف عن حقیقة الأمر:

 ـ إنّما صدر هذا الکلام من الإمام(علیه السلام) إثر مقتل عثمان بفعل ذلک البذخ والتطاول على بیت المال المسلمین وتسلیط بنی أمیة على رقاب المسلمین، وظهور حالة الاستیاء العامة فی أغلب مناطق البلاد الإسلامیة آنذاک، ممّا دفع بالاُمّة إلى الهجوم على الإمام(علیه السلام) وبسط یدها إلیه بالبیعة. فقد اعتاد کبار الاُمّة سیاسة عثمان لیتوقعوا من الإمام تحقیق رغباتهم وتقسیم بیت المال بینهم حسبما یحلو لهم، إلى جانب أولئک الذین کانوا یحلمون بأن یمنحهم الإمام(علیه السلام) مقابل بیعتهم بعض المناصب الحساسة فی البلاد لیکونوا عماله وولاته على بعض الأمصار فیحکموا سیطرتهم على البلاد.

أضف إلى ذلک فانّ الاُمّة قد ابتعدت عن قیمها الإسلامیة، وقد دفعتها الفتوحات وما جرتها علیها من غنائم وثروات إلى الاقبال على الدنیا وزخارفها وتفشی الأفکار الجاهلیة ونسیان حیاتها التی شهدتها على عهد النبی(صلى الله علیه وآله) بفعل عدم التفات الخلفاء لهذا الأمر. ومن هنا رأى الإمام(علیه السلام) نفسه أمام مفترق طرق; إمّا الاستسلام للبیعة فی تلک الظروف العصیبة والتأهب لتلک الحوادث والأزمات، وأمّا رفض البیعة وترک الاُمّة وشأنها. الخليفة فی هذه المکانة، یأخذ مشروعيّة خلافته من بيعة الناس و هکذا خلافة ، هی غير الامامة الالهية التی ثبتت بواسطة تصريح النبی صلي الله عليه و اله فی موارد عدیدة (مثل «يوم الدار» و«غدير خم» و...) علی امامة اميرالمؤمنين علي عليه السلام؛ لأن الذین بایعوا آنذاک کان فکرهم تنصیب الخليفة، من دون الالتفات الی الامامة المنصوصة الالهية للامام علي ع أو یرید الإمام عدم قبولها أو رأی الإختیار فی قبولها أو عدم قبولها .

المجتمع لم یتهیأ لهکذا طریقة بعد حكومة الخلفاء الثلاثة. کما ان الناس فی بلدة مكة لم یتهیؤ قبل هجرة النبی صلي الله عليه واله، طیلة ثلاث عشر سنین، حتی ان النبی صلي الله عليه واله لم یشکل حکومة اسلامیة فی بلدة مكة المکرمة.

النكتة الاخری هی ان فی الاحاديث ایضا ــ سواء عن النبی صلي الله عليه وآله أو اهل بيته ــ  محكم و متشابه فمن هذا المنطلق علی فرض ان اقوال الإمام علي عليه السلام من أجل انها متشابهة تدل علی ماادعاه مثیرالشبهة، لو وجد فی اقوال الخلفاء أو الصحابة الذین تعتبرهم اهل السنة انهم عدول، تنافرا ماذا یفعل؟ و کیف یبرر مخالفة الصحابة لأفضل الصحابة (الإمام علي عليه السلام )؟

نری فی کثیر من خطب نهج البلاغة ان الامام عليه السلام یری الإمامة هی الحق الصریح له و لم یستأهل الآخرین لهذا الحق و اشرنا الی موارد منها فیما سبق و نذکر موارد اخری هنا ایضا:

1. یقول فی الخطبة الثالثة (الشقشقيّة):

أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلَانٌ وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَي يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَلَا يَرْقَي إِلَيَّ الطَّيْر...»

نهج البلاغة صبحي صالح، ص 48، خطبة3

2. خطبة (144):

إِنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ غُرِسُوا فِي هَذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِم لَا تَصْلُحُ عَلَي سِوَا وَ لَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ مِنْ غَيْرِهِمْ.

نهج البلاغة صبحي صالح، ص 201، خطبة144.

3. کتاب (36) :

...فدَعْ عَنْكَ قُرَيْشاً وَ تَرْكَاضَهُمْ فِي الضَّلَالِ وَ تَجْوَالَهُمْ فِي الشِّقَاقِ وَ جِمَاحَهُمْ فِي التِّيهِ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَي حَرْبِي كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَي حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ (صلي الله عليه و آله ) قَبْلِي فَجَزَتْ قُرَيْشاً عَنِّي الْجَوَازِي فَقَدْ قَطَعُوا رَحِمِي وَ سَلَبُونِي سُلْطَانَ ابْنِ أُمِّي...

نهج البلاغة صبحي صالح، ص 409، کتاب 36.

4. حكمة (22):

وَ قَالَ ( عليه السلام) لَنَا حَقٌّ فَإِنْ أُعْطِينَاهُ وَ إِلَّا رَكِبْنَا أَعْجَازَ الْإِبِلِ وَ إِنْ طَالَ السُّرَي.

نهج البلاغة صبحي صالح، ص472، حكمة 22.

4ـ کتاب (62): وَ مِنْ كِتاب لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ اِلى اَهْـلِ مِصْـرَ مَعَ مالِـك الاشْـتَرِ رَحِمَهُ اللّهُ لَمّـا وَلاّهُ اِمـارَتَها.

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً (صلي الله عليه وآله وسلم ) نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ وَ مُهَيْمِناً عَلَي الْمُرْسَلِينَ فَلَمَّا مَضَي (عليه السلام)تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ فَوَاللَّهِ مَا كَانَ يُلْقَي فِي رُوعِي وَ لَا يَخْطُرُ بِبَالِي أَنَّ الْعَرَبَ تُزْعِجُ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ (صلي الله عليه وآله وسلم) عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ لَا أَنَّهُمْ مُنَحُّوهُ عَنِّي مِنْ بَعْدِهِ فَمَا رَاعَنِي إِلَّا انْثِيَالُ النَّاسِ عَلَي فُلَانٍ يُبَايِعُونَهُ فَأَمْسَكْتُ يَدِي حَتَّي رَأَيْتُ رَاجِعَةَ النَّاسِ قَدْ رَجَعَتْ عَنِ الْإِسْلَامِ يَدْعُونَ إِلَي مَحْقِ دَيْنِ مُحَمَّدٍ ( صلي الله عليه وآله )...

نهج البلاغة صبحي صالح، ص451، کتاب 62.

ابن ابي الحديد ایضا فی ترجمة لغات هذا الکتاب من نهج البلاغة، یصرح فی امتناع الامام عليه السلام عن بيعة ابی بكر، فذکر هکذا:

قوله : فأمسكت يدي ، أي امتنعت عن بيعته ، حتي رأيت راجعة الناس.

إبن أبي الحديد المدائني المعتزلي، ابوحامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد (المتوفی655 هـ)، شرح نهج البلاغة، ج 17، ص 87، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان، الطبعة: الأولي، 1418هـ - 1998م.

ابن ابي الحديد فی شرح خطبة 172 و 217 من نهج البلاغة ایضا یذکر هذه الكلمات عن الامام عليه السلام.

إبن أبي الحديد المدائني المعتزلي، ابوحامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد (المتوفی655 هـ)، شرح نهج البلاغة، ج 6، ص95؛ ج17 ص 151، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان، الطبعة: الأولي، 1418هـ - 1998م.

و ابن قتيبة الدينوري ایضا یذکر هذا المطلب ایضا:

الدينوري، ابومحمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة (المتوفی276هـ)، الإمامة والسياسة، ج1، ص 126، تحقيق: خليل المنصور، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1418هـ - 1997م.

من الملفت للنظر هو انه: فی الروايات العدیدة یوجد ما یؤید الوقائع و الحوادث التاريخية، من النص علی امامة علي عليه السلام و فی صورة ان شخصا یری فی الظاهر تعارض هذه الروايات، ففی هذا التعارض، تقبل الروايات التي هی مقبولة عند المشهور و تبرر الروايات المخالفة، علی اساس رأی المشهور.

بناء علی هذا لو ان عليا عليه السلام فی بدایة حضورالناس للبيعة، لم یقبلها بسرعة و قال: «التمسوا غيری ». لم یکن دلیلا علی عدم المنصوصية؛ بل اراد الإمام بهذه المواجهة اعلان الناس ازعاجه عن الطرق الغلطة الماضیة و یحذر بالنسبة لتقلبات الظروف فی الآتیة و یهیئهم.

من الواضح ان بيعة الناس، تزیل موانع اجراء الحكومة وتهیئ ارضیة تشكيل الحكومة، و لیس لها ان تعطی المشروعیة لحكومة الحاكم الاسلامي.

بعد رسول الله صلي اللّه عليه وآله فی فترة خلافة الخلفاء الثلاثة، علي عليه السلام، هو الامام المنصوب من جانب النبی صلي اللّه عليه وآله بامر من الله و هو الوحید الذی اولي بالناس من الناس، و لو ساعد الخلفاء فی زمنهم، لیس هذا الا فی طریق اعانة الاسلام و نجاة الدين، و لیس تعاونا مع الخلفاء؛ بل هو من اجل العمل بالوظيفة علی حد الاستطاعة، أو من باب دفع الافسد بالفاسد، الذی یکشف الإمام عن هذه الحقیقة فی نهج البلاغة هکذا:

... فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ أَنْ أَرَي فِيهِ ثَلْماً أَوْ هَدْماً تَكُونُ الْمُصِيبَةُ بِهِ عَلَيَّ أَعْظَمَ مِنْ فَوْتِ وِلَايَتِكُمُ الَّتِي إِنَّمَا هِيَ مَتَاعُ أَيَّامٍ قَلَائِلَ يَزُولُ مِنْهَا مَا كَانَ كَمَا يَزُولُ السَّرَابُ أَوْ كَمَا يَتَقَشَّعُ السَّحَابُ فَنَهَضْتُ فِي تِلْكَ الْأَحْدَاثِ حَتَّي زَاحَ الْبَاطِلُ وَزَهَقَ وَاطْمَأَنَّ الدِّينُ وَ تَنَهْنَهَ... .

نهج البلاغة صبحي صالح، ص451، کتاب 62؛

إبن أبي الحديد المدائني المعتزلي، ابوحامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد (المتوفی655 هـ)، شرح نهج البلاغة، ج17 ص86، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان، الطبعة: الأولي، 1418هـ - 1998م؛

الدينوري، ابومحمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة (المتوفی276هـ)، الإمامة والسياسة، ج1، ص 126، تحقيق: خليل المنصور، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1418هـ - 1997م.

2. بدع الماضیین

خطب هذه الخطبة عليا عليه السلام حینما الناس انفصلت عن الاسلام الحقیقی اثر البدع التی اثارتها الخلفا، و سببت نسیان السنة الحقيقية.

فلنشیر الی ثمة موارد من بدع الخلفا علی سبیل الاختصار:

صلاة التراويح:

صلاة التراويح التی حسب نقل البخاري، یعتبرها عمر بدعة بصراحة:

وَعَنْ بن شِهَابٍ عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ عن عبد الرحمن بن عَبْدٍ القاريء أَنَّهُ قال خَرَجْتُ مع عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي الله عنه لَيْلَةً في رَمَضَانَ إلي الْمَسْجِدِ فإذا الناس أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ فقال عُمَرُ إني أَرَي لو جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ علي قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ علي أُبَيِّ بن كَعْبٍ ثُمَّ خَرَجْتُ معه لَيْلَةً أُخْرَي وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ قال عُمَرُ نِعْمَ الْبِدْعَةُ هذه ...

البخاري الجعفي، محمد بن إسماعيل ابوعبدالله (المتوفی256هـ)، صحيح البخاري، ج 2،ص 707، ح1906، كِتَاب (37) صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ بَاب فَضْلِ من قام رَمَضَانَ ،تحقيق د. مصطفي ديب البغا، ناشر: دار ابن كثير، اليمامة - بيروت، الطبعة: الثالثة، 1407 - 1987.

و اشخاص اخر ذکروا هذه الرواية ایضا:

العسقلاني الشافعي، أحمد بن علي بن حجر ابوالفضل (المتوفی852هـ)، تلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير، ج2، ص24، تحقيق السيد عبدالله هاشم اليماني المدني، ناشر: - المدينة المنورة - 1384هـ - 1964م؛

المقدسي الحنبلي، ابومحمد عبد الله بن أحمد بن قدامة (المتوفی620هـ)، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، ج1ص455و456، ناشر: دار الفكر - بيروت، الطبعة: الأولي، 1405هـ؛

النووي الشافعي، محيي الدين أبو زكريا يحيي بن شرف بن مر بن جمعة بن حزام (المتوفی676 هـ)، شرح النووي علي صحيح مسلم، ج6 ص 155، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الثانية، 1392 هـ؛

السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (المتوفی911هـ)، شرح سنن النسائي، ج3، 189، ناشر : دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان.

مع ان النبی ص قال:

كلّ بدعة ضلالة.

مسلم بن الحجاج ابوالحسين القشيري (المتوفی261هـ)، صحيح مسلم،ج2، ص 592، كتاب الجمعة باب تخفيف الصلاة والخطبة، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

و قال ص:

وكلّ ضلالة في النار.

النسائي، ابوعبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي (المتوفی303 هـ)، السنن الكبري، ج3، ص449 تحقيق: د.عبد الغفار سليمان البنداري، سيد كسروي حسن، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولي، 1411 - 1991؛

ابن كثير الدمشقي، إسماعيل بن عمر ابوالفداء القرشي (المتوفی774هـ)، تفسير القرآن العظيم، ج1، ص557، ناشر: دار الفكر - بيروت - 1401هـ؛

السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (المتوفی911هـ)، الدر المنثور، ج3، ص612، ناشر: دار الفكر - بيروت - 1993.

متعة الحج و متعة النساء

متعة الحج و متعة النساء کانتا مشروعتان حسب رأی القرآن و السنّة؛ لکن نهی عنهما عمر؛ کما ذکر البخاري فی صحيحه هکذا:

أنْزِلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ في كِتَابِ اللَّهِ فَفَعَلْنَاهَا مع رسول اللَّهِ صلي الله عليه وسلم ولم يُنْزَلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ ولم يَنْهَ عنها حتي مَاتَ قال رَجُلٌ بِرَأْيِهِ ما شَاءَ.

البخاري الجعفي، محمد بن إسماعيل ابوعبدالله (المتوفی256هـ)، صحيح بخاري، ج 4، ص1642، كتاب التفسير، باب قوله تعالي «يا أيّها الذين آمنوا لا تحرّموا طيّبات ما أحل اللّه لكم. (المائدة: 87)، تحقيق د. مصطفي ديب البغا، ناشر: دار ابن كثير، اليمامة، بيروت، الطبعة: الثالثة، 1407 - 1987.

ذکر فی نسخة من كتاب صحيح البخاري ( طبعة انتشارات دار الفكر) ان محمد بن اسماعيل البخاري قال المقصود من ال«رجل»المذکور فی هذه الرواية، هو الخليفة عمر بن الخطّاب:

.. قال رجل برأيه ما شاء قال محمد يقال إنه عمر.

البخاري الجعفي، محمد بن إسماعيل ابوعبدالله (المتوفی256هـ)، صحيح بخاري، ج 5، ص158، كتاب التفسير، باب «فمن تمتع بالعمرة إلي الحج»البخاري، ناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع؛ بيروت؛توضيحات : طبعة بالأوفست عن طبعة دار الطباعة العامرة بإستانبول، 1401 - 1981 م.

لکن مع الأسف فی بعض نسخ البخاري هذه العبارة محذوفة؛ کما ان ابن حجرالعسقلاني یصرح بهذا المطلب:

وكأن البخاري أشار بذلك إلي رواية الجريري عن مطرف فقال في آخره ارتأي رجل برأيه ما شاء يعني عمر كذا في الأصل.

العسقلاني الشافعي، أحمد بن علي بن حجر ابوالفضل (المتوفی852 هـ)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج3، ص433، تحقيق: محب الدين الخطيب، ناشر: دار المعرفة - بيروت.

بدر الدين العيني، شارح صحيح البخاري یصرح ایضا بحذف اسم عمر من نسخ صحيح البخاري :

وحكي الحميدي أنه وقع في البخاري في رواية أبي رجاء عن عمران ، قال البخاري : يقال : إنه عمر ، أي الرجل الذي عناه عمران بن حصين.

العيني الغيتابي الحنفي، بدر الدين ابومحمد محمود بن أحمد (المتوفی 855هـ)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ج 9، ص205، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

مسلم ایضا فی صحيحه یذکر هذا الحديث:

مسلم بن الحجاج ابوالحسين القشيري (المتوفی261هـ)، صحيح مسلم ج 2، ص 900، كتاب الحج، بَاب جَوَازِ التَّمَتُّعِ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

وذکر ایضا:

حدثنا محمد بن الْمُثَنَّي وبن بَشَّارٍ قال بن الْمُثَنَّي حدثنا محمد بن جَعْفَرٍ حدثنا شُعْبَةُ قال سمعت قَتَادَةَ يحدث عن أبي نَضْرَةَ قال كان بن عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِالْمُتْعَةِ وكان بن الزُّبَيْرِ يَنْهَي عنها قال فَذَكَرْتُ ذلك لِجَابِرِ بن عبد اللَّهِ فقال علي يَدَيَّ دَارَ الْحَدِيثُ تَمَتَّعْنَا مع رسول اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فلما قام عُمَرُ قال إِنَّ اللَّهَ كان يُحِلُّ لِرَسُولِهِ ما شَاءَ بِمَا شَاءَ وَإِنَّ الْقُرْآنَ قد نَزَلَ مَنَازِلَهُ فَ ) وأتموا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ( كما أَمَرَكُمْ الله وَأَبِتُّوا نِكَاحَ هذه النِّسَاءِ فَلَنْ أُوتَي بِرَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً إلي أَجَلٍ إلا رَجَمْتُهُ بِالْحِجَارَةِ.

مسلم بن الحجاج ابوالحسين القشيري (المتوفی261هـ)، صحيح مسلم ج 2، ص 855، كتاب الحج، بَاب في الْمُتْعَةِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

و ذکر فی متعة النساء انها کانت حلال الی ان نهی عنها عمر :

حدثني محمد بن رَافِعٍ حدثنا عبد الرَّزَّاقِ أخبرنا بن جُرَيْجٍ أخبرني أبو الزُّبَيْرِ قال سمعت جَابِرَ بن عبد اللَّهِ يقول كنا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ من التَّمْرِ وَالدَّقِيقِ الْأَيَّامَ علي عَهْدِ رسول اللَّهِ صلي الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ حتي نهي عنه عُمَرُ في شَأْنِ عَمْرِو بن حُرَيْثٍ.

مسلم بن الحجاج ابوالحسين القشيري (المتوفی261هـ)، صحيح مسلم، ج 2، ص 1023،كتاب النكاح، بَاب نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ ثُمَّ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ وَاسْتَقَرَّ تَحْرِيمُهُ إلي يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

و السرخسي من علماء الکبار عند اهل السنة یقول:

وقد صحّ أنّ عمر رضي الله عنه نهي الناس عن المتعة فقال متعتان كانتا علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وانا أنهي الناس عنهما متعة النساء ومتعة الحج.

السرخسي الحنفي، شمس الدين ابوبكر محمد بن أبي سهل (المتوفی483هـ )، المبسوط، ج4، ص27، ناشر: دار المعرفة - بيروت.

کذلک ابن قدامة وابن حزم ایضا ذکرا نهي عمر بصورة امر مسلم و قطعي :

المقدسي الحنبلي، ابومحمد عبد الله بن أحمد بن قدامة (المتوفی620هـ)، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، ج7، ص 136، ناشر: دار الفكر - بيروت، الطبعة: الأولي، 1405هـ؛

إبن حزم الظاهري، ابومحمد علي بن أحمد بن سعيد (المتوفی456هـ)، المحلي، ج7، ص107، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي، ناشر: دار الآفاق الجديدة - بيروت.

             تزویر الحديث عن النبی ص فی عدم توریث الانبیاء

أبو بكر منع الصديقة الطاهرة سلام اللّه عليها من الارث استنادا الی حديث نسبه الی الرسول الاكرم ص :

إنّا معاشر الأنبياء لا نورث.

ذکر فی صحيح مسلم ان امير المؤمنين عليه السلام و العباس عمي النبی (صلي الله عليه و سلم) الله عليه واله، اعتبرا ابابكر من اجل هذا التزویر کاذبا آثما غادرا خائنا، فلنذکرعبارة صحیح مسلم هنا:

...ثُمَّ نَشَدَ عَبَّاسًا وَعَلِيًّا بِمِثْلِ ما نَشَدَ بِهِ الْقَوْمَ أَتَعْلَمَانِ ذلك قالا نعم قال فلما تُوُفِّيَ رسول اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قال أبو بَكْرٍ أنا وَلِيُّ رسول اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَجِئْتُمَا تَطْلُبُ مِيرَاثَكَ من بن أَخِيكَ وَيَطْلُبُ هذا مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ من أَبِيهَا فقال أبو بَكْرٍ قال رسول اللَّهِ صلي الله عليه وسلم ما نُورَثُ ما تركنا صَدَقَةٌ فَرَأَيْتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا...

مسلم بن الحجاج ابوالحسين القشيري (المتوفی261هـ)، صحيح مسلم، ج 3، ص 1378، كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَاب حُكْمِ الْفَيْءِ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

ولم ینقل هذه الرواية غیر ابی بكر احدا و کبار الحديث عند اهل السنة، اعتبروا هذا الحديث من منفرداته؛ مثل  أبوالقاسم البغوي المتوفي سنة 317 وأبوبكر الشافعي المتوفي سنة 354 وابن عساكر المتوفي سنة 571 والسيوطي المتوفي سنة 911 وابن حجر المكي المتوفي سنة 973 و المتقي الهندي المتوفي سنة 975.

السيوطي یقول:

أخرج أبو القاسم البغوي وأبو بكر الشافعي في فوائده وابن عساكر عن عائشة قالت : إختلفوا في ميراثه صلي الله عليه وسلم ، فما وجدوا عند أحد في ذلك علما . فقال أبو بكر : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : إنا معاشر الأنبياء لا نورث.

السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (المتوفی911هـ)، تاريخ الخلفاء، ص73، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، ناشر: مطبعة السعادة - مصر، الطبعة: الأولي، 1371هـ - 1952م؛

الهيثمي، ابوالعباس أحمد بن محمد بن علي ابن حجر (المتوفی973هـ)، الصواعق المحرقة علي أهل الرفض والضلال والزندقة،ج1، ص93،تحقيق عبد الرحمن بن عبد الله التركي - كامل محمد الخراط، ناشر: مؤسسة الرسالة - لبنان، الطبعة: الأولي، 1417هـ - 1997م؛

المتقي الهندي علاء الدين علي بن حسام الدين الهندي البرهان فوري (المتوفی سنة 975) ، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، ج 12، ص 488، رقم 35600، تحقيق وضبط و تفسير:الشيخ بكري حياني ـ تصحيح وفهرسة: الشيخ صفوة السقا، ناشر : مؤسسة الرسالة - بيروت - لبنان،1409هـ- 1989 م؛

الإيجي، عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي ، كتاب المواقف، ج3 ص598، تحقيق : عبد الرحمن عميرة، ناشر : دار الجيل - لبنان - بيروت - 1417هـ - 1997م ، الطبعة : الأولي.

الرازي الشافعي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي (المتوفی604هـ)، المحصول في علم أصول الفقه، ج 3، ص87 و ج 4، ص369، تحقيق دكتور طه جابر فياض، ناشر : مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الثانية،1412هـ؛

الغزالي، محمد بن محمد ابوحامد (المتوفی505هـ، المستصفي في علم الأصول، ج1، ص228، تحقيق : محمد عبد السلام عبد الشافي، ناشر : دار الكتب العلمية - بيروت - 1413 ، الطبعة : الأولي ؛

الآمدي، ابوالحسن علي بن محمد (المتوفی 631هـ)، الإحكام في أصول الأحكام، ج2، ص77 و224و254و348 و ج3، ص55، تحقيق: د. سيد الجميلي، ناشر: دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة: الأولي، 1404هـ.

هذا الحديث الذی هو من منفردات ابی بكر؛ یخالف نص القرآن المجيد عند ما یقول:

«وورث سليمان داود». النمل/ 16

و نقلا عن زكريا یقول:

«فهب لي من لدنك وليّاً يرثني ويرث من آل يعقوب». مريم/ 6.

و یخالف کلام السیدة الزهرا سلام اللّه عليها عندما قالت لأبی بكر:

أبي اللّه يا ابن أبي قحافة أن ترث أباك ولا أرث أبي لقد جئت فريّاً.

إبن أبي الحديد المدائني المعتزلي، ابوحامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد (المتوفی655 هـ)، شرح نهج البلاغة، ج16، ص153، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان، الطبعة: الأولي، 1418هـ - 1998م.

الجوهري، أحمد بن عبد العزيز الجوهري البصري البغدادي أبو بكر(المتوفی323 هـ)، السقيفة وفدك، ص101و 145، تحقيق : تقديم وجمع وتحقيق : دكتر الشيخ محمد هادي الأميني، ناشر: شركة الكتبي للطباعة والنشر بيروت - لبنان، الطبعةالثانية، 1413هـ - 1993 م.

ابن طيفور، أحمد بن أبي طاهر ابن طيفور أبو الفضل(المتوفی280هـ) ، بلاغات النساء، ص 6.

و ذکر فی مسند أحمد هکذا:

أنّها قالت لأبي بكر: أنت ورثت رسول اللّه أم أهله ؟ قال : بل أهله.

الشيباني، أحمد بن حنبل ابوعبدالله (المتوفی241هـ)، مسند أحمد بن حنبل، ج1، ص4، ناشر: مؤسسة قرطبة - مصر.

و ینقل الحلبي عن سبط ابن الجوزي هکذا :

وفي كلام سبط ابن الجوزي رحمه الله أنه رضي الله تعالي عنه كتب لها بفدك ودخل عليه عمررضي الله تعالي عنه فقال ما هذا فقال كتاب كتبته فاطمه بميراثها من ابيها فقال مماذا تنفق علي المسلمين وقد حار بتك العرب كما تري ثم احذ عمر الكتاب فشقه.

الحلبي، علي بن برهان الدين (المتوفی1044هـ)، السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، ج3، ص 488، ناشر: دارالمعرفة ـ بيروت،1400هـ .

تغيير سنة رسول الاكرم صلي اللّه عليه وآله

مئات التغييرات و البدع حدثت بعد رسول الله ص حتی ان الإمام الشافعي فی كتاب «الأمّ» ینقل عن وهب بن كيسان هکذا :

كلّ سنن رسول الله قد غيّرت حتي الصلاة.

الشافعي، محمد بن إدريس ابوعبد الله (المتوفی 204هـ)، الأم، ج1، ص235 ناشر : دار المعرفة، ـ بيروت، الطبعةالثانية، 1393هـ.

و البخاري ایضا ینقل رواية مثل هذه عن الزهري هکذا :

حدثنا عَمْرُو بن زُرَارَةَ قال أخبرنا عبد الْوَاحِدِ بن وَاصِلٍ أبو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عن عُثْمَانَ بن أبي رَوَّادٍ أَخِي عبد الْعَزِيزِ قال سمعت الزُّهْرِيَّ يقول دَخَلْتُ علي أَنَسِ بن مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وهو يَبْكِي فقلت ما يُبْكِيكَ فقال لَا أَعْرِفُ شيئا مِمَّا أَدْرَكْتُ إلا هذه الصَّلَاةَ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قد ضُيِّعَتْ وقال بَكْرُ حدثنا محمد بن بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ أخبرنا عُثْمَانُ بن أبي رَوَّادٍ نَحْوَهُ.

البخاري الجعفي، محمد بن إسماعيل ابوعبدالله (المتوفی256هـ)، صحيح بخاري، ج 1، ص 198، كِتَاب مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، بَاب ششم: باب تَضْيِيع الصَّلَاةِ عن وَقْتِهَا تحقيق د. مصطفي ديب البغا، ناشر: دار ابن كثير، اليمامة، بيروت، الطبعة: الثالثة، 1407 - 1987.

ابن عبد البر ایضا ذکر هذه:

إبن عبد البر، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري (المتوفی463هـ)، جامع بيان العلم وفضله، ج2، ص200، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1398هـ.

و کثیر من موارد اخری من التغييرات و البدع  تبین انها حدثت علی اثر عدم علم حكام المجتمع بالاسلام و العمل علی خلاف السنة، فزالت علامات الاسلام الحقیقی من بین الناس و وصلت القضية الی حدّ حتی ان عليا عليه السلام عندما یصلی یذکّر الناس صلاة محمد صلي اللّه عليه وآله.

مسلم ینقل هنا باسناده عن مطرف رواية هکذا:

حدثنا يحيي بن يحيي وَخَلَفُ بن هِشَامٍ جميعا عن حَمَّادٍ قال يحيي أخبرنا حَمَّادُ بن زَيْدٍ عن غَيْلَانَ عن مُطَرِّفٍ قال صَلَّيْتُ أنا وَعِمْرَانُ بن حُصَيْنٍ خَلْفَ عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ فَكَانَ إذا سَجَدَ كَبَّرَ وإذا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ وإذا نَهَضَ من الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ فلما انْصَرَفْنَا من الصَّلَاةِ قال أَخَذَ عِمْرَانُ بِيَدِي ثُمَّ قال لقد صلي بِنَا هذا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وسلم أو قال قد ذَكَّرَنِي هذا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وسلم.

النيسابوري القشيري مسلم بن الحجاج ابوالحسين (المتوفی261هـ)، صحيح مسلم، ج1، ص295، كتاب الصلاة ، باب إثبات التكبير ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

و البخاري یروی عن عمران بن حصين انه قال :

صلّي مع علي بالبصرة فقال: ذكرنا هذا الرجل صلاة كنّا نصليها مع رسول اللّه صلي الله عليه وسلم.

البخاري الجعفي، محمد بن إسماعيل ابوعبدالله (المتوفی256هـ)، صحيح بخاري، ج 1، ص 271، كتاب صِفَةِ الصَّلَاةِ، باب33: باب إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ في الرُّكُوع تحقيق د. مصطفي ديب البغا، ناشر: دار ابن كثير، اليمامة، بيروت، الطبعة: الثالثة، 1407 - 1987.

و البخاري یذکر رواية اخری عن مطرف بن عبد اللّه انه قال :

صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ رضي الله عنه أنا وَعِمْرَانُ بن حُصَيْنٍ فَكَانَ إذا سَجَدَ كَبَّرَ وإذا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ وإذا نَهَضَ من الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ فلما قَضَي الصَّلَاةَ أَخَذَ بِيَدِي عِمْرَانُ بن حُصَيْنٍ فقال قد ذَكَّرَنِي هذا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وسلم أو قال لقد صلي بِنَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وسلم.

البخاري الجعفي، محمد بن إسماعيل ابوعبدالله (المتوفی256هـ)، صحيح بخاري، ج 1، ص 272، كتاب صِفَةِ الصَّلَاةِ، باب إتمام التكبير في السجود، تحقيق د. مصطفي ديب البغا، ناشر: دار ابن كثير، اليمامة، بيروت، الطبعة: الثالثة، 1407 - 1987.

و کذلک عدة من الناس الذین تعودوا فی زمن عثمان علی تصرف لا محدود من بيت المال، و یتوقعون ان یستمر الأمر فی زمن علي عليه السلام ایضا، و لأجل هذا، مقصود اميرالمؤمنين علي عليه السلام من جملة «دَعُونِي وَ الْتمِسُوا غَيْرِي» هو ما بینه فی کلماته.

الشبهة الثانیة: منافات ردّ الحكومة المشروطة مع آية: « وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ... »

من الشبهات التی تطرح هی: هل عدم قبول الامامة الالهیة من قبل الله تعالی، لم تنافی هذه الآية الشريفة من القرآن فی انه أیة مخالفة مع حكم الله و النبی ص توجب الضلالة ؟

وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَي اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ُ مِن أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينا .الاحزاب/36.

الجواب:

الذین بایعوا الإمام کثیر منهم هم الذین مرهقون من سيرة عثمان، و أرادوا ان یعمل الإمام علی سیرة الخليفة الاول والثانی! و حسب ما مرّ تبین ان مقصود الإمام علي عليه السلام عندما یقول: «دعونی و التمسوا غیری »، هو انه: لو انکم تطالبون بالمشیة علی نهج الخلفاء الماضیین، فأنا لم اقبل ان اکون فی رأس هکذا حكومة، و کونوا طالبا للذین هم یقبلون ان یسیروا بسیرة هؤلاء الذین من قبلهم.

وقبول هکذا حكومة لیس فقط لم تشتمل علی الآية الشريفة:

«وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي اللّه ورسوله أمراً...» الأحزاب/ 36 .

بل هو خلاف رأی الله عزّ وجلّ، لأن قبول خلافة و حكومة لم یکن فیها عدل و هی علی طریق و سيرة حكومة یوجد فیها التبعیض بين العرب و العجم و لم یحکم فیها بالحق:

کما یقول الله تعالی لداود:

يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَليفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوي . ص/ 26.

و کلام الإمام فی هذه الخطبة ؛ نفس الکلام الذی تکلم به یوم الشوری عبد الرحمن بن عوف الذی فی یوم الشوری ، فشرط بيعته مع الإمام بالعمل بسيرة ابی بكر و عمر؛ فلم یقبل الإمام و قال:

فقال: أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت.

 

اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح (المتوفی292هـ)، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 162، ناشر: دار صادر - بيروت.

الشبهة الثالثة: هل علي عليه السلام عین شرطا مسبقا لقبول الخلافة ؟

عدة من اهل السنة اثاروا هذه الشبهة انه: لو کانت الامامة، فی رأیکم تعیینیة، فلماذا اميرالمؤمنين عليه السلام فی هذه الخطبة عین شرطا مسبقا لقبول الخلافة؛ مع انه لم یعین نبیا لنبوته شرطا، و الحال ان النبوة و الامامة، کلاهما حسب رأیکم تعیینیة و بشکل كلي کل شرط مسبق ینافی النبوة و الامامة التعیینیة من قبل الله تعالی؛ و الإمام علي عليه السلام فی هذه الخطبة عین شرطا لقبول الامامة هکذا :

وَاعْلَمُوا أَنِّي إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ وَ لَمْ أُصْغِ إِلَي قَوْلِ الْقَائِلِ وَ عَتْبِ الْعَاتِبِ...

نهج البلاغة صبحي صالح، ج 1، ص136، خطبة 92.

الجواب:

اکبر اشتباه ارتکبه مثیر الشبهة، هو انه خلط بین موضوعین هما دعوة الانبياء الی التوحيد و تشكيل الحكومة.

أی نبی من دون ان تکون له القدرة الموفیة، اقدم علی تشکیل الحكومة ؟

أی نبی من دون تهیئة الارضیة فی المجتمع، شكل حكومة ؟

أی نبی اسس حكومته مبنية علی هوی الناس ؟

فی الاجابة عن هذه الشبهة، نشیر الی مطالب اربعة:

الاوّل : مقصود الإمام عليه السلام هو انه لم یقبل الحكومة(و لیس الامامة) و یحکم علیهم بما یتلقاه من الكتاب و السنة، و لیس علی هواهم. و ذکر هذا الشرط ایضا فی قضية الشوري.

