2024 March 29 - 19 رمضان 1445
الإمام الحسن المجتبى (ع).. جهاد عظيم فاق الجهاد بالسيف
رقم المطلب: ٢٨٣٠ تاریخ النشر: ٢٩ صفر ١٤٤٣ - ١٥:٢٧ عدد المشاهدة: 2879
المذکرة » عام
ذكرى استشهاد سبط وحفيد الرسول المصطفى محمد(ص)
الإمام الحسن المجتبى (ع).. جهاد عظيم فاق الجهاد بالسيف

يصادف 7 من صفر، ذكرى استشهاد السبط والحفيد الأكبر للرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وريحانته وحبيبه، وهو الإمام أبو محمد الحسن المجتبى بن علي بن أبي طالب، وثاني أئمة أهل البيت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسيد شباب أهل الجنة باجماع المحدثين، واحد أثنين أنحصرت بهما ذرية رسول الله.

فبعد ان نص أمير المؤمنين(ع) علی خلافة ابنه الحسن الزکي وسلَمه مواريث النبوة، اجتمع عليه أهل الکوفة وجماعة المهاجرين والانصار وبايعوه بالخلافة بعد أن طهره الله من کل نقص ورجس، بالاضافة الی توفرَ جميع متطلبات الخلافة فيه من العلم والتقوی والشجاعة والحزم والجدارة، وتسابق الناس إلی بيعته في الکوفة والبصرة، کما بايعه اهل الحجاز واليمن وفارس وسائر المناطق التي کانت تدين بالولاء والبيعة لابيه عليه السلام، وحين بلغ نبأ البيعة معاوية واتباعه بدأوا يعملون بکل مالديهم من مکر وخداع لافساد امره والتشويش عليه.

ان الإمام المجتبى كأبيه المرتضى وجدّه المصطفى قائد مبدئي تتلخص مهماتة القيادية في كلمة موجزة ذات معنى واسع وابعاد شتى هي: «الهداية بأمر الله تعالى» انطلاقا من قوله تعالى: «وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا واوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وايتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين»

ومارس الإمام (عليه السلام) مسؤولية الحفاظ على سلامة الخط بالرغم من إقصائه عن الحكم، وأشرف على قاعدته الشعبية فقام بتحصينها من الأخطار التي كانت تهدّدها من خلال توعيتها وتعبئتها، فكان دوره فاعلا إيجابيا للغاية، ممّا كلّفه الكثير من الرقابة والحصار، وكانت محاولات الاغتيال المتكرّرة تشير الى مخاوف معاوية من وجود الإمام (عليه السلام) كقوة معبّرة عن عواطف الامّة ووعيها المتنامي، ولربّما حملت معها خطر الثورة ضد ظلم بني اُمية، ومن هنا صحّ ما يقال من أنّ صلح الإمام الحسن (عليه السلام) كان تمهيدا واقعيا لثورة أخيه أبي عبدالله الإمام الحسين (عليه السلام) 

في الحقيقة أنه لم يكن له شيعة وأنصار متفانون في سبيله حتى بالمقدار الذي كان مع الإمام الحسين(ع) من أصحابه المخلصين بل كان الإمام الحسن(ع) محاطا بالمنافقين والجواسيس وبعد أن رأى خيانة قواده وتخاذل أصحابه أضطر إلى الصلح مع معاوية بشروط كان يعلم أن معاوية لا يفي بها، لكنه أراد أن يظهر للمسلمين كذبه وخداعه وعدم التزامه حتى بالأمور الأخلاقية فضلا عن الالتزامات الشرعية والدينية ومن فوائد صلح الإمام الحسن(ع) أنه حقن بذلك دماء المسلمين التي كانت سوف تهدر وتضيع من غير فائدة للإسلام والمسلمين ومن فوائده إظهار حقيقة معاوية وبني أمية فإن معاوية كان دجالا منافقا كاذبا يظهر الإسلام والتقدس والتقوى حتى تمكن بدجله وخداعه أن يحرض أهل الشام ليقاتلوا عليا (عليه السلام) باعتباره قاتل عثمان، ولأجل المزيد من المعلومات اقرأ كتاب صلح الأمام الحسن(عليه السلام)

وتّوج الإمام المجتبى عليه السلام جهاده العظيم هذا والذي فاق الجهاد بالسيف في تلك الظروف العصيبة باستشهاده مسموما على يد ألد اعدائه معاوية. لقد حفلت حياة الإمام بانواع الجهاد والصبر على طاعة الله تعالى وتحمل جفاء أهل الجفاء حتى ضرب اعلى انواع الصمود لتنفيذ احكام الله تعالى ثم اختار الشهادة مع العزّ على الحياة مع الذلّ، حتى فاز بلقاء الله سبحانه بعد كفاح عظيم وجهاد كبير.

وقد خلف الإمام المجتبى عليه السلام تراثا فكريا ثرّا من خلال ماقدّمه من نصوص للامة الإسلامية على شكل خطب أو وصايا أو احتجاجات أو رسائل أو أحاديث وصلتنا في فروع المعرفة المختلفة، مما يكشف عن تنوع اهتمامات الإمام الحسن عليه السلام وسعة علمه وإحاطته بمتطلبات المرحلة التي كانت تعيشها الامة المسلمة في عصره المحفوف بالفتن والدواهي التي قل فيها من كان يعي طبيعة المرحلة ومتطلباتها إلا ان يكون محفوفا برعاية الله تعالى وتسديده.

كانت للإمام الحسن(ع) مواقف مشهودة خلال الفترة الممتدة من وفاة رسول الله(ص) إلى تولّي الإمام علي(ع) الخلافة بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان.

وكان صغر سنّه وضعف بدنه يمنعانه عن نصرة أبيه الذي استضعفه المسلمون بعد أن انقلبوا على أعقابهم كما أنبأهم الله تعالى في كتابه الحكيم: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ)

لقد التحق الإمام الحسن عليه السلام وهو في العشرين من عمره بجنود المسلمين المتجهة إلى أفريقيا بقيادة عبد الله بن نافع.

كما التحق مع أخيه الحسين عليه السلام بجيش المسلمين بقيادة سعيد بن العاص لفتح خراسان في سنة 30 هـ، فنزل الجيش قومى وصالحهم، ثم نزل جرجان وصالحهم أيضاً، وقاتلهم في طميسة احدى مدن طبرستان على ساحل بحر قزوين، واشتدّ القتال وصلّى المسلمون صلاة الخوف ثم كتب الله تعالى لهم النصر .

ويبدأ فصل جديد من حياة الإمام الحسن عليه السلام بعد تولّي أمير المؤمنين عليه السلام للخلافة، وخلال هذه الفترة التي امتدت خمس سنوات لازم فيها والده في حروبه جميعها، في الجمل والنهروان وصفين، وكان فيها قائداً للجيوش يخوض عباب الحرب وينازل الأقران ويقارع الأبطال ويجالد الانحراف بسيفه مضحياً بنفسه في سبيل استقامة دين جدّه صلّى الله عليه وآله وسلم.

وكان علي عليه السلام قد أعطى الراية لولده الحسن عليه السلام في كتيبته الخضراء التي جمعت وجوه المهاجرين والأنصار، فحمل بها على أنصار الجمل حتى زعزع صفوفهم. 

ولمّا رأى أمير المؤمنين علي عليه السلام شجاعة الحسن عليه السلام وبسالته في ميدان القتال وهو لا يبالي بالموت، صاح بمن حوله: «املكوا عنّي هذا الغلام لا يهدني، فإنّي أنفس بهذين – أي الحسن والحسين عليهما السلام – على الموت لئلاّ ينقطع بموتهما نسل رسول الله»

وجاء في رواية الكليني أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أوصى إلى ولده الحسن عليه السلام وأشهد على وصيّته الحسين عليه السلام ومحمد بن الحنفيّة وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ودفع إليه الكتب والسلاح وقال له: «يا بُني أمرني جدّك رسول الله(ص) أن أُوصي إليك وأن أدفع إليك كُتبي وسلاحي، كما أوصى إليّ رسول الله (ص) ودفع إليَّ كتبه وسلاحه، وآمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين عليه السلام... »

وکان الامام عليه السلام قد أوصی ان يدفن الی جوار جده رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم إلا أن بني أمية، وعلی راسهم مروان بن الحکم منعوا من ذلك وحالوا بين ان يجمع بين رسول الله (ص) وريحانته ووحبيبه سبطه الحسن سيد شباب اهل الجنة فاضطر اهل البيت عليهم السلام لدفنه في البقيع .

فسلام عليك يا أبا محمد الحسن بن علي مظلوما: حيا وشهيدا



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین