* ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ *
ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ (ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½) ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½
  ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ |  ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ |  ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ |  ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ |  ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ |  ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ |  ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ |  ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½شگï؟½ï؟½
تاريخ: 04 شهريور 1385 تعداد بازديد: 5860 
فصل الخطاب من كتاب الله ، وحديث الرسول ، وكلام العلماء في مذهب ابن عبد الوهاب
 

بسم الله الرحمن الرحيم




) صفحه 3 )


فصل الخطاب من كتاب الله ، وحديث الرسول ، وكلام العلماء في مذهب ابن عبد الوهاب



تأليف : العلم العلامة والفقيه الفهامة الشيخ سليمان بن عبد الوهاب النجدي الحنبلي المتوفى ( 1210 ه‍ ) أخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية بإشراف السيد محمد رضا الحسيني الجلالي تحقيق : لجنة من العلماء



( صفحه 4 ) الطبعة الأولى : مطبعة نخبة الأخبار بمبائي ، الهند - 1306 ه‍ . الطبعة الثانية : القاهرة - مصر . الطبعة الثالثة : مكتبة إيشق كتبوي ، استانبول - تركيا 1399 ه‍ . الطبعة الرابعة : محققة ومخرجة ومفهرسة .



( صفحه 5 ) هذا الكتاب إنه : أول كتاب ألف على المذهب الوهابي ، في بداية ظهوره . إن المؤلف هو أخو مؤسس الوهابية فشهادته في حقه مقبولة ، لأنه من أهله . إن الكتاب يحتوي على علم جم ، وتحقيق عميق وحجة بالغة ، لأنه من تأليف علامة كبير وفقيه في المذهب الحنبلي الذي تدعيه الوهابية . قال الوهابيون : كان لهذا الكتاب أثر كبير في هداية كثير في عاصمة نفوذهم : العيينة وحريملاء ، وغيرها من بلاد نجد . إقرأ حديثا مفصلا عن الكتاب والمؤلف في المقدمة التالية .



( صفحه 6 ) بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى : ( وشهد شاهد من أهلها . . . ) سورة يوسف ( 12 ) ، الآية 26 وقال تعالى : ( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ، فآمن . . . واستكبرتم ) سورة الأحقاف ( 46 ) ، الآية 10



( صفحه 7 ) المقدمة : المؤلف والكتاب المؤلف : هو الشيخ سليمان بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي ، النجدي ، الحنبلي . وهو أخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس الدعوة الوهابية في العيينة من أرض نجد ، وكان سليمان أكبر من محمد عمرا ، وأكثر منه علما ، وأوجه منه ، بل كان بكر أبيه ، وقد درس محمد عنده كما درس عند أبيه عبد الوهاب . وكان سليمان عالما فقيها نبيها فهما مقبولا عند العلماء ، موجها عند الزعماء ، ومرجعا للعامة من الناس ، ومسموع الكلمة لعلمه ، وتقواه ، وإخلاصه . كان من المبادرين للنهي عن المنكرات ، والوقوف أمام انتشارها باللسان والقلم ، والنصيحة . وقد ألف هذا الكتاب بعد ثمانية سنوات من بدء الفتنة الوهابية . وكان لهذا الكتاب أثر بليغ في تعريف الناس بواقع الدين عقيدة وشريعة ووقع موقع الرضا والقبول ، لأن سليمان على علمه وصدقه ومقبوليته ، كان شاهد صدق على أخيه ، الذي عاشره وعاصره عن قرب . كما عاش قضايا الفتنة ومحدثاتها ، وأعمالها وتصرفاتها ، وسبر أغوارها ،



( صفحه 8 ) وشاهد بعينه ، ولمس بيده الجرائم والويلات التي جرتها على الأمة والعلم . فكانت شهادته مسموعة من باب { وشهد شاهد من أهلها } . ولذلك ، رجع كثير من رؤساء القبائل ، وعلماء البلاد ، والعوام المغفلين ، عن اتباع الفرقة ، والالتزام بأفكار الجماعة . لقوة حجة سليمان كما عرضها في الكتاب ، وصدق ما نقله من الآراء والأعمال وقد ترجم للشيخ سليمان ، المؤلفون الجدد : منهم الأستاذ عمر رضا كحالة السوري في معجم المؤلفين ( 4 / 269 ) . ومنهم خير الدين الزركلي السوري ( الوهابي ) في الأعلام ( 3 / 130 ) . وهذا الأخير حاول تحريف بعض الحقائق ، حيث ادعى ( ندم ! ) الشيخ سليمان ، على معارضته للفرقة ! ! ! فما ذكر هذا الكتاب في ترجمة الشيخ سليمان ! مع أنه من أشهر مؤلفاته ، وأهم ما كتبه ، وهو مطبوع متداول ! وقد ذكره المترجمون والمفهرسون كافة ! لكن الزركلي لم يشر إليه لا من قريب ولا من بعيد ، فهل هو يؤمن ويصدق على مثل تلك الدعوى المزعومة ؟ ! وسيأتي كلام عن هذا . وقد حددوا وفاة الشيخ سليمان بما يلي : 1 - قال كحالة : كان حيا حوالي 1206 ه‍ . 2 - قال الزركلي : توفي نحو 1210 ه‍ . الكتاب : اسمه : الصواعق الإلهية في مذهب الوهابية ) ، كذا سماه في إيضاح المكنون ( 2 / 72 ) ، وذكره كحالة في معجم المؤلفين ( 4 / 269 ) .



( صفحه 9 ) وذكر له في إيضاح المكنون ( 2 / 190 ) كتابا آخر باسم : فصل الخطاب في مذهب محمد بن عبد الوهاب . وذكره كحالة ، أيضا . والمعروف أن الاسمين لكتاب واحد ، كما ذكر اسمه في بعض الفهارس هكذا : فصل الخطاب من كتاب رب الأرباب ، وحديث رسول الملك الوهاب ، وكلام أولى الألباب في . . . مذهب محمد بن عبد الوهاب . وهو هذا الكتاب الذي نقدمه للطبع ، للمرة الرابعة ، بعد أن طبع في الهند عام 1306 ه وفي مصر ، وفي تركيا عام 1399 ه‍ . ومع كل ذلك ، فقد أغفل الزركلي الوهابي ذكر اسم الكتاب ، أصلا . لكنه ذكر لسليمان كتابا آخر باسم : الرد على من كفر المسلمين بسبب النذر لغير الله ، ورمز إلى أنه مخطوط يوجد في مكتبة الأوقاف في بغداد برقم ( 6805 ) كما في الأعلام ( 3 / 130 ) . وأظن أن هذا الكتاب هو نفس كتابنا ( فصل الخطاب ) لأنه يتحد معه في المضمون ، أو أنه اختصار منه ، لأن كتابنا يحتوي على مسألة تكفير المسلمين بسبب النذر ، ومسائل أخرى كزيارة القبور ، والاستشفاع بالنبي والأولياء ، وغير ذلك . وقد ذكر كحالة في معجم المؤلفين ( 4 / 269 ) ، نقلا عن كتاب الكشاف عن كتب الأوقاف البغدادية ، لأسعد طلس ( 126 - 127 ) أن لسليمان كتاب : ( التوضيح عن توحيد الخلاق ) . وقد خطأ بعض هذه النسبة ، فلاحظ مجلة العرب ( 7 / 227 ) . ومن مصادر كحالة : فهرس التيمورية ( 4 / 120 ) ولاحظ : اكتفاء القنوع بما هو مطبوع ( ص 388 ) .



( صفحه 10 ) أهمية الكتاب : تظهر أهمية الكتاب ، إذا عرفنا : 1 - أنه أول كتاب ألفه علماء المسلمين ردا على الدعوة إلى الفرقة ، عقيب ظهو



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 10



رها فقد صرح المؤلف بأنه كتبه بعد ثمان سنوات من ظهورها . 2 - إن المؤلف بحكم كونه أخا لمؤسس الدعوة ، ولكونه يعيش في أوساط الدعاة وعقر دارهم ، كان أعرف بأحوالهم وأفكارهم ، وشاهد عن كثب تصرفاتهم وأعمالهم ، فكانت كلمته شهادة صدق ، وقول حق ، لا يرتاب فيه أحد . 3 - إن مقام المؤلف العلمي ، كواحد من كبار فقهاء المذهب الحنبلي ، وبفرض منزلته الاجتماعية : تمكن من فضح الدعاوى ، وإظهار مخالفتهم للمذهب الحنبلي ذاته ، ولعلماء الحنابلة : فقها وعقيدة وسيرة .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 10 - 17



ولذلك كله ، كان للكتاب أكبر الآثار في إيقاف المد الأسود بالرغم من استخدام الدعاة ، الحديد والنار والتهديد والانذار لمن يخالفهم أو لا يتابعهم ، ومع ذلك كان له أكبر الآثار على الحد من انتشار الدعوة . وقد اعترف الدعاة بهذه الحقيقة . قال مشهور حسن في كتابه ( كتب حذر العلماء منها ) ما نصه : ( لقد كان لهذا الكتاب أثر سلبي ( ! ) كبير ، إذ نكص بسببه أهل ( حريملاء ) عن اتباع الدعوة السلفية ( ! ) ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل تجاوزت آثار الكتاب إلى ( العيينة ) . فارتاب ، وشك بعض من يدعي العلم في ( العيينة ) في صدق هذه الدعوة ، وصحتها ( ! ! ! ) كتب حذر . . ( 1 / 271 ) . ولمدى قوة تأثير الكتاب وأهميته ، سعى الزركلي الوهابي أن يدعي ندم



( صفحه 11 ) المؤلف ، عن معارضته للدعوة ، وأنه كتب في ذلك رسالة ( ! ) مطبوعة ( ! ! ) كذا قال في الأعلام ( 3 / 130 ) . والغريب ، أن الزركلي الذي يؤكد على وجود هذه الرسالة ، مع غرابة ذكرها عنده ، وعدم معروفيتها وعدم ذكرها في فهارس الكتب المطبوعة وعدم تحديد اسم معين لها ، إلا أن يكون أحد الدعاة افتعلها ونحلها إلى الشيخ سليمان ! ! ؟ فإن الزركلي قد أغفل ذكر أسم كتاب للشيخ سليمان وهو ( فصل الخطاب ) المسمى بالصواعق الإلهية ، كتابنا هذا ، المطبوع مكررا ، والمشهور النسبة إلى المؤلف ، والمذكور في كتب التراجم والفهرسة . إن إغفاله لاسم هذا الكتاب ، قرينة على إعماله للهوى والغرض في ترجمة سليمان ، ولا يستبعد أنه تعمد ذكر تلك الرسالة ليشوه على القراء ، ويقدم دليلا على ما زعمه كذبا ، من اتهام سليمان بالندم عن المعارضة للدعوة . ونقول : وحتى لو لفق أحد الدعاة رسالة منسوبة إلى الشيخ سليمان ، فإن ذلك لا يقلل - أبدا - من أهمية كتابنا هذا . فإن تلك الرسالة ، لم تذكر ، ولا لها أثر إلا عند الزركلي وأمثاله من الدعاة . ومع ذلك ، فإن ما أودعه الشيخ سليمان في هذا الكتاب القيم ( فصل الخطاب ) من الأدلة القويمة والحجج المحكمة ، والبراهين الواضحة والاستدلالات بالآيات وصحاح الروايات ، والكلام المقنع . . . لا يمكن لأحد العدول عنه ، ولا الأعراض عن اتباع مدلوله ومؤداه ، حتى لنفس المؤلف . وليس المهم - بعد وضوح الأدلة وقوة الاحتجاج - : من قالها ! وإنما المهم ما قاله من الحق والصدق والصواب . نعم ، لو كان مؤلف ثابتا على مواقفه حتى آخر حياته - كما كان مؤلفنا - فهو دليل على واقعيته ، وعدم انجرافه مع التيارات الدنيوية ، وعدم اغتراره



( صفحه 12 ) بالمظاهر والمناصب . ويكون كلامه أتم في الالزام وأقوى في الاحتجاج عند الخصام . وقد اعترف الجميع ، بأن الشيخ سليمان - كأبيه - كانا من أشد المعارضين للفرقة ، قبل إظهارها ، لما شاهداه من المخالفات والتفكير غير الراشد ، وقد حذرا منها . ثم بعد إظهارها للناس ، بادر الشيخ سليمان إلى الرد عليها ، بهذا الكتاب ، الذي يتفجر بالحط عليها ، والتبرؤ من عقائدها ، والانزجار من أفعالها وتصرفاتها . سبب تأليف الكتاب : يبدو من صدر الكتاب أن الشيخ سليمان كتبه بعنوان رسالة موجهة إلى شخص يدعى باسم ( حسن بن عيدان ) . ولم نتمكن - فعلا - من التعرف على شخصيته والظاهر أنه من المتعصبين للدعوة ، وأنه كان يعاود مع المؤلف حولها ، مراسلة : حيث قال المؤلف . ( وأنت كتبت إلي كثيرا - أكثر من مرة - تستدعي ما عندي ، حيث نصحتك على لسان ابن أخيك ) . فيبدو أنه كان محرضا ، يكرر محاولته لاستفزاز المؤلف ، فوجه إليه هذا الخطاب الذي هو ( الفصل ) . وقد بدأه المؤلف بقوله : ( أما بعد ، من سليمان بن عبد الوهاب إلى حسن بن عيدان سلام على من اتبع الهدى . . . ) . وهذه البداية تكشف عن شدة اهتمام المؤلف بأمر الرجل ، بحيث لم يوجه إليه السلام ، ليأسه من هدايته .



( صفحه 13 ) وإنما جعل هذا الكتاب إطلاقة الخلاص لكل محاولاته التي كررها ، لإغواء المؤلف أو إغرائه . فلم يجده إلا متصلبا في التزامه بدين الحق . محتوى الكتاب : رتب المؤلف كتابه على مقدمة وفصول ، كالتالي : ففي المقدمة : أورد أهمية إجماع الأمة الإسلامية من وجوب اتباع ما أجمع عليه ، وعدم جواز الاستبداد بالرأي ، في ما يمت إلى الإسلام من عقيدة وتشريع . ثم ذكر أنها أجمعت على لزوم توافر شروط للمجتهد الذي يجوز للناس تقليده وأخذ أحكام الدين منه ، ولمن يدعي الإمامة ! وقد أكد هذا ، بكلمات صريحة من أقطاب السلفية وكبرائهم ، خصوصا ابن تيمية وابن القيم . ثم ذكر : أن الناس ابتلوا - اليوم - بمن ينتسب إلى الكتاب والسنة ، ويستنبط علومهما ، ولا يبالي بمن خالفه ! وإذا طلبت منه أن يعرض كلامه على أهل العلم ، لم يفعل . بل ، يوجب على الناس الأخذ بقوله ، وبمفهومه . ومن خالفه ، فهو - عنده - كافر ! ! هذا ، وهو لم يكن فيه خصلة واحدة من خصال أهل الاجتهاد ولا - والله - عشر واحدة ! ! ! ثم ذكر أن هذه الفرقة تكفر أمة الإسلام الواحدة المجتمعة على الحق ؟ ! وأورد الآيات والروايات الدالة على أن الدين عند الله هو الإسلام ، وإن إظهار الشهادتين ، يحقن دم المسلم ، ويؤمنه على ماله وعرضه .



( صفحه 14 ) لكن الدعاة يكفرون المسلمين ، بدعوى أنهم مشركون ؟ ! واعتمادهم على فهمهم الخاطئ لكلمة ( الشرك ) ثم دعواهم لصدق ( الشرك ) على أفعال المسلمين ، لا يوافقونهم عليها ، مع دعواهم مخالفة لإجماع الأمة ، ولا يوافقهم أحد عليها ، فقال المؤلف لهم : ( من أين لكم هذه التفاصيل ؟ أاستنبطتم ذلك بمفاهيمكم ؟ ألكم في ذلك قدوة من إجماع ؟ أو تقليد من يجوز تقليده ؟ ) وهكذا ، يخطئهم المؤلف في فهمهم لمفردات الكلمات التي يكررونها ، ولا يفهمون معناها اللغوي ولا العرفي الاصطلاحي . ويخطؤون في تطبيقها على غير مصاديقها والسبب في ذلك : أنهم ليسوا من أهل العلم ، ولا أهل اللغة ، فلا يعرفون للكلمات مفهوما ، ولا مصداقا . ثم حاول إثبات مخالفتهم في الفهم ، لصريح كلمات من يدعون الاقتداء به ، واعتبروه ( شيخا لإسلامهم ) وسلفا لهم ، أمثال ابن تيمية ، وكذلك ابن القيم . وهنا يكرر المؤلف على الدعاة ، بلزوم مراجعة أهل العلم والفهم ، لفهم كلمات العلماء . وهو يحاسبهم في كل فصل ومسألة على لوازم آرائهم ، وما يترتب على فتاواهم الخاصة من التوالي الفاسدة ، فيقول : ( فكل هذه البلاد الإسلامية ، عندكم بلاد حرب ، كفار أهلها ؟ ! وكلهم ، عندكم ، مشركون شركا مخرجا عن الملة ؟ ! فإنا لله ، وإنا إليه راجعون ) ثم أورد ما ذكره ، مما انفردوا به ، من أسباب تكفيرهم للمسلمين ،



وهي : ( صفحه 15 ) مسألة النذور . والسؤال من غير الله . وأتيت في الموضوعين كلمات ابن تيمية وابن القيم ، ودلل على أنهم لم يفهموا كلامهما ، وأن العبارات المنقولة - بطولها - تدل على خلاف غرضهم ، ومدعاهم . كما أن ما يقومون به من أعمال ، مخالف بوضوح لما ذكره الشيخان من العبارات . ثم ذكر مسألة : التبرك ، والتمسح بالقبور ، والطواف ( ! ) بها . ونقل عن فقهاء الحنابلة ، عدم تحريمهم لها . وهو مذهب أحمد بن حنبل ! ثم ذكر معذورية الجاهل ، بإجماع أهل السنة وأن هذا أصل من أصولهم ، حتى اعترف به ابن تيمية وابن القيم . ثم في الفصول التالية ، ذكر أصلا إسلاميا حاصله : أن الفرق المنتمية إلى الإسلام على فرض صدور شئ منهم يمكن تسميته ( كفرا ) : فليس كفرا مخرجا لهم عن ملة الإسلام ، ولا يصيرون بذلك مشركين . فذكر من الفرق : الخوارج وأفكارهم ، وأهل الردة وأحكامهم ، والقدرية ومذاهبهم ، والأشعرية وآرائهم ، والمرجئة وأقوالهم ، والجهمية ودعاواهم . وقال : ( إن مذهب السلف ( ! ) عدم تكفير هذه الفرق ، حتى مع شدة انحرافهم ، فلم يكفرهم أحد حتى ابن تيمية وابن القيم ! ولم يحكم بكفرهم أئمة أهل السنة حتى الإمام أحمد بن حنبل رئيس المذهب . ونقل عن ابن تيمية بالذات : ( إن تكفير المسلمين من أقبح البدع ، وأنه



( صفحه 16 ) الأصل للبدع الأخرى . وذكر المؤلف : إن الدعاة تخالف جميع هذه الأصول ، وجميع هذه الكلمات ، وجميع هؤلاء الأئمة حتى ابن حنبل ، وحتى ابن تيمية وابن القيم . ثم ذكر أن أئمة المذاهب الأربعة : لا يلزمون أحدا بمذاهبهم الفقهية ، ولا آرائهم في العقيدة ، وإنما وسعوا على الناس ! ولكن هؤلاء : أجبروا الناس على آرائهم بالنار والحديد ، والتخويف والتهديد . ثم نقل اتفاق أهل السنة على عدم التكفير المطلق للمسلمين . لكن هؤلاء يخالفون ذلك . ثم ذكر أن الأيمان الظاهر ، بإظهار الشهادتين ، هو الذي يحقن الدماء ، ويجري أحكام الإسلام ، وهذا مسلم حتى عند ابن تيمية وابن القيم . لكن هؤلاء لا يقرون بذلك . ثم ذكر أن من يراد تقليده يجب أن تتوفر فيه شروط من علم الدين ، وأن هؤلاء ليسوا أهلا للاستنباط . لأنهم لا يفهمون مراد الله في كتابه ، ولا معاني ألفاظ السنة ، ولا كلام علماء الإسلام . ثم فصل البحث عن قضية ( الحدود تدرء بالشبهات ) وأن المخالفين لهم الأدلة على ما يرون ، فلا بد أن يدفع عنهم ذلك اسم الكفر والشرك ، الذي يكيله الدعاة على من لا يوافقهم ، ويقومون بمجرد ذلك بالغارة والقتل والضرب والإيذاء . وأتيت نصا من ابن تيمية يدل على إعذار المسلمين . ثم قال : ( أتظنون أن هذه الأمور ، التي تكفرون فاعلها ، إجماعا ؟ وتمضي



( صفحه 17 ) قرون الأئمة من ثمانمائة عام ، ومع هذا لم يرو عن عالم من علماء المسلمين أنها ( كفر ) ؟ ! بل ما يظن هذا عاقل . بل - والله - لازم قولكم أن جميع الأمة بعد زمان الإمام أحمد ، علماؤها وأمراؤها وعامتها ، كلهم ( كفار ) مرتدون ! فإنا لله وإنا إليه راجعون . وا غوثاه إلى الله ، ثم وا غوثاه إلى الله ، ثم وا غوثاه ! ! ! أم تقولون : - كما يقول بعض عامتكم - : إن الحجة ما قامت إلا بكم ، وإن قبلكم لم يعرف دين الإسلام ! !



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 17 - 26



يا عباد الله ، انتبهوا . إن مفهومكم : { أن هذه الأفاعيل من الشرك الأكبر } مفهوم خطأ . ثم ذكر ما دل على نجاة الأمة الإسلامية حسب النصوص في فصول . ثم ذكر حقيقة الشرك وأقسامه . ثم ذكر حقيقة الإسلام وصفة المسلم من خلال ( 52 ) حديثا مستخرجا من الصحيحين ومسند أحمد ، والسنن والجوامع المشهورة . مستشهدا على صحة إسلام أهل الفرق الإسلامية كافة ، ونجاتهم يوم القيامة ، وعدم تجويز تكفيرهم ، فضلا عن قتلهم ونهب أموالهم ، وسبي نسائهم وذراريهم ! كما فعله الدعاة ، ويفعلونه اليوم في مناطق من العالم الإسلامي . وبذلك بهت أصحاب الدعوة السلفية الوهابية ، أمام حجج هذا الكتاب ، فلم يتعرضوا له ، إلا بالإغفال والترك ! وقد اعترفوا على لسان مشهور حسن الأردني ( ! ) : أن جماعات من أهل نجد ( بلاد الوهابية ) رجعوا إلى الإسلام ، ونبذوا الدعوة وتحرروا من أغلالها ، والتزموا ( صفحه 18 ) الحق الذي أثبته هذا الكتاب ، والحمد لله رب العالمين . مزايا الكتاب : من خلال عملنا في الكتاب ، وقفنا على مزاياه التالية : 1 - منطقية البحث فيه ، ومعالجته للأفكار من الجذور ، فهو يحرقها من أصولها ثم يتدرج إلى أن يفحم الخصم . 2 - الاعتماد المباشر على الآيات ، ثم أحاديث السنة ، المأخوذة من الصحيحين ، ثم كلمات العلماء ، خصوصا سلف الدعاة ، وهما ابن تيمية وابن القيم . الرجلان اللذان يحتج بهما أولئك ويعتبرونهما ( شيخا إسلامهم ) . 3 - مناقشتهم في ( فهم ) العبارات وألفاظ الكتاب والسنة ، وإثبات عدم معرفتهم لأساليب الكلام ولا فهم الألفاظ . 4 - إفحام الموالين بعرض تصرفاتهم والتزاماتهم المخالفة لأبسط قواعد العلم والتوحيد والشريعة في مواجهة المسلمين بالتكفير ، والإيذاء ، والاكراه على ما لا يريدون ولا يعتقدون ، بل القتل والغارة والاعتداء . عملنا في الكتاب : اعتمدنا في عملنا على الطبعة الهندية عام 1306 ه‍ والتي أعادها بالتصوير إيشق كتبوي في تركيا . وقمنا بالأعمال التالية : 1 - أشرنا إلى مواضع الآيات في القرآن الكريم ، كما ضبطنا الكلمات بالتصحيح التام . 2 - خرجنا الأحاديث الشريفة ، منن مصادرها المذكورة في المتن ، ومن



( صفحه 19 ) غيرها أيضا . وجمعناها مع التخريجات في فهرس جامع على الأطراف كي تسهل مراجعتها . 3 - خرجنا ما تمكنا منه من الأقوال المنقولة ، ووضعنا فهرسا لها حسب أهم المواضيع الواردة فيها . 4 - عنونا لفصول الكتاب بعناوين توضيحية [ بين المعقوفتين ] لتوجيه القارئ ، ولإعداد فهرس جامع لمحتوى الكتاب . 5 - قمنا بتقطيع الكتاب وتنقيطه ، حسب الإخراج الفني المتداول في العصر ، ليناسب ذوق القراء ، ويسهل فهمه . 6 - وضعنا الفهارس الفنية للآيات والأحاديث والأقوال ، والألفاظ المصطلحة ، والمحتوى . 7 - وهذه المقدمة التي نحن في نهايتها . مخلصين في جميع ذلك لوجه الله ، حامدين له تعالى للتوفيق إلى ذلك ، ونسأله المزيد من فضله وإحسانه ، وأن يرضى عنا بجلاله وإكرامه . إنه ذو الجلال والإكرام . والصلاة والسلام على سيد الأنام ، محمد وآله الكرام وأصحابه الأمناء العظام . لجنة التحقيق



( صفحه 21 ) بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المؤلف وبه ثقتي الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، صلى الله عليه وعلى آله إلى يوم الدين . أما بعد : من سليمان بن عبد الوهاب ، إلى حسن بن عيدان . سلام على من اتبع الهدى . وبعد : قال الله تعالى : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } ( 1 ) الآية . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : الدين النصيحة ( 2 ) . وأنت كتبت إلي - أكثر من مرة - تستدعي ما عندي ، حيث نصحتك على لسان ابن أخيك .



( صفحه 22 ) فها أنا أذكر لك بعض ما علمت من كلام أهل العلم ، فإن قبلت فهو المطلوب - والحمد لله - . وإن أبيت فالحمد لله ، إنه سبحانه لا يعصى قهرا ، وله في كل حركة وسكون حكمة . [ وجوب اتباع إجماع الأمة المحمدية ] فنقول : اعلم أن الله سبحانه وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، وأنزل عليه الكتاب تبيانا لكل شئ ، فأنجز الله له ما وعده ، وأظهر دينه على جميع الأديان ، وجعل ذلك ثابتا إلى آخر الدهر ، حين انخرام أنفس جميع المؤمنين . وجعل أمته خير الأمم - كما أخبر بذلك بقوله : { كنتم خير أمة أخرجت للناس } ( 1 ) - وجعلهم شهداء على الناس ، قال تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس } ( 2 ) ، واجتباهم - كما قال تعالى : { هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج } ( 3 ) - الآية . وقال : النبي صلى الله عليه وسلم : أنتم توفون سبعين أمة ، أنتم خيرها وأكرمها عند الله ( 4 ) . ودلائل ما ذكرنا لا تحصى . وقال صلى الله عليه وسلم : لا يزال أمر هذه الأمة مستقيما حتى تقوم الساعة ، رواه البخاري ( 5 ) .



( صفحه 23 ) وجعل اقتفاء أثر هذه الأمة واجبا على كل أحد بقوله تعالى : { ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } ( 1 ) . وجعل إجماعهم حجة قاطعة لا يجوز لأحد الخروج عنه ، ودلائل ما ذكرنا معلومة عند كل من له نوع ممارسة في العلم . اعلم : أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أن الجاهل لا يستبد برأيه ، بل يجب عليه أن يسأل أهل العلم ، كما قال تعالى : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } ( 2 ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : هلا إذا لم يعلموا سألوا ، فإنما دواء العي السؤال ( 3 ) . وهذا إجماع . [ إجماع الأمة على شرائط الاجتهاد ] قال في غاية السؤل : قال الإمام أبو بكر الهروي : أجمعت العلماء قاطبة على أنه لا يجوز لأحد أن يكون إماما في الدين والمذهب المستقيم حتى يكون جامعا هذه الخصال ، وهي : أن يكون حافظا للغات العرب واختلافها ، ومعاني أشعارها وأصنافها . واختلاف العلماء والفقهاء . ويكون عالما فقيها ، وحافظا للأعراب وأنواعه والاختلاف . عالما بكتاب الله ، حافظا له ، ولاختلاف قرائته ، واختلاف القراء فيها ، عالما بتفسيره ، ومحكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، وقصصه .



( صفحه 24 ) عالما بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، مميزا بين صحيحها وسقيمها ، ومتصلها ومنقطعها ، ومراسيلها ومسانيدها ، ومشاهيرها ، وأحاديث الصحابة موقوفها ومسندها . ثم يكون ورعا ، دينا ، صائنا لنفسه ، صدوقا ثقة ، يبني مذهبه ودينه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . فإذا جمع هذه الخصال ، فحينئذ يجوز أن يكون إماما ، وجاز أن يقلد ويجتهد في دينه وفتاويه . وإذا لم يكن جامعا لهذه الخصال ، أو أخل بواحدة منها ، كان ناقصا ، ولم يجز أن يكون إماما ، وأن يقلده الناس . قال : قلت : وإذا ثبت أن هذه شرائط لصحة الاجتهاد والإمامة ، ففرض كل من لم يكن كذلك أن يقتدي بمن هو بهذه الخصال المذكورة . وقال : الناس في الدين على قسمين : مقلد ومجتهد : والمجتهدون مختصون بالعلم ، وعلم الدين يتعلق بالكتاب ، والسنة ، واللسان العربي الذي وردا به . فمن كان فهما يعلم الكتاب والسنة ، وحكم ألفاظهما ، ومعرفة الثابت من أحكامهما ، والمنتقل من الثبوت بنسخ أو غيره ، والمتقدم والمؤخر صح اجتهاده ، وأن يقلده من لم يبلغ درجته . وفرض من ليس بمجتهد أن يسأل ويقلد ، وهذا لا اختلاف فيه ، إنتهى . أنظر قوله : وهذا لا اختلاف فيه . وقال ابن القيم في ( إعلام الموقعين ) ( 1 ) لا يجوز لأحد أن يأخذ من الكتاب



( صفحه 25 ) والسنة ما لم تجتمع فيه شروط الاجتهاد ، ومن جميع العلوم . قال محمد بن عبد الله بن المنادي : سمعت رجلا يسأل أحمد : إذا حفظ الرجل مائة ألف حديث هل يكون فقيها ؟ قال : لا . قال : فمائتي ألف حديث ؟ قال : لا . قال : فثلاث مائة ألف حديث ؟ قال : لا . قال : فأربع مائة ألف ؟ قال : نعم . قال : أبو الحسين : فسألت جدي ، كم كان يحفظ أحمد ؟ قال : أجاب عن ستمائة ألف حديث . قال أبو إسحاق : لما جلست في جامع المنصور للفتيا ، ذكرت هذه المسألة ، فقال لي رجل : فأنت تحفظ هذا المقدار حتى تفتي الناس ؟ قلت : لا ، إنما أفتي بقول من يحفظ هذا المقدار ، إنتهى . ولو ذهبنا نحكي من حكى الإجماع لطال ، وفي هذا لكفاية للمسترشد . وإنما ذكرت هذه المقدمة لتكون قاعدة يرجع إليها فيما نذكره . [ ابتلاء الأمة بمن يدعي الاجتهاد والتجديد ] فإن اليوم ابتلى الناس بمن ينتسب إلى الكتاب والسنة ، ويستنبط من علومهما ، ولا يبالي بمن خالفه . وإذا طلبت منه أن يعرض كلامه على أهل العلم لم يفعل .



( صفحه 26 ) بل يوجب على الناس الأخذ بقوله ، وبمفهومه ، ومن خالفه فهو عنده كافر ( 1 ) . هذا ، وهو لم يكن فيه خصلة واحدة من خصال أهل الاجتهاد ، ولا - والله - عشر واحدة . ومع ، هذا فراج كلامه على كثير من الجهال . فإنا لله وإنا إليه راجعون . الأمة كلها تصيح بلسان واحد ، ومع هذا لا يرد لهم في كلمة ، بل كلهم كفار أو جهال ، اللهم اهد الضال ورده إلى الحق . [ الدين هو السلام بإظهار الشهادتين ] فنقول : قال الله عز وجل : { إن الدين عند الله الإسلام } ( 2 ) . وقال تعالى : { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه } ( 3 ) . وقال تعالى : { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } ( 4 ) . وفي الآية الأخرى : { فإخوانكم في الدين } ( 5 ) . قال ابن عباس : حرمت هذه الآية دماء أهل القبلة . و



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 21 )
( 1 ) آل عمران : 104 . ( 2 ) صحيح مسلم : 1 / 106 ح 95 كتاب الإيمان . ( پاورقى ص 22 ) ( 1 ) آل عمران : 110 . ( 2 ) البقرة : 143 . ( 3 ) الحج : 78 . ( 4 ) مسند أحمد بن حنبل : 5 / 3 . ( 5 ) صحيح البخاري : 6 / 2667 ح 6882 كتاب الاعتصام . ( پاورقى ص 23 ) ( 1 ) النساء : 115 . ( 2 ) الأنبياء : 7 . ( 3 ) سنن أبي داود : 1 / 93 ح 336 كتاب الطهارة . والنص هكذا : . . . ألا سألوا ، إذ بم يعلموا ، فإنما شفاء العي ( پاورقى ص 24 ) ( 1 ) إعلام الموقعين عن رب العالمين : 1 / 45 و 4 / 198 ، 205 . ( پاورقى ص 26 ) ( 1 ) يعني بذلك - والله أعلم - أخاه محمد بن عبد الوهاب ، وتكفيره لمن خالفه من المسلمين أمر قد اشتهر عنه وتواتر ، وذكره غير المصنف أيضا ، فما يقول الوهابيون ؟ . ( 2 ) آل عمران : 19 . ( 3 ) آل عمران : 85 . ( 4 ) التوبة : 5 . ( 5 ) الأحزاب : 5 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 26 - 32



قال أيضا : لا تكونوا كالخوارج ، تأولوا آيات القرآن في أهل القبلة ، وإنما أنزلت في أهل الكتاب والمشركين ، فجهلوا علمها ، فسفكوا بها الدماء ، وانتهكوا



( صفحه 27 ) الأموال ، وشهدوا على أهل السنة بالضلالة ، فعليكم بالعلم بما نزل فيه القرآن ، إنتهى . وكان ابن عمر يرى الخوارج شرار الخلق ، قال : إنهم عمدوا في آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المسلمين - ورواه البخاري عنه ( 1 ) - فحينئذ ذكر الله عز وجل : { إن الدين عند الله الإسلام } ( 2 ) . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل في الصحيحين ( 3 ) - : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله . . . الحديث . وفي حديث ابن عمر - الذي في الصحيحين ( 4 ) - : بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله . . . الحديث . وفي حديث وفد عبد القيس : آمركم بالأيمان بالله وحده ، أتدرون ما الأيمان بالله وحده ؟ شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله . . . الحديث ، وهو في الصحيحين ( 5 ) . وغير ذلك من الأحاديث وصف الإسلام بالشهادتين ، وما معهما من الأركان ، وهذا إجماع من الأمة ، بل أجمعوا أن من نطق بالشهادتين أجريت عليه أحكام الإسلام ، لحديث : أمرت أن أقاتل الناس ، ولحديث الجارية ، أين الله ؟ قالت : في السماء ، قال : من أنا ؟ قالت : رسول الله ، قال : أعتقها ، فإنها مؤمنة .



( صفحه 28 ) وكل ذلك في الصحيحين ( 1 ) . ولحديث : كفوا عن أهل لا إله إلا الله ( 2 ) ، وغير ذلك . قال ابن القيم : أجمع المسلمون على أن الكافر إذا قال : لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فقد دخل في الإسلام ، إنتهى . وكذلك أجمع المسلمون أن المرتد إذا كانت ردته بالشرك ، فإن توبته بالشهادتين . وأما القتال : إن كان ثم إمام قاتل الناس حتى يقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة . وكل هذا مسطور ، مبين في كتب أهل العلم ، من طلبه وجده ، فالحمد لله على تمام الإسلام . فصل [ تكفير المسلمين ] إذا فهمتم ما تقدم . فإنكم الآن تكفرون من شهد أن لا إله إلا الله وحده ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، وصام رمضان ، وحج البيت مؤمنا بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، ملتزما لجميع شعائر الإسلام ، وتجعلونهم كفارا ، وبلادهم بلاد حرب . فنحن نسألكم من إمامكم في ذلك ؟ وممن أخذتم هذا المذهب عنه ؟



( صفحه 29 ) فإن قلتم : كفرناهم لأنهم مشركون بالله ، والذي منهم ما أشرك بالله لم يكفر من أشرك بالله ، لأن الله سبحانه قال : { إن الله لا يغفر أن يشرك به } ( 1 ) . . . الآية ، وما في معناها من الآيات ، وأن أهل العلم قد عدوا في المكفرات من أشرك بالله . قلنا : حق ، الآيات حق ، وكلام أهل العلم حق . ولكن أهل العلم قالوا في تفسير ( أشرك بالله ) : أي ادعى أن لله شريكا ، كقول المشركين : { هؤلاء شركاؤنا } ( 2 ) ، وقوله تعالى : { وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء } ( 3 ) ، { إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون } ( 4 ) ، { أجعل الآلهة إلها واحدا } ( 5 ) . إلى غير ذلك مما ذكره الله في كتابه ، ورسوله ، وأهل العلم . [ آراء وأهواء مخالفته لإجماع الأمة ] ولكن هذه التفاصيل التي تفصلون من عندكم أن من فعل كذا فهو مشرك ، وتخرجونه من الإسلام . من أين لكم هذا التفصيل ؟ أإستنبطتم ذلك بمفاهيمكم ؟ فقد تقدم لكم من إجماع الأمة أنه لا يجوز لمثلكم الاستنباط ! ! ألكم في ذلك قدوة من إجماع ؟ أو تقليد من يجوز تقليده ؟



( صفحه 30 ) مع أنه لا يجوز للمقلد أن يكفر إن لم تجمع الأمة على قول متبوعه فبينوا لنا : من أين أخذتم مذهبكم هذا ؟ ولكم علينا عهد الله وميثاقه إن بينتم لنا حتما يجب المصير إليه ، لنتبع الحق إن شاء الله . فإن كان المراد مفاهيمكم . فقد تقدم أنه لا يجوز لنا ولا لكم ولا لمن يؤمن بالله واليوم الآخر الأخذ بها ، ولا نكفر من معه الإسلام الذي أجمعت الأمة على [ أن ] من أتى به فهو مسلم . فأما الشرك ففيه أكبر وأصغر ، وفيه كبير وأكبر ، وفيه ما يخرج من الإسلام ، وفيه ما لا يخرج من الإسلام ، وهذا كله بإجماع . وتفاصيل ما يخرج مما لا يخرج يحتاج إلى تبيين أئمة أهل الإسلام الذين اجتمعت فيهم شروط الاجتهاد ، فإن أجمعوا على أمر لم يسع أحدا الخروج عنه ، وإن اختلفوا فالأمر واسع . فإن كان عندكم عن أهل العلم بيان واضح فبينوا لنا - وسمعا وطاعة - . وإلا ، فالواجب علينا وعليكم الأخذ بالأصل المجمع عليه ، واتباع سبيل المؤمنين . وأنتم تحتجون أيضا بقوله عز وجل { لئن أشركت ليحبطن عملك } ( 1 ) . وبقوله عز وجل في حق الأنبياء : { ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون } ( 2 ) . وبقوله تعالى : { ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا } ( 3 ) .



( صفحه 31 ) فنقول : نعم ، كل هذا حق يجب الإيمان به . ولكن ، من أين لكم أن المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، إذا دعا غائبا أو ميتا ، أو نذر له أو ذبح لغير الله أو تمسح بقبر ، أو أخذ من ترابه أن هذا هو الشرك الأكبر الذي من فعله حبط عمله ، وحل ماله ودمه ، وأنه الذي أراد الله سبحانه من الآية وغيرها في القرآن ؟ [ لا عبرة بفهم أولئك لقصورهم ] فإن قلتم : فهمنا ذلك من الكتاب والسنة . قلنا : لا عبرة بمفهومكم ، ولا يجوز لكم ولا لمسلم الأخذ بمفهومكم . فإن الأمة مجمعة - كما تقدم - [ على ] أن الاستنباط مرتبة أهل الاجتهاد المطلق . ومع هذا لو اجتمعت شروط الاجتهاد في رجل لم يجب على أحد الأخذ بقوله دون نظر . قال الشيخ تقي الدين : من أوجب تقليد الإمام بعينه دون نظر إنه يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل ، إنتهى . [ مخالفته حتى لابن تيمية ] وإن قلتم : أخذنا ذلك من كلام بعض أهل العلم كابن تيمية وابن القيم ، لأنهم سموا ذلك شركا . قلنا : هذا حق ، ونوافقكم على تقليد الشيخين أن هذا شرك ، ولكنهم لم يقولوا - كما قلتم - إن هذا شرك أكبر يخرج من الإسلام ، وتجري على كل بلد هذا فيها أحكام أهل الردة ، بل من لم يكفرهم عندكم فهو كافر تجري عليه أحكام



( صفحه 32 ) أهل الردة . ولكنهم رحمهم الله ذكروا أن هذا شرك ، وشددوا فيه ، ونهوا عنه . ولكن ما قالوا كما قلتم ولا عشر معشاره .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 26 )
( 1 ) يعني بذلك - والله أعلم - أخاه محمد بن عبد الوهاب ، وتكفيره لمن خالفه من المسلمين أمر قد اشتهر عنه وتواتر ، وذكره غير المصنف أيضا ، فما يقول الوهابيون ؟ . ( 2 ) آل عمران : 19 . ( 3 ) آل عمران : 85 . ( 4 ) التوبة : 5 . ( 5 ) الأحزاب : 5 . ( پاورقى ص 27 ) ( 1 ) صحيح البخاري : 6 / 2539 باب 5 في قتل الخوارج والملحدين . ( 2 ) صحيح مسلم : 1 / 64 ح 1 كتاب الإيمان . ( 3 ) صحيح البخاري : 1 / 29 ح 53 . ( 4 ) صحيح البخاري : 1 / 12 ح 8 كتاب الأيمان ، صحيح مسلم : 1 / 73 ح 21 كتاب الأيمان . ( 5 ) صحيح البخاري : 1 / 29 ح 53 كتاب الأيمان ، صحيح مسلم : 1 / 75 ح 24 كتاب الأيمان . ( پاورقى ص 28 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 1 / 80 ح 33 كتاب الأيمان ، و 2 / 21 ح 33 كتاب المساجد ، سنن الدارمي : 2 / 87 ، كتاب النذور والأيمان . ( 2 ) كنز العمال 3 / 635 ح 8270 ( پاورقى ص 29 ) ( 1 ) النساء : 48 . ( 2 ) النحل : 86 . ( 4 ) النحل : 86 . ( 4 ) الصافات : 35 . ( 5 ) النحل : 86 . ( پاورقى ص 30 ) ( 1 ) الزمر : 65 . ( 2 ) الأنعام : 88 . ( 3 ) آل عمران : 80 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 32 - 38



ولكنكم أخذتم من قولهم ما جاز لكم ، دون غيره . بل في كلامهم رحمهم الله ما يدل على أن هذه الأفاعيل شرك أصغر . وعلى تقدير أن في بعض أفراده ما هو شرك أكبر - على حسب حال قائله ونيته - فهم ذكروا في بعض مواضع من كلامهم : أن هذا لا يكفر ، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها - كما يأتي - في كلامهم إن شاء الله مفصلا . ولكن المطلوب منكم هو الرجوع إلى كلام أهل العلم ، والوقوف عند الحدود التي حدوا . فإن أهل العلم ذكروا في كل مذهب من المذاهب الأقوال والأفعال التي يكون بها المسلم مرتدا . ولم يقولوا : من طلب من غير الله فهو مرتد . ولم يقولوا من ذبح لغير الله فهو مرتد . ولم يقولوا من تمسح بالقبور وأخذ من ترابها فهو مرتد . - كما قلتم أنتم - . فإن كان عندكم شئ فبينوه ، فإنه لا يجوز كتم العلم . ولكنكم أخذتم هذا بمفاهيمكم ، وفارقتم الإجماع ، وكفرتم أمة محمد صلى الله عليه وسلم كلهم ، حيث قلتم : من فعل هذه الأفاعيل فهو كافر ، ومن لم يكفره فهو كافر ومعلوم عند الخاص والعام أن هذه الأمور ملأت بلاد المسلمين ، وعند أهل العلم منهم أنها ملأت بلاد المسلمين من أكثر من سبعمائة عام .



( صفحه 33 ) وأن من لم يفعل هذه الأفاعيل من أهل العلم لم يكفروا أهل هذه الأفاعيل ، ولم يجروا عليهم أحكام المرتدين . بل أجروا عليهم أحكام المسلمين . بخلاف قولكم ، حيث أجريتم الكفر والردة على أمصار المسلمين ، وغيرها من بلاد المسلمين ، وجعلتم بلادهم بلاد حرب ، حتى الحرمين الشريفين اللذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة الصريحة أنهما لا يزالا بلاد إسلام ، وأنهما لا تعبد فيهما الأصنام ، وحتى أن الدجال في آخر الزمان يطئ البلاد كلها إلا الحرمين ( 1 ) - كما تقف على ذلك إن شاء الله في هذه الرسالة - . فكل هذه البلاد عندكم بلاد حرب ، كفار أهلها ، لأنهم عبدوا الأصنام - على قولكم - . وكلهم - عندكم - مشركون شركا مخرجا عن الملة . فإنا لله وإنا إليه راجعون . فوالله ، إن هذا عين المحادة لله ولرسوله ، ولعلماء المسلمين قاطبة . [ آراء ابن تيمية وابن القيم ] فأعظم من رأينا مشددا في هذه الأمور التي تكفرون بها الأمة - النذور وما معها - ابن تيمية وابن القيم . وهما رحمهما الله قد صرحا في كلامهما تصريحا واضحا أن هذا ليس من الشرك الذي ينقل عن الملة . بل قد صرحوا في كلامهم : أن من الشرك ما هو أكبر من هذا بكثير كثير ، وأن



( صفحه 34 ) من هذه الأمة من فعله وعاند فيه ، ومع هذا لم يكفروه - كما يأتي كلامهم في ذلك إن شاء الله تعالى - . [ في النذور لغير الله ] فأما النذور : فنذكر كلام الشيخ تقي الدين فيه ، وابن القيم ، وهما من أعظم من شدد فيه ، وسماه شركا ، فنقول : قال الشيخ تقي الدين : النذر للقبور ولأهل القبور ، كالنذر لإبراهيم الخليل عليه السلام أو الشيخ فلان نذر معصية لا يجوز الوفاء وإن تصدق بما نذر من ذلك على من يستحقه من الفقراء أو الصالحين كان خيرا له عند الله وأنفع ، انتهى . فلو كان الناذر كافرا عنده لم يأمره بالصدقة ، لأن الصدقة لا تقبل من الكافر ، بل يأمره بتجديد إسلامه ، ويقول له : خرجت من الإسلام بالنذر لغير الله . قال الشيخ ( 1 ) أيضا : من نذر إسراج بئر ، أو مقبرة أو جبل ، أو شجرة ، أو نذر له ، أو لسكانه لم يجز ، ولا يجوز الوفاء به ، ويصرف في المصالح ما لم يعرف ربه ، انتهى . فلو كان الناذر كافرا لم يأمره برد نذره إليه ، بل أمر بقتله . وقال الشيخ أيضا : من نذر قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم صرف لجيران النبي صلى الله عليه وسلم إنتهى . فانظر كلامه هذا وتأمله ، هل كفر فاعل هذا ؟ أو كفر من لم يكفره ؟ أو عد هذا في المكفرات هو أو غيره من أهل العلم ؟ - كما قلتم أنتم وخرقتم الإجماع - ؟ وقد ذكر ابن مفلح في ( الفروع ) عن شيخه الشيخ تقي الدين ابن تيمية : والنذر لغير الله ، كنذره لشيخ معين للاستغاثة ، وقضاء الحاجة منه ، كحلفه بغيره ، وقال



( صفحه 35 ) غيره : هو نذر معصية ، إنتهى . فانظر إلى هذا الشرط المذكور - أي نذر له لأجل الاستغاثة به - بل جعله الشيخ كالحلف بغير الله ، وغيره من أهل العلم جعله نذر معصية . هل قالوا مثل ما قلتم : من فعل هذا فهو كافر ؟ ومن لم يكفره فهو كافر ؟ - عياذا بك اللهم من قول الزور - . كذلك ابن القيم ذكر النذر لغير الله في فصل الشرك الأصغر من المدارج ( 1 ) . واستدل له بالحديث الذي رواه أحمد ( 2 ) عن النبي صلى الله عليه وسلم النذر حلفة ، وذكر غيره من جميع ما تسمونه شركا ، وتكفرون به ، فعل الشرك الأصغر . [ في الذبح لغير الله ] وأما الذبح لغير الله : فقد ذكره في المحرمات ، ولم يذكره في المكفرات ، إلا إن ذبح للأصنام ، أو لما عبد من دون الله ، كالشمس ، والكواكب . وعده الشيخ تقي الدين في المحرمات الملعون صاحبها ، كمن غير منار الأرض ، أو من ضار مسلما - كما سيأتي في كلامه إن شاء الله تعالى - . وكذلك أهل العلم ذكروا ذلك مما أهل به لغير الله ونهوا عن أكله ، ولم يكفروا صاحبه . وقال الشيخ تقي الدين : كما يفعله الجاهلون بمكة - شرفها الله تعالى - وغيرها من بلاد المسلمين ، من الذبح للجن ، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذبائح الجن ، إنتهى .



( صفحه 36 ) ولم يقل الشيخ : من فعل هذا فهو كافر ، بل من لم يكفره فهو كافر . - كما قلتم أنتم - . [ في السؤال من غير الله ] وأما السؤال من غير الله ، فقد فصله الشيخ تقي الدين رحمه الله : إن كان السائل يسأل من المسؤول مثل غفران الذنوب ، وإدخال الجنة ، والنجاة من النار ، وإنزال المطر ، وإنبات الشجر ، وأمثال ذلك مما هو من خصائص الربوبية ، فهذا شرك وضلال ، يستتاب صاحبه ، فإن تاب وإلا قتل . ولكن الشخص المعين الذي فعل ذلك لا يكفر ، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها - كما يأتي بيان كلامه في ذلك إن شاء الله تعالى - . فإن قلت : ذكر عنه في ( الإقناع ) أنه قال : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ، ويسألهم ، ويتوكل عليهم كفر إجماعا . قلت : هذا حق ، ولكن البلاء من عدم فهم كلام أهل العلم . لو تأملتم العبارة تأملا تاما لعرفتم أنكم تأولتم العبارة على غير تأويلها . ولكن هذا من العجب . تتركون كلامه الواضح . وتذهبون إلى عبارة مجملة ، تستنبطون منها ضد كلام أهل العلم ، وتزعمون أن كلامكم ومفهومكم إجماع ! ! ! هل سبقكم إلى مفهومكم من هذه العبارة أحد ؟ يا سبحان الله ، ما تخشون الله ؟ ! ولكن انظر إلى لفظ العبارة وهو قوله : ( يدعوهم ، ويتوكل عليهم ، ويسألهم ) ، كيف جاء بواو العطف ، وقرن بين الدعاء والتوكل والسؤال ؟



( صفحه 37 ) فإن الدعاء - في لغة العرب - هو العبادة المطلقة ، والتوكل عمل القلب ، والسؤال هو الطلب الذي تسمونه - الآن - الدعاء . وهو في هذه العبارة لم يقل : أو سألهم ، بل جمع بين الدعاء والتوكل والسؤال . والآن أنتم تكفرون بالسؤال وحده ، فأين أنتم ومفهومكم من هذه العبارة ؟ ! مع أنه رحمه الله بين هذه العبارة وأصلها في مواضع من كلامه ، وكذلك ابن القيم بين أصلها . قال الشيخ : من الصابئة المشركين من يظهر الإسلام ويعظم الكواكب ، ويزعم أنه يخاطبها بحوائجه ، ويسجد لها ، وينحر ، ويدعو . وقد صنف بعض المنتسبين إلى الإسلام في مذهب المشركين من الصابئة والمشركين البراهمة كتابا في عبادة الكواكب ، وهي من السحر الذي عليه الكنعانيون ، الذين ملوكهم النماردة ، الذين بعث الله الخليل - صلوات الله وسلامه عليه - بالحنيفية - ملة إبراهيم - وإخلاص الدين لله إلى هؤلاء . وقال ابن القيم في مثل هؤلاء : يقرون للعالم صانعا ، فاضلا ، حكيما ، مقدسا عن العيوب والنقائص ، ولكن لا سبيل لنا إلى الوجهة إلى جلاله إلا بالوسائط ، فالواجب علينا أن نتقرب بهم إليه ، فهم أربابنا ، وآلهتنا ، وشفعاؤنا عند رب الأرباب ، وإله الآلهة ، فما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ، فحينئذ نسأل حاجاتنا منهم ، ونعرض أحوالنا عليهم ، ونصبوا في جميع أمورنا إليهم ، فيشفعون إلى إلهنا وإليهم ، وذلك لا يحصل إلا من جهة الاستمداد بالروحانيات ، وذلك بالتضرع والابتهال من الصلوات ، والزكاة ، والذبائح والقرابين ، والبخورات ! ! ! وهؤلاء كفروا بالأصلين اللذين جاءت بهما جميع الرسل . أحدهما : عبادة الله وحده لا شريك له ، والكفر بما يعبد من دونه من إله . والثاني : الأيمان برسله ، وبما جاؤوا به من عند الله ، تصديقا وإقرارا وانقيادا ،



( صفحه 38 ) إنتهى كلام ابن القيم . فانظر إلى الوسائط المذكورة في العبارة ، كيف تحملونها على غير محملها ؟ . ولكن ليس هذا بأعجب من حملكم كلام الله ، وكلام رسوله ، وكلام أئمة الإسلام على غير المحمل الصحيح - مع خرقكم الإجماع - ! ؟ وأعجب من هذا ، أنكم تستدلون بهذه العبارة على خلاف كلام من ذكرها ، ومن نقلها ، ترون بها صريح كلامهم في عين المسألة . وهل عملكم هذا إلا اتباع المتشابه ، وترك المحكم ؟ أنقذنا الله وإياكم من متابعة الأهواء . [ التبرك بالقبور ] وأما التبرك والتمسح بالقبور ، وأخذ التراب منها ، والطواف بها : فقد ذكره أهل العلم ، فبعضهم عده في المكروهات ، وبعضهم عده في المحرمات . ولم ينطق واحد منهم بأن فاعل ذلك مرتد - كما قلتم أنتم ، بل تكفرون من لم يكفر فاعل ذلك - . فالمسألة مذكورة في كتاب الجنائ



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 33 )
( 1 ) صحيح البخاري : 2 / 665 ح 1782 فضائل المدينة . ( پاورقى ص 34 ) ( 1 ) ( پاورقى ص 35 ) ( 1 ) مدراج السالكين : 1 / 353 . ( 2 ) مسند أحمد : 4 / 146 و 147 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 38 - 46



ز في فصل الدفن وزيارة الميت ، فإن أردت الوقوف على ما ذكرت لك فطالع ( الفروع ) و ( الإقناع ) وغيرهما من كتب الفقه . [ القدح في المؤلفين لكتب الفقه ] فإن قدحتم فيمن صنف هذه الكتب ، فليس ذلك منكم بكثير ، ولكن ليكن معلوما عندكم أن هؤلاء لم يحكوا مذهب أنفسهم ، وإنما حكوا مذهب أحمد بن حنبل وأضرابه من أئمة أهل الهدى ، الذين أجمعت الأمة على هدايتهم ودرايتهم .



( صفحه 39 ) فإن أبيتم إلا العناد ، وادعيتم المراتب العلية ، والأخذ من الأدلة من غير تقليد أئمة الهدى ، فقد تقدم أن هذا خرق للإجماع . فصل [ الجاهل معذور ] وعلى تقدير هذه الأمور التي تزعمون أنها كفر - أعني النذر وما معه - فهنا أصل آخر من أصول أهل السنة ، مجمعون عليه - كما ذكره الشيخ تقي الدين ، وابن القيم عنهم - وهو : أن الجاهل والمخطئ من هذه الأمة - ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركا أو كافرا - أنه يعذر بالجهل والخطأ ، حتى تتبين له الحجة التي يكفر تاركها بيانا واضحا ما يلتبس على مثله ، أو ينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام ، مما أجمعوا عليه إجماعا جليا قطعيا يعرفه كل من المسلمين ، من غير نظر وتأمل - كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى - ولم يخالف في ذلك إلا أهل البدع . فإن قلت : قال الله عز وجل : { من كفر بالله من بعد إيمانه } ( 1 ) . . . الآية ، نزلت في المسلمين ، تكلموا بالكفر مكرهين عليه . قلت : هذا حق ، وهي حجة عليكم لا لكم ، فإن الذي تكلموا به هو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتبري من دينه ، وهذا كفر إجماعا ، يعرفه كل مسلم . ومع هذا إن الله عز وجل عذر من تكلم بهذا الكفر مكرها ، ولم يؤاخذه . ولكن الله سبحانه وتعالى كفر من شرح بهذا الكفر صدرا ، وهو من عرفه



( صفحه 40 ) ورضيه واختاره على الأيمان ، غير جاهل به ، وهذا الكفر في الآية مما أجمع عليه المسلمون ، ونقلوه في كتبهم ، وكل من عد المكفرات ذكره . وأما هذه الأمور التي تكفرون بها المسلمين ، فلم يسبقكم إلى التكفير بها أحد من أهل العلم ، ولا عدوها في المكفرات ، بل ذكرها من ذكرها منهم في أنواع الشرك ، وبعضهم ذكرها في المحرمات ، ولم يقل أحد منهم أن من فعله فهو كافر مرتد ، ولا احتج عليه بهذه الآية - كما احتججتم - ولكن ليس هذا بأعجب من استدلالكم بآيات نزلت في الذين { إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون × ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون } ( 1 ) والذين يقال لهم : { أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى } ( 2 ) والذين يقولون : { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } ( 3 ) والذين يقولون : { أجعل الآلهة إلها واحدا } ( 4 ) . ومع هذا ، تستدلون بهذه الآيات ، وتنزلونها على الذين يشهدون أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقولون : ما لله من شريك ، ويقولون : ما أحد يستحق أن يعبد مع الله . فالذي يستدل بهذه الآيات على من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجمع المسلمون على إسلامه ، ما هو بعجيب لو استدل بالآية على مذهبه ! فإن كنتم صادقين ، فاذكروا لنا من استدل بهذه الآية على كفر من كفرتموه بخصوص الأفعال والأقوال التي تقولون إنها كفر ؟ ! ولكن - والله - ما لكم مثل إلا عبد الملك بن مروان لما قال لابنه : ادع الناس إلى



( صفحه 41 ) طاعتك ، فمن قال عنك برأسه فقل بالسيف على رأسه : هكذا . يعني اقطعه ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . فصل [ كفر الفرق الإسلامية لا يخرج عن الملة ] وهاهنا أصل آخر ، وهو أن المسلم قد تجتمع فيه المادتان : الكفر والإسلام ، والكفر والنفاق ، والشرك والأيمان ، وأنه تجتمع فيه المادتان ولا يكفر كفرا ينقل عن الملة - كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ، كما يأتي تفصيله وبيانه إن شاء الله - ولم يخالف في ذلك إلا أهل البدع . فصل [ الخوارج وسيرتهم ومذهبهم ] اعلم أن أول فرقة فارقت الجماعة الخوارج الذين خرجوا في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وقد ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بقتلهم وقتالهم ، وقال : يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، أينما لقيتموهم فاقتلوهم ( 1 ) . وقال فيهم : إنهم كلاب أهل النار ( 2 ) . وقال : إنهم يقتلون أهل الإسلام ( 3 ) .



( صفحه 42 ) وقال : شر قتلى تحت أديم السماء ( 1 ) . وقال : يقرؤون القرآن ، يحسبونه لهم ، وهو عليهم . إلى غير ذلك مما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم . وهؤلاء خرجوا في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وكفروا عليا وعثمان ومعاوية ، ومن معهم . واستحلوا دماء المسلمين وأموالهم . وجعلوا بلاد المسلمين بلاد حرب ، وبلادهم هي بلاد الأيمان . ويزعمون أنهم أهل القرآن ، ولا يقبلون من السنة إلا ما وافق مذهبهم . ومن خالفهم وخرج عن ديارهم فهو كافر . ويزعمون أن عليا والصحابة رضي الله عنهم أشركوا بالله ، ولم يعملوا بما في القرآن . بل هم - على زعمهم - الذين عملوا به . ويستدلون لمذهبهم بمتشابه القرآن . وينزلون الآيات التي نزلت في المشركين المكذبين في أهل الإسلام . هذا ، وأكابر الصحابة عندهم ، ويدعونهم إلى الحق وإلى المناظرة . وناظرهم ابن عباس رضي الله عنهما ، ورجع منهم إلى الحق أربعة آلاف ( 2 ) . ومع هذه الأمور الهائلة ، والكفر الصريح الواضح ، وخروجهم عن المسلمين ، قال لهم علي رضي الله عنه : لا نبدؤكم بقتال ، ولا نمنعكم عن مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه ، ولا نمنعكم من الفيئ ما دامت أيديكم معنا ( 3 ) .



( صفحه 43 ) ثم إن الخوارج اعتزلوا ، وبدأوا المسلمين - الإمام ومن معه - بالقتال ، فسار إليهم علي رضي الله عنه . وجرى على المسلمين منهم أمور هائلة يطول وصفها . ومع هذا كله لم يكفرهم الصحابة ، ولا التابعون ، ولا أئمة الإسلام ، ولا قال لهم علي ولا غيره من الصحابة : قامت عليكم الحجة ، وبينا لكم الحق . قال الشيخ تقي الدين : لم يكفرهم علي ولا أحد من الصحابة ، ولا أحد من أئمة الإسلام ، انتهى ( 1 ) . فانظر - رحمك الله - إلى طريقة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإحجام عن تكفير من يدعي الإسلام . هذا ، وهم الصحابة رضي الله عنهم الذين يروون الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم . قال الإمام أحمد : صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشرة أوجه . قال أهل العلم : كلها خرجها مسلم في ( صحيحه ) . فانظر إلى هدي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة المسلمين ، لعل الله يهديك إلى اتباع سبيل المؤمنين ، وينبهك من هذه البلية التي تزعمون الآن أنها السنة ، وهي - والله - طريقة القوم ، لا طريقة علي ومن معه ، رزقنا الله اتباع آثارهم . فإن قلت : علي نفسه قتل الغالية ، بل حرقهم بالنار - وهم مجتهدون - . والصحابة قاتلوا أهل الردة . قلت : هذا كله حق ، فأما الغالية : فهم مشركون زنادقة ، أظهروا الإسلام تلبيسا ، حتى أظهروا الكفر ظهورا جليا لا لبس فيه على أحد .



( صفحه 44 ) وذلك أن عليا رضي الله عنه لما خرج عليهم من باب كندة سجدوا له . فقال لهم : ما هذا ؟ قالوا له : أنت الله . فقال لهم : أنا عبد من عباد الله . قالوا : بل أنت هو الله . فاستتابهم وعرضهم على السيف ، وأبوا أن يتوبوا ، فأمر بخد الأخاديد في الأرض ، وأضرم فيها النار ، وعرضهم عليها ، وقال لهم : إن لم تتوبوا قذفتكم فيها ، فأبوا أن يتوبوا ، بل يقولون له : أنت الله . فقذفهم بالنار ، فلما أحسوا بالنار تحرقهم قالوا : الآن تحققنا أنك أنت الله ، لأنه ما يعذب بالنار إلا الله . فهذه قصة الزنادقة الذين حرقهم علي رضي الله عنه ، ذكرها العلماء في كتبهم . فإن رأيتم من يقول لمخلوق : هذا هو الله ، فحرقوه ، وإلا فاتقوا الله ، ولا تلبسوا الحق بالباطل ، وتقيسوا الكافرين على المسلمين بآرائكم الفاسدة ، ومفاهيمكم الواهية . فصل [ أهل الردة ] وأما قتال الصديق والصحابة رضي الله عنهم أهل الردة : فاعلم أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يبق على الإسلام إلا أهل المدينة ، وأهل مكة ، والطائف ، وجواثا - قرية من قرى البحرين - . وأخبار الردة طويلة تحتمل مجلدا ، ولكن نذكر بعضا من ذلك من كلام أهل



( صفحه 45 ) العلم ، ليتبين لكم ما أنتم عليه ، وأن استدلالكم بقصة أهل الردة كاستدلالكم الأول . قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله : مما يجب أن يعلم أن أهل الردة كانوا أصنافا : صنف ارتدوا عن الإسلام ، ونبذوا الملة ، وعادوا إلى الكفر الذي كانوا عليه من عبادة الأوثان . وصنف ارتدوا عن الإسلام ، وتابعوا مسيلمة - وهم بنو حنيفة وقبائل غيرهم - صدقوا مسيلمة ، ووافقوه على دعواه النبوة . وصنف ارتدوا ووافقوا الأسود العنسي وما ادعاه من النبوة باليمن . وصنف صدقوا طليحة الأسدي وما ادعاه من النبوة ، وهم غطفان وفزارة ومن والاهم . وصنف صدقوا سجاح . فهؤلاء مرتدون ، منكرون لنبوة نبينا صلى الله عليه وسلم ، تاركون للزكاة ، والصلاة ، وسائر شرائع الإسلام ، ولم يبق من يسجد لله في بسيط الأرض ، إلا مسجد المدينة ، ومكة ، وجواثا - قرية في البحرين - . وصنف آخر ، وهم الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة ووجوب أدائها إلى الإمام . وهؤلاء على الحقيقة أهل بغي ، وإنما لم يدعوا بهذا الاسم في ذلك الزمان خصوصا لدخولهم في غمار أهل الردة ، فأضيف الاسم إلى الردة ، إذ كانت أعظم الأمرين وأهمهما . وأرخ قتال أهل البغي من زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، إذ كانوا منفردين في زمانه ، لم يختلطوا بأهل الشرك . وفي أمر هؤلاء عرض الخلاف ، ووقعت الشبهة لعمر رضي الله عنه حين راجع أبا بكر



( صفحه 46 ) وناظره ، واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم ( 1 ) : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله عصم ماله ونفسه - . إلى أن قال رحمه الله - : وقد بينا أن أهل الردة كانوا أصنافا .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 39 )
( 1 ) النحل : 106 . ( پاورقى ص 40 ) ( 1 ) الصافات : 35 - 36 . ( 2 ) الأنعام : 19 . ( 3 ) الأنفال : 32 . ( 4 ) ص : 5 . ( پاورقى ص 41 ) ( 1 ) سنن ابن ماجة : 1 / 59 - 62 ح 167 - 176 في المقدمة / باب ذكر الخوارج . ( 2 ) سنن ابن ماجة : 1 / 61 ح 173 وص 62 ح 176 المقدمة . ( 3 ) صحيح البخاري : 3 / 1219 ح 3166 كتاب الأنبياء . ( پاورقى ص 42 ) ( 1 ) سنن ابن ماجة : 1 / 62 ح 175 . ( 2 ) مجمع الزوائد : 6 / 236 . ( 3 ) تاريخ الطبري : 4 / 53 حوادث سنة 37 ه‍ . ( پاورقى ص 43 ) ( 1 ) لاحظ مجموع فتاوى ابن تيمية : 7 / 618 . ( پاورقى ص 46 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 1 / 80 ح 32 كتاب الإيمان .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 46 - 50



منهم من ارتد عن الملة ، ودعا إلى نبوة مسيلمة وغيره . ومنهم من أنكر الشرائع كلها . وهؤلاء الذين سماهم الصحابة رضي الله عنهم كفارا ، وكذلك رأى أبو بكر سبي ذراريهم ، وساعده على ذلك أكثر الصحابة . ثم لم ينقض عصر الصحابة حتى أجمعوا أن المرتد لا يسبى . فأما مانع الزكاة منهم ، المقيمون على أصل الدين : فإنهم أهل بغي ، ولم يسموا أهل شرك ، أو فهم كفار - وإن كانت الردة أضيفت إليهم - لمشاركتهم للمرتدين في بعض ما منعوه من حق الدين . وذلك أن الردة اسم لغوي ، وكل من انصرف عن أمر كان مقبلا عليه فقد ارتد عنه . وقد وجد من هؤلاء القوم الانصراف عن الطاعة ، ومنع الحق ، وانقطع عنهم اسم الثناء والمدح ، وعلق عليهم الاسم القبيح ، لمشاركتهم القوم الذين كانوا ارتدوا حقا . - إلى أن قال - : فإن قيل : وهل ، إذا أنكر طائفة في زماننا فرض الزكاة ، وامتنعوا من أدائها يكون حكمهم حكم أهل البغي ؟ قلنا : لا فإن من أنكر فرض الزكاة في هذه الأزمان كان كافرا بإجماع



( صفحه 47 ) المسلمين على وجوب الزكاة ، فقد عرفها الخاص والعام ، واشترك فيها العالم والجاهل ، فلا يعذر منكره . وكذلك الأمر في كل من أنكر شيئا مما اجتمعت عليه الأمة من أمور الدين - إذا كان علمه منتشرا - كالصلوات الخمس ، وصوم شهر رمضان ، والاغتسال من الجنابة ، وتحريم الربا والخمر ونكاح المحارم ، ونحوها من الأحكام ، إلا أن يكون رجلا حديث عهد بالإسلام ، ولا يعرف حدوده ، فإنه إن أنكر شيئا منها جاهلا به لم يكفر ، وكان سبيله سبيل أولئك القوم في بقاء الاسم عليه . فأما ما كان الإجماع معلوما فيه من طريق علم الخاصة ، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها ، وأن القاتل عمدا لا يرث ، وأن للجد السدس ، وما أشبه ذلك من الأحكام ، فإن من أنكرها لا يكفر ، بل يعذر فيها ، لعدم استفاضة علمها في العامة ، إنتهى كلام الخطابي . وقال صاحب ( المفهم ) : قال أبو إسحاق : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب ، إلا أهل ثلاثة مساجد : مسجد المدينة : ومسجد مكة : ومسجد جواثا ، إنتهى . فهذا شئ مما ذكره بعض أهل العلم في أخبار الردة ، وتفاصيلها يطول . ولكن قد تقدم أن مثلكم أو من هو أجل منكم لا يجوز له الاستنباط ، ولا القياس ، ولا يجوز لأحد أن يقلده ، بل يجب على من لم يبلغ رتبة المجتهدين أن يقلدهم ، وذلك الإجماع . ولكن ليكن عندكم معلوما أن من خرج عن طاعة أبي بكر الصديق في زمانه فقد خرج عن الإجماع القطعي ، لأنه ومن معه هم أهل العلم ، وأهل الإسلام ، وهم المهاجرون والأنصار الذين اثنى الله عليهم في كتابه ، وإمامة أبي بكر إمامة حق ، جميع شروط الإمامة مجتمعة فيه ! ؟



( صفحه 48 ) فإن كان اليوم فيكم مثل أبي بكر والمهاجرين والأنصار ، والأمة مجتمعة على إمامة واحد منكم ، فقيسوا أنفسكم بهم . وإلا ، فبالله عليكم ! استحيوا من الله ، ومن خلقه ، واعرفوا قدر أنفسكم ، فرحم الله من عرف قدر نفسه ، وأنزلها منزلتها ، وكف شره عن المسلمين ، واتبع سبيل المؤمنين . قال الله تعالى { ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } ( 1 ) . فصل لما تقدم الكلام على الخوارج - وذكر مذهب الصحابة وأهل السنة فيهم ، وأنهم لم يكفروهم كفرا يخرج من الإسلام ، مع ما فيهم - بأنهم كلاب أهل النار ، وأنهم يمرقون من الإسلام ، ومع هذا كله لم يكفرهم الصحابة ، لأنهم منتسبون إلى الإسلام الظاهر - وإن كانوا مخلين بكثير منه لنوع تأويل - . وأنتم اليوم تكفرون من ليس فيه خصلة واحدة مما في أولئك . بل الذين تكفرونهم اليوم وتستحلون دماءهم وأموالهم عقائدهم عقائد أهل السنة والجماعة - الفرقة الناجية ، جعلنا الله منهم - . [ القدرية ومذاهبهم ] ثم خرجت بدعة القدرية ، وذلك في آخر زمن الصحابة ، وذلك أن القدرية فرقتان :



( صفحه 49 ) فرقة أنكرت القدر رأسا ، وقالوا : إن الله لم يقدر المعاصي على أهلها ، ولا هو يقدر ذلك ، ولا يهدي الضال ، ولا هو يقدر على ذلك . والمسلم عندهم هو الذي جعل نفسه مسلما ، وهو الذي جعل نفسه مصليا ، وكذلك سائر الطاعات والمعاصي ، بل العبد هو الذي خلقها بنفسه ، وجعلوا العبد خالقا مع الله ، والله سبحانه - عندهم - لا يقدر أن يهدي أحدا ، ولا يقدر [ أن ] يضل أحدا . إلى غير ذلك من أقوالهم الكفرية ، تعالى الله عما يقول أشباه المجوس علوا كبيرا . الفرقة الثانية من القدرية : من قابل هؤلاء ، وزعم أن الله جبر الخلق على ما عملوا ، وأن الكفر والمعاصي في الخلق كالبياض والسواد في خلق الآدمي ، ما للمخلوق في ذلك صنع ، بل جميع المعاصي عندهم تضاف لله ، وإمامهم في ذلك إبليس حيث قال : { فبما أغويتني } ( 1 ) وكذلك المشركون الذين قالوا : { لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا } ( 2 ) . إلى غير ذلك من قبائحهم وكفرياتهم التي ذكرها عنهم أهل العلم في كتبهم ، كالشيخ تقي الدين وابن القيم . ومع هذا الكفر العظيم والضلالة ، خرج أوائل هؤلاء في زمن الصحابة رضي الله عنهم كابن عمر ، وابن عباس ، وأجلاء التابعين ، وقاموا في وجوه هؤلاء ، وبينوا ضلالهم من الكتاب والسنة ، وتبرأ منهم من عندهم من الصحابة رضي الله عنهم ، وكذلك التابعون ، وصاحوا بهم من كل فج . ومع هذا الكفر العظيم الهائل لم يكفرهم الصحابة ، ولا من بعدهم من أئمة أهل



( صفحه 50 ) الإسلام ، ولا أوجبوا قتلهم ، ولا أجروا عليهم أحكام أهل الردة ، ولا قالوا : قد كفرتم حيث خالفتمونا ، لأنا لا نتكلم إلا بالحق ، وقد قامت عليكم الحجة ببياننا لكم : كما قلتم أنتم هذا ؟ ! ومن الراد عليهم ، والمبين ضلالهم ، الصحابة والتابعون الذين لا يقولون إلا حقا . بل كبير هؤلاء من أئمة دعاتهم قتلوه الأمراء . وذكر أهل العلم أنه قتل حدا ، كدفع الصائل خوفا من ضرره ، وبعد قتله غسل وصلي عليه ، ودفن في مقابر المسلمين - كما يأتي أن شاء الله ذكره في كلام الشيخ تقي الدين - . فصل [ المعتزلة وآراؤهم ] الفرقة الثالثة من أهل البدع : المعتزلة الذين خرجوا في زمن التابعين ، وأتوا من الأقوال والأفعال الكفريات ما هو مشهور . منها : القول بخلق القرآن . ومنها : القول بخلود أهل المعاصي في النار ، إلى غير ذلك من قبائحهم



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 46 )
( 1 ) صحيح مسلم : 1 / 80 ح 32 كتاب الإيمان . ( پاورقى ص 48 ) ( 1 ) النساء : 115 . ( پاورقى ص 49 ) ( 1 ) الأعراف : 16 . ( 2 ) الأنعام : 148 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 50 - 55



وفضائحهم التي نقلها أهل العلم عنهم . ومع هذا فقد خرجوا في زمن التابعين ، ودعوا إلى مذهبهم ، وقام في وجوههم العلماء من التابعين ومن بعدهم ، وردوا عليهم ، وبينوا باطلهم من الكتاب ، والسنة ، وإجماع علماء الأمة ، وناظروهم أتم المناظرة .



( صفحه 51 ) ومع هذا أصروا على باطلهم ودعوا إليه ، وفارقوا الجماعة . فبدعهم العلماء ، وصاحوا بهم ، ولكن ما كفروهم ، ولا أجروا عليهم أحكام أهل الردة ، بل أجروا عليهم - هم وأهل البدع قبلهم - أحكام الإسلام من التوارث ، والتناكح ، والصلاة عليهم ، ودفنهم في مقابر المسلمين . ولم يقولوا لهم أهل العلم من أهل السنة : قامت عليكم الحجة ، حيث بينا لكم ، لأنا لا نقول إلا حقا ، فحيث خالفتمونا كفرتم ، وحل مالكم ودمائكم ، وصارت بلادكم بلاد حرب . كما هو الآن مذهبكم . أفلا يكون لكم في هؤلاء الأئمة عبرة ؟ فترتدعون عن الباطل ؟ ! وتفيئون إلى الحق ! فصل [ المرجئة وأقوالهم ] ثم خرج بعد هؤلاء ، المرجئة الذين يقولون : الأيمان قول بلا عمل . فمن أقر عندهم بالشهادتين فهو مؤمن كامل الإيمان ، وإن لم يصل لله ركعة طول عمره ، ولا صام يوما من رمضان ، ولا أدى زكاة ماله ، ولا عمل شيئا من أعمال الخير ، بل من أقر بالشهادتين فهو عندهم مؤمن ، كامل الأيمان ، إيمانه كإيمان جبريل ، وميكائيل ، والأنبياء . إلى غير ذلك من أقوالهم القبيحة التي ابتدعوها في الإسلام . ومع أنه صاح بهم أئمة أهل الإسلام ، وبدعوهم ، وضللوهم ، وبينوا لهم الحق من الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم من أهل السنة من الصحابة فمن بعدهم .



( صفحه 52 ) وأبوا إلا التمادي على ضلالهم ، ومعاندتهم لأهل السنة متمسكين - هم ومن قبلهم من أهل البدع - بمتشابه من الكتاب والسنة . ومع هذه الأمور الهائلة فيهم لم يكفروهم أهل السنة ، ولا سلكوا مسلككم فيمن خالفكم ، ولا شهدوا عليهم بالكفر ، ولا جعلوا بلادهم بلاد حرب ، بل جعلوا الأخوة الايمانية ثابتة لهم ولمن قبلهم من أهل البدع . ولا قالوا لهم : كفرتم بالله ورسوله ، لأنا بينا لكم الحق ، فيجب عليكم اتباعنا ، لأنا بمنزلة الرسول ، من خطأنا فهو عدو الله ورسوله . كما هو قولكم اليوم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . فصل [ الجهمية ودعاواهم ] ثم حدث بعد هؤلاء ، الجهمية الفرعونية الذين يقولون : ليس على العرش إله يعبد ، ولا لله في الأرض من كلام ، ولا عرج بمحمد صلى الله عليه وسلم لربه ، وينكرون صفات الله سبحانه التي أثبتها لنفسه في كتابه ، وأثبتها رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأجمع على القول بها الصحابة فمن بعدهم ، وينكرون رؤية الله سبحانه في الآخرة ، ومن وصف الله سبحانه بما وصف به نفسه ، ووصف به رسوله صلى الله عليه وسلم فهو عندهم كافر ، إلى غير ذلك من أقوالهم وأفعالهم التي هي غاية الكفر ، حتى أن أهل العلم سموهم الفرعونية ، تشبيها لهم بفرعون ، حيث أنكر الله سبحانه . ومع ذا ، فرد عليهم الأئمة ، وبينوا بدعتهم ، وضلالهم ، وبدعوهم ، وفسقوهم ، وجعلوهم أكفر ممن قبلهم من أهل البدع ، وأقل تشبثا بالشرعيات ، وقالوا عنهم : إنهم قدموا عقولهم على الشرعيات ، وأمر أهل العلم بقتل بعض دعاتهم ، كالجعد



( صفحه 53 ) ابن درهم ، وجهم بن صفوان . وبعد أن قتلوا غسلوهم ، وصلوا عليهم ، ودفنوهم مع المسلمين - كما ذكر ذلك الشيخ تقي الدين - ولم يجروا عليهم أحكام أهل الردة - . كما أجريتم أحكام أهل الردة على من لم يقل أو يفعل عشر معشار ما قالوا هؤلاء ، أو فعلوا . بل ، والله كفرتم من قال الحق الصرف ، حيث خالف أهواءكم . وإنما لم أذكر فرقة الرافضة ، لأنهم معروفون عند الخاص والعام ، وقبائحهم مشهورة . ومن هؤلاء الفرق الذين ذكرنا تشعبت الثنتان والسبعون فرقة - أهل الضلالة - المذكورون في السنة في قوله عليه الصلاة والسلام : تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ( 1 ) . وما سوى الثنتين والسبعين - وهي الثالثة والسبعون - هم الفرقة الناجية ، أهل السنة والجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى آخر الدهر ، وهي التي لا تزال قائمة على الحق ، رزقنا الله اتباعهم - بحوله وقوته - . وكل ما ذكرت من أخبار هذه الفرق ، فإنما أخذته من كتب أهل العلم ، وأكثر ما أنقل عن ابن تيمية ، وابن القيم . فصل [ مذهب السلف عدم تكفير الفرق ] وها أنا أذكر لك شيئا مما ذكر أهل العلم من أن مذهب السلف عدم القول



( صفحه 54 ) بتكفير هؤلاء الفرق الذين تقدم ذكرهم . قال الشيخ تقي الدين في ( كتاب الأيمان ) : لم يكفر الإمام أحمد الخوارج ، ولا المرجئة ، ولا القدرية ، وإنما المنقول عنه وعن أمثاله تكفير الجهمية . مع أن أحمد لم يكفر أعيان الجهمية ولا من قال : ( أنا جهمي ) كفره ، بل ، صلى خلف الجهمية الذين دعوا إلى قولهم ، وامتحنوا الناس ، وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة ، ولم يكفرهم أحمد وأمثاله . بل ، كان يعتقد إيمانهم وإمامتهم ، ويدعو لهم ، ويرى لهم الإئتمام بالصلاة خلفهم ، والحج والغزو معهم ، والمنع من الخروج عليهم ، بما يراه لأمثالهم من الأئمة . وينكر ما أحدثوا من القول الباطل الذي هو كفر عظيم - وإن لم يعلموا هم أنه كفر - كان ينكره ، ويجاهدهم على رده - بحسب الإمكان - . فيجمع بين طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في إظهار السنة والدين ، وإنكار بدع الجهمية والملحدين ، وبين رعاية حقوق المؤمنين ، من الأئمة والأمة - وإن كانوا جهالا مبتدعين ، وظلمة فاسقين - إنتهى كلام الشيخ . فتأمله تأملا خاليا عن الميل والحيف . وقال الشيخ تقي الدين أيضا : من كان في قلبه الأيمان بالرسول ، وبما جاء به ، وقد غلط في بعض ما تأوله من البدع - ولو دعا إليها - فهذا ليس بكافر أصلا . والخوارج كانوا من أظهر الناس بدعة ، وقتالا للأمة ، وتكفيرا لها ، ولم يكن في الصحابة من يكفرهم لا علي ولا غيره ، بل حكموا فيهم بحكمهم في المسلمين الظالمين المعتدين - كما ذكرت الآثار عنهم بذلك في غير هذا الموضع - . وكذلك سائر الثنتين والسبعين فرقة ، من كان منهم منافقا ، فهو كافر في الباطن ، ومن كان مؤمنا بالله ورسوله في الباطن لم يكن كافرا في الباطن - وإن كان أخطأ في التأويل - كائنا من كان خطؤه .



( صفحه 55 ) وقد يكون في بعضهم شعبة من النفاق ، ولا يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار . ومن قال إن الثنتين والسبعين فرقة كل واحد منهم يكفر كفرا ينقل عن الملة فقد خالف الكتاب ، والسنة ، وإجماع الصحابة ، بل إجماع الأئمة الأربعة ، وغير الأربعة . فليس فيهم من كفر كل واحد من الثنتين والسبعين فرقة ، إنتهى كلامه . فتأمله وتأمل حكاية الإجماع من الصحابة وغيرهم من أهل السنة ، مع ما تقدم لك مما في مذاهبهم من الكفر العظيم ، لعلك تنتبه من هذه الهوة التي وقعت فيها أنت وأصحابك . وقال ابن القيم في طرق أهل البدع الموافقين على أصل الإسلام ، ولكنهم مختلفون في بعض الأصول ، كالخوارج ، والمعتزلة ، والقدرية ، والرافضة ، والجهمية ، وغلاة المرجئة ، فهؤلاء أقسام : أحدها : الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له ، فهذا لا يكفر ، ولا يفسق ، ولا ترد شهادته ، إذا لم يكن قادرا على تعلم الهدى ، وحكمه حكم المستضعفين من الرجال والنساء والولدان . القسم الثاني : متمكن من السؤال وطلب الهداية ومعرفة الحق ، ولكن يترك ذلك اشتغالا بدنياه ، ورئاسته ، ولذاته ، ومعاشه ، فهذا مفرط مستحق للوعيد ، آثم



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 53 )
( 1 ) سنن ابن ماجة : 2 / 1321 ح 3991 كتاب الفتن .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 55 - 62



بترك ما أوجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته . فهذا إن غلب ما فيه من البدعة والهوى على ما فيه من السنة والهدى ردت شهادته ، وإن غلب ما فيه من السنة والهدى على ما فيه من البدعة والهوى قبلت شهادته . الثالث : أن يسأل ويطلب ويتبين له الهدى ، ويترك تعصبا أو معاداة



( صفحه 56 ) لأصحابه ، فهذا أقل درجاته أن يكون فاسقا ، وتكفيره محل اجتهاد ( 1 ) ، إنتهى كلامه . فانظره وتأمله ، فقد ذكر هذا التفصيل في غالب كتبه ، وذكر أن الأئمة وأهل السنة لا يكفرونهم . هذا مع ما وصفهم به من الشرك الأكبر ، والكفر الأكبر ، وبين في غالب كتبه مخازيهم ، ولنذكر من كلامه طرفا ، تصديقا لما ذكرناه عنه . وقال رحمه الله تعالى في ( المدارج ) ( 2 ) : المثبتون للصانع نوعان : أحدهما : أهل الأشراك به في ربوبيته وإلهيته ، كالمجوس ومن ضاهاهم من القدرية ، فإنهم يثبتون مع الله إلها آخر . والقدرية المجوسية تثبت مع الله خالقين للأفعال ، ليست أفعالهم مخلوقة لله ، ولا مقدورة له ، وهي صادرة بغير مشيئته تعالى وقدرته ، ولا قدرة له عليها ، بل هم الذين جعلوا أنفسهم فاعلين ، مريدين ، شيائين . وحقيقة قول هؤلاء : أن الله ليس ربا خالقا لأفعال الحيوان ، إنتهى كلامه . وقد ذكرهم بهذا الشرك في سائر كتبه ، وشبههم بالمجوس الذين يقولون : إن للعالم خالقين . وانظر لما تكلم على التكفير هو وشيخه ، كيف حكوا عدم تكفيرهم عن جميع



( صفحه 57 ) أهل السنة ، حتى مع معرفة الحق والمعاندة ، قال : كفره محل اجتهاد ! - كما تقدم كلامه قريبا - . وأيضا الجهمية ، ذكرهم بأقبح الأوصاف ، وذكر أن شركهم شرك فرعون ، وأنهم معطلة ، وأن المشركين أقل شركا منهم ، وضرب لهم مثلا في ( النونية ) وغيرها من كتبه ، كالصواعق وغيرها . وكذلك المعتزلة ، كيف وصفهم بأكبر القبائح ، وأقسم أن قولهم وأحزابهم من أهل البدع لا تبقي من الأيمان حبة خردل ، فلما تكلم على تكفيرهم في ( النونية ) لم يكفرهم ، بل فصل في موضع منها ، كما فصل في الطرق - كما مر - . وموضع آخر فيه عن أهل السنة - مخاطبة لهؤلاء المبتدعة الذين أقسم أن قولهم لا يبقي من الإيمان حبة خردل - يقال : واشهدوا علينا بأنا لا نكفركم بما معكم من الكفران ، إذ أنتم - أهل الجهالة - عندنا لستم أولي كفر ولا إيمان . ويأتي إن شاء الله تعالى لهذا مزيد من كلام الشيخ تقي الدين ، وحكاية إجماع السلف ، وأن التكفير هو قول أهل البدع من الخوارج ، والمعتزلة ، والرافضة ! ! وقال أبو العباس بن تيمية رحمه الله - في كلام له - في ( الفرقان ) : ودخل أهل الكلام المنتسبين إلى الإسلام من المعتزلة ونحوهم في بعض مقالة الصابئة ، والمشركين ممن لم يهتد بهدي الله الذي أرسل به رسله من أهل الكلام والجدل ، صاروا يريدون أن يأخذوا مأخذهم - كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : لتأخذن مأخذ من كان قبلكم - الحديث الصحيح . إلى أن قال : إن هؤلاء المتكلمين أكثر حقا ، وأتبع للأدلة ، لما تنورت به قلوبهم من نور القرآن والإسلام ، وإن كانوا قد ضلوا في كثير مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فوافقوا أولئك على أن الله لا يتكلم ولا تكلم ، كما وافقوهم على أنه لا علم له ، ولا قدرة ، ولا صفة من الصفات . إلى أن قال : فلما رأو أن الرسل متفقة على أن الله متكلم ، والقرآن من أثبات



( صفحه 58 ) قوله وكلامه ، صاروا تارة يقولون : ليس بمتكلم حقيقة ، بل مجازا . وهذا قولهم الأول لما كانوا في بدعتهم وكفرهم على الفطرة قبل أن يدخلوا في العناد والجحود . إلى أن قال : وهذا قول من يقول : القرآن مخلوق . إلى أن قال : وأنكر هؤلاء أن يكون الله متكلما ، أو قائلا على الوجه الذي دلت عليه الكتب الإلهية ، وأفهمت الرسل لقومهم ، واتفق عليه أهل الفطر السليمة . إلى أن قال : ونشأ بين هؤلاء الذين هم فروع الصابئة ، وبين المسلمين المؤمنين - أتباع الرسول - الخلاف ، فكفر هؤلاء ببعض ما جاءت به الرسل ، واختلفوا في كتاب الله ، فآمنوا ببعض ، واتبع المؤمنون ما أنزل إليهم من ربهم ، وعلموا أن قول هؤلاء أخبث من قول اليهود والنصارى ، حتى كان عبد الله بن المبارك ليقول : إنا لنحكي قول اليهود والنصارى ! ولا نحكي قول الجهمية . وكان قد كثر هؤلاء الذين هم فروع المشركين ، ومن اتبعهم من الصابئة في آخر المائة الثانية في إمارة المأمون ، وظهرت علوم الصابئين والمنجمين ونحوهم ، فظهرت هذه المقالة في أهل العلم ، وأهل السيف والأمارة ، وصار في أهلها من الخلفاء ، والأمراء ، والوزراء ، والفقهاء ، والقضاة وغيرهم ما امتحنوا به المؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، إنتهى كلام الشيخ رحمه الله . فأنظر في هذا الكلام وتدبره ، كيف وصف هؤلاء بأعظم الكفر والشرك ، وبالإيمان ببعض الكتاب ، والكفر ببعضه ، وأنهم خالفوا العقل ، والنقل ، والفطرة ، وأنهم خالفوا جميع الرسل في قولهم ، وأنهم عاندوا الحق ، وأن أهل العلم يقولون : قولهم هذا أخبث من قول اليهود والنصارى ، وأنهم عذبوا المؤمنين والمؤمنات على الحق .



( صفحه 59 ) وهؤلاء الذين عني بهذا الكلام هم المعتزلة ، والقدرية ، والجهمية ، ومن سلك سبيلهم من أهل البدع وغيرهم . والخلفاء الذين يعنيهم المأمون ، والمعتصم ، والواثق ، ووزرائهم ، وقضاتهم ، وفقهاؤهم ، وهم الذين جلدوا الإمام أحمد رحمه الله ، وحبسوه ، وقتلوا أحمد بن نصر الخزاعي وغيره ، وعذبوا المؤمنين والمؤمنات ، يدعونهم إلى الأخذ بقولهم . وهم الذين يعني بقوله - فيما تقدم وما يأتي - : إن الإمام أحمد لا يكفرهم ولا أحد من السلف ، وأن أحمد صلى خلفهم ، واستغفر لهم ، ورأى الإئتمام بهم ، وعدم الخروج عليهم . وأن الإمام أحمد يرد قولهم الذي هو كفر عظيم - كما تقدم كلامه فراجعه - . [ الوهابية تخالف ذلك كله ] فبالله عليك ، تأمل ، أين هذا ؟ وأين قولكم فيمن خالفكم فهو كافر ؟ ومن لم يكفره فهو كافر ؟ ؟ بالله عليكم ، انتهوا عن الجفاء ، وقول الزور . واقتدوا بالسلف الصالح . وتجنبوا طريق أهل البدع . ولا تكونوا كالذي زين له سوء عمله فرآه حسنا . [ تكفير المسلمين من أقبح البدع ] قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى : ومن البدع المنكرة تكفير الطائفة غيرها من طوائف المسلمين ، واستحلال دمائهم ، وأموالهم ، وهذا عظيم ، لوجهين :



( صفحه 60 ) أحدهما : أن تلك الطائفة الأخرى قد لا يكون فيها من البدعة أعظم مما في الطائفة المكفرة لها . بل ، قد تكون بدعة الطائفة المكفرة لها أعظم من بدعة الطائفة المكفرة ، وقد تكون نحوها ، وقد تكون دونها . وهذا حال عامة أهل البدع والأهواء الذين يكفرون بعضهم بعضا . وهؤلاء من الذين قال الله فيهم { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ } ( 1 ) . الثاني : أنه لو فرض أن إحدى الطائفتين مختصة بالبدعة ، والأخرى موافقة للسنة ، لم يكن لهذه [ الموافقة ل‍ ] السنة أن تكفر كل من قال قولا أخطأ فيه . فإن الله تعالى قال : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ( 2 ) . وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال : قد فعلت . وقال تعالى : { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم } ( 3 ) . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله تجاوز عن أمتي عن الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه . وهو حديث حسن ، رواه ابن ماجة ( 4 ) وغيره . وقد أجمع الصحابة ، والتابعون لهم بإحسان ، وسائر أئمة المسلمين على أنه ليس كل من قال قولا أخطأ فيه أنه يكفر بذلك ، ولو كان قوله مخالفا للسنة . ولكن للناس نزاع في مسائل التكفير ، قد بسطت في غير هذا الموضع . وقال الشيخ رحمه الله أيضا : الخوارج لهم خاصيتان مشهورتان ، فارقوا بها جماعة



( صفحه 61 ) المسلمين وأئمتهم . أحدهما : خروجهم عن السنة ، وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة ، وجعلهم ما ليس بحسنة حسنة . الثاني : في الخوارج وأهل البدع ، أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات . ويترتب على ذلك استحلال دماء المسلمين ، وأموالهم ، وأن دار الإسلام دار حرب ، ودارهم هي دار الإيمان ، وبذلك يقول جمهور الرافضة ! ! وجمهور المعتزلة ، والجهمية ، وطائفة من غلاة المنتسبة إلى أهل الحديث . فينبغي للمسلم أن يحذر من هذين الأصلين الخبيثين ، وما يتولد عنهما من بغض المسلمين ، وذمهم ، ولعنهم ، واستحلال دمائهم وأموالهم . وعامة البدع إنما تنشأ من هذين الأصلين . أما الأول : فسببه التأويل الفاسد ، إما حديث بلغه غير صحيح ، أو عن غير الرسول صلى الله عليه وسلم ، قلد قائله فيه ، ولم يكن ذلك القائل مصيبا ، أو تأويل تأوله من آية من كتاب الله ، ولم يكن التأويل صحيحا ، أو قياسا فاسدا ، أو رأيا رآه اعتقده صوابا - وهو خطأ - . إلى أن قال : قال أحمد : أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل ، والقياس . وقال الشيخ : أهل البدع صاروا يبنون دين الإسلام على مقدمات يظنون صحتها ، إما في دلالة الألفاظ ، وإما في المعاني المعقولة ، ولا يتأملون بيان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فإنها تكون ضلالا . وقد تكلم أحمد على من يتمسك بما يظهر له من القرآن ، من غير استدلال ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم ، والصحابة ، والتابعين . وهذه طريقة سائر أئمة المسلمين ، لا يعدلون عن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم إن وجدوا إلى ذلك سبيلا .



( صفحه 62 ) وقال الشيخ أيضا : إني دائما ومن جالسني يعلم مني أني من أعظم الناس نهيا من أن ينسب معين إلى تكفير ، أو إلى تفسيق ، أو معصية إلا إذا علم أنه قد قامت فيه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرا تارة ، وفاسقا أخرى ، وعاصيا أخرى . وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها ، وذلك يعم الخطأ في المسائل



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 56 )
( 1 ) يلاحظ على هذا أن الحكم بالكفر ، المستوجب لأحكام مثل الارتداد الذي حده القتل والفراق من المسلمين ، والخروج من الأموال ، لا يمكن أن يبني على أمر ظني مثل الاجتهاد ، لما في الدماء والخروج من الأموال من الحرمة عند الله ، مما لا يمكن الخروج من عهدته إلا بدليل قطعي . والله الموفق . انظر ما يأتي ص 59 وبعدها . ( 2 ) مدارج السالكين : 1 / 85 . ( پاورقى ص 60 ) ( 1 ) الأنعام : 159 . ( 2 ) البقرة : 286 . ( 3 ) الأحزاب : 5 . ( 4 ) سنن ابن ماجة : 1 / 659 ح 2043 كتاب الطلاق . ( پاورقى ص 62 ) ( 1 ) الصافات : 12 . ( 2 ) النساء : 10 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 62 - 68



الخبرية ، والمسائل العلمية . وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ، ولم يشهد أحد منهم على أحد منهم معين لأجل ذلك لا بكفر ، ولا بفسق ، ولا بمعصية . كما أنكر شريح قراءة { بل عجبت ويسخرون } ( 1 ) وقال : إن الله لا يعجب . إلى أن قال : وقد آل النزاع بين السلف إلى الاقتتال ، مع اتفاق أهل السنة على أن الطائفتين جميعا مؤمنتان ، وأن القتال لا يمنع العدالة الثابتة لهم ! لأن المقاتل وإن كان باغيا فهو متأول ! والتأويل يمنع الفسق . وكنت أبين لهم أن ما نقل عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو أيضا حق . لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين . وهذه أول مسألة تنازعت فيها الأمة من مسائل الأصول الكبار ، وهي مسألة الوعيد ، فإن نصوص الوعيد - في القرآن - المطلقة عامة ، كقوله تعالى : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما } . . . الآية ( 2 ) ، وكذلك سائر ما ورد : ( من فعل كذا فله كذا ، أو فهو كذا ) .



( صفحه 63 ) فإن هذه النصوص مطلقة عامة ، وهي بمنزلة من قال من السلف : من قال كذا فهو كافر . إلى أن قال : والتكفير يكون من الوعيد ، فإنه وإن كان القول تكذيبا لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن قد يكون الرجل حديث عهد بالإسلام ، أو نشأ ببادية بعيدة ، وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص ، أو سمعها ولم تثبت عنده ، أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها - وإن كان مخطئا - . وكنت دائما أذكر الحديث الذي في الصحيحين ( 1 ) في الرجل الذي قال لأهله : إذا أنا مت فأحرقوني - الحديث . فهذا رجل شك في قدرة الله ، وفي إعادته إذا ذري ، بل اعتقد أنه لا يعاد ، فغفر له بذلك . والمتأول من أهل الاجتهاد ، الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بالمغفرة من مثل هذا ، إنتهى . وقال الشيخ رحمه الله - وقد سئل عن رجلين تكلما في مسألة التكفير ، فأجاب وأطال ، وقال في آخر الجواب - : لو فرض أن رجلا دفع التكفير عمن يعتقد أنه ليس بكافر ، حماية له ونصرا لأخيه المسلم ، لكان هذا غرضا شرعيا حسنا ، وهو إذا اجتهد في ذلك فأصاب فله أجران ، وإن اجتهد فيه فأخطأ فله أجر . وقال رحمه الله : التكفير إنما يكون بإنكار ما علم من الدين بالضرورة ، أو بإنكار الأحكام المتواترة المجمع عليها ، إنتهى . فانظر إلى هذا الكلام وتأمله . وهل هذا كقولكم : هذا كافر ، ومن لم يكفره فهو كافر ؟ وهو قال : إن دفع عنه التكفير - وهو مخطئ - فله أجر .



( صفحه 64 ) وانظر وتأمل كلامه الأول ، وهو أن القول قد يكون كفرا ، ولكن القائل أو الفاعل لا يكفر ، لاحتمال أمور ، منها : عدم بلوغ العلم على الوجه الذي يكفر به ، إما لم يبلغه ، وإما بلغه ولكن ما فهمه ، أو فهمه ولكن قام عنده معارض أوجب تأويله ، إلى غير ذلك مما ذكره . [ الفرقة الوهابية تخالف ذلك ] فيا عباد الله ، تنبهوا وارجعوا إلى الحق ، وامشوا حيث مشى السلف الصالح ، وقفوا حيث وقفوا ، ولا يستفزكم الشيطان ، ويزين لكم تكفير أهل الإسلام ، وتجعلون ميزان كفر الناس مخالفتكم ، وميزان الإسلام موافقتكم . فإنا لله وإنا إليه راجعون ، آمنا بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وعلى مراد رسوله ، أنقذنا الله وإياكم من متابعة الأهواء . [ كلام ابن القيم في عدم تكفير المسلم ] قال ابن القيم رحمه الله تعالى ( 1 ) - لما ذكر أنواع الكفر - : وكفر الجحود نوعان : كفر مطلق عام ، وكفر مقيد خاص . فالمطلق : أن يجحد جملة ما أنزل الله ، ورسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم . والخاص المقيد : أن يجحد فرضا من فروض الإسلام ، أو محرما من محرماته ، أو صفة وصف الله بها نفسه ، أو خبرا أخبر الله به محمدا صلى الله عليه وسلم ، أو تقديما لقول من خالفه عالما عمدا ، لغرض من الأغراض .



( صفحه 65 ) والسنن والمسانيد عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : قال رجل لم يعمل خيرا قط لأهله ، وفي رواية : أسرف رجل على نفسه ، فلما حضر أوصى بنيه : إذا مات فحرقوه ، ثم ذروا نصفه في البر ، ونصفه في البحر ، فوالله لأن قدر الله عليه ليعذبنه عذابا ما عذب به أحدا من العالمين ، فلما مات فعلوا ما أمرهم ، فأمر الله البحر فجمع ما فيه ، وأمر البر فجمع ما فيه ، ثم قال : لم فعلت ؟ قال : من خشيتك يا رب وأنت تعلم ، فغفر له . فهذا منكر لقدرة الله عليه ، ومنكر للبعث والمعاد ، ومع هذا غفر الله له ، وعذره بجهله ، لأن ذلك مبلغ عمله ، لم ينكر ذلك عنادا . وهذا فصل النزاع في بطلان قول من يقول : إن الله لا يعذر العباد بالجهل في سقوط العذاب إذا كان ذلك مبلغ علمه ، إنتهى . [ جواب لابن تيمية عن التكفير ] وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن التكفير الواقع في هذه الأمة ، من أول من أحدثه وابتدعه ؟ فأجاب : أول من أحدثه في الإسلام المعتزلة ، وعنهم تلقاه من تلقاه ، وكذلك الخوارج هم أول من أظهره ، واضطرب الناس في ذلك ، فمن الناس من يحكي عن مالك فيه قولين ، وعن الشافعي كذلك ، وعن أحمد روايتان ، وأبو الحسن الأشعري وأصحابه ، لهم قولان . وحقيقة الأمر في ذلك ، أن القول قد يكون كفرا ، فيطلق القول بتكفير قائله ، ويقال : من قال كذا فهو كافر ، لكن الشخص المعين الذي قاله لا يكفر ، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها ، من تعريف الحكم الشرعي من سلطان ، أو أمير مطاع ، كما هو المنصوص عليه في كتب الأحكام ، فإذا عرفه الحكم وزالت عنه



( صفحه 66 ) الجهالة ، قامت عليه الحجة ، وهذا كما هو في نصوص الوعيد من الكتاب والسنة ، وهي كثيرة جدا ، والقول بموجبها واجب على وجه العموم والأطلاق ، من غير أن يعين شخص من الأشخاص ، فيقال : هذا كافر ، أو فاسق ، أو ملعون ، أو مغضوب عليه ، أو مستحق للنار - لا سيما إن كان للشخص فضائل وحسنات - لأن ما سوى الأنبياء تجوز عليهم الصغائر والكبائر ، مع إمكان أن يكون ذلك الشخص صديقا ، أو شهيدا ، أو صالحا ، كما قد بسط في غير هذا الموضع من أن موجب الذنوب تتخلف عنه بتوبة أو باستغفار ، أو حسنات ماحية ، أو مصائب مكفرة ، أو شفاعة مقبولة ، أو لمحض مشيئة الله ورحمته . فإذا قلنا بموجب قوله تعالى : { ومن يقتل مؤمنا متعمدا } ( 1 ) . . . الآية . وقوله : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا } ( 2 ) . وقوله : { ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده } ( 3 ) . . . الآية . وقوله : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل - إلى قوله - ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما } ( 4 ) . . . الآية . إلى غير ذلك من آيات الوعيد . وقلنا بموجب قوله صلى الله عليه وسلم : لعن الله من شرب الخمر ، أو من عق والديه ، أو من غير منار الأرض ، أو من ذبح لغير الله ، أو لعن الله السارق ، أو لعن الله آكل الربا ، وموكله ، وشاهده ، وكاتبه ، أو لعن الله لاوي الصدقة ، والمتعدي فيها ، ومن أحدث



( صفحه 67 ) في المدينة حدثا ، أو آوى محدثا ، فعليه لعنة الله ، والملائكة ، والناس أجمعين ، إلى غير ذلك من أحاديث الوعيد . لم يجز أن نعين شخصا ممن فعل بعض هذه الأفعال ، ونقول : هذا المعين قد أصابه هذا الوعيد ، لإمكان التوبة ، وغيرها من مسقطات العقوبة . إلى أن قال : ففعل هذه الأمور ممن يحسب أنها مباحة - باجتهاد أو تقليد ونحو ذلك - وغايته أنه معذور من لحوق الوعيد به لمانع . كما امتنع لحوق الوعيد بهم لتوبة ، أو حسنات ماحية ، أو مصائب مكفرة ، أو غير ذلك . وهذه السبيل هي التي يجب أتباعها ، فإن ما سواها طريقان خبيثان : أحدهما : القول بلحوق الوعيد بكل فرد من الأفراد بعينه ، ودعوى أنه عمل بموجب النصوص . وهذا أقبح من قول الخوارج المكفرين بالذنوب ، والمعتزلة وغيرهم ، وفساده معلوم بالاضطرار ، وأدلته في غير هذا الموضع ، فهذا ونحوه من نصوص الوعيد حق . لكن الشخص المعين الذي فعله لا يشهد عليه بلا وعيد ، فلا يشهد على معين من أهل القبلة بالنار ، لفوات شرط ، أو لحصول مانع . وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها ، قد يكون القائل لها لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق ، وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده ، أو لم يتمكن من معرفتها وفهمهما ، أو قد عرضت له شبهات يعذره الله بها . فمن كان مؤمنا بالله وبرسوله ، مظهرا للإسلام ، محبا لله ورسوله ، فإن الله يغفر له ، ولو قارف بعض الذنوب القولية ، أو العملية ، سواء أطلق عليه لفظ الشرك ، أو لفظ المعاصي .



( صفحه 68 ) هذا الذي عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجماهير أئمة الإسلام . لكن المقصود أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بالفرق بين النوع والعين . بل ، لا يختلف القول عن الإمام أحمد وسائر أئمة الإسلام كمالك ، وأبي حنيفة ، والشافعي أنهم لا يكفرون المرجئة الذين يقولون : ( الأيمان قول بلا عمل ) . ونصوصهم صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج ، والقدرية وغيرهم . وإنما كان الإمام أحمد يطلق القول بتكفير الجهمية ، لأنه ابتلي بهم حتى عرف حقيقة أمرهم ، وأنه يدور على التعطيل . وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة ، لكن ما كانوا يكفرون أعيانهم . فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقوله ولا يدعو إليه ، والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط ، والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقب . ومع هذا ، فالذين - من ولاة الأمور - يقولون بقول الجهمية : إن القرآن مخلوق ، وإن الله لا يرى في الآخرة ، وإن ظاهر القرآن لا يحتج به في معرفة الله ، ولا الأحاديث الصحيحة ، وإن الدين لا يتم إلا بما زخرفوه من الآراء ، والخيالات الباطلة ، والعقول الفاسدة ، وإن خيالاتهم وجهالاتهم أحكم في دين الله من كتاب الله ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، وإن أقوال الجهمية والمعطلة من النفي والأثبات أحكم في دين الله . بسبب ذلك امتحنوا المسلمين ، وسجنوا الإمام أحمد ، وجلدوه ، وقتلوا



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 62 )
( 1 ) الصافات : 12 . ( 2 ) النساء : 10 . ( پاورقى ص 63 ) ( 1 ) صحيح البخاري : 5 / 8 / 2378 ح 6116 كتاب الرقاق ، سنن ابن ماجة : 2 / 1421 ح 4255 كتاب الزهد . ( پاورقى ص 64 ) ( 1 ) مدارج السالكين : 1 / 347 . ( پاورقى ص 66 ) ( 1 ) النساء : 93 . ( 2 ) النساء : 10 . ( 3 ) النساء : 14 . ( 4 ) النساء : 29 - 40 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 68 - 76



جماعة ، وصلبوا آخرين . ومع ذلك لا يطلقون أسيرا ، ولا يعطون من بيت المال إلا من وافقهم ، ويقر بقولهم .



( صفحه 69 ) وجرى على الإسلام منهم أمور مبسوطة في غير هذا الموضع ( 1 ) . ومع هذا التعطيل الذي هو شر من الشرك ، فالإمام أحمد ترحم عليهم ، واستغفر لهم ، وقال : ما علمت أنهم مكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا جاحدون لما جاء به ، لكنهم تأولوا فأخطأوا ، وقلدوا من قال ذلك . والأمام الشافعي لما ناظر حفص الفرد - من أئمة المعطلة - في مسألة القرآن ، وقال : القرآن مخلوق ، قال له الشافعي : كفرت بالله العظيم ، فكفره ولم يحكم بردته بمجرد ذلك ، ولو اعتقد ردته وكفره لسعى في قتله . وأفتى العلماء بقتل دعاتهم ، مثل غيلان القدري ، والجعد بن درهم ، وجهم بن صفوان - إمام الجهمية - وغيرهم . وصلى الناس عليهم ، ودفنوهم مع المسلمين ، وصار قتلهم من باب قتل الصائل ، لكف ضررهم ، لا لردتهم . ولو كانوا كفارا لرآهم المسلمون كغيرهم . وهذه الأمور مبسوطة في غير هذا الموضع ، إنتهى كلام الشيخ رحمه الله . وإنما سقته بطوله لبيان ما تقدم مما أشرت إليه ، ولما فيه من إجماع الصحابة والسلف ، وغير ذلك مما فصل . فإذا كان هذا كفر هؤلاء - وهو أعظم من الشرك ، كما تقدم بيانه مرارا من كلام الشيخين - مع أن أهل العلم من الصحابة ، والتابعين ، وتابعيهم إلى زمن أحمد بن حنبل هم المناظرون والمبينون لهم ، وهو خلاف العقل والنقل ، مع البيان التام من أهل العلم !



( صفحه 70 ) ومع هذا لم يكفروهم ، حتى دعاتهم الذين قتلوا ، لم يكفرهم المسلمون . أما في هذا عبرة لكم ؟ [ الفرقة الوهابية تخالف ذلك ] تكفرون عوام المسلمين ، وتستبيحون دماءهم ، وأموالهم ، وتجعلون بلادهم بلاد حرب ، ولم يوجد منهم عشر معشار ما وجد من هؤلاء ؟ ! وإن وجد منهم شئ من أنواع الشرك - سواء شرك أصغر أو أكبر - فهم جهال ، لم تقم عليهم الحجة التي يكفر تاركها ! أتظنون أن أولئك السادة - أئمة أهل الإسلام - ما قامت الحجة بكلامهم ؟ ! وأنتم قامت الحجة بكم ! ؟ بل ، والله تكفرون من لا يكفر من كفرتم ، وإن لم يوجد منه شئ من الشرك والكفر . الله أكبر ، { لقد جئتم شيئا إدا } ( 1 ) . يا عباد الله : اتقوا الله ! خافوا ذا البطش الشديد ، لقد آذيتم المؤمنين والمؤمنات { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا } ( 2 ) . والله ما لعباد الله عند الله ذنب ، إلا أنهم لم يتبعوكم على تكفير من شهدت النصوص الصحيحة بإسلامه ، وأجمع المسلمون على إسلامه .



( صفحه 71 ) فإن اتبعوكم أغضبوا الله تعالى ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وإن عصوا آراءكم حكمتم بكفرهم وردتهم ! ! وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لست أخاف على أمتي جوعا يقتلهم ، ولا عدوا يجتاحهم ، ولكن أخاف على أمتي أئمة مضلين ، إن أطاعوهم فتنوهم ، وإن عصوهم قتلوهم ، رواه الطبراني ( 1 ) من حديث أبي أمامة . وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول : أطيعوني ما أطعت الله ، وإن عصيت فلا طاعة لي عليكم ( 2 ) . ويقول : أنا أخطئ وأصيب ، وإذا ضربه أمر جمع الصحابة واستشارهم . وعمر يقول مثل ما قال أبو بكر ، ويفعل مثل ما يفعل ، وكذلك عثمان ، وعلي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين . [ أئمة المذاهب لا يلزمون أحدا بمذهبهم ] وأئمة أهل العلم لا يلزمون أحدا أن يأخذ بقولهم ، بل لما عزم الرشيد بحمل الناس على الأخذ بموطأ الإمام مالك رضي الله عنه ، قال له مالك : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، فإن العلم انتشر عند غيري ، أو كلاما هذا معناه . وكذلك جميع العلماء من أهل السنة ، لم يلزم أحد منهم الناس الأخذ بقوله . [ الوهابية تخالف ذلك ] وأنتم تكفرون من لا يقول بقولكم ، ويرى رأيكم ! ! سألتك بالله ، أنتم معصومون ، فيجب الأخذ بقولكم ؟ فإن قلت : لا ، فلم توجبون على الأمة الأخذ بقولكم ؟



( صفحه 72 ) أم تزعمون أنكم أئمة تجب طاعتكم ؟ فأنا أسألكم بالله ، أهل اجتمع في رجل منكم شروط الإمامة التي ذكرها أهل العلم ، أو حتى خصلة واحدة من شروط الإمامة ؟ بالله عليكم انتهوا ، واتركوا التعصيب . هبنا عذرنا العامي الجاهل الذي لم يمارس شيئا من كلام أهل العلم ، فأنت ما عذرك عند الله إذا لقيته ؟ بالله عليك تنبه ، واحذر عقوبة جبار السماوات والأرض . فقد نقلنا لك كلام أهل العلم ، وإجماع أهل السنة والجماعة - الفرقة الناجية - وسيأتيك إن شاء الله ما يصير سببا لهداية من أراد الله هدايته . فصل [ اتفاق أهل السنة ! على عدم التكفير المطلق للمسلمين ] قال ابن القيم في ( شرح المنازل ) ( 1 ) : أهل السنة متفقون على أن الشخص الواحد تكون فيه ولاية الله وعداوة من وجهين مختلفين ، ويكون محبوبا لله مبغوضا من وجهين ، بل يكون فيه إيمان ونفاق ، وإيمان وكفر ، ويكون إلى أحدهما أقرب من الآخر ، فيكون إلى أهله . كما قال تعالى : { هم للكفر يومئذ أقرب منهم للأيمان } ( 2 ) . وقال : { وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون } ( 3 ) .



( صفحه 73 ) فأثبت لهم تبارك وتعالى الأيمان مع مقارنة الشرك . فإن كان مع هذا الشرك تكذيب لرسله ، لم ينفعهم ما معهم من الأيمان . وإن كان تصديق برسله - وهم يرتكبون الأنواع من الشرك ، لا يخرجهم عن الأيمان بالرسل ، واليوم الآخر - فهم مستحقون للوعيد ، أعظم من استحقاق أهل الكبائر . وبهذا الأصل أثبت أهل السنة دخول أهل الكبائر النار ، ثم خروجهم منها ، ودخولهم الجنة ، لما قام بهم من السببين . قال : وقال ابن عباس في قوله تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } ( 1 ) . قال ابن عباس رضي الله عنهما : ليس بكفر ينقل عن الملة إذا فعله فهو به كفر ، وليس كمن كفر بالله ، واليوم الآخر . وكذلك قال طاوس وعطاء ( 2 ) ، إنتهى كلامه . وقال الشيخ تقي الدين ( 3 ) : كان الصحابة والسلف يقولون : إنه يكون في العبد إيمان ونفاق . وهذا يدل عليه قوله عز وجل : { هم للكفر يومئذ أقرب منهم للأيمان } . وهذا كثير في كلام السلف ، يبينون أن القلب يكون فيه إيمان ونفاق ، والكتاب والسنة يدل على ذلك . ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( 4 ) : يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان .



( صفحه 74 ) فعلم أنه من كان معه من الأيمان أقل قليل لم يخلد في النار ، وإن كان معه كثير من النفاق ، فهذا يعذب في النار على قدر ما معه ، ثم يخرج . إلى أن قال : وتمام هذا أن الإنسان قد يكون فيه شعبة من شعب الأيمان ، وشعبة من شعب الكفر ، وشعبة من شعب النفاق . وقد يكون مسلما وفيه كفر دون الكفر الذي ينقل عن الإسلام بالكلية ، كما قال الصحابة - ابن عباس وغيره - : كفر دون كفر ، وهذا عامة قول السلف ، إنتهى . فتأمل هذا الفصل ، وانظر حكايتهم الإجماع من السلف ، ولا تظن أن هذا في المخطئ ، فإن ذلك مرفوع عنه إثم خطئه - كما تقدم مرارا عديدة - . [ الوهابية تخالف ذلك ] فأنتم الآن تكفرون بأقل القليل من الكفر ، بل تكفرون بما تظنون - أنتم - أنه كفر ، بل تكفرون بصريح الإسلام ، فإن عندكم أن من توقف عن تكفير من كفرتموه خائفا من الله تعالى في تكفير من رأى عليه علامات الإسلام ، فهو عندكم كافر . نسأل الله العظيم أن يخرجكم من الظلمات إلى النور ، وأن يهدينا وإياكم الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين . فصل [ الإيمان الظاهر ] قال الشيخ تقي الدين في ( كتاب الأيمان ) ( 1 ) :



( صفحه 75 ) الأيمان الظاهر الذي تجري عليه الأحكام في الدنيا لا يستلزم الأيمان في الباطن ، وإن المنافقين الذين قالوا : { آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين } ( 1 ) هم في الظاهر مؤمنون ، يصلون مع المسلمين ، ويناكحونهم ، ويوارثونهم - كما كان المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم فيهم بحكم الكفار المظهرين الكفر ، لا في مناكحتهم ولا في موارثتهم ، ولا نحو ذلك . بل ، لما مات عبد الله بن أبي - وهو من أشهر الناس في النفاق - ورثه عبد الله ابنه - وهو من خيار المؤمنين - وكذلك سائر من يموت منهم ، يرثه ورثته المؤمنون ، وإذا مات لهم وارث ورثوه مع المسلمين ، وإن علم أنه منافق في الباطن . وكذلك كانوا في الحدود والحقوق كسائر المسلمين ، وكانوا يغزون مع النبي صلى الله عليه وسلم . ومنهم من هم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، ومع هذا ففي الظاهر تجري عليهم أحكام أهل الإيمان . إلى أن قال : ودماؤهم وأموالهم معصومة ، لا يستحل منهم ما يستحل من الكفار ، والذين يظهرون أنهم مؤمنون ، بل يظهرون الكفر دون الأيمان . فإنه صلى الله عليه وسلم قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، فإذا قالوها عصموا مني دمائهم ، وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله . ولما قال لأسامة : أقتلته - بعد أن قال : ( لا إله إلا الله ) ؟ - قال : فقلت : إنما قالها تعوذا . قال : هل شققت عن قلبه ؟



( صفحه 76 ) وقال : إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ، ولا أشق بطونهم . وكان إذا استؤذن في رجل يقول : أليس يصلي ؟ أليس يشهد ؟ فإذا قيل له : إنه منافق ، قال ذلك . فكان حكمه في دمائهم وأموالهم كحكمه في دماء غيرهم ، ولا يستحل منها شيئا ، مع أنه يعلم نفاق كثير منهم ، إنتهى كلام الشيخ . قال ابن القيم في ( إعلام الموقعين ) ( 1 ) : قال الإمام الشافعي : فرض الله سبحانه طاعته على خلقه ، ولم يجعل لهم من الأمر شيئا ، وأن لا يتعاطوا حكما على عيب أحد بدلالة ولا ظن ، لقصور علمهم عن علم أنبيائه الذين فرض عليهم الوقوف عما ورد عليهم حتى يأتيهم أمره ، فإنه سبحانه ظاهر عليهم الحجج ، فما جعل عليهم الحكم في الدنيا إلا بما ظهر [ من ] المحكوم عليه .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 69 )
( 1 ) إقرأ بعضها في كتبه الداعية الوهابي أبو الحسن الندوي الهندي ( كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ) . ( پاورقى ص 70 ) ( 1 ) مريم : 89 . ( 2 ) الأحزاب : 58 . ( پاورقى ص 71 ) ( 1 ) المعجم الكبير للطبراني : 8 / 149 ح 7653 . ( 2 ) الإمامة والسياسة لابن قتيبة : 1 / 34 ، تاريخ الطبري : 2 / 450 حوادث سنة 11 ه‍ . ( پاورقى ص 72 ) ( 1 ) شرح منازل السائرين . ( 2 ) آل عمران : 167 . ( 3 ) يؤسف : 106 . ( پاورقى ص 73 ) ( 1 ) المائدة : 44 . ( 2 ) مدارج السالكين : 1 / 345 . ( 3 ) ( 4 ) إتحاف السادة المتقين للزبيدي : 8 / 562 . ( پاورقى ص 74 ) ( 1 ) كتاب الإيمان ، المطبوع في مجموع فتاوي ابن تيمية 7 / 210 - 213 . ( پاورقى ص 75 ) ( 1 ) البقرة : 8 . ( پاورقى ص 76 ) ( 1 ) أعلام الموقعين عن رب العالمين . ( 2 ) الحجرات : 14 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 76 - 83



ففرض على نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقاتل أهل الأوثان حتى يسلموا ، فيحقن دمائهم إذا أظهروا الإسلام . واعلم أنه لا يعلم صدقهم بالإسلام إلا الله تبارك وتعالى ، ثم أطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم على قوم يظهرون الإسلام ويسرون غيره ، ولم يجعل له أن يحكم عليهم بخلاف حكم الإسلام ، ولم يجعل له أن يقضي عليهم في الدنيا بخلاف ما أظهروا . فقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا } ( 2 ) يعني أسلمنا بالقول مخافة القتل والسبي . ثم أخبر أنه يجزيهم إن أطاعوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، يعني : إن أحدثوا



( صفحه 77 ) طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال في المنافقين وهم صنف ثان : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة } ( 1 ) يعني جنة من القتل . وقال : { ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم } ( 2 ) . . . الآية ، فأمر بقبول ما أظهروا ، ولم يجعل سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يحكم عليهم بخلاف حكم الإيمان ، وقد أعلم الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أنهم في الدرك الأسفل من النار . فجعل حكمه سبحانه على سرائرهم ، وحكم نبيه صلى الله عليه وسلم في الدنيا على علانيتهم . إلى أن قال : وقد كذبهم في قولهم في كل ذلك ، وبذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الله سبحانه بما أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن عطاء ابن يزيد ، عن عبيد الله بن يزيد بن عدي بن الخيار ، أن رجلا سار النبي صلى الله عليه وسلم فلم يدر ما ساره ؟ حتى جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو يساره في قتل رجل من المنافقين . قال النبي صلى الله عليه وسلم : أليس يشهد أن لا إله إلا الله ؟ قال : بلى ، ولا صلاة له . فقال النبي صلى الله عليه وسلم أولئك : الذين نهاني الله عن قتلهم . ثم ذكر حديث : أمرت أن أقاتل الناس - حتى قال - : فحسابهم بصدقهم وكذبهم وسرائرهم على الله العالم بسرائرهم ، المتولي الحكم عليهم ، دون أنبيائه وحكام خلقه . وبذلك مضت أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين العباد من الحدود ، وجميع



( صفحه 78 ) الحقوق ، أعلمهم أن جميع أحكامه على ما يظهرون ، والله يدين بالسرائر . فمن حكم على الناس بخلاف ما ظهر عليهم - استدلالا على ما أظهروا خلاف ما أبطنوا بدلالة منهم ، أو غير دلالة - لم يسلم عندي من خلاف التنزيل والسنة . إلى أن قال : ومن أظهر كلمة الإسلام ، بأن شهد ( أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قبل ذلك منه ، ولم يسأل عن كشف حاله ، أو عن باطنه ، وعن معنى ما لفظ به ، وباطنه وسريرته إلى الله ، لا إلى غيره من نبي أو غيره . فهذا حكم الله ودينه الذي أجمع عليه علماء الأمة ، إنتهى كلام الشافعي رحمه الله . قال ابن القيم - بعدما حكى كلام الشافعي - : وهذه الأحكام جارية منه صلى الله عليه وسلم ، ثم هي التي مشى عليها الصحابة والتابعون لهم بإحسان ، والأئمة ، وسائر المتبعين له من علماء أمته إلى يوم القيامة ، إنتهى . فصل [ شروط المجتهد الذي يجوز تقليده في علوم الدين ] قد تقدم لك من كلام أهل العلم وإجماعهم أنه لا يجوز أن يقلد ويؤتم به في الدين إلا من جمع شروط الاجتهاد إجماعا . وتقدم أن من لم يجمع شروط الاجتهاد أنه يجب عليه التقليد ، وأن هذا لا خلاف فيه : وتقدم أيضا إجماع أهل السنة : أن من كان مقرا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ملتزما له ، أنه - وإن كان فيه خصلة من الكفر الأكبر ، أو الشرك ، أن لا يكفر حتى تقام عليه الحجة التي يكفر تاركها ، وأن الحجة لا تقوم إلا الإجماع القطعي لا الظني ، وأن الذي يقيم الحجة الإمام ، أو نائبه ، وأن الكفر لا يكون إلا بإنكار



( صفحه 79 ) الضروريات من دين الإسلام ، كالوجود ، والوحدانية ، والرسالة ، أو بإنكار الأمور الظاهرة ، كوجوب الصلاة . وأن المسلم المقر بالرسول إذا استند إلى نوع شبهة تخفى على مثله لا يكفر . وأن مذهب أهل السنة والجماعة التحاشي عن تكفير من انتسب إلى الإسلام ، حتى أنهم يقفون عن تكفير أئمة أهل البدع ، مع الأمر بقتلهم دفعا لضررهم لا لكفرهم . وأن الشخص الواحد يجتمع فيه الكفر والإيمان ، والنفاق والشرك ، ولا يكفر كل الكفر . وأن من أقر بالإسلام قبل منه ، سواء كان صادقا أو كاذبا - ولو ظهرت منه بعض علامات النفاق - . وأن المكفرين هم أهل الأهواء والبدع ، وأن الجهل عذر عن الكفر ، وكذلك الشبهة - ولو كانت ضعيفة - . وغير ذلك مما تقدم . فإن وفقت ففي هذا كفاية للزجر عن بدعتكم هذه التي فارقتم بها جماعة المسلمين وأئمتهم ، ونحن لم نستنبط ، ولكن حكينا كلام العلماء ونقلهم عن أهل الاجتهاد الكامل . [ أدلة الدعاة على مسلكهم باطلة ] فلنرجع إلى ذكر وجوه تدل على عدم صحة ما ذهبتم إليه من تكفير المسلم ، وإخراجه من الإسلام إذا دعا غير الله ، أو نذر لغير الله ، أو ذبح لغير الله ، أو تبرك بقبر ، أو تمسح به ، إلى غير ذلك مما تكفرون به المسلم ، بل تكفرون من لا يكفر من فعل ذلك ، حتى جعلتم بلاد الإسلام كفرا وحربا .



( صفحه 80 ) [ ليسوا أهلا للاستنباط ] فنقول : عمدتكم في ذلك ما استنبطتم من القرآن ! فقد تقدم الإجماع على أنه لا يجوز لمثلكم الاستنباط ، ولا يحل لكم أن تعتمدوا على ما فهمتم من غير الاقتداء بأهل العلم . ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقلدكم فيما فهمتم من غير اقتداء بأئمة الإسلام . فإن قلتم : مقتدون ببعض أهل العلم في أن هذه الأفعال شرك . قلنا : نعم ، ونحن نوافقكم على أن من هذه الأفعال ما يكون شركا . ولكن ، من أين أخذتم من كلام أهل العلم : أن هذا هو الشرك الأكبر ، الذي ذكر الله سبحانه في القرآن ؟ والذي يحل مال صاحبه ودمه ؟ وتجري عليه أحكام المرتدين ؟ وأن من شك في كفره فهو كافر ؟ بينوا لنا : من قال ذلك من أئمة المسلمين ؟ وانقلوا لنا كلامهم ، واذكروا مواضعه ، هل أجمعوا عليه أم اختلفوا فيه ؟ فنحن طالعنا بعض كلام أهل العلم ، ولم نجد كلامكم هذا . بل ، وجدنا ما يدل على خلافه ، وأن الكفر بإنكار الضروريات كالوجود ، والوحدانية ، والرسالة ، وما أشبه ذلك ، أو بإنكار الأحكام المجمع عليها إجماعا ظاهرا قطعيا ، كوجوب أركان الإسلام الخمسة وما أشبهها . مع أن من أنكر ذلك جاهلا لم يكفر ، حتى يعرف تعريفا تزول معه الجهالة ، وحينئذ يكون مكذبا بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم . فهذه الأمور التي تكفرون بها ليست ضروريات . وإن قلتم : مجمع عليها إجماعا ظاهرا يعرفه الخاص والعام ! قلنا لكم : بينوا لنا كلام العلماء في ذلك ، وإلا ، فبينوا كلام ألف منهم ، وحتى



( صفحه 81 ) مائة ، أو عشرة ، أو واحد ، فضلا عن أن يكون إجماعا ظاهرا كالصلاة . فإن لم تجدوا إلا العبارة التي في ( الاقناع ) منسوبة إلى الشيخ ، وهي : ( من جعل بينه وبين الله وسائط . . . إلى آخره ) . فهذه عبارة مجملة ، ونطلب منكم تفصيلها من كلام أهل العلم ، لتزول عنا الجهالة . ولكن ، من أعجب العجب : أنكم تستدلون بها على خلاف كلام صاحبها ، وعلى خلاف كلام من أوردها ونقلها في كتبه - على خصوصيات كلامهم في هذه الأشياء التي تكفرون بها - . بل ، ذكروا النذر والذبح ، وبعض الدعاء . وبعضها عدوه في المكروهات ، كالتبرك والتمسح ، وأخذ تراب القبور للتبرك ، والطواف بها . وقد ذكر العلماء في كتبهم ، منهم صاحب ( الاقناع ) ( 1 ) - واللفظ له - قال - : ويكره المبيت عند القبر ، وتجصيصه ، وتزويقه ، وتخليقه ، وتقبيله ، والطواف به ، وتبخيره ، وكتابة الرقاع إليه ، ودسها في الأنقاب ، والاستشفاء بالتربة من الأسقام . لأن ذلك كله من البدع ، إنتهى . وأنتم تكفرون بهذه الأمور . فإذا قلتم : صاحب ( الاقناع ) وغيره من علماء الحنابلة كصاحب ( الفروع ) جهال لا يعرفون الضروريات ، بل ، عندكم - على لازم مذهبكم - كفار . قلت : هؤلاء لم يحكوا من مذهب أنفسهم ، لا هم ولا أجل منهم ، بل ، ينقلون



( صفحه 82 ) ويحكون مذهب أحمد بن حنبل - أحد أئمة الإسلام الذي أجمعت الأمة على إمامته - . أتظنون أن الجاهل يجب عليه أن يقلدكم ، ويترك تقليد أئمة أهل العلم ؟ بل ، أجمع أئمة أهل العلم - كما تقدم - أنه لا يجوز إلا تقليد الأئمة المجتهدين . وكل من لم يبلغ رتبة الاجتهاد [ له ] أن يحكي ويفتي بمذاهب أهل الاجتهاد . وإنما رخصوا للمستفتي أن يستفتي مثل هؤلاء ، لأنهم حاكين مذاهب أهل الاجتهاد والتقليد للمجتهد ، لا للحاكي . هذا صرح به عامة أهل العلم ، إن طلبته من مكانه وجدته ، وقد تقدم لك ما فيه كفاية . وإنما المقصود : أن العبارة التي تستدلون بها على تكفير المسلمين لا تدل لمرادكم . وأن من نقل هذه العبارة واستدل بها هم الذين ذكروا النذر ، والدعاء ، والذبح ، وغيره ، ذكروا ذلك كله في مواضعه ، ولم يجعلوه كفرا مخرجا عن الملة ، سوى ما ذكره الشيخ في بعض المواضع في نوع من الدعاء ، كمغفرة الذنوب ، وإنزال المطر ، وإنبات النبات ، ونحو ذلك مما ذكر أن هذا وإن كان كفرا فلا يكفر صاحبه حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها ، وتزول عنه الشبهة . ولم يحكه عن قوله ، - أي التكفير بالدعاء المذكور - إجماعا حتى تستدلون - أنتم - عليه بالعبارة . بل - والله - لازم قولكم تكفير الشيخ بعينه ، وأحزابه ، نسأل الله العافية . ومما يدل على أن ما فهمتم من العبارة غير صواب : أنهم عدوا الأمور المكفرات فردا فردا في كتاب الردة في كل مذهب من مذاهب الأئمة . ولم يقولوا أو واحد منهم : من نذر لغير الله كفر .



( صفحه 83 )



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 76 )
( 1 ) أعلام الموقعين عن رب العالمين . ( 2 ) الحجرات : 14 . ( پاورقى ص 77 ) ( 1 ) المنافقون : 1 - 2 . ( 2 ) التوبة : 56 . ( پاورقى ص 81 ) ( 1 ) الإقناع : 1 / 92 - 193 . ( پاورقى ص 83 ) ( 1 ) كنز العمال : 3 / 471 ح 7474 ، 7476 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 83 - 89



بل الشيخ نفسه - الذي تستدلون بعبارته - ذكر : أن النذر للمشايخ لأجل الاستغاثة بهم ، كالحلف بالمخلوق - كما تقدم كلامه - والحلف بالمخلوق ليس شركا أكبر . بل قال الشيخ : فمن قال : ( أنذروا لي تقضى حوائجكم ) . يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل لسعيه في الأرض بالفساد . فجعل الشيخ قتله حدا لا كفرا . وكذلك تقدم عنه من كلامه في خصوص النذور ما فيه كفاية . ولم يقولوا أيضا : من طلب غير الله كفر . بل يأتي - إن شاء الله تعالى - ما يدل على أنه ليس بكفر . ولم يقولوا : من ذبح لغير الله كفر . أتظنهم يحكون العبارة ، ولا عرفوا معناها ؟ ! أم هم أوهموا الناس - إرادة لإغوائهم - ! ؟ أم أحالوا الناس على مفهومكم منها الذي ما فهمه منها من أوردها ، ولا من حكاها عمن أوردها ؟ أم عرفتم من كلامهم ما جهلوا هم ؟ أم تركوا الكفر الصراح الذي يكفر به المسلم ، ويحل ماله ودمه ، وهو يعمل عندهم ليلا ونهارا ، جهارا غير خفي ، وتركوا ذلك ما بينوه ، بل بينوا خلافه ، حتى جئتم أنتم فاستنبطتموه من كلامهم ؟ لا ، والله ، بل ما أرادوا ما أردتم ، وإنهم في واد ، وأنتم في واد ! ومما يدل على أن كلامكم وتكفيركم ليس بصواب : أن الصلاة أعظم أركان الإسلام - بعد الشهادتين - ومع هذا ذكروا : أن من صلاها رئاء الناس ردها الله عليه ، ولم يقبلها منه ، بل يقول الله تعالى ( 1 ) : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من



( صفحه 84 ) عمل عملا أشرك فيه غيري تركته وشركه ، ويقول له يوم القيامة : أطلب ثوابك من الذي عملت لأجله ) . فذكروا أن ذلك يبطل العمل . ولم يقولوا : إن فاعل ذلك كافر حلال المال والدم ، بل من لم يكفره - كما هو مذهبكم فيما [ هو ] أخف من ذلك بكثير - . وكذلك السجود ، الذي هو أعظم هيئات الصلاة - التي هي أعظم من النذور والدعاء وغيره - فرقوا فيه وقالوا : من سجد لشمس ، أو قمر أو كوكب ، أو صنم كفر . وأما السجود لغير ما ذكر ، فلم يكفروا به ، بل عدوه في كبائر المحرمات . ولكن حقيقة الأمر أنكم ما قلدتم أهل العلم ولا عباراتهم ، وإنما عمدتكم مفهومكم واستنباطكم الذي تزعمون أنه الحق ، من أنكره أنكر الضروريات . وأما استدلالاتكم بمشتبه العبارات فتلبيس . ولكن المقصود : أنا نطلب منكم أن تبينوا لنا وللناس كلام أئمة أهل العلم بموافقة مذهبكم هذا ، وتنقلون كلامهم - إزاحة للشبهة - . وإن لم يكن عندكم إلا القذف ، والشتم ، والرمي بالفرية والكفر ، فالله المستعان . لآخر هذه الأمة أسوة بأولها . الذين أنزل الله عليهم ، لم يسلموا من ذلك . فصل [ الحدود تدرء بالشبهات ] ومما يدل على عدم صوابكم في تكفير من كفرتموه ، وأن الدعاء والنذر ليسا



( صفحه 85 ) بكفر ينقل عن الملة . وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في الحديث الصحيح ( 1 ) أن تدرء الحدود بالشبهات . وقد روى ( 2 ) الحاكم في صحيحه ، وأبو عوانة ، والبزار - بسند صحيح - وابن السني عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد : يا عباد الله احبسوا ، يا عباد الله احبسوا ، يا عباد الله احبسوا - ثلاثا - فإن لله حاضرا سيحبسه . وقد روى الطبراني ( 3 ) : إن أراد عونا فليقل : يا عباد الله أغيثوني . ذكر هذا الحديث الأئمة في كتبهم ، ونقلوه - إشاعة وحفظا للأمة - ولم ينكروه . منهم النووي في ( الأذكار ) وابن القيم في كتابه ( الكلم الطيب ) وابن مفلح في ( الآداب ) . قال في ( الآداب ) - بعد أن ذكر هذا الأثر - : قال عبد الله بن الإمام أحمد : سمعت أبي يقول : حججت خمس حجج ، فضللت الطريق في حجة - وكنت ماشيا - فجعلت أقول : يا عباد الله دلونا على الطريق ، فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق ، إنتهى . أقول : حيث كفرتم من سأل غائبا ، أو ميتا ، بل زعمتم أن المشركين الكفار الذين كذبوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أخف شركا ممن سأل غير الله في بر أو بحر . واستدللتم على ذلك بمفهومكم الذي لا يجوز لكم ولا لغيركم الاعتماد عليه . هل جعلتم هذا الحديث وعمل العلماء بمضمونه ، شبهة لمن فعل شيئا مما تزعمون أنه شرك أكبر ؟



( صفحه 86 ) فإنا لله وإنا إليه راجعون . قال في ( مختصر الروضة ) : الصحيح أن من كان من أهل الشهادتين ، فإنه لا يكفر ببدعة على الإطلاق ، ما استند فيها إلى تأويل يلتبس به الأمر على مثله ، وهو الذي رجحه شيخنا أبو العباس ابن تيمية ، إنتهى . أتظن دعاء الغائب كفرا بالضرورة ، ولم يعرفه أئمة الإسلام ؟ أتظن أن على تقدير أن قولكم صواب ، تقوم الحجة على الناس بكلامكم ؟ ونحن نذكر كلام الشيخ تقي الدين الذي استدللتم بعبارته على تكفير المسلمين بالدعاء والنذر ، وإلا ففي ما تقدم كفاية ، ولكن زيادته فائدة . قال الشيخ رحمه الله تعالى في ( اقتضاء الصراط المستقيم ) ( 1 ) : من قصد بقعة يرجو الخير بقصدها ، ولم تستحبه الشريعة ، فهو من المنكرات ، وبعضه أشد من بعض ، سواء كان شجرة ، أو عينا ، أو قناة ، أو جبلا ، أو مغارة ، وأقبح أن ينذر لتلك البقعة ، ويقال : إنها تقبل النذر - كما يقوله بعض الضالين - فإن هذا النذر نذر معصية باتفاق العلماء ، لا يجوز الوفاء به . ثم ذكر رحمه الله تعالى ( 2 ) - في مواضع كثيرة - موجود في أكثر البلاد في الحجاز منها مواضع كثيرة . وقال في مواضع أخر من الكتاب المذكور ( 3 ) : والسائلون قد يدعون دعاء محرما يحصل منه ذلك الغرض ، ويحصل لهم ضرر أعظم منه . ثم ذكر أنه تكون له حسنات تربو على ذلك ، فيعفو الله بها عنه .



( صفحه 87 ) قال ( 1 ) : وحكي لنا أن بعض المجاورين بالمدينة إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم اشتهى عليه نوعا من الأطعمة ، فجاء بعض الهاشميين إليه فقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث لك هذا ، وقال : اخرج من عندنا ، فإن من يكون عندنا لا يشتهي مثل هذا . قال الشيخ ( 2 ) : وآخرون قضيت حوائجهم ولم يقل لهم مثل ذلك ، لاجتهادهم ، أو تقليدهم ، أو قصورهم في العلم ، فإنه يغفر للجاهل ما لا يغفر لغيره ، ولهذا عامة ما يحكى في هذا الباب إنما هو عن قاصري المعرفة ، ولو كان هذا شرعا أو دينا لكان أهل المعرفة أولى به . ففرق بين العفو عن الفاعل والمغفرة له ، وبين إباحة فعله . وقد علمت جماعة ممن سأل حاجته لبعض المقبورين من الأنبياء والصالحين ، فقضيت حاجته . وهؤلاء يخرج مما ذكرته ، وليس ذلك بشرع فيتبع . وإنما يثبت استحباب الأفعال واتخاذها دينا بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما كان عليه السابقون الأولون . وما سوى هذا من الأمور المحدثة فلا تستحب ، وإن اشتملت أحيانا على فوائد ( 3 ) . وقال أيضا ( 4 ) : صارت النذور المحرمة في الشرع مأكل السدنة ، والمجاورين العاكفين على بعض المشاهد وغيرها ، وأولئك الناذرون يقول أحدهم : مرضت فنذرت ، ويقول الآخر : خرج علي المحاربون فنذرت ، ويقول الآخر : ركبت البحر



( صفحه 88 ) فنذرت ، ويقول الآخر : حبست فنذرت . وقد قام في نفوسهم من هذه النذور [ أنها ] هي السبب في حصول مطلوبهم ، ودفع مرهوبهم . وقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن نذر طاعة الله - فضلا عن معصيته - ليس سببا للخير . بل تجد كثيرا من الناس يقول : إن المشهد الفلاني ، والمكان الفلاني يقبل النذر ، بمعنى أنهم نذروا له نذورا - إن قضيت حاجتهم - فقضيت ( 1 ) . إلى أن قال ( 2 ) : وما يروى أن رجلا جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فشكى إليه الجدب عام الرمادة ، فرآه وهو يأمره أن يأتي عمر فيأمره أن يخرج يستسقي بالناس . قال : مثل هذا يقع كثيرا لمن هو دون النبي صلى الله عليه وسلم وأعرف من هذا وقائع . وكذلك سؤال بعضهم للنبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من أمته حاجته ، فتقضى له . فإن هذا وقع كثيرا . ولكن عليك أن تعلم أن إجابة النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره لهؤلاء السائلين لا يدل على استحباب السؤال . وأكثر هؤلاء السائلين الملحين - لما هم فيه من الحال - لو لم يجابوا لاضطرب إيمانهم ، كما أن السائلين له في الحياة كانوا كذلك ( 3 ) . وقال رحمه الله أيضا ( 4 ) : حتى أن بعض القبور يجتمع عندها في اليوم من السنة ، ويسافر إليها من الأمصار في المحرم ، أو في صفر ، أو عاشوراء ، أو غير ذلك ، تقصد



( صفحه 89 ) ويجتمع عندها فيه ، كما تقصد عرفة ومزدلفة في أيام معلومة من السنة ، وربما كان الاهتمام بهذه الاجتماعات في الدين والدنيا أشد منكرا ، حتى أن بعضهم يقول : نريد الحج إلى قبر فلان وفلان . وبالجملة : هذا الذي يفعل عند هذه القبور هو بعينه نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو الذي أنكره أحمد بن حنبل رحمه الله ، وقال ( 1 ) : قد أفرط الناس في هذا جدا وأكثروا ، وذكر الإمام أحمد ما يفعل عند قبر الحسين رضي الله عنه . قال الشيخ ( 2 ) : ويدخل في هذا ما يفعل بمصر عند قبر نفيسة وغيرها ، وما يفعل بالعراق عند القبر الذي يقال إنه قبر علي وقبر الحسين ، إلى قبور كثيرة في بلاد الإسلام لا يمكن حصرها ، إنتهى كلام الشيخ . [ عبارة ابن تيمية ومدلولها ] فيا عباد الله ، تأملوا : كم في كلام الشيخ هذا من موضع يرد مفهومكم من العبارة التي تستدلون بها من كلامه ؟ ويرد تكفيركم للمسلمين ؟ ونحن نذكر بعض ما في ذلك تتميما للفائدة : منها قوله - في قصد البقعة ، والنذر في العيون والشجر والمغارات وما ذكره - : إنه من المنكرات ، ولم يجب الوفاء به . ولم يقل : إن فاعل ذلك كافر ، مرتد ، حلال المال والدم - كما قلتم - . ومنها : أن من الناس من يأمر بالنذر ، والقصد لهذه الأشياء التي ذكرها ،



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 83 )
( 1 ) كنز العمال : 3 / 471 ح 7474 ، 7476 . ( پاورقى ص 85 ) ( 1 ) كنز العمال : 5 / 305 ح 12957 . ( 2 ) فيض القدير للمناوي : 1 / 307 ، كنز العمال : 6 / 705 ح 17496 . ( 3 ) المعجم الكبير للطبراني : 17 / 118 ، كنز العمال : 6 / 706 ح 17498 . ( پاورقى ص 86 ) ( 1 ) اقتضاء الصراط المستقيم : ص 314 - 315 . ( 2 ) المصدر السابق : 318 . ( 3 ) المصدر السابق : 349 . ( پاورقى ص 87 ) ( 1 ) اقتضاء الصراط المستقيم : 351 . ( 2 ) المصدر السابق : 351 . ( 3 ) المصدر السابق : 352 . ( 4 ) المصدر السابق : 360 . ( پاورقى ص 88 ) ( 1 ) اقتضاء الصراط المستقيم : 360 . ( 2 ) المصدر السابق : 373 - 374 . ( 3 ) المصدر السابق : 373 - 374 . ( 4 ) المصدر السابق : 375 - 376 . ( پاورقى ص 89 ) ( 1 ) اقتضاء الصراط المستقيم : 376 . ( 2 ) المصدر السابق : 377 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 89 - 96



وسماه ضالا . ولم يكفره - كما قلتم - .



( صفحه 90 ) ومنها : أن هذه المواضع ، وهذه القبور ، وهذه الأفاعيل ملأت بلاد الإسلام قديما . ولم يقل لا هو ولا أحد من أهل العلم : إنها بلاد كفر . - كما كفرتم أهلها ، بل كفرتم من لم يكفرهم - . ومنها : أنه ذكر طلب أهل القبور ، وأنه كثر وشاع ، وغاية ذلك أنه حرمه . بل رفع الخطأ عن المجتهد في ذلك ، أو المقلد ، أو الجاهل . وأنتم تجعلونهم بهذه الأفاعيل أكفر ممن كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم من كفار قريش ! ومنها : أن غاية أن يعلم المسلم ، أن هذا لم يشرعه الله . وأنتم تقولون : هذا يعلم بالضرورة أنه كفر ، حتى اليهود والنصارى يعرفون ذلك ، ومن لم يكفر فاعله فهو كافر . فيا عباد الله انتبهوا . ومنها : أنه قال : إجابة النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره لهؤلاء السائلين الملحين - لو لم يجابوا لاضطرب إيمانهم - . جعلهم مؤمنين ، وجعل إجابة دعائهم رحمة من الله تعالى لهم ، لئلا يضطرب إيمانهم . وأنتم تقولون : من فعل فهو كافر ، ومن لم يكفره فهو كافر . ومنها : أن هذه الأمور - وهي سؤال النبي صلى الله عليه وسلم - حدثت في زمن الصحابة ، كالذي شكى للنبي صلى الله عليه وسلم القحط ، ورآه في النوم ، فأمره أن يأتي عمر . ولا ذكر أن عمر أنكر ذلك . وأنتم تجعلون مثل هذا كافرا . ومنها : أن هذه الأمور حدثت من قبل زمن الإمام أحمد - في زمان أئمة



( صفحه 91 ) الإسلام - وأنكرها من أنكرها منهم ، ولا زالت حتى ملأت بلاد الإسلام كلها ، وفعلت هذه الأفاعيل كلها التي تكفرون بها ، ولم يرو عن أحد من أئمة المسلمين أنهم كفروا بذلك . ولا قالوا : هؤلاء مرتدون ، ولا أمروا بجهادهم ، ولا سموا بلاد المسلمين بلاد شرك وحرب - . ما قلتم أنتم ، بل كفرتم من لم يكفر بهذه الأفاعيل ، وإن لم يفعلها - . أتظنون : أن هذه الأمور من الوسائط التي في العبارة - التي يكفر فاعلها إجماعا - ؟ ! وتمضي قرون الأئمة من ثمانمائة عام ، ومع هذا لم يرو عن عالم من علماء المسلمين أنها كفر ؟ ! ! بل ، ما يظن هذا عاقل . بل - والله - لازم قولكم أن جميع الأمة بعد زمان الإمام أحمد رحمه الله تعالى - علماؤها ، وأمراؤها ، وعامتها - كلهم كفار ، مرتدون ! ! فإنا لله وإنا إليه راجعون . وا غوثاه إلى الله ، ثم وا غوثاه إلى الله ، ثم وا غوثاه ! ! ! أم تقولون كما يقول بعض عامتكم : إن الحجة ما قامت إلا بكم . وإلا ، قبلكم لم يعرف دين الإسلام ؟ يا عباد الله ، انتبهوا . ولكن بكلام الشيخ هذا يستدل عليكم ، على أن مفهومكم - أن هذه الأفاعيل من الشرك الأكبر - خطأ . وأيضا : وأن مفهومكم أن هذه الأفاعيل داخلة في معنى عبارة ( من جعل بينه وبين الله وسائط ) إلى آخره . نبهنا الله وإياكم من الضلال .







( صفحه 92 ) فصل [ نجاة الأمة حسب نصوص الرسول صلى الله عليه وسلم ] ومما يدل على بطلان قولكم هذا . ما روى مسلم في صحيحه ( 1 ) عن ثوبان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله زوى لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها ، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة ، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم ، يستبيح بيضتهم ، وإن ربي قال : يا محمد ، إذا قضيت قضاءا إنه لا يرد ، إني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة ، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم ، يستبيح بيضتهم ، ولو اجتمع عليهم من أقطارها - أو قال : من بين أقطارها - حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ، ويسبي بعضهم بعضا ، إنتهى . وجه الدليل من هذا الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه لا يسلط على هذه الأمة عدوا من سوى أنفسهم ، بل يسلط بعضهم على بعض . ومعلوم عند الخاص والعام - ممن له معرفة بالأخبار - أن هذه الأمور التي تكفرون بها ملأت بلاد المسلمين من أكثر من سبعمائة عام - كما تقدم - ولو كانت هذه عبادة الأصنام الكبرى ، وأنها الوسائط - كما زعمتم - لكان أهلها ، كفارا ومن لم يكفرهم فهو كافر - كما قلتم أنتم الآن - . ومعلوم أن العلماء والأمراء لم يكفروهم ، ولم يجروا عليهم أحكام الردة ، مع أن



( صفحه 93 ) هذه الأمور تفعل في غالب بلاد الإسلام ، ظاهرة غير خفية . بل - كما قال الشيخ - : صارت مأكلا لكثير من الناس ، وأيضا يسافرون إليها من جميع الأمصار أعظم مما يسافرون إلى الحج . ومع هذا كله ، فأخبرونا برجل واحد من أهل العلم ، أو أهل السيف قال مقالتكم هذه ! ؟ بل ، أجروا عليهم أحكام أهل الإسلام . فإذا كانوا كفارا ، عباد أصنام بهذه الأفاعيل ، والعلماء والأمراء أجروا عليهم أحكام الإسلام فهم بهذا الصنيع - أي العلماء والأمراء - كفار - لأن من لم يكفر أهل الشرك الذين يجعلون مع الله إلها آخر فهو كافر - فحينئذ ليسوا من هذه الأمة ، بل كفار سلطهم الله على هذه الأمة ، فاستباحوا بيضتهم . وهذا يرد هذا الحديث ، وهو ظاهر من الحديث لمن تدبره . والله الموفق لا رب غيره . فإن قلت : روى هذا الحديث بعينه البرقاني ( 1 ) ، وزاد فيه : إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين ، وإذا وضع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة ، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين ، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان ، وأنه يكون في أمتي كذابون ثلاثون ، كلهم يزعم أنه نبي ، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي ، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله تعالى . قلت : وهذا أيضا عليكم ، يوافق الكلام الأول أن قوله صلى الله عليه وسلم : إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين .



( صفحه 94 ) فهذا يدل على أنه ما خاف عليهم الكفر والشرك الأكبر ، وإنما يخاف عليهم الأئمة المضلين - كما وقع ، وما هو الواقع - . ولو كانوا يكفرون بعده لود أن يسلط عليهم من يهلكهم . ومما خاف عليهم أيضا : وضع السيف ، وأخبر أنه إذا وضع لا يرفع - وكذلك وقع - . وهذا من آيات نبوته صلى الله عليه وسلم ، فإنه وقع كما أخبر . وقوله : لا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين ، وهذا أيضا وقع . وقوله : وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان ، فهذا حق . وقوله : لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة . . . إلى آخره ، يدل على أن هذه الأمور التي ملأت بلاد الإسلام ليست بعبادة الأوثان . فلو كانت هذه الأمور عبادة الأصنام لقاتلتهم الطائفة المنصورة ، ولم يعهد ولم يذكر أن أحدا من هذه الأمة قاتل على ذلك ، وكفر من فعله ، واستحل ماله ودمه ، قبلكم ! فإن وجدتم ذلك في قديم الدهر أو حديثه ، فبينوه ، وأنى لكم بذلك ! وهذا الذي ذكرناه واضح من أول الحديث وآخره ، والحمد لله رب العالمين . فصل ومما يدل على بطلان مذهبكم في تكفير من كفرتموه : ما روى البخاري ( 1 ) في صحيحه عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ،



( صفحه 95 ) قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ، وإنما أنا قاسم والله معطي ، ولا يزال أمر هذه الأمة مستقيما حتى تقوم الساعة ، أو يأتي أمر الله تعالى ، إنتهى . وجه الدليل منه : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن أمر هذه الأمة لا يزال مستقيما إلى آخر الدهر . ومعلوم أن هذه الأمور التي تكفرون بها ما زالت - قديما - ظاهرة ، ملأت البلاد - كما تقدم - . فلو كانت هي الأصنام الكبرى ، ومن فعل شيئا من تلك الأفاعيل عابدا للأوثان ، لم يكن أمر هذه الأمة مستقيما ، بل منعكسا ، بلدهم بلد كفر ، تعبد فيها الأصنام ظاهرا ، وتجري على عبدة الأصنام فيها أحكام الإسلام . فأين الاستقامة ؟ وهذا واضح جلي . فإن قلت : ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة ما يعارض هذا . وقوله صلى الله عليه وسلم ( 1 ) : لتتبعن سنن من كان من قبلكم ، وما في معناه . وقوله صلى الله عليه وسلم ( 2 ) : تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين ملة ، كلها في النار ، إلا ملة واحدة . قلت : هذا حق ، ولا تعارض - والحمد لله - وقد بين العلماء ذلك ووضحوه . وأن قوله تفترق هذه الأمة - الحديث . فهؤلاء أهل الأهواء - كما تقدم ذكرهم - ولم يكونوا كافرين . بل ، كلهم مسلمون إلا من أسر تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فهو منافق - كما تقدم في



( صفحه 96 ) كلام الشيخ من حكاية مذهب أهل السنة في ذلك - . وقوله صلى الله عليه وسلم : كلها في النار إلا واحدة . فهو وعد ، مثل وعيد أهل الكبائر ، مثل قاتل النفس ، وآكل مال اليتيم ، وآكل الربا وغير ذلك . وأما الفرقة الناجية فهي السالمة من جميع البدع ، المتبعة لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما بينه أهل العلم - وهذا إجماع من أهل العلم - كما تقدم لك - . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : لتتبعن سنن من كان قبلكم - الحديث . قال الشيخ رحمه الله : ليس هذا إخبارا عن جميع الأمة ، فقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم : أنه لا تزال من أمته طائفة على الحق حتى تقوم الساعة ، وأخبر أنه لا تجتمع على ضلالة ، وأنه لا يزال يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم بطاعته . فعلم - بخبره الصدق - : أنه يكون في أمته قوم متمسكون بهديه الذي هو دين الإسلام محضا ، وقوم منحرفون إلى شعبة من شعب اليهود ، أو شعبة من شعب النصارى . وإن كان الرجل لا يكفر بكل انحراف ، بل ، وقد لا يفسق . وقال رحمه الله : الناس في مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في جاهلية ، فأما بعد مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا جاهلية مطلقة ، فإنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين إلى قيام الساعة . وأما الجاهلية المقيدة ، فقد تكون في بعض بلاد المسلمين ، أو في بعض الأشخاص ، كقوله صلى الله عليه وسلم : أربع في أمتي من أمر الجاهلية . فدين الجاهلية لا يعود إلى آخر الدهر عند اخترام أنفس جمع المؤمنين عموما ، إنتهى كلام الشيخ رحمه الله .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 89 )
( 1 ) اقتضاء الصراط المستقيم : 376 . ( 2 ) المصدر السابق : 377 . ( پاورقى ص 92 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 5 / 409 كتاب الفتن ، سنن أبي داود : 4 / 97 ح 4252 كتاب الفتن والملاحم . ( پاورقى ص 93 ) ( 1 ) سنن أبي داود : 4 / 97 ح 4252 كتاب الفتن والملاحم . ( پاورقى ص 94 ) ( 1 ) صحيح البخاري : 6 / 2667 ح 6882 كتاب الاعتصام . ( پاورقى ص 95 ) ( 2 ) مسند أحمد : 3 / 84 ، 89 ، 5 / 218 . ( 3 ) إتحاف السادة المتقين : 8 / 140 ، 141 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 96 - 104



فقد تبين لك أن دين الإسلام ملأ بلاد الإسلام بنص أحاديث



( صفحه 97 ) رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبما فسر به العلماء الأعلام ، وأن كل الفرق على الإسلام . بخلاف قولكم هذا . فإن صح مذهبكم فلم يبق على الأرض مسلم من ثمانمائة سنة إلا أنتم . والعجب كل العجب أن الفرقة الناجية وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوصاف ، وكذلك وصفها أهل العلم ، وليس فيكم خصلة واحدة منها ! ؟ فإنا لله وإنا إليه راجعون . فصل ومما يدل على عدم صحة مذهبكم . ما رواه البيهقي ( 1 ) وابن عدي وغيرهم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين . قال في ( الآداب ) ( 2 ) هنا : سألت أحمد عن هذا الحديث ، قال : صحيح ، إنتهى . قال ابن القيم : هذا حديث روي من وجوه يشد بعضها بعضا . ووجه الدليل منه : أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف حملة علمه الذي بعثه الله به أنهم عدول ، كل طبقة من طبقات الأمة . وقد تقدم مرارا : أن هذه الأفاعيل التي تجعلون من فعلها كافرا موجودة في الأمة وجودا ظاهرا من أكثر من سبعمائة عام ، بل قد ذكر ابن القيم أنها ملأت



( صفحه 98 ) الأرض ، وأخبر أن في الشام وغيره من بلاد المسلمين ، بل في كل بلد منها عدة . وأخبر بأمور عظيمة هائلة تعمل عندها من السجود للقبور ، والذبح لها ، وطلب تفريج الكربات ، وإغاثة اللهفان من أهلها ، والنذور ، وغير ذلك . ثم أقسم أنه مقتصر فيما حكى عنهم ، وأن فعلهم أعظم وأكثر مما ذكره ، وقال : لم نستقص ذكر بدعتهم ، وشرهم . ومع هذا لم يجر عليهم - ولا أحد من أهل العلم من طبقته ولا الطبقات قبله ولا بعده من جميع أهل العلم الذين وصفهم صلى الله عليه وسلم بالعدالة ، وبحفظ الدين عن غلو الغالين ، وتأويل الجاهلين ، وانتحال المبطلين - لم يجر عليهم أحد منهم الكفر الظاهر ، ولم يسموا بلاد المسلمين بلاد كفار ، ولا غزوا البلاد والعباد وسموهم مشركين ! ! ! هذا ، وهم القائمون بنصرة الحق ، وهم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة . بل ، ذكر ابن القيم : أن هذه الأفاعيل - التي تكفرون بها ، بل تكفرون من لا يكفر بها ، بل تزعمون أنها عبادة الأصنام الكبرى - كثرت في بلاد الإسلام حتى قال : فما أعز من تخلص من هذا ، بل أعز من لا يعادي من أنكره ! فذكر ، أن غالب الأمة تفعله ، والذي لا يفعله ينكر على من أنكره ، ويعاديه إذا أنكره . فلو كان ما ذهبتم إليه حقا ، لكانت جميع الأمة - والعياذ بالله - كلها أشركت بالله الشرك الأكبر ، وحسنت فعله ، وأنكرت على من أنكره من قبل زمن ابن القيم . فحينئذ يرد قولكم هذا الحديث ، والحديث الذي قبله ، والأحاديث التي تأتي إن شاء الله تعالى . وهذا بين واضح لمن وفق ، والحمد لله .



( صفحه 99 ) فصل ومما يدل على بطلان مذهبكم : ما ورد في الصحيحين ( 1 ) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم إلى يوم القيامة . قال الشيخ تقي الدين - لما ذكر هذا الحديث - : كانت هذه الأمة كما أخبر به صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا تزال فيها طائفة منصورة ، ظاهرة بالعلم والسيف ، لم يصبها ما أصاب من قبلها من بني إسرائيل وغيرهم ، حيث كانوا مقهورين مع الأعداء . بل ، إن غلبت في قطر من الأرض كانت في القطر الآخر أمة ظاهرة منصورة . ولم يسلط على مجموعها عدوا من غيرهم ، ولكن يقع بينهم اختلاف وفتن . قال : ومذهب أهل السنة والجماعة ظاهرون أهله إلى يوم القيامة ، وهم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم : لا تزال طائفة من أمتي - الحديث ، إنتهى . أقول : وجه الدلالة من هذا الحديث : أن هذه الطائفة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرة ، ليست بخفية . كما يزعم عندكم ! وأيضا منصورة ليسوا بأذلاء مختفين . وأيضا ما خلت بلاد الإسلام منهم يوما . وأيضا - كما قال الشيخ - لم يسلط عليهم الأعداء وتقهرهم .



( صفحه 100 ) فإذا كانت هذه أوصافهم بنص الصادق المصدوق فكيف ؟ وهذه الأمور التي تكفرون بها ملأت بلاد الإسلام من أكثر من سبعمائة عام ؟ وأنتم تزعمون أن هذه عبادة غير الله . وأن هذه الوسائط المذكورة في القرآن . ومع هذا لم يذكر في زمن من الأزمان أن أحدا قال ما قلتم ، أو عمل ما عملتم . بل ما تجدون ما تحتجون لشبهتكم إلا أن عليا قتل من قال : ( أنت الله ) ، وأن الصديق قاتل أهل الردة . أو بعبارة مجملة : يعرف كل من له ممارسة في العلم ، أن مفهومكم هذا منها ضحكة . فالحمد لله على زوال الالتباس والاشتباه . أما والله ، إن هذا الحديث وحده يكفي في بطلان قولكم - لو كان ثم أذن واعية - . نسأل الله أن ينقذكم من الهلكة ، إنه جواد كريم . فصل ومما يدل على بطلان مذهبكم : ما في الصحيحين ( 1 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : رأس الكفر نحو المشرق ، وفي رواية : الأيمان يماني ، والفتنة من هاهنا ، حيث يطلع قرن الشيطان .



( صفحه 101 ) وفي الصحيحين ( 1 ) أيضا ، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وهو مستقبل المشرق - : إن الفتنة هاهنا . وللبخاري ( 1 ) عنه مرفوعا : اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا ، اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا ، قالوا : وفي نجدنا ، قال الثالثة : هناك الزلازل ، والفتن ، ومنها يطلع قرن الشيطان . ولأحمد ( 2 ) من حديث ابن عمر مرفوعا : اللهم بارك لنا في مدينتنا ، وفي صاعنا ، وفي مدنا ، ويمننا ، وشامنا ، ثم استقبل مطلع الشمس ، فقال : هاهنا يطلع قرن الشيطان ، وقال : من هاهنا الزلازل والفتن . إنتهى . أقول : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لصادق ، فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، لقد أدى الأمانة ، وبلغ الرسالة . قال الشيخ تقي الدين : فالمشرق عن مدينته صلى الله عليه وسلم شرقا ، ومنها خرج مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة ، وهو أول حادث حدث بعده ، واتبعه خلائق ، وقاتلهم خليفته الصديق ، إنتهى . وجه الدلالة من هذا الحديث من وجوه كثيرة نذكر بعضها : منها : أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن الأيمان يماني ، والفتنة تخرج من المشرق ، ذكرها مرارا . ومنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للحجاز وأهله مرارا ، وأبى أن يدعو لأهل المشرق ، لما فيهم من الفتن خصوصا نجد .



( صفحه 102 ) ومنها : أن أول فتنة وقعت بعده صلى الله عليه وسلم وقعت بأرضنا هذه ( 1 ) . فنقول : هذه الأمور التي تجعلون المسلم بها كافرا ، بل تكفرون من لم يكفره ملأت مكة ، والمدينة ، واليمن من سنين متطاولة ، بل بلغنا أن ما في الأرض أكثر من هذه الأمور في اليمن ، والحرمين . وبلدنا هذه هي أول ما ظهر فيها الفتن ، ولا نعلم في بلاد المسلمين أكثر من فتنها قديما وحديثا . وأنتم الآن مذهبكم : أنه يجب على العامة اتباع مذهبكم ، وأن من اتبعه - ولم يقدر على إظهاره في بلده وتكفير أهل بلده - وجب عليه الهجرة إليكم ، وأنكم الطائفة المنصورة . وهذا خلاف هذا الحديث . فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره الله بما هو كائن على أمته إلى يوم القيامة . وهو صلى الله عليه وسلم أخبر بما يجري عليهم ومنهم . فلو علم أن بلاد المشرق - خصوصا نجد بلاد مسيلمة ! - أنها تصير دار الأيمان ! وأن الطائفة المنصورة تكون بها ! وأنها بلاد يظهر فيها الإيمان ويخفى في غيرها ! وأن الحرمين الشريفين واليمن تكون بلاد كفر تعبد فيها الأوثان ! وتجب الهجرة منها ! لأخبر بذلك ، ولدعا لأهل المشرق - خصوصا نجد - ولدعا على الحرمين واليمن ، وأخبر أنهم يعبدون الأصنام ، وتبرأ منهم . إذ لم يكن إلا ضد ذلك ، فإنه صلى الله عليه وسلم عم المشرق ، وخص نجد بأن منها يطلع قرن الشيطان ، وأن منها وفيها الفتن ، وامتنع من الدعاء لها .



( صفحه 103 ) وهذا خلاف زعمكم . وإن اليوم - عندكم - الذين دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كفار ! والذين أبى أن يدعو لهم ، وأخبر أن منها يطلع قرن الشيطان ، وأن منها الفتن هي بلاد الإيمان ، تجب الهجرة إليها . وهذا بين واضح من الأحاديث إن شاء الله . فصل ومما يدل على بطلان مذهبكم : ما في الصحيحين ( 1 ) عن عقبة بن عامر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال : إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها ، فتقتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم . قال عقبة : فكان آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، إنتهى . وجه الدلالة منه : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بجميع ما يقع على أمته ومنهم إلى يوم القيامة ، كما كرر في أحاديث أخر ، ليس هذا موضعها . ومما أخبر به هذا الحديث الصحيح : أنه أمن أن أمته تعبد الأوثان ، ولم يخافه عليهم ، وأخبرهم بذلك . وأما الذي يخافه عليهم ، فأخبرهم به ، وحذرهم منه ، ومع هذا فوقع ما خافه عليهم . وهذا خلاف مذهبكم .



( صفحه 104 ) فإن أمته - على قولكم - عبدوا الأصنام كلهم ، وملأت الأوثان بلادهم . إلا إن كان أحد في أطراف الأرض ما يلحق له خبر . وإلا ، فمن أطراف الشرق إلى أطراف الغرب إلى الروم إلى اليمن ، كل هذا ممتلئ مما زعمتم أنه الأصنام . وقلتم : من لم يكفر من فعل هذه الأمور والأفعال فهو كافر . ومعلوم أن المسلمين كلهم أجروا الإسلام على من انتسب إليه ، ولم يكفروا من فعل هذا . فعلى قولكم جميع بلاد الإسلام كفار إلا بلدكم ! والعجب أن هذا ما حدث في بلدكم إلا من قريب عشر سنين !



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 97 )
( 1 ) الكامل في الرجال لابن عدي : 1 / 145 ، كنز العمال : 10 / 176 ح 28918 . ( 2 ) كنز العمال : 10 / 176 ح 28918 وقد ذكره في ذيل الحديث . ( پاورقى ص 99 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 4 / 173 ح 174 كتاب الإمارة ، كنز العمال : 12 / 165 ح 34501 . ( پاورقى ص 100 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 5 / 104 ح 90088 ، وص 423 ح 46 ، وص 424 ح 48 كتاب الفتن . ( پاورقى ص 101 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 5 / 423 ح 47 كتاب الفتن . ( 2 ) صحيح البخاري : 1 / 351 ح 990 كتاب الاستسقاء . ( 3 ) مسند أحمد ( پاورقى ص 102 ) ( 1 ) لأن المؤلف من أهل نجد وهو أخ محمد بن عبد الوهاب ( وشهد شاهد من أهلها ) على تطبيق الحديث على أرضهم . ( پاورقى ص 103 ) ( 1 ) صحيح البخاري : 4 / 1486 ح 3816 كتاب المغازي ، 5 / 2408 ح 6218 ح 6218 كتاب الرقاق ، السنن الكبري للبيهقي : 4 / 14 . ( پاورقى ص 104 ) ( 1 ) مجمع الزوائد : 3 / 201 . ( 2 ) ظاهر الحديث أن ما خافه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الشرك الموجود عند غيرهم أن يفتنهم أو يجتاحهم ، فالمخوف منه هو المشركون المعادون لله ولرسوله وللمسلمين ، وهم الذين يحاربون الله ورسوله ، ولو كانوا يتلبسون باسم الإسلام ، فليلاحظ . ( 3 ) مجمع الزوائد : 3 / 201 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 104 - 110



فبان بهذا الحديث خطؤكم ، والحمد لله رب العالمين . فإن قلت : ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( 1 ) : أخوف ما أخاف على أمتي الشرك ( 2 ) . قلت : هذا حق ، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لا تتعارض ، ولكن كل حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ( 3 ) أنه يخاف على أمته الشرك ، قيده بالشرك الأصغر ، كحديث شداد ابن أوس ، وحديث أبي هريرة ، وحديث محمود ابن لبيد ، فكلها مقيدة ومبينة أن ما خاف رسول الله صلى الله عليه وسلم منه على أمته الشرك الأصغر . وكذلك وقع ، فإنه ملأ الأرض ، كما أنه خاف عليهم الافتتان والقتال على







( صفحه 105 ) الدنيا فوقع . وهو - أي الشرك الأصغر - هو الذي تسمونه الآن الشرك الأكبر ، وتكفرون المسلمين به ، بل تكفرون من لم يكفرهم . فاتفقت الأحاديث ، وبان الحق ووضح ، والحمد لله . فصل ومما يدل على بطلان مذهبكم : ما روى مسلم ( 1 ) في صحيحه عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ، ولكن في التحريش بينهم . وروى الحاكم ( 2 ) - وصححه - وأبو يعلى ، والبيهقي عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان قد يئس أن تعبد الأصنام بأرض العرب ، ولكن رضي منهم بما دون ذلك ، بالمحقرات ، وهي الموبقات . وروى الإمام ( 3 ) أحمد ، والحاكم - وصححه - وابن ماجة عن شداد بن أوس ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أتخوف على أمتي الشرك . قلت : يا رسول الله ، أتشرك أمتك بعدك ؟ قال : نعم ، أما إنهم لا يعبدون شمسا ، ولا قمرا ، ولا وثنا ، ولكن يراؤون بأعمالهم ، إنتهى . أقول : وجه الدلالة منه - كما تقدم - أن الله سبحانه أعلم نبيه من غيبه بما شاء ،



( صفحه 106 ) وبما هو كائن إلى يوم القيامة ، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب . وفي حديث ابن مسعود : أيس الشيطان أن تعبد الأصنام بأرض العرب . وفي حديث شداد : أنهم لا يعبدون وثنا . وهذا بخلاف مذهبكم . فإن البصرة وما حولها ، والعراق من دون دجلة - الموضع الذي فيه قبر علي وقبر الحسين رضي الله تعالى عنهما - . وكذلك اليمن كلها . والحجاز كل ذلك من أرض العرب . ومذهبكم أن المواضع كلها عبد الشيطان فيها ، وعبدت الأصنام ، وكلهم كفار ، ومن لم يكفرهم فهو عندكم كافر . وهذه الأحاديث ترد مذهبكم . هذا ، ولا يقال : إنه قد وجد بعض الشرك بأرض العرب زمن الردة . فإن ذلك زال في آن يسير ، فهو كالأمر الذي عرض ، لا يعتد به ، كما [ لو ] أن رجلا أو أكثر من أهل الكفر دخل أرض العرب ، وعبد غير الله في موضع خال ، أو خفية . فأما هذه الأمور التي تجعلونها شركا أكبر وعبادة الأصنام ! فهي ملأت بلاد العرب من قرون متداولة . فتبين بهذه الأحاديث فساد قولكم : إن هذه الأمور هي عبادة الأوثان الكبرى . وتبين أيضا بطلان قولكم : إن الفرقة الناجية قد تكون في بعض أطراف الأرض ، ولا يأتي لها خبر .



( صفحه 107 ) فلو كانت هذه عبادة الأصنام ، والشرك الأكبر لقاتل أهله الفرقة الناجية المنصورون الظاهرون إلى قيام الساعة . وهذا الذي ذكرناه واضح جلي ، والحمد لله رب العالمين . ومن العجب أنكم تزعمون : أن هذه الأمور - أي القبور ، وما يعمل عندها ، والنذور - هي عبادة الأصنام الكبرى . وتقولون : إن هذا أمر واضح جلي ، يعرف بالضرورة حتى اليهود والنصارى يعرفونه ! فأقول - جوابا لكم عن هذا الزعم الفاسد - : سبحانك هذا بهتان عظيم . قد تقدم - مرارا عديدة - أن الأمة بأجمعها على طبقاتها من قرب ثمانمائة سنة ملأت هذه القبور بلادها ، ولم يقولوا : هذه عبادة الأصنام الكبرى . ولم يقولوا : إن من فعل شيئا من هذه الأمور فقد جعل مع الله إلها آخر . ولم يجروا على أهلها حكم عباد الأصنام ، ولا حكم المرتدين أي ردة كانت . فلو أنكم قلتم : إن اليهود - لأنهم قوم بهت ، وكذلك النصارى ، ومن ضاهاهم في بهت هذه الأمة من مبتدعة الأمة - يقولون : إن هذه عبادة الأصنام الكبرى . لقلنا : صدقتم ، فما ذلك من بهتهم ، وحسدهم ، وغلوهم ، ورميهم الأمة بالعظائم بكثير . ولكن الله سبحانه وتعالى مخزيهم ، ومظهر دينه على جميع الأديان بوعده : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون } ( 1 ) . ولكن أقول : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث دعا للمدينة وما حولها ، ولليمن ،



( صفحه 108 ) وقال له من حضره : ونجد ، فقال : هناك الزلازل والفتن . أما والله ، لفتنة الشهوات فتنة ، والظلمة التي يعرف كل خاص وعام من أهلها أنها من الظلم والتعدي ، وإنها خلاف دين الإسلام ، وأنه يجب التوبة منها ، أنها أخف بكثير من فتنة الشبهات التي تضل عن دين الإسلام ، ويكون صاحبها من { الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا } ( 1 ) . وفي الحديث الصحيح ( 2 ) : هلك المتنطعون - قالها ثلاثا - . فإنا لله وإنا إليه راجعون . أنقذنا الله وإياكم من الهلكة ، إنه رحيم . فصل ومما يدل على بطلان مذهبكم : ما أخرجه الإمام أحمد ( 3 ) ، والترمذي - وصححه - والنسائي ، وابن ماجة من حديث عمرو بن الأحوص ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع : إلا إن الشيطان قد أيس أن يعبد في بلدكم هذا أبدا ، ولكن ستكون له طاعة في بعض ما تحقرون من أعمالكم ، فيرضى بها . وفي صحيح الحاكم ( 4 ) عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع ،



( صفحه 109 ) فقال : الشيطان قد أيس أن يعبد في أرضكم ، ولكن يرضى أن يطاع فيما سوى ذلك ، فيما تحقرون من أعمالكم ، فاحذروا أيها الناس ، إني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لم تضلوا أبدا ، كتاب الله وسنة نبيه ، إنتهى . وجه الدلالة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر في هذا الحديث الصحيح أن الشيطان يئس أن يعبد في بلد مكة ، وأكد ذلك بقوله : ( أبدا ) لئلا يتوهم متوهم أنه حدث ثم يزول . وهذا خبر منه صلى الله عليه وسلم ، وهو لا يخبر بخلاف ما يقع . وأيضا بشرى منه صلى الله عليه وسلم لأمته ، وهو لا يبشرهم إلا بالصدق . ولكنه حذرهم ما سوى عبادة الأصنام ، لا ما يحتقرون . وهذا بين واضح من الحديث . وهذه الأمور التي تجعلونها الشرك الأكبر وتسمون أهلها عباد الأصنام أكثر ما تكون بمكة المشرفة . وأهل مكة المشرفة - أمراؤها ، وعلماؤها ، وعامتها - على هذا من مدة طويلة أكثر من ستمائة عام . ومع هذا هم الآن أعداؤكم ، يسبونكم ويلعنونكم لأجل مذهبكم هذا ! وأحكامهم وحكامهم جارية ، وعلماؤها وأمراؤها على إجراء أحكام الإسلام على أهل هذه الأمور التي تجعلونها الشرك الأكبر ! فإن كان ما زعمتم حقا فهم كفار كفرا ظاهرا . وهذه الأحاديث ترد زعمكم ، وتبين بطلان مذهبكم هذا . وقد قال صلى الله عليه وسلم في الأحاديث التي في الصحيحين ( 1 ) وغيرها - بعد فتح مكة وهو بها - ( لا هجرة بعد اليوم ) .



( صفحه 110 ) وقد بين أهل العلم أن المراد لا هجرة من مكة . وبينوا أيضا أن هذا الكلام منه صلى الله عليه وسلم يدل على أن مكة لا تزال دار إيمان . بخلاف مذهبكم ، فإنكم توجبون الهجرة منها إلى بلاد الإيمان - بزعمكم - التي سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلاد الفتن . وهذا واضح جلي صريح لمن وفقه الله ، وترك التعصب والتمادي على الباطل ، والله المستعان ، وعليه التكلان . فصل ومما يدل على بطلان مذهبكم : ما روى مسلم في ( صحيحه ) ( 1 ) عن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : المدينة خير



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 104 )
( 1 ) مجمع الزوائد : 3 / 201 . ( 2 ) ظاهر الحديث أن ما خافه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الشرك الموجود عند غيرهم أن يفتنهم أو يجتاحهم ، فالمخوف منه هو المشركون المعادون لله ولرسوله وللمسلمين ، وهم الذين يحاربون الله ورسوله ، ولو كانوا يتلبسون باسم الإسلام ، فليلاحظ . ( 3 ) مجمع الزوائد : 3 / 201 . ( پاورقى ص 105 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 5 / 354 كتاب صفة القيامة والجنة والنار . ( 2 ) مسند أبي يعلى : 9 / 57 ح 156 ، شعب الإيمان للبيهقي : 5 / 455 ح 7263 . ( 3 ) مسند أحمد بن حنبل : 4 / 124 . ( پاورقى ص 107 ) ( 1 ) التوبة : 33 . ( پاورقى ص 108 ) ( 1 ) الكهف : 104 . ( 2 ) إتحاف السادة المتقين للزبيدي : 2 / 50 . ( 3 ) مسند أحمد : 2 / 368 ، سنن الترمذي : 4 / 401 ح 2195 ، سنن النسائي : 6 / 353 ح 11213 ، سنن ابن ماجة د 2 / 1015 ح 1055 . ( 4 ) المستدرك على الصحيحين 1 / 93 كتاب العلم أوله : ألا إن الشيطان . . . . ( پاورقى ص 109 ) ( 1 ) صحيح البخاري : 3 / 1040 ح 2670 كتاب الجهاد ، صحيح مسلم : 4 / 136 ح 86 كتاب الإمارة . ( پاورقى ص 110 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 3 / 165 ح 459 كتاب الحج . ( 2 ) صحيح مسلم : 3 / 174 ح 484 كتاب الحج . ( 3 ) صحيح البخاري : 2 / 666 ح 1784 فضائل المدينة ، صحيح مسم : 3 / 175 ح 489 . ( 4 ) صحيح البخاري : 2 / 665 ح 1781 ، وصحيح مسلم ، 3 / 174 ح 485 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 110 - 117



لهم لو كانوا يعلمون ، لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدله الله فيها من هو خير منه ، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا - أو شهيدا - يوم القيامة . وروى أيضا مسلم في ( صحيحه ) ( 2 ) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يصبر على لأوى المدينة وشدتها أحد من أمتي إلا كنت له شفيعا يوم القيامة . وفي الصحيحين ( 3 ) من حديث جابر مرفوعا : إنما المدينة كالكير تنفي خبثها ، وتنصع طيبها . وفي ( الصحيحين ) ( 4 ) أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم : على أنقاب المدينة ملائكة ، لا



( صفحه 111 ) يدخلها الطاعون ، ولا الدجال . وفي ( الصحيحين ) ( 1 ) أيضا من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال ، إلا مكة والمدينة ، ليس نقب من أنقابها إلا عليه ملائكة حافين - الحديث . وفي الصحيحين ( 2 ) من حديث أبي سعيد مرفوعا : لا يكيد المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء . وفي الترمذي ( 3 ) من حديث أبي هريرة يرفعه : آخر قرية من قرى الإسلام خرابا المدينة . وجه الدلالة من هذه الأحاديث من وجوه كثيرة ، نذكر بعضها : أحدها : أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على سكنى المدينة ، وأخبر أنها خير من غيرها ، وأن أحدا لا يدعها رغبة عنها إلا أبدلها الله بخير منه ، وأخبر أنه صلى الله عليه وسلم شفيع لمن سكنها ، وشهيد له يوم القيامة ، وذكر أن ذلك لأمته ، ليس لقرن دون قرن ، وأن أحدا لا يدعها إلا لعدم علمه ، وأنها كالكير تنفي خبثها ، وأنها محروسة بالملائكة ، لا يدخلها الطاعون ، ولا الدجال آخر الدهر ، وأن أحدا لا يكيدها إلا انماع كالملح في الماء . وقال : من استطاع أن يموت فيها فليمت ، وأخبر أنها آخر قرية من قرى الإسلام خرابا . وكل لفظ من هذه الألفاظ يدل على خلاف قولكم . إن هذه الأمور التي تكفرون بها ، وتسمونها أصناما ، ومن فعل شيئا منها فهو







( صفحه 112 ) مشرك الشرك الأكبر ، عابد وثن ، ومن لم يكفره فهو - عندكم - كافر . معلوم عند كل من عرف المدينة وأهلها أن هذه الأمور فيها كثيرة . وأكثر منها في الزبير وفي جميع قرى الإسلام ، وذلك فيها من قرون متطاولة ، تزيد على أكثر من ستمائة سنة . وأن جميع أهلها - رؤساؤها ، وعلماؤها ، وأمراؤها - يجرون على أهلها أحكام الإسلام . وأنهم أعداؤكم ، يسبونكم ويسبون مذهبكم الذي هو التكفير ، وتسميته هذه أصناما والهة مع الله . فعلى مذهبكم : إنهم كفار ، فهذه الأحاديث ترد مذهبكم . وعلى مذهبكم : إنه يجب على المسلم الخروج منها . وهذه الأحاديث ترد مذهبكم . وعلى زعمكم : إنها تعبد فيها الأصنام الكبرى . وهذه الأحاديث ترد زعمكم . وعلى مذهبكم : إن الخروج إليكم خير لهم . وهذه الأحاديث ترد زعمكم . وعلى مذهبكم : إن أهلها لا يشفع لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنهم ممن جعل مع الله إلها آخر ، فبالإجماع هو شفيع يطاع . وهذه الأحاديث ترد زعمكم . ومما يزيد الأمر وضوحا : أن مما بشر به النبي صلى الله عليه وسلم أن الدجال الذي يأتي آخر الزمان لا يدخلها ، والدجال لا فتنة أكبر من فتنته ، وغاية ما يطلب من الناس عبادة غير الله . فإذا كانت هذه الأمور - التي تسمون من فعلها جاعلا مع الله إلها آخر ، عابد



( صفحه 113 ) صنم ، مشركا بالله الشرك الأكبر - ملأت المدينة من ستمائة سنة أو أكثر أو أقل - حتى أن جميع أهلها يعادون وينكرون على من أنكرها - . فما فائدة عدم دخول الدجال ، وهو ما يطلب من الناس إلا الشرك ؟ وما فائدة بشرى النبي صلى الله عليه وسلم بعدم دخوله على المشركين ؟ فإنا لله وإنا إليه راجعون . لو تعرفون لازم مذهبكم ، بل صريح قولكم ! ؟ لاستحييتم من الناس - إن لم تستحيوا من الله - . ومن تأمل هذه الأحاديث وجد فيها - أكثر مما ذكرنا - [ ما ] يدل على بطلان قولكم هذا . * ولكن لا حياة لمن تنادي * ( 1 ) أسأل الله لي ولكم العافية والسلامة من الفتن . فصل ومما يدل على بطلان مذهبكم : ما روى مسلم ( 2 ) في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى ، فقلت يا رسول الله ، إن كنت لأظن حين أنزل الله تعالى : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون } أن ذلك تام . قال : إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ، ثم يبعث الله ريحا طيبة فتوفي كل من في



( صفحه 114 ) قلبه مثقال من خردل من إيمان ، فيبقى من لا خير فيه ، فيرجعون إلى دين آبائهم . وعن عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( 1 ) : لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق حتى يقاتل آخرهم المسيح . وعن جابر بن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة المسلمين حتى تقوم الساعة ، رواه مسلم ( 2 ) . وعن عقبة بن عامر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله ، قاهرين لعدوهم من خالفهم ، حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك . فقال : عبد الله بن عمر : أجل ، ثم يبعث الله ريحا كريح المسك مسها مس الحرير ، لا تترك إنسانا في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته ، ثم يبقى شرار الناس ، عليهم تقوم الساعة ، رواه مسلم ( 3 ) . وروى مسلم ( 4 ) أيضا عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج الدجال في أمتي ، فيمكث أربعين - وذكر الحديث . وفيه - : أن عيسى يقتل الدجال ، وذكر الريح ، وقبض أرواح المؤمنين ، ويبقى شرار الناس . - إلى أن قال - : ويتمثل لهم الشيطان ، فيقول : ألا تستجيبون ، فيقولون : ماذا تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان - وذكر الحديث . أقول : في هذه الأحاديث الصحيحة أبين دلالة على بطلان مذهبكم .



( صفحه 115 ) وهي أن جميع هذه الأحاديث مصرحة بأن الأصنام لا تعبد في هذه الأمة إلا بعد انخرام أنفس جميع المؤمنين آخر الدهر . وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عبادة الأوثان ، وأنها كائنة . فعرضت عليه الصديقة مفهومها من الآية الكريمة أن دين محمد صلى الله عليه وسلم لا يزال ظاهرا على الدين كله ، وذلك أن عبادة الأصنام لا تكون مع ظهور الدين . فبين لها صلى الله عليه وسلم مراده في ذلك ، وأخبرها أن مفهومها من الآية حق ، وأن عبادة الأصنام لا تكون إلا بعد انخرام أنفس جميع المؤمنين ، وأما قبل ذلك فلا . وهذا بخلاف مذهبكم . فإن اللات والعزى عبدت - على قولكم - في جميع بلاد المسلمين من قرون متطاولة . ولم يبق إلا بلادكم من آن ظهر قولكم هذا من قريب ثماني سنين . فزعمتم : أن من وافقكم على جميع قولكم فهو المسلم ، ومن خالفكم فهو الكافر . وهذا الحديث صحيح ، وهو يبين بطلان ما ذهبتم إليه ، لمن له أذن واعية ! وأيضا في حديث عمران : إن الطائفة المنصورة لا تزال تقاتل على الحق حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال . وكذلك حديث عقبة : إن العصابة يقاتلون على الحق ، وإنهم لا يزالون قاهرين لعدوهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك . ومعلوم أن الدجال غاية ما يدعوهم إليه عبادة غير الله تعالى . فإذا كان أن عبادة غير الله تعالى ظاهرة في جميع بلاد المسلمين ، فما فائدة فتنة الدجال التي حذر منها جميع الأنبياء أممهم ، وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم حذر من فتنته ؟ وأين العصابة - الذين يقاتلون على الحق ، الذين آخرهم يقاتل الدجال - عن



( صفحه 116 ) قتال هؤلاء المشركين - على زعمكم - الذين يجعلون مع الله آلهة أخرى ؟ أتقولون : خفيون ؟ ففي هذه الأحاديث أنهم ظاهرون . أتقولون : مستضعفون ؟ ففي هذه الأحاديث أنهم قاهرون لعدوهم . أتقولون : يأتون زمن الدجال ؟ ففي هذه الأحاديث أنهم ما زالوا ولا يزالون . أتقولون : إنهم أنتم ؟ فأنتم مدتكم قريبة من ثماني سنين . أخبرونا من قال هذا القول قبلكم حتى نصدقكم ؟ وإلا فلستم هم . ففي هذا - والله - أعظم الرد عليكم ، والبيان لفساد قولكم . فصلوات الله وسلامه على من أتى بالشريعة الكاملة التي فيها بيان ضلال كل ضال . وكذلك في حديث عبد الله بن عمرو : إن الشيطان بعد انخرام أنفس المؤمنين يتمثل للناس ، يدعوهم إلى الاستجابة ، فيقولون له : فماذا تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان . فإذا كان أن بلاد المسلمين - حجازا ، ويمنا ، وشاما ، وشرقا ، وغربا - امتلأت من الأصنام وعبادتها على زعمكم ! فما فائدة الأخبار بهذه الأحاديث : أن الأوثان لا تعبد إلا بعد أن يتوفى الله سبحانه وتعالى كل من في قلبه حبة خردل من إيمان ؟ وما فائدة قتال الدجال آخر الزمان ؟



( صفحه 117 ) وفي هذه الأزمان المتطاولة من قريب ستمائة سنة ، أو سبعمائة سنة ما يقاتلون أهل الأوثان والأصنام - على زعمكم ! - . والله ، كما قال تبارك وتعالى : { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } ( 1 ) . وفي هذه الوجوه التي ذكرنا من السنة كفاية لمن قصده اتباع الحق ، وسلوك الصراط المستقيم . وأما من أعماه الهوى ورؤية النفس ، فهو كما قال جل وعلا : { ولو نزلنا الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله } ( 2 ) . ونحن نعرض على من خالف الشرع ، ونسأله بالله الذي لا إله إلا هو أن يعطونا من أنفسهم شرع الله الذي أنزل على رسوله . وبيننا وبينهم من أرادوا من علماء الأمة ، ولهم علينا عهد الله وميثاقه إن كان الحق معهم لنتبعنهم .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 110 )
( 1 ) صحيح مسلم : 3 / 165 ح 459 كتاب الحج . ( 2 ) صحيح مسلم : 3 / 174 ح 484 كتاب الحج . ( 3 ) صحيح البخاري : 2 / 666 ح 1784 فضائل المدينة ، صحيح مسم : 3 / 175 ح 489 . ( 4 ) صحيح البخاري : 2 / 665 ح 1781 ، وصحيح مسلم ، 3 / 174 ح 485 . ( پاورقى ص 111 ) ( 1 ) صحيح البخاري : 2 / 665 ح 1782 . ( 2 ) صحيح البخاري : 2 / 664 ح 177 . ( 3 ) سنن الترمذي : 5 / 676 ح 3919 كتاب المناقب . ( پاورقى ص 113 ) ( 1 ) صدره : * لقد أسمعت لو ناديت حيا * ( 2 ) صحيح مسلم : 5 / 425 ح 52 كتاب الفتن . ( پاورقى ص 114 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 1 / 185 ح 247 كتاب الإيمان . ( 2 ) صحيح مسلم : 4 / 172 ح 172 كتاب الإمارة . ( 3 ) صحيح مسلم : 4 / 173 ح 176 كتاب الإمارة . ( 4 ) صحيح مسلم : 5 / 453 ح 116 كتاب الفتن . ( پاورقى ص 117 ) ( 1 ) الحج : 46 . ( 2 ) الأنعام : 111 . ( 3 ) المائدة : 93 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 117 - 124



[ الاستدلال بقتل مستحل الخمر بالتأويل ] ولكن من أعجب العجاب استدلال بعضكم بقصة قدامة بن مظعون ومن معه ، حيث استحلوا الخمر متأولين قوله : { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } ( 3 ) . . . الآية ، وأن عمر مع جميع الصحابة أجمعوا أنهم إن رجعوا وأقروا بالتحريم ، وإلا قتلوا . فأقول : تحريم الخمر معلوم بالضرورة من دين الإسلام ، من الكتاب والسنة



( صفحه 118 ) وجميع علماء الأمة ، ومع هذا أجمع المهاجرون والأنصار وكل مسلم - في زمنهم - على تحريمه . والأمام ذلك الوقت لجميع الأمة إمام واحد ، والدين في نهاية الظهور . وكل هذا ، والذين استحلوا الخمر لم يكفرهم عمر ، ولا أحد من الصحابة إلا إن عاندوا - بعد أن يدعوهم الإمام ، ويبين لهم بيانا واضحا لا لبس فيه - . فإن عاندوا بعد إقامة الحجة من الكتاب ، والسنة ، وإجماع الأمة الإجماع القطعي ، والأمام العدل الذي أجمعت [ على ] إمامته جميع الأمة . فإن عاندوا بعد ذلك أقيم عليهم حد القتل . ومع هذا كله ، تجعلون من خالفكم في مفاهيمكم الفاسدة - التي لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتبعكم عليها ، ويقلدكم عليها - كافرا ! وتحتجون بهذه القصة ؟ ! بل - والله - لو احتج بها محتج عليكم ، وجعل سبيلكم سبيل الذين استحلوا الخمر لكان أقرب إلى الصواب من احتجاجكم بها على من خالفكم ! ؟ جعلتم أنفسكم كعمر في جمع المهاجرين والأنصار ؟ ! فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ما أطمها من بلية . [ استدلال سخيف ] ومن العجائب أيضا احتجاجكم بعبارة الشيخ التي في ( الاقناع ) : أن من قال : إن عليا إله ، وإن جبريل غلط فهذا كافر ، ومن لم يكفره فهو كافر . فيا عجب العجب ، وهل يشك مسلم أن من قال مع الله إلها آخر - لا علي ولا غيره - إنه مسلم ؟ وهل يشك مسلم أن من قال : إن الروح الأمين صرف النبوة عن أحد إلى



( صفحه 119 ) محمد صلى الله عليه وسلم أن هذا مسلم ؟ ولكن - أنتم - تنقلون ( أن من قال : علي إله ) إلى ( من سميتم أنتم أنه إله ) ، ومن فعل كذا وكذا فهو جاعله إلها . فتلبسون على الجهال ، فلم لم يقل أهل العلم : إن من يسأل مخلوقا شيئا فقد جعله إلها . أو من نذر له أو من فعل كذا وكذا [ فقد جعله إلها ] ؟ ولكن هذه تسميتكم التي اخترعتموها من بين سائر أهل العلم ، وحملتم كلام الله تعالى ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وكلام أهل العلم - رحمهم الله - على مفاهيمكم الفاسدة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . فصل [ حقيقة الشرك وأسبابه ] ولنذكر شيئا مما ذكره بعض أهل العلم في صفة مذهب المشركين الذين كذبوا الرسل صلوات الله وسلامه عليهم . قال ابن القيم : كان الناس على الهدى ودين الحق ، فكان أول من كادهم الشيطان بعبادة الأصنام ، وإنكار البعث . وكان أول من كادهم من جهة العكوف على القبور وتصوير أهلها ، كما قصه الله عنهم في كتابه بقوله : { لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا } ( 1 ) .



( صفحه 120 ) قال ابن عباس : هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم - التي كانوا عليها يجلسون - أنصابا ، وسموها بأسمائهم . ففعلوا ، فلم تعبد حتى [ إذا ] هلك أولئك ، ونسخ العلم عبدت ، إنتهى . فأرسل الله لهم نوحا بعبادة الله وحده ، فكذبوه . واستخرج أصنام قوم نوح من شاطئ البحر ، ودعا العرب إلى عبادتها ، ففعلوا . ثم إن العرب - بعد ذلك بمدة - عبدوا ما استحسنوا ، ونسوا ما كانوا عليه ، واستبدلوا بدين إبراهيم عبادة الأوثان ، وبقي فيهم من دين إبراهيم تعظيم البيت ، والحج ، وكانت نزار تقول في تلبيتها : لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك . إلى أن قال : وكان لأهل كل واد صنم يعبدونه . ثم بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوحيد ، قالت قريش : { أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب } ( 1 ) . وكان الرجل إذا سافر فنزل منزلا أخذ أربعة أحجار ، فنظر أحسنها فاتخذه ربا ، وجعل الثلاثة أثافي لقدره ، فإذا ارتحل تركه ، فإذا نزل منزلا آخر فعل مثل ذلك . وروى حنبل عن رجاء العطاردي ، قال : كنا نعبد الحجر في الجاهلية ، فإذا وجدنا حجرا هو أحسن منه نلقي ذلك ونأخذه ، فإذا لم نجد حجرا جمعنا حفنة من تراب ، ثم جئنا بغنم فحلبناها عليه ، ثم طفنا به .



( صفحه 121 ) وعن أبي عثمان النهدي ، قال : ، كنا في الجاهلية نعبد حجرا ، فسمعنا مناديا ينادي : يا أهل الرحال ، إن ربكم هلك فالتمسوا ربا ، فخرجنا على كل صعب وذلول ، فبينما نحن كذلك نطلب إذا نحن بمناد ينادي : إنا قد وجدنا ربكم - أو شبهه - فإذا حجر ، فنحرنا عليه الجزر . ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وجد حول البيت ثلاثمائة وستين صنما ، فجعل يطعن بقوسه في وجوهها وعيونها ، ويقول : { جاء الحق وزهق الباطل } ( 1 ) وهي تتساقط على وجوهها ، ثم أمر بها فأخرجت من المسجد وحرقت . قال : تلاعب الشيطان بالمشركين له أسباب عديدة : فطائفة دعاهم إلى عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوروا تلك الأصنام على صورهم - كما تقدم عن قوم نوح - . وبعضهم اتخذوها بزعمهم على صور الكواكب المؤثرة في العالم عندهم ، وجعلوا لها بيوتا وسدنة ، وحجابا ، وحجا ، وقربانا . ومن عبادة الأصنام : عبادة الشمس ، زعموا أنها ملك من الملائكة ، لها نفس وعقل ، وهي أصل نور القمر والكواكب ، وتكون الموجودات السفلية كلها عندهم منها ، وهي عندهم ملك الفلك ، فتستحق التعظيم والسجود . ومن شريعتهم في عبادتها أنهم اتخذوا لها صنما ، وله بيت خاص يأتون ذلك البيت ، ويصلون فيه لها ثلاث مرات في اليوم ، ويأتيه أصحاب العاهات فيصلون له ، ويصومون له ، ويرعونه ، وهم إذا طلعت الشمس سجدوا كلهم لها ، وإذا غربت ، وإذا توسطت الفلك . وطائفة أخرى اتخذوا للقمر صنما ، وزعموا أنه يستحق التعظيم والعبادة ،



( صفحه 122 ) وإليه تدبير هذا العالم السفلي ، ويعبدونه ويصلون له ويسجدون ، ويصومون له أياما معلومة من كل شهر ، ثم يأتون إليه بالطعام والشراب والفرح . ومنهم من يعبد أصناما اتخذوا على صور الكواكب ، وبنوا لها هياكل ومتعبدات ، لكل كوكب منها هيكل يخصه ، وصنم يخصه ، وعبادة تخصه . وكل هؤلاء مرجعهم إلى عبادة الأصنام ، لأنهم لا تستمر لهم طريقة إلى شخص خاص على كل شكل ينظرون إليه ، ويعكفون عليه . إلى أن قال : ومنهم من يعبد النار حتى اتخذوها إلها معبودة ، وبنوا لها بيوتا كثيرة ، وجعلوا لها الحجاب والخزنة حتى لا يدعوها تخمد لحظة . ومن عبادتهم أنهم يطوفون بها ، ومنهم من يلقي بنفسه فيها تقربا إليها ، ومنهم من يلقي ولده فيها متقربا إليها ، ومنهم عباد زهاد عاكفين صائمين لها ، ولهم في عبادتها أوضاع لا يخلون بها . ومن الناس طائفة تعبد الماء ، وتزعم أنه أصل كل شئ ولهم في عبادته أمور ذكرها ، منها تسبيحه ، وتحميده ، والسجود له . ومن الناس طائفة عبدت الحيوان ، منهم من عبد البقر ، ومنهم من عبد الخيل ، ومنهم من عبد البشر ، ومنهم من عبد الشجر ، ومنهم من عبد الشيطان ، قال تعالى : { ألم أعهد إليكم يا بني آدم لا تعبدوا الشيطان } . . . الآيتين ( 1 ) . قال : ومنهم من يقر أن للعالم صانعا ، فاضلا ، حكيما ، مقدسا عن العيوب والنقائص ، قالوا : ولا سبيل لنا إلى الوصول إليه إلا بالوسائط ، فالواجب علينا أن نتقرب بهم إليه ، فهم أربابنا ، وآلهتنا ، وشفعاؤنا عند رب الأرباب ، وإله الآلهة ، فما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ، فحينئذ نسأل حاجاتنا منهم ، ونعرض أحوالنا



( صفحه 123 ) عليهم ، ونصبوا في جميع أمورنا [ إليهم ] ، فيشفعون إلى إلهنا وإلههم ، وذلك لا يحصل إلا باستمداد من جهة الروحانيات ، وذلك بالتضرع والابتهال من الصلوات لهم ، والزكاة ، وذبح القرابين ، والبخورات . وهؤلاء كفروا بالأصلين الذين جاءت بهما جميع الرسل : أحدهما : عبادة الله تصديقا وإقرارا وانقيادا ، وهذا مذهب المشركين من سائر الأمم . قال : والقرآن والكتب الإلهية مصرحة ببطلان هذا الدين وكفر أهله . قال : فإن الله سبحانه ينهى أن يجعل غيره مثلا له ، وندا له وشبها ، فإن أهل الشرك شبهوا - من يعظمونه ويعبدونه - بالخالق ، وأعطوه خصائص الإلهية ، وصرحوا أنه إله ، وأنكروا جعل الآلهة إلها واحدا ، وقالوا : اصبروا على آلهتكم ، وصرحوا بأنه : إله معبود ، يرجى ويخاف ويعظم ، ويسجد له ، وتقرب له القرابين ، إلى غير ذلك من خصائص العبادة التي لا تنبغي إلا لله تعالى . قال الله تعالى : { فلا تجعلوا لله أندادا } ( 1 ) وقال : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا } ( 2 ) . . . الآية . فهؤلاء جعلوا المخلوقين مثلا للخالق . و ( الند ) الشبه ، يقال فلان ند فلان ، وندنده : أي مثله وشبهه . قال أبو زيد : الآلهة التي جعلوها معه . وقال الزجاج : أي لا تجعلوا لله أمثالا ونظراء . ومنه قوله عز وجل : { الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات



( صفحه 124 ) والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون } ( 1 ) أي : يعدلون به غيره ، فيجعلون له من خلقه عدلا وشبها . قال ابن عباس رضي الله عنهما : يريد يعدلوا بي من خلقي الأصنام والحجارة بعد أن أقروا بنعمتي وربوبيتي . قال الزجاج : اعلم أنه خالق ما ذكره في هذه الآية ، وأن خالقها لا شئ مثله ، واعلم أن الكفار يجعلون له عدلا ، والعدل : التسوية ، يقال عدل الشئ بالشئ إذا ساواه . قال تعالى : { هل تعلم له سميا } ( 2 ) .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 117 )
( 1 ) الحج : 46 . ( 2 ) الأنعام : 111 . ( 3 ) المائدة : 93 . ( پاورقى ص 119 ) ( 1 ) نوح : 23 . ( پاورقى ص 120 ) ( 1 ) ص : 5 . ( پاورقى ص 121 ) ( 1 ) الإسراء : 81 . ( پاورقى ص 122 ) ( 1 ) يس : 60 - 61 . ( پاورقى ص 123 ) ( 1 ) البقرة : 22 . ( 2 ) البقرة : 165 . ( پاورقى ص 124 ) ( 1 ) : الأنعام . ( 2 ) مريم : 65 . ( 3 ) التوحيد : 4 . ( 4 ) الشورى : 11 .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 124 - 128



قال ابن عباس رضي الله عنهما : شبها ومثلا هو ومن يساميه ، وذلك نفي للمخلوق أن يكون مشابها للخالق ، ومماثلا له بحيث يستحق العبادة والتعظيم . ومن هذا قوله : { ولم يكن له كفوا أحد } ( 3 ) . وقوله : { ليس كمثله شئ } ( 4 ) . . . الآية . إنما قصد به نفي أن يكون له شريك أو معبود يستحق العبادة والتعظيم ، وهذا الشبيه - هو الذي أبطل نفيا ونهيا - هو أصل شرك العالم ، إنتهى كلام ابن القيم ملخصا . وإنما نقلنا هذا لتعلموا صفة شرك المشركين . ولتعلموا أن هذه الأمور التي تكفرون بها ، وتخرجون المسلم بها من الإسلام ليست - كما زعمتم - أنه الشرك الأكبر - شرك المشركين الذين كذبوا جميع الرسل



( صفحه 125 ) في الأصلين - . وإنما هذه الأفعال التي تكفرون بها - من فروع الشرك الأصغر . ومنهم من لم يسمها شركا ، وذكرها في المحرمات . ومنهم من عد بعضها في المكروهات - . كما هو مذكور في مواضعه من كتب أهل العلم ، من طلبه وجده - . والله سبحانه يجنبنا وجميع المسلمين جميع ما يغضبه ، آمين ، والحمد لله رب العالمين . فصل [ حقيقة الإسلام وصفة المسلم ] ولنختم هذه الرسالة بشئ مما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ، صفة المسلم : الحديث الأول : حديث عمر ، أن جبريل عليه السلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام ؟ قال : أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ، قال : صدقت . قال : فأخبرني عن الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ، قال : صدقت . قال : فأخبرني عن الإحسان ؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، قال : صدقت - إلى آخر الحديث .



( صفحه 126 ) وفيه : هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم ، رواه مسلم ( 1 ) ورواه البخاري بمعناه ( 2 ) . الحديث الثاني : عن ابن عمر رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان ، رواه البخاري ( 3 ) ومسلم ( 4 ) . الحديث الثالث : في الصحيحين ( 5 ) عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا : يا رسول الله ، إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر حرام ، وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر ، فأمرنا بأمر فصل نخبر به من ورائنا ، وندخل به الجنة . فأمرهم بالأيمان بالله وحده ، قال : أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان ، وأن تعطوا من المغنم الخمس . وقال : احفظوهن ، وأخبروا بهن من ورائكم . الحديث الرابع : عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال : إنك تأتي أقواما من أهل كتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله



( صفحه 127 ) أفترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم ، فترد إلى فقرائهم ، رواه البخاري ( 1 ) . الحديث الخامس : عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله ، رواه البخاري ومسلم ( 2 ) . الحديث السادس : وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ، رواه ( 3 ) البخاري ومسلم . ورواه أحمد ، وابن ماجة ، وابن خزيمة ، بزيادة : وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، ثم قد حرم علي أموالهم ودمائهم . الحديث السابع : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، ويؤمنوا بي ، وبما جئت به ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، رواه مسلم ( 4 ) . الحديث الثامن : حديث بريدة ابن الحصيب : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث



( صفحه 128 ) جيشا - وذكر الحديث ، وفيه - : إذا حاصرتم أهل مدينة ، أو أهل حصن ، فإن شهدوا أن لا إله إلا الله فلهم مالكم ، وعليهم ما عليكم - الحديث ، رواه مسلم . الحديث التاسع : عن المقداد بن الأسود ، أنه قال : يا رسول الله ، أرأيت إن لقيت رجلا من المشركين فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ، ثم لاذ مني بشجر ، فقال : أسلمت لله ، أفأقتله يا رسول الله - بعد أن قالها - ؟ قال : لا تقتله . فقلت : يا رسول الله ، إنه قطع إحدى يدي ، ثم قال ذلك ، بعد أن قطعها ، أفأقتله ؟



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 124 )
( 1 ) : الأنعام . ( 2 ) مريم : 65 . ( 3 ) التوحيد : 4 . ( 4 ) الشورى : 11 . ( پاورقى ص 126 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 1 / 64 كتاب الإيمان . ( 2 ) صحيح البخاري : 1 / 27 ح 50 كتاب الإيمان . ( 3 ) صحيح البخاري : 1 / 12 ح 8 كتاب الإيمان . ( 4 ) صحيح مسلم : 1 / 73 ح 21 كتاب الإيمان . ( 5 ) صحيح البخاري : 1 / 29 ح 52 ، صحيح مسلم : 1 / 75 ح 24 . ( پاورقى ص 127 ) ( 1 ) صحيح البخاري : 4 / 1508 ح 4090 كتاب الغازي . ( 2 ) صحيح البخاري : 1 / 17 ح 25 ، صحيح مسلم : 1 / 81 ح 36 . ( 3 ) صحيح البخاري : 3 / 1077 ح 2786 كتاب الجهاد ، صحيح المسلم : 1 / 80 ح 33 كتاب الإيمان ، مسند أحمد : 2 / 345 ، سنن ابن ماجة : 1 / 27 ح 71 / المقدمة ، صحيح ابن خزمية : 4 / 8 ح 2248 كتاب الزكاة . ( 4 ) صحيح مسلم : 1 / 81 ح 34 كتاب الإيمان . ( پاورقى ص 128 ) ( 1 ) صحيح البخاري : 5 / 2518 ح 6472 كتاب الديات ، صحيح مسلم : 1 / 134 ح 159 كتاب الإيمان . ( 2 ) صحيح البخاري : 1 / 135 ح 159 كتاب الإيمان ، صحيح مسلم : 1 / 134 ح 159 كتاب الإيمان .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 128 - 135



قال : لا تقتله ، فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله ، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال ، رواه البخاري ومسلم ( 1 ) . الحديث العاشر : حديث أسامة ، وقتله الرجل - بعد ما قال : لا إله إلا الله : [ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ] فكيف تصنع بلا إله إلا الله يوم القيامة ؟ فقال : يا رسول الله ، إنما قالها تعوذا . قال : هلا شققت عن قلبه . وجعل يكرر عليه : من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة ؟ قال أسامة : حتى تمنيت أن لم أكن أسلمت إلا يومئذ ، والحديث في الصحيح . حديث أسامة في الصحيحين ( 2 ) لفظه : عن أسامة قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة ، فصبحنا القوم على مياههم ، ولحقت أنا ورجل من الأنصار



( صفحه 129 ) رجلا منهم ، فلما غشيناه ، قال : ( لا إله إلا الله ) ، فكف عنه الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته . فلما قدمنا بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لي : يا أسامة ، أقتلته بعد أن قال ( لا إله إلا الله ) ؟ ؟ ؟ فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم . وفي رواية أنه قال : أفلا شققت عن قلبه ( 1 ) . وروى ابن مردويه ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أسامة ، قال : لا أقتل رجلا يقول : ( لا إله إلا الله ) ، أبدا . الحديث الحادي عشر : عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام ، فلم يحسنوا أن يقولوا : أسلمنا ، فجعلوا يقولون : صبأنا صبأنا ، فجعل خالد يأسر ويقتل - إلى أن قال - فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا له ، فرفع يديه فقال : اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد - مرتين - رواه أحمد ، والبخاري ( 2 ) . الحديث الثاني عشر : عن أنس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قوما لم يغر حتى يصبح ، فإذا سمع أذانا أمسك ، وإن لم يسمع أذانا أغار بعد ما يصبح ، رواه أحمد والبخاري ( 3 ) . وعنه : كان يغير إذا طلع الفجر ، وكان يستمع الأذان ، فإذا سمع أذانا أمسك وإلا أغار ، فسمع رجلا يقول : الله أكبر ، الله أكبر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : على الفطرة .



( صفحه 130 ) ثم قال : ( أشهد أن لا إله إلا الله ) . فقال : خرجت من النار ، فنظروا إليه فإذا هو راعي معز ، رواه مسلم ( 1 ) . الحديث الثالث عشر : عن عصام المزني ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث السرية يقول : إذا رأيتم مسجدا ، أو سمعتم مناديا فلا تقتلوا أحدا ، رواه أحمد ، وأبو داود والترمذي وابن ماجة ( 2 ) . الحديث الرابع عشر : عن أم سلمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : يستعمل عليكم أمراء ، فتعرفون وتنكرون ، فمن أنكر فقد برئ ، ومن كره فقد سلم ، ولكن من رضي وتابع . فقالوا : يا رسول الله ، أفلا نقاتلهم ، قال : لا ، ما صلوا ، رواه مسلم ( 3 ) . الحديث الخامس عشر : عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى صلاتنا وأسلم ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله ورسوله ، فلا تخفروا الله في ذمته ، رواه البخاري ( 4 ) . الحديث السادس عشر : عن أبي سعيد - في حديث الخوارج - فقال ذو الخويصرة للنبي صلى الله عليه وسلم : اتق الله . فقال : ويلك ألست أحق أهل الأرض أن يتقي الله ؟ ثم قال : ثم ولى الرجل ، فقال خالد : يا رسول الله ، ألا أضرب عنقه . قال : لا ، لعله أن يكون يصلي .



( صفحه 131 ) قال خالد : وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ، ولا أشق بطونهم ، رواه مسلم ( 1 ) . الحديث السابع عشر : عن عبيد الله بن عدي بن الخيار ، أن رجلا من الأنصار حدثه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس فساره يستأذنه في قتل رجل من المنافقين ، فجهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ، أليس يشهد أن لا إله إلا الله ؟ فقال الأنصاري : بلى يا رسول الله ، ولا شهادة له ، فقال : أليس يشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال : بلى ولا شهادة له ، قال : أليس يصلي ؟ قال : بلى ، ولا صلاة له ، قال : أولئك الذين نهى الله عن قتلهم ، رواه الشافعي وأحمد ( 2 ) . الحديث الثامن عشر : في الصحيحين ( 3 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : أتى أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة ، قال : تعبد الله ، ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة المكتوبة ، وتؤتي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان ، قال : والذي نفسي بيده ، لا أزيد على هذا ولا أنقص منه ، فلما ولي قال النبي صلى الله عليه وسلم : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا . الحديث التاسع عشر : عن عمرو بن مرة الجهني ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، وصليت الصلوات الخمس ، وصمت رمضان وقمته ، فممن أنا ؟ قال : من الصديقين والشهداء ، رواه ابن حبان ، وابن خزيمة في صحيحيهما ( 4 ) .



( صفحه 132 ) الحديث العشرون : عن العباس بن عبد المطلب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا ، وبالاسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، رواه مسلم ( 1 ) . الحديث الحادي والعشرون : عن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : من قال - حين يسمع المؤذن يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله - : رضيت بالله ربا ، وبالاسلام دينا ، غفر له ذنبه ، رواه مسلم ( 2 ) . الحديث الثاني والعشرون : في الصحيحين ( 3 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان . الحديث الثالث والعشرون : حديث ابن عباس رضي الله عنهما : مرض أبو طالب وجاءته قريش وجاءه النبي صلى الله عليه وسلم - وذكر الحديث وفيه - : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أريد منهم كلمة واحدة يقولونها ، تدين لهم بها العرب ، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية . قالوا : كلمة واحدة ؟ ! ! قال : كلمة ، قولوا : لا إله إلا الله . فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم ، وهم يقولون : { أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب } . . . الآية ، رواه أحمد ، والنسائي ، والترمذي - وحسنه - ( 4 ) .



( صفحه 133 ) الحديث الرابع والعشرون : في الصحيحين ( 1 ) عن سعيد بن المسيب عن أبيه ، لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجد عنده أبا جهل ، وعبد الله ابن أمية ، فقال : أي عم ، قل : لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله . فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية : أنرغب عن ملة عبد المطلب ؟ فقال أبو طالب - آخر كلامه - : بل على ملة عبد المطلب ( 2 ) ، وأبى أن يقول : لا إله إلا الله . الحديث الخامس والعشرون : حديث أبي بكر الصديق ، قلت : يا رسول الله ، ما نجاة هذا الأمر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قبل مني الكلمة التي عرضت على عمي فردها فهي له نجاة ، رواه أحمد ( 3 ) . الحديث السادس والعشرون : عن عبادة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروح منه ، وأن الجنة حق ، والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ، رواه البخاري ومسلم ( 4 ) . الحديث السابع والعشرون : عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ : ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار . قال : يا رسول الله ، أفلا أخبر به فيستبشروا .



( صفحه 134 ) قال : إذا يتكلوا ، فأخبر بها معاذ عند موته ، رواه البخاري ومسلم ( 1 ) . الحديث الثامن والعشرون : عن عبادة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، حرم الله عليه النار ، رواه مسلم ( 2 ) . الحديث التاسع والعشرون : عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد قال : لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة ، رواه البخاري ومسلم ( 3 ) . الحديث الثلاثون : في الصحيحين ( 4 ) عن عتبان ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله حرم على النار من قال : لا إله إلا الله ، يبتغي بها وجه الله . الحديث الحادي والثلاثون : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه نعليه ، فقال : اذهب بنعلي هاتين ، فمن لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله فبشره بالجنة ، رواه مسلم ( 5 ) . الحديث الثاني والثلاثون : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قلت : يا رسول الله ، من أسعد الناس بشفاعتك ؟ قال أسعد الناس بشفاعتي من قال : لا إله إلا الله خالصا من قلبه ، رواه البخاري ( 6 ) . الحديث الثالث والثلاثون : حديث أم سلمة - وذكر الحديث وفيه - : فقال



( صفحه 135 ) رسول الله صلى الله عليه وسلم : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، لا يلقى الله عبد بهما غير شاك فيحجب عن الجنة ، رواه البخاري ومسلم ( 1 ) . الحديث الرابع والثلاثون : عن عثمان بن عفان رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة ، رواه مسلم ( 2 ) . الحديث الخامس والثلاثون : حديث أنس - في الشفاعة ، وفيه - : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فيخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه من الخير ما يزن برة ، ثم يخرج من قال لا إله إلا الله وفي قلبه من الخير ما يزن ذرة ، رواه البخاري ومسلم ( 3 ) .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 128 )
( 1 ) صحيح البخاري : 5 / 2518 ح 6472 كتاب الديات ، صحيح مسلم : 1 / 134 ح 159 كتاب الإيمان . ( 2 ) صحيح البخاري : 1 / 135 ح 159 كتاب الإيمان ، صحيح مسلم : 1 / 134 ح 159 كتاب الإيمان . ( پاورقى ص 129 ) ( 1 ) صحيح البخاري : 1 / 134 ح 158 . ( 2 ) مسند أحمد : 2 / 150 ، صحيح البخاري : 4 / 1577 ح 4084 كتاب المغازي . ( 3 ) مسند أحمد : 3 / 159 ، صحيح البخاري : 1 / 221 ح 585 كتاب الأذان . ( پاورقى ص 130 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 1 / 366 ح 9 كتاب الصلاة . ( 2 ) مسند أحمد : 3 / 448 ، سنن أبي داود : 3 / 43 ح 2635 كتاب الجهاد ، سنن الترمذي : 4 / 102 ح 1549 كتاب السيرة ، مجمع الزوائد : 6 / 210 ( 3 ) صحيح مسلم : 4 / 128 ح 63 كتاب الإمارة . ( 4 ) صحيح البخاري : 1 / 153 ح 385 كتاب الإيمان . ( پاورقى ص 131 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 2 / 438 ح 144 كتاب الزكاة . ( 2 ) مسند أحمد : 2 / 432 ، السنن الكبرى للبيهقي : 1 / 71 ح 15 كتاب الإيمان . ( 3 ) صحيح البخاري : 2 / 506 ح 1333 كتاب الزكاة ، صحيح مسلم : 1 / 71 ح 15 كتاب الإيمان . ( 4 ) الإحسان بتقريب صحيح ابن حبان : 5 / 184 ح 3429 ، صحيح ابن خزيمة . ( پاورقى ص 132 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 1 / 92 ح 56 كتاب الإيمان . ( 2 ) صحيح مسلم : 1 / 368 ح 13 كتاب الصلاة . ( 3 ) صحيح مسلم : 1 / 93 ح 57 كتاب الإيمان ، صحيح البخاري : 1 / 12 ح 9 ، سنن ابن ماجة : 1 / 23 ح 57 / المقدمة . ( 4 ) مسند أحمد : 1 / 227 ، سنن الترمذي : 5 / 341 ح 3232 كتاب التفسير ، السنن الكبرى للنسائي : 6 / 442 ح 11436 كتاب التفسير . ( پاورقى ص 133 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 1 / 83 ح 39 ، صحيح البخاري : 1 / 457 ، ح 1249 كتاب الجنائز . ( 2 ) يلاحظ حياة عبد المطلب أنه كان على ملة إبراهيم ، وهي الحنفية . ( 3 ) مسند أحمد : مسند أحمد بن حنبل : 1 / 6 . ( 4 ) صحيح البخاري : 3 / 1267 ح 3252 ، صحيح مسلم : 1 / 86 ح 46 كتاب الإيمان . ( پاورقى ص 134 ) ( 1 ) صحيح البخاري : 1 / 60 ح 128 كتاب العلم ، وصحيح مسلم : 1 / 91 ح 53 كتاب الإيمان . ( 2 ) صحيح مسلم : 1 / 87 ح 47 كتاب الإيمان . ( 3 ) صحيح البخاري : 5 / 2193 ح 5489 كتاب اللباس ، صحيح مسلم : 1 / 132 ح 154 كتاب الإيمان . ( 4 ) صحيح البخاري : 1 / 164 ح 415 كتاب المساجد ، صحيح مسلم : 2 / 108 ح 263 كتاب المساجد . ( 5 ) صحيح مسلم : 1 / 90 ح 52 كتاب الإيمان . ( 6 ) صحيح البخاري : 1 / 49 خ 99 كتاب العلم . ( پاورقى ص 135 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 1 / 86 ح 45 كتاب الإيمان . ( 2 ) صحيح مسلم : 1 / 84 ح 43 كتاب الإيمان . ( 3 ) صحيح البخاري : 1 / 24 ح 44 كتاب الإيمان ، صحيح مسلم : 1 / 322 ح 325 كتاب الإيمان . ( 4 ) مسند أحمد : 3 / 116 . ( 5 ) مسند أحمد : 5 / 233 ، مجمع الزوائد : 2 / 323 . ( 6 ) مسند أحمد : 5 / 242 ، مجمع الزوائد : 1 / 16 . ( 7 ) سنن النسائي : 1 / 51 ح 1641 كتاب الأذان ، صحيح ابن حبان 4 / 553 ح 1667 كتاب الأذان .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 135 - 139



وفي الصحيح قريبا منه من حديث أبي سعيد ، ومن حديث الصديق عند أحمد ( 4 ) . الحديث السادس والثلاثون : حديث معاذ ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ( 5 ) . الحديث السابع والثلاثون : عن معاذ ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : مفاتيح الجنة لا إله إلا الله ، رواه ( 6 ) الإمام أحمد ، والبزار . الحديث الثامن والثلاثون : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قام لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام بلال فنادى بالأذان ، فلما سكت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال مثل هذا يقينا دخل الجنة ، رواه النسائي و ابن حبان في صحيحه ( 7 ) .



( صفحه 136 ) الحديث التاسع والثلاثون : عن رفاعة الجهني ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أشهد عند الله لا يموت عبد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله صادقا من قلبه ، ثم يسدد ، إلا سلك الجنة ، رواه أحمد ( 1 ) . الحديث الأربعون : عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقا من قلبه فيموت على ذلك إلا حرم الله عليه النار ، لا إله إلا الله ، رواه الحاكم ( 2 ) . الحديث الحادي والأربعون : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : حضر ملك الموت رجلا يموت ، فشق أعضاءه فلم يجده عمل خيرا ، ثم شق قلبه فلم يجد فيه خيرا ، ثم فك لحييه فوجد طرف لسانه لاصقا بحنكه ، يقول : لا إله إلا الله ، فغفر له بكلمة الإخلاص - رواه ( 3 ) الطبراني ، والبيهقي ، وابن أبي الدنيا . الحديث الثاني والأربعون : حديث أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال موسى : أيا رب ، علمني شيئا أذكرك وأدعوك به . قال : قل : لا إله إلا الله . قال : يا رب ، كل عبادك يقولون هذا ؟ قال : قل : لا إله إلا الله . قال : إنما أريد شيئا تخصني به . قال : يا موسى ، لو أن السماوات السبع ، والأرضين السبع في كفة مالت بهن لا إله إلا الله ، رواه ابن السني ، والحاكم ، وابن حبان في صحيحيهما ( 4 ) .



( صفحه 137 ) الحديث الثالث والأربعون : عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره ، يصيبه قبل ما ذلك ما أصابه ، رواه ابن حبان ، والطبراني ، والبزار ، ورواته رواة الصحيح ( 1 ) . الحديث الرابع والأربعون : عن عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بوصية نوح ابنه ، فقال : يا بني ، إني أوصيك باثنتين : أوصيك بقول لا إله إلا الله ، فإنها لو وضعت في كفة ، ووضعت السماوات والأرض في كفة لرجحت بهن ، ولو كانت حلقة لفصمتهن حتى تخلص إلى الله - الحديث ، رواه البزار ، والنسائي ، والحاكم ( 2 ) . الحديث الخامس والأربعون : عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شئ قدير ، رواه الترمذي ( 3 ) . الحديث السادس والأربعون : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جددوا إيمانكم ، قالوا : يا رسول الله ، وكيف نجدد إيماننا ؟ قال : أكثروا من قول لا إله إلا الله ، رواه أحمد والطبراني ( 4 ) . الحديث السابع والأربعون : عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيخلص رجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر عليه تسعة وتسعون سجلا ، كل سجل منها مد البصر ، ثم يقول : أتنكر من هذا شيئا ؟ أظلمك



( صفحه 138 ) كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يا رب ، فيقول : ألك عذر ؟ فيقول : لا ، يا رب . فيقول الله تبارك وتعالى : إن لك عندنا حسنة ، فإنه لا ظلم عليك اليوم ، فيخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله . فيقول : أحضروه ، فيقول : يا رب ، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ قال : فإنك لا تظلم ، فتوضع السجلات في كفة والبطاقات في كفة ، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة . فلا يثقل مع اسم الله شئ ، رواه ( 1 ) الترمذي - وحسنه - وابن ماجة ، والبيهقي ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم ، وقال : على شرط مسلم . الحديث الثامن والأربعون : عن عبد الله بن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - حديث وفيه - : لا إله إلا الله ليس بينها وبين الله حجاب حتى تخلص إليه ، رواه الترمذي ( 2 ) . الحديث التاسع والأربعون : عن حذيفة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب ، حتى لا يدرى ما صيام ، ولا صدقة ، ولا صلاة ، ولا نسك ، ويسرى على كتاب الله في ليلة ، فلا يبقى في الأرض من آية ، ويبقى طوائف من الناس - الشيخ الكبير ، والعجوز الكبيرة - يقولون : أدركنا آباءنا على هذه الكلمة : لا إله إلا الله ، فنحن نقولها . فقال صلة بن زفر لحذيفة : فما تغني عنهم لا إله إلا الله - وهم لا يدرون ما صيام ، ولا صلاة ، ولا صدقة ، ولا نسك - . فأعرض عنه حذيفة ، فردها عليه ثلاثا ، كل ذلك يعرض عنه حذيفة .



( صفحه 139 ) ثم أقبل عليه في الثالثة فقال : يا صلة ، تنجيهم من النار ، يا صلة تنجيهم من النار ، يا صلة تنجيهم من النار ، رواه ابن ماجة ، والحاكم في صحيحه ، وقال : هذا حديث على شرط مسلم ( 1 ) .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 135 )
( 1 ) صحيح مسلم : 1 / 86 ح 45 كتاب الإيمان . ( 2 ) صحيح مسلم : 1 / 84 ح 43 كتاب الإيمان . ( 3 ) صحيح البخاري : 1 / 24 ح 44 كتاب الإيمان ، صحيح مسلم : 1 / 322 ح 325 كتاب الإيمان . ( 4 ) مسند أحمد : 3 / 116 . ( 5 ) مسند أحمد : 5 / 233 ، مجمع الزوائد : 2 / 323 . ( 6 ) مسند أحمد : 5 / 242 ، مجمع الزوائد : 1 / 16 . ( 7 ) سنن النسائي : 1 / 51 ح 1641 كتاب الأذان ، صحيح ابن حبان 4 / 553 ح 1667 كتاب الأذان . ( پاورقى ص 136 ) ( 1 ) مسند أحمد : 4 / 16 . ( 2 ) المستدرك على الصحيحين : 1 / 72 . ( 3 ) شعب الإيمان : 2 / 9 ح 1015 باب في الرجاء ، تاريخ بغداد : 9 / 125 ، إتحاف السادة المتقين للزبيدي : 10 / 275 . ( 4 ) مستدرك الحاكم : 1 / 528 ، صحيح ابن حبان : 14 / 102 ح 6218 . ( پاورقى ص 137 ) ( 1 ) المعجم الأوسط للطبراني : 7 / 204 ح 6218 ، مجمع الزوائد : 1 / 17 ، كنز العمال : 1 / 418 ح 1778 . ( 2 ) إتحاف السادة المتقين : 8 / 342 . ( 3 ) سنن الترمذي : 5 / 534 ح 3585 كتاب الدعوات . ( 4 ) مسند أحمد : 2 / 359 . ( پاورقى ص 138 ) ( 1 ) سنن الترمذي : 5 / 25 ح 2639 كتاب الإيمان ، مسند أحمد : 2 / 213 سنن ابن ماجة : 2 / 1437 ح 4300 كتاب الزهد ، مستدر الحاكم : 1 / 6 ، 529 ، صحيح ابن حبان : 1 / 641 ح 225 كتاب الإيمان . ( 2 ) سنن الترمذي : 5 / 501 ح 3518 كتاب الدعوات ، مسند أحمد : 3 / 153 . ( پاورقى ص 139 ) ( 1 ) مستدرك الحاكم : 4 / 473 ، 545 ، سنن ابن ماجة : 2 / 1344 ح 4049 كتاب الفتن . ( 2 ) سنن أبي داود : 3 / 18 ح 2532 ، كنز العمال : 15 / 811 ح 43226 . ( 3 ) كنز العمال : 3 / 635 ح 8270 . ( 4 ) صحيح البخاري : 5 / 2247 ح 5697 كتاب الأدب ، صحيح مسلم : 1 / 114 ح 116 كتاب الإيمان . ( 5 ) صحيح البخاري : 5 / 2247 ح 5698 كتاب الأدب . ( 6 ) صحيح البخاري : 5 / 2247 ح 5700 كتاب الأدب ، سنن الترمذي : 5 / 23 ح 2636 كتاب الإيمان .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



فصل الخطاب - سليمان أخ محمد بن عبد الوهاب - ص 139 - 140



الحديث الخمسون : عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث من أصل الإيمان ، الكف عمن قال لا إله إلا الله ، لا تكفره بذنب ، ولا تخرجه من الإسلام بعمل - الحديث ، رواه أبو داود ( 2 ) . الحديث الحادي والخمسون : عن عبد الله بن عمرو ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كفوا عن أهل لا إله إلا الله ، لا تكفروهم بذنب ، فمن كفر أهل لا إله إلا الله فهو إلى الكفر أقرب ، رواه الطبراني ( 3 ) . الحديث الثاني والخمسون : في الصحيحين ( 4 ) ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر . وفي الصحيحين ( 5 ) أيضا من حديث أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه ، إن لم يكن صاحبها كذلك . وفي الصحيحين ( 6 ) : عن ثابت بن الضحاك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : من قذف مؤمنا بالكفر فهو كقتله .



( صفحه 140 ) وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، ومن حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أيما رجل قال لأخيه : يا كافر ، فقد باء به أحدهما ( 1 ) . والله سبحانه وتعالى أعلم . [ الخاتمة ] ونسأله من فضله أن يختم لنا بالإسلام والإيمان ، وأن يجنبنا مما يغضب وجهه الكريم ، وأن يهدينا وجميع المسلمين الصراط المستقيم ، إنه رحيم كريم . والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



( پاورقى ص 139 )
( 1 ) مستدرك الحاكم : 4 / 473 ، 545 ، سنن ابن ماجة : 2 / 1344 ح 4049 كتاب الفتن . ( 2 ) سنن أبي داود : 3 / 18 ح 2532 ، كنز العمال : 15 / 811 ح 43226 . ( 3 ) كنز العمال : 3 / 635 ح 8270 . ( 4 ) صحيح البخاري : 5 / 2247 ح 5697 كتاب الأدب ، صحيح مسلم : 1 / 114 ح 116 كتاب الإيمان . ( 5 ) صحيح البخاري : 5 / 2247 ح 5698 كتاب الأدب . ( 6 ) صحيح البخاري : 5 / 2247 ح 5700 كتاب الأدب ، سنن الترمذي : 5 / 23 ح 2636 كتاب الإيمان . ( پاورقى ص 140 ) ( 1 ) صحيح مسلم : 1 / 112 ح 111 كتاب الإيمان ، سنن الترمذي : 5 / 23 ح 2637 كتاب الإيمان .



پايان . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


 


 


 



العلم العلامة والفقيه الفهامة الشيخ سليمان بن عبد الوهاب النجدي الحنبلي المتوفى (1210 ه‍)
    فهرست نظرات  
1   نام و نام خانوادگي:  جواد     -   تاريخ:  03 مرداد 92 - 06:03:33
سلام اين کتاب ترجمه شده؟
جواب نظر:
با سلام
دوست گرامي
جهت اطلاع به اين آدرس رجوع کنيد
موفق باشيد
گروه پاسخ به شبهات




   

آموزش رجال | مناظرات | فتنه وهابيت | آرشيو اخبار | آرشيو يادداشت | پايگاه هاي برتر | گالري تصاوير | خارج فقه مقارن | درباره ما | شبکه سلام |  ارتباط با ما