يعني فی الواقع لم یشرط شیئا سوی العمل بالدين!

الثانی : القرآن یقول بصراحة ان مبني حكم الحاكم الاسلامي لابد ان یکون حسب أمر الهي و لیس ما یطابق هوی الناس.

«لتحكم بين الناس بما أراك اللّه» النساء/ 105

«وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» المائدة/ 45

«وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ» المائدة/ 47

الثالث: الیس نبی موسي یحکم حسب هوی الناس؟ لو کان هکذا لابد ان لا یخالف عبادة العجل و عشرات الموارد التی هی جریمة لکن توافق هوی الناس.

الرابع: کل حاكم اسلامي أو غير اسلامي لو یرید ان یحکم حسب ما یشتهی هوی الناس، لتخلل نظام المجتمع؛ لأن کل صنف من الناس یرید شیئا یخالف ما یریده الصنف الآخر.

هل الناس ارادت من الامام عليه السلام الدعوة الی الحق و الإمام ع لم یقبل!! أو عكس هذا جاءه جمع خفية ارادوا بعد اخذ امتيازات خاصة، ان یبایعوا الإمام ع حتی قال ع :

إنّ بيعتي لا تكون في خلوة إلّا في المسجد ظاهراً .

 

المتقي الهندي علاء الدين علي بن حسام الدين الهندي البرهان فوري (المتوفی سنة 975) ، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، ج 5، ص 297، رقم 14281، تحقيق : محمود عمر الدمياطي ، ناشر : دار الكتب العلمية - بيروت - 1419هـ ـ 1998م ، الطبعة : الأولي

هل انکم فکرتم الی الآن لماذا طلحة و زبير مع عدة من المهاجرين و الانصارجاءوا لبيعة علي عليه السلام لکن الامام عليه السلام، رفض بيعتهم ، و قال:

لا حاجة لي في أمركم؟

الطبري، أبي جعفر محمد بن جرير (المتوفی310)، تاريخ الطبري، ج 2، ص 697، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت.

فی الواقع ما مقصودهم من الاصرارعلی البيعة مع اميرالمؤمنين عليه السلام خفیة حتی انه ع قال :

أما إذ أبيتم فإن بيعتي لا تكون سرّاً فاخرجوا إلي المسجد فخرجوا.

البلاذري، أحمد بن يحيي بن جابر (المتوفی279هـ)، أنساب الأشراف، ج1، ص302، حسب برنامج الجامع الكبير.

هل انه لم یکن من المحتمل ان هذا الرفض من الإمام علي عليه السلام لمطالبهم الغیر شرعیة، اثار شعلة الحرب فی معرکة جمل؟

هل انکم فکّرتم الی الآن لماذا الإمام علي عليه السلام فی البدایة اخذ البیعة من المهاجرين و الانصار ثم بایعه الناس؟

وأبي هو إلا المسجد فلما دخل دخل المهاجرون والأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس.

الطبري، أبي جعفر محمد بن جرير (المتوفی310)، تاريخ الطبري، ج 2، ص 696، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت.

الشبهة الرابعة: هل عدم قبول الخلافة من قبَل اميرالمؤمنين عليه السلام نوع من الفرار عن المسؤلية؟

الشبهة الأخیرة التی اوردوها علی هذه الخطبة هی:

هل کلام الامام عليه السلام عندما قال: «وَ إِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ» لم یکن نوع من الفرار عن المسؤلية ؟

نهج البلاغة صبحي صالح، ج1، ص136، خطبة 92

الجواب:

هذا الکلام عن الإمام لم یکن فرارعن المسئولية؛ بل لم یکن راضخا لحكومة غير الهية و حسب هوی الناس؛ وجملة «لِمَنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ»  (نهج البلاغة صبحي صالح، ج1، ص136، خطبة 92) خیر دليل علی ان الإمام ع یقصد ان هذه الحكومة التي تقصدونها، لم تکن مقبولة عندی و اعطوها لمن شئتم، و اذهبوا لمن یقبل هکذا حكومة.

و فی الاستمرار یقول:

«وَ أَنَا لَكُمْ وَزِيراً خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً» 

نهج البلاغة صبحي صالح، ج1، ص136، خطبة 92.

مقصود الإمام انه اذا لم تکن لدی مسئولية فی المجتمع، لم یکن علی تكليف ایضا، و اعمل کمشاور فی موارد الضرورة، کالسابق؛ لکن اذا قبلت الحكومة، ارفض المعايیر الغلطة التی کانت فی السابق و أطرد الذین هم غیر مؤهلین عن المسئوليات و انصب الذین هم مؤهلین فی المسئوليات.

کما اشار الیه فی اول خطبة خطبها بعد الخلافة:

والذي بعثه بالحق، ولتُساطُنَّ سَوطَ القِدْر حتّي يَعُودَ أسْفَلُكُم أعْلاكُم وأعلاكم أسْفَلَكُم، ولَيَسْبِقَنّ سابِقُون كانوا قَصَّرُوا وَلَيُقَصِرَنَّ سَبّاقُون كانوا سَبَقُوا.

نهج البلاغة صبحي صالح، ص 57، خطبة16

و کذلک اقوم بردّ تمام الاموال التی صرفتموها من غیر حق من بیت المال:

واللّه لو وَجَدْتُه قد تُزوّج به النساء ومُلك به الإماء لرَدَدْتُه.

نهج البلاغة صبحي صالح، ص 57، خطبة15

و نستطیع ان نقول بأن المقصود الاساسی للإمام من هذه الکلمات انه یرجع الوضع کزمن رسول الله ص و تواجهون نفس المشکلات:

وإن بَلِيَّتَكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّكم والذي بعثه بالحق.

نهج البلاغة صبحي صالح، ص 57، خطبة16.

و من القطع مواجهة مصائب زمن البعثة، کانت تثقل علی الناس الذی یعیشون فی زمن الامام عليه السلام، و لم  یتحملوا هکذا مصائب و بخروجهم علی الحاكم، لیس فقط یتحملون اثم تنحیة الخليفة الذی هو علی حق، بل اثم مقاتلة امام زمانهم ایضا! و من أجل هذا نری ان الإمام ع، یذکر جملة «خَيْرٌ لَكُمْ» بعد جملة« وَ أَنَا لَكُمْ وَزِيراً» يعني أنفع لکم، و هذه الجملة عن الإمام، لم تکن علامة علی انه انصرف من الخلافة الالهية؛ بل هی احتجاج لمطالب الناس الغیر مشروعة، و عدم قبول حكومة لیس فیها مؤشرات اسلامية.

فهنا ننتهی من الاجابة علی الشبهات التی طرحت فی خطبة«92».

الجواب عن شبهات أخر، مثل الجواب عن شبهة خطبة«92»:

بالجواب الذی اجبنا عن شبهة خطبة«92»، یتبین الجواب عن شبهه خطبة (137) و(229) و... ( لأن فی هاتین الخطبتین مثل شبهة خطبة«92» الکلام عن عدم بيعة الإمام ع مع الناس.)

قال فی خطبة (137):

... فَأَقْبَلْتُمْ إِلَيَّ إِقْبَالَ الْعُوذِ الْمَطَافِيلِ عَلَي أَوْلَادِهَا تَقُولُونَ الْبَيْعَةَ الْبَيْعَةَ قَبَضْتُ كَفِّي فَبَسَطْتُمُوهَا وَ نَازَعَتْكُمْ يَدِي فَجَاذَبْتُمُوهَا...

نهج البلاغة صبحي صالح، ص195، خطبة 137

و فی خطبة (229) قال:

وَبَسَطْتُمْ يَدِي فَكَفَفْتُهَا وَمَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عَلَيَّ تَدَاكَّ الْإِبِلِ الْهِيمِ عَلَي حِيَاضِهَا يَوْمَ وِرْدِهَا حَتَّي انْقَطَعَتِ النَّعْلُ وَسَقَطَ الرِّدَاءُ وَوُطِئَ الضَّعِيفُ وَبَلَغَ مِنْ سُرُورِ النَّاسِ بِبَيْعَتِهِمْ إِيَّايَ أَنِ ابْتَهَجَ بِهَا الصَّغِيرُ وَهَدَجَ إِلَيْهَا الْكَبِيرُ وَتَحَامَلَ نَحْوَهَا الْعَلِيلُ وَحَسَرَتْ إِلَيْهَا الْكِعَاب.

نهج البلاغة صبحي صالح، ص351، خطبة 229.

البتة فی الجواب عن الشبهة علی هاتین الخطبتین و... غير ما ذکرناه سالفا، نضیف هذه ایضا ان :

الامام عليه السلام قام بإیراد هاتین الخطبتین حتی یثبت لاشخاص مثل طلحة و الزبير ان بيعتهم مع الامام عليه السلام لم تکن باكراه واجبار؛ بل هم الذین بميلانهم، سارعوا الی بيعة الإمام، لکن بعد مدة قلیلة رفضوا بيعتهم و اشار امير المؤمنين فی کتابه الی هذه النكتة و صرح هکذا :

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتُمَا وَ إِنْ كَتَمْتُمَا أَنِّي لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّي أَرَادُونِي وَ لَمْ أُبَايِعْهُمْ حَتَّي بَايَعُونِي وَ إِنَّكُمَا مِمَّنْ أَرَادَنِي وَ بَايَعَنِي...

نهج البلاغة صبحي صالح، ص445، کتاب54.

النتيجة:

فی الختام ننتج ان هذا الکلام من الإمام کان بعد حكومة الخلفاء الثلاثة التی طالت خمس و عشرین سنة و فی هذه المدة، بادر الخلفاء ببدع فی الدين ـ التی اشرنا الیها من قبل ـ و اعتادوا الناس علی حكومة التی فی هذه الحكومة، توجد طرق غلطة و جائرة فی تقسيم بيت المال فی زمن عثمان و بذل بيت المال الی اقاربه مثل بذل خمس غنائم آفريقیا الی مروان و... و الناس التی اعتادت علی مثل هذه الحكومة ارادوا فی بيعتهم مع اميرالمؤمنين علي عليه السلام ایضا هذا النوع من الحكومة؛

من هذا المنطلق، مقصود اميرالمؤمنین عليه السلام عند ما یقول: «دعونی و التمسوا غیری » هو انکم : اذا تریدون نفس طریقة الخلفاء الثلاث، انا لم اقبل ان اکون فی رأس هذه الحكومة، فکونوا فی بیعة من یقبل ان یحکم مثلهم.

و هذا الكلام عن علي عليه السلام لم ینافی الامامة التعیینیة من قبل الله تعالی لأن بيعة الناس و تشكيل الحكومة من شئون الامام المنصوب من قبل الله و الحكومة هی التی تحتاج الی اقبال و تهیؤمن قبل الناس، کما ان حكومة النبی صلي الله عليه و آله فی بلدة مكّة احتاجت الی اقبال و تهیؤ من قبل الناس؛ و لأجل انه لم یکن اقبال و لا تهیؤ من قبل الناس فی مكة، لم تشکل الحكومة؛ لکن الامامة التعیینیة من قبل الله تبارك و تعالي لم تحتاج الی اقبال و تهیؤ من قبل الناس ـ حسب الآيات الشريفة من القرآن الكريم، تعيين الخليفة و الامام (عليه السلام)من قبل الله تعالی فقط ـ بناء علی هذا: الإمام فی زمن الخلفاء الثلاث و بعده الی زمن استشهاده، هو الامام المعیّن من قبل الله تبارك و تعالي و جملة «دعوني والتمسوا غيري» فی كلام الامام عليه السلام لا یمکن ان تکون دليلا علی عدم تعیین الإمام للامامة.

الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي سيدنا محمد و آله الطيبين و الطاهرين.

 

و من الله التوفیق

فریق الإجابة عن الشبهات

مؤسسةالإمام ولي العصر (عج) للدراسات العلمیة

 



الكلمة الدليلية: نهج البلاغة, شبهات, دراسة
Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